ناشيونال إنترست| ما العوائق التي سيواجهها بايدن عند توليه الرئاسة؟

شهاب ممدوح

رؤية

ترجمة – شهاب ممدوح

سيواجه جو بايدن وإدارته المقبلة في مساء العشرين من يناير، تحديات صعبة محلية ودولية؛ فالولايات المتحدة تعاني من جائحة تزداد سوءًا وأدّت لتعثر الاقتصاد. سيتعيّن على بايدن معالجة مصير أطفال المهاجرين غير الشرعيين المولودين في أمريكا، والأطفال الذين جرى فصلهم عن آبائهم. كما سيكون عليه تلبية تطلعات الأقليات التي دعمته، وتهدئة مخاوف الذين لم يدعموه. هذا لأن بايدن سيرث نظام حكم يسوده انقسام مرير، إذ يشك كل طرف في أن الطرف الآخر يسعى لتدمير جميع المبادئ التي تمثلها الأمة.

علاوة على هذا، ربما يحاول أعداء أمريكا استغلال الإدارة الجديدة التي لن تكون مكاتب صُنع قرارها قد جرى شغلها بعد. ربما تكرر الصين الحادثة التي وقعت في أبريل 2001، عندما اُجبرت طائرة مراقبة أمريكية من طراز EP-3 على الهبوط على جزيرة “هاينان”. أو ربما تهدد تايوان بشنّ هجمات صاروخية على جزيرتي كويموي وماتسو.

ربما تحتفظ روسيا بقواتها في بيلاروسيا بعد “تدريب” آخر. وقد تحرّض طهران على شنّ هجمات مليشية جديدة على القوات الأمريكية المتبقية في العراق أو أماكن أخرى انتقامًا لمقتل قاسم سليماني، وربما تحاول كوريا الشمالية اختبار صاروخ آخر طويل المدى. وقد يأمر نتنياهو ببناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية.

إن طريقة تعامل فريق بايدن المقبل مع أيّ من هذه التحديات أو جميعها، ربما يحدد مدى مصداقيته في المستقبل في اتباع نهج حذر فيما يخص صنع القرار وإدارة الأزمات؛ فإنْ ابتسم القدر للرئيس الجديد ولم يقع أي حادث دولي في الأشهر الأولى لتوليه السلطة، فسيتعيّن عليه التعامل مع القضايا المحلية التي ستواجهه بمجرد أدائه القسم.

وقد وعد بايدن بقلب غالبية أوامر دونالد ترمب التنفيذية فورًا بعد دخوله البيت الأبيض، وسيكون هذا أسهل جزء في مهمته، كما وعد أيضًا بإعطاء أولوية قصوى لمكافحة جائحة كورونا. ولتحقيق هذا، سيتعيّن عليه فورًا تمرير تشريع يُلزم جميع المواطنين بارتداء أقنعة الوجه، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، وفرض عقوبات على الذين يتحدون القانون. يجب أن يتضمن هذا التشريع أيضًا تقديم مساعدات للأفراد والأعمال التجارية التي عانت من خسارة مالية نتيجة لفيروس كورونا.

سيكون بايدن عاجزًا عن تمرير مثل هذا التشريع من دون دعم “ميتش مكونيل”، الذي من المرجح مجددًا أن يكون زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ، وهو الذي تعهّد بالفعل بعدم التعاون مع الإدارة المقبلة. إن إيجاد طريقة للتعامل مع الجائحة ربما يكون أول اختبار لقدرة بايدن على تجاوز الانقسام السياسي، في وقت ستظل فيه جروح الانتخابات غائرة.           

سيتعيّن على بايدن أيضًا العمل مع “مكونيل” لضمان سنّ قوانين مخصصات السنة المالية 2021 وتوقيعها لتصبح قانونًا، لأنه من غير المرجح أن تُمرَّر هذه القوانين قبل انتقال السلطة. ربما يكون هذا أيضًا مهمة صعبة في حال كان “مكونيل” جادًا في تكرار دوره المُعرقل الذي لعبه أثناء رئاسة باراك أوباما.

في حال توصل بايدن إلى تفاهم مع الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وبافتراض أنه استطاع عبر تعاونه مع “نانسي بيلوسي” تحجيم التوجهات اليسارية للديمقراطيين في مجلس النواب، ربما يكون بايدن حينها قادرًا على معالجة القضايا التي يبدو أن هناك توافقًا حزبيًّا عليها، مثل تحديث البنية التحتية. ولا شك أنه سيقترح أيضًا رفع الحد الأدنى للأجور، وزيادة معدلات الضرائب، وإصلاح قوانين الهجرة، وتقليل الإنفاق الدفاعي، وتبنّي تشريع لمكافحة انبعاثات الكربون وجوانب أخرى للاحتباس الحراري. ستكون جميع هذه الاقتراحات أمرًا بغيضًا لمعظم الجمهوريين، وإن لم يكسب بايدن دعم اثنين أو ثلاثة من الأعضاء الجمهوريين المعتدلين المتبقين في مجلس الشيوخ، فربما لن يصلّ أيّ منها لمكتبه لتوقيعها.

قد يحقق بايدن نسبيًّا نجاحات أكثر على الساحة الدولية، حيث يحظى الرؤساء، في جميع الأحوال، بدرجة من الحرية مقارنة مع القضايا المحلية، سيجد بايدن الجمهوريين داعمين لجهود تشديد العقوبات على روسيا، ويمكنه توقع دعم من الكونغرس لتجديد التدريبات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، وربما يسهل عليه نسبيًّا وقف مبيعات السلاح للسعودية. لو سعى بايدن للضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتخلي عن خططه لتأجيل استخدام صواريخ إس400 روسية الصنع، فسيجد دعمًا كبيرًا من الحزبين في الكونغرس؛ إذ إن تركيا نجحت في استعداء الحزبين السياسيين في الولايات المتحدة. وأخيرًا، ربما يواجه بايدن بعض المقاومة في سعيه لإقامة نوع من العلاقة مع اتفاق “الشراكة عبر المحيط الهادئ”، أو اتباع موقف متشدد ضد سرقة الصين للملكية الفكرية، لكن هذا لن يتم بالضرورة عبر خوض حرب رسوم جمركية تضر بالمنتجين والمستهلكين الأمريكيين.

على الجانب الآخر، سيواجه بايدن مقاومة جمهورية قوية لعودة انضمام أمريكا لاتفاق باريس للمناخ، وربما يواجه مقاومة أشرس لجهود العودة للاتفاق النووي مع إيران. إن “خطة العمل المشتركة الشاملة” (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) ليست معاهدة، وقد يصدر بايدن بسهولة أمرًا تنفيذيًّا بعودة أمريكا للاتفاق. على الجانب الآخر، أوضح المرشد الأعلى الإيراني “علي خامنئي”- هذا الشخص العنيد الذي قد يبدو وكأنه “مكونيل” ذو المواقف المتصلبة وبجواره شخص مرن – أنه ليس مهتمًا بالتوافق مع الولايات المتحدة، بغض النظر عن الزعيم الذي يحكمها.

أكد بايدن أنه سيتواصل مع الجمهوريين، الذين تعاون معهم في بعض الأحيان في الماضي، حتى عندما كان نائبًا للرئيس باراك أوباما. مع هذا، سيتعيّن عليه استخدام جاذبيته الكبيرة ومعرفته الوثيقة بالكونغرس الأمريكي، في حال أراد تحقيق أي درجة من الوفاق مع زعماء حزب المعارضة. كما سيتوجب عليه أن يكون حذرًا للغاية لضمان أن يكون المسئولون الكبار القادمون الذين سيحيطونه بنفس القدر من الانفتاح والمرونة، إن كان لديه أي أمل ليس فقط في تضميد جراح البلاد السياسية، ولكن لتخفيف حدّة المرارة واليأس اللذين كانا التركة الأبرز للسنوات الأربع الماضية.                   

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا