ناشيونال إنترست | لإعادة بناء السياسة الخارجية.. ثلاثة أشياء يجب أن يلتزم بها جو بايدن

شهاب ممدوح

ترجمة – شهام ممدوح

تتطلب السياسة الخارجية الأمريكية ثلاثة أشياء: الحِرفية وإدارة الأزمة والرؤية المستدامة.

وعلى مدار السنوات الأربع الماضية، ظلت العديد من المناصب على جميع مستويات البيروقراطية شاغرة أو جرى شغلها من جانب مسئولين لا يتمتعون بخبرة أو مؤهلات كافية. ونتيجة لذلك؛ تقلّص تأثير السياسة الأمريكية حول العالم في عدد كبير من الأزمات.

إن الإسراع في تعيين موظفين ذوي مهارة عالية في الجهاز البيروقراطي، سيُساعد الرئيس الجديد على إصلاح جزء كبير من الضرر الذي وقع في السنوات الأربع الماضية، وغالبا ما كانت الكفاءة غائبة، أما الذين يمتلكون الكفاءة، فقد تعرّضوا للإحباط؛ وبالتالي، لا ينبغي الاستخفاف بتأثير توفير قيادة قديرة في مؤسسة السياسة الخارجية وفي قطاع الموظفين المدنيين في البنتاغون.

إن تعامل الرئيس دونالد ترامب مع جائحة كوفيد 19 ما هو إلا نموذج صارخ بشأن الكيفية التي لا ينبغي بها إدارة أزمة، كما أن الأزمة لا تتعلق فقط بإيلاء الاهتمام، ولكن هي أيضا استخدام السلطة لإحراز نتيجة دينامية. يجب على الرئيس المنتخب جو بايدن أن يختار فريق أمن قومي يمكنه التعامل مع أزمات بطريقة متجانسة دون أوهام، ولا شك أن أكبر عملية إدارة أزمة منذ عهد إدارة نيكسون – فورد، قام بها فريق الأمن القومي للرئيس جورج بوش الاب؛ وكانت ردود هذا الفريق على مجزرة “ميدان تيانان مين” وسقوط جدار برلين وغزو العراق للكويت، مبهرة وغير متوقعة في ذلك الوقت. هذا هو المعيار الذهبي الذي يجب أن يسعى إليه بايدن، وينبغي أن نكون على يقين من أنه ستكون هناك مجموعة كبيرة من الأزمات حول عالمنا شبه الفوضوي، والذي تعصف به جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية.

إن الرؤية المستدامة تعني الانخراط النشط مع العالم، والسعي في الوقت ذات لتجنب أي عمليات انتشار عسكري واسعة النطاق، كما أن الانعزالية وإقامة توازنات خارجية، ليسا مناسبين لعالم بات أصغر حجمًا وأكثر ارتباطًا ببعضه من أي وقت مضى. لقد أصبح أي مكان الآن مهمًا، فأي حادث في أفريقيا يمكن أن يؤثر على العلاقات الأمريكية – الصينية، ويجب أن يكون الهدف هو الانخراط دبلوماسيًّا في كل مكان وتفادي التورّط في أي مكان في الوقت ذاته.

إن عصر منافسة القوى العظمى ينبغي ألا يعني خوض صدام أيديولوجي وجودي، حيث يصبح الهدف تغيير نظام الحكم في الصين أو روسيا. ينبغي أن نكون منفتحين على فكرة عقد اتفاقيات شبيهة بسياسة الوفاق مع هذه الأنظمة، فالاستدامة في السياسة تعني وجود حدود للأهداف، كما أن الشعب الأمريكي لن يوافق على تغيير الأنظمة في أي مكان.

مع هذا، تُعد الولايات المتحدة قائدة الديمقراطية في العالم، وبالتالي يجب علينا العودة إلى دعم المجتمعات الليبرالية وحقوق الإنسان، ولكن بحدود. إن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات، ولكنها ترتكز على بناء مؤسسات، وبالتالي، يجب أن نتحلى بالصبر، ولو بقينا دومًا مثالًا يُحتذى به فربما يقتدي بنا الآخرون، ويمكن القول إن المثال الذي يرسمه الرئيس الأمريكي لا يزال أهم مُتغير مستقل في النظام الدولي.

وفي النهاية؛ التعافي من السنوات الأربع الماضية هو أمر يمكن تحقيقه، لكن هذا مشروط بعودتنا إلى بيروقراطية محترفة وكبح جماح أنفسنا دون الانزلاق نحو انعزالية جديدة، كما أن النهج الدولي الواقعي هو القاعدة السائدة اليوم، ولا ينبغي أن ننسى أن فترة حكم جورج بوش الأب يجب أن تكون مثالًا يُحتذى به.  

للإضطلاع على النص الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا