آسيا تايمز | نتنياهو وترامب وخامنئي.. ثلاثة رجال يحددون مصير الشرق الأوسط في عام 2021

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

يمتلك كل من نتنياهو وترامب وخامنئي الدافع لتصعيد التوترات وليس تهدئتها.

إن الحسابات السياسية لهؤلاء الأشخاص الثلاثة (بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب وعلي خامنئي) ستحدد ما إذا كان الشرق الأوسط سيشهد حربًا أو سلامًا نسبيًّا عام 2021، غير أن الاحتمالات حتى الآن لا تبدو جيدة.

ويواجه نتنياهو معركة سياسية من أجل بقائه في هذا العام، مع توجه الإسرائيليين إلى مراكز الاقتراع في مارس للمشاركة في رابع انتخابات تشهدها البلاد في عامين. كما ستبلغ مزاعم الفساد ضد نتنياهو في هذا العام أيضًا ذروتها. وبالرغم من امتلاك إسرائيل ظاهريًّا لمؤسسات مستقلة، إلا أن هناك الكثير الذي يمكن لنتنياهو فعله للتأثير على نتيجة الإجراءات ضده في حال بقائه رئيسًا للوزراء.

ففي الانتخابات المقبلة، يواجه نتنياهو تهديدًا قويًّا من يمين الطيف السياسي، حيث شكّل أحد زملائه الحزبيين السابقين حزبًا سياسيًّا يمينيًّا. ولمواجهة هذا الأمر، سيعتمد نتنياهو على تأثير “حشد الجمهور حول العَلَم” عبر تصعيد التوتر مع إيران.

ولتحقيق مبتغاه، يمتلك نتنياهو حليفًا متحمسًا في البيت الأبيض، على الأقل حتى العشرين من يناير.

وفي الواقع، يبدو أن نتنياهو وترامب يتعاونان بشكل ضمني أو منسّق في اتباع استراتيجية “الأرض المحروقة” ضد إيران. ويشمل هذا رفع حدّة التوترات إلى مستوى قد يؤدي فيه ارتكاب طرف منهما لخطأ في الحسابات لتجاوز خط أحمر، وبالتالي اندلاع حرب، وبالتالي سيستحيل على جو بايدن العودة للاتفاق النووي مع إيران، أو موافقتها على الدخول في وفاق أوسع نطاقًا مع الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى الخطاب التهديدي الصادر عن إسرائيل والولايات المتحدة، وقعت بعض الهجمات على الحرس الثوري الإيراني ووكلائه في المنطقة أو داخل إيران نفسها.

ويُشتبه الآن على نطاق واسع أن إسرائيل تقف خلف اغتيال محسن فخري زاده، الذي يُوصف بأنه أبو البرنامج النووي الإيراني، كما زادت إسرائيل أيضًا من هجماتها على قوافل الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى مليشيا حزب الله أو أصول الحرس الثوري الإيراني في سوريا.

في مطلع شهر ديسمبر، شنّت إسرائيل ضربات صاروخية على مقاتلين مدعومين من إيران في سوريا وعلى مركز أبحاث للحكومة السورية، يُزعم أن خبراء إيرانيين يعملون فيه. وفي خطوة غير مسبوقة، أبحرت غواصة إسرائيلية نحو الخليج ضمن عملية انتشار مرئية فوق المياه.

وفي الولايات المتحدة، ربما يشارك ترامب نتنياهو في العداء ضد إيران. مع هذا، يعمل ترامب وفق حسابات سياسية إضافية.

فبالإضافة إلى تسليمه إدارة بايدن المقبلة مشكلة رئيسية في مجال السياسية الخارجية، ربما يأمر ترامب بتنفيذ هجمات على إيران لإرضاء قاعدته السياسية. وفي الواقع، وفور خسارته الانتخابات، أفادت تقارير بأن ترامب تشاور مع مستشاريه العسكريين الكبار لمناقشة إمكانية شنّ ضربات عسكرية على منشآت نووية إيرانية.

للمرة الأولى منذ ثماني سنوت، حرّكت الولايات المتحدة في ديسمبر غواصة مسلحة بصواريخ توماهوك باتجاه الخليج، وفي الثلاثين من ديسمبر، حلّقت قاذفتان استراتيجيتان أمريكيتان من طراز B-52 فوق الخليج لاستعراض القوة ضد إيران.

وفي إيران، يواجه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أوجه إلزام سياسية، لا سيما أن هذا الشهر يصادف الذكرى الأولى لاغتيال قاسم سليماني على أيدي الولايات المتحدة.

وحتى قبل اغتيال فخري زاده، تعهّد النظام في سبتمبر بالانتقام لمقتل سليماني، ويمكن أن تردّ إيران عبر استخدام استراتيجيتها المجرّبة سابقًا المتمثلة في دفع وكلائها لشنّ هجمات ضد أهداف أمريكية أو إسرائيلية في المنطقة.

وفي العشرين من ديسمبر، تعرّضت السفارة الأمريكية في بغداد لوابل من الصواريخ، وهو أكبر هجوم من نوعه خلال عقد من الزمان. بالرغم من إلقاء السلطات العراقية اللوم على “مجموعات خارجة عن القانون”، إلا أن هذا لا يمنح طهران إنكارًا مقبولًا. وفي تغريدة عقب الهجوم، وجّه ترامب إنذارًا لإيران.

ومؤخرًا، حذر مسئولون دفاعيون أمريكيون من وجود إمكانية عالية لوقوع هجوم معقد ضد أفراد وأصول أمريكية في العراق، مع وجود تقارير عن وجود تنسيق أكبر بين مليشيات عراقية وفيلق القدس الإيراني، ونقل أسلحة تقليدية من إيران إلى العراق.

غير أن حاجة خامنئي للرد بالمثل على الولايات المتحدة، لا تنبع فقط من سعيه للانتقام، ولكنها تنبع أيضًا من هدفين سياسيين آخرين: الأول هو أنه بعد بلوغه 81 عامًا يرغب في تعزيز إرثه السياسي، مع دخوله المرحلة الأخيرة من حياته السياسية.

والهدف الثاني هو ضمان انتصار حليف له، قد يكون مرتبطًا بالحرس الثوري الإيراني، في الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو المقبل. وليس مصادفة أن “حسين داقهان”، القائد السابق للقوة الجوية في الحرس الثوري، أعلن مؤخرًا نيته الترشح في الانتخابات. وبعد وقت قليل من إعلانه، هدد “داقهان” بشنّ هجمات صاروخية على قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة.

وخلال الأشهر الستة المقبلة، ستعمل إيران حثيثًا على تصعيد حدّة التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي ظل هذا المناخ، حيث يساهم تصعيد التوترات في الحصول على مكاسب سياسية محلية، ستكون مخاطر ارتكاب خطأ في الحسابات مرتفعة. خلافًا لما كان عليه الوضع في الحرب الباردة، لا تمتلك الأطراف المتناحرة معاهدات تضع خطوطًا حُمر، وليس لديها خطوط ساخنة يمكن استخدامها لتهدئة التوترات.

ونظرًا لكون عام 2021 عامًا مهمًا في التقويم السياسي لكل بلد من هذه البلدان، ونظرًا لامتلاك أصحاب القرار في هذه البلدان دافعًا لتصعيد التوترات وليس تهدئتها، فإن هناك احتمالًا ضئيلا لأن يكون الشرق الأوسط أكثر هدوءًا في عام 2021.

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا