توماس فريدمان يكتب لنيويورك تايمز| الجمهوريون بين الولاء للدستور الأمريكي والولاء لترامب

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

هاجم الصحفي الأمريكي البارز “توماس فريدمان” الجمهوريين المؤيدين لدونالد ترامب ومحاولته الانقلابية على نتيجة الانتخابات التي فاز بها “جو بايدن”، وانتقدهم بشدة في مقال شديد اللهجة قال فيه:

“فماذا ينفع الإنسان إذا ربح العالم كله وخسر نفسه؟” (مرقس–8:36)

ربما قد نسى أعضاء مجلس الشيوخ “جوش هاولي” و”تيد كروز” و”رون جونسون”، وزملاؤهم الجمهوريون من مدبري الانقلاب، هذه الآية– إن كانوا يعرفونها أصلًا – لأنهم مستعدون للتضحية بأرواحهم وبروح حزبهم وروح أمريكا، المتمثلة في تراثنا المتجذر في إجراء انتخابات حرة ونزيهة كوسيلة لنقل السلطة سلميًّا، لكي  يظل “دونالد ترامب” رئيسًا أو أن يحل محله أحد هؤلاء المتعثرين في النهاية.

إن “الفلسفة” الحاكمة لهؤلاء الجمهوريين عديمي المبدأ عَبَدَة ترامب واضحة بشكل لا لبس فيه: “الديمقراطية جيدة بالنسبة لنا طالما أنها آلية لنصل إلى موقع السيطرة، أما إذا لم نتمكن من الاحتفاظ بالسلطة، فعندئذٍ فلتذهب القواعد النظام إلى الجحيم، فالقوة لا تنبع من إرادة الشعب بل من إرادتنا وإرادة قائدنا”.

لكي تعود أمريكا بصحة جيدة مرة أخرى، يجب على الجمهوريين المحترمين– سواء من المناصب الحكومة أو رجال الأعمال– أن ينفصلوا عن حزب الجمهوريين، ويؤسسون حزبهم المحافظ ذا المبادئ، وإنه لأمر عاجل.

وحتى لو انفصلت مجموعة صغيرة من المشرعين من يمين الوسط أصحاب المبادئ – ورجال الأعمال البارزين الذين يموّلونهم – وشكلوا ائتلافًا محافظًا، فسيصبحون مؤثرين بشكل كبير في مجلس الشيوخ المنقسم بشدة اليوم. فهم يمكنهم أن يكونوا فصيلًا متأرجحًا حاسمًا يساعد في تحديد تشريعات بايدن التي يتم تمريرها أو تعديلها أو التي ربما تفشل.

وفي الوقت نفسه، فإن إبعاد الحزب الجمهوري للرئيس “دونالد ترامب” هو ما تحتاجه لكي تعود الولايات المتحدة متماسكة مرة أخرى، ولكن هناك أقلية ضعيفة متذبذبة من المجرمين تنتظر تغريدة ترامب الأخيرة لإخبارهم بما يجب عليهم فعله وقوله والإيمان به.

إنني أعلم أن تفكك حزب قائم ليس بالأمر السهل (أو المحتمل). لكن على الجمهوريين أصحاب المبادئ، الذين دافعوا بشجاعة وإخلاص عن الانتصار الانتخابي للرئيس المنتخب “جو بايدن”، أن يسألوا أنفسهم: “في غضون أيام قليلة وعندما ينتهي كل هذا، هل يمكن أن نعود إلى العمل مع أشخاص حاولوا تدبير أول انقلاب تشريعي في التاريخ الأمريكي؟”.

لأنه عندما تنتهي هذه الحلقة، سيفعل ترامب أو يقول شيئًا شائنًا آخر لتقويض بايدن ولجعل التعاون مستحيلًا، فيما ستطالب كلاب ترامب، مثل كروز وهاولي وجونسون وزعيم الأقلية في مجلس النواب “كيفن مكارثي”، الحزب باتخاذ تحركات لا تخدم إلا مصالحهم السياسية، بينما تضع الجمهوريين أصحاب المبادئ في مأزق يومي، حيث سيكون هناك اختبار ولاء جديد بشكل أسبوعي.

ببساطة، لا يوجد تكافؤ الآن بين حزبَينا الرئيسيين. ففي الانتخابات التمهيدية، اختارت الأغلبية الساحقة من الديمقراطيين، بقيادة معتدلين من الأمريكيين من أصل أفريقي، الوقوف إلى جانب بايدن اليساري الوسطي، وليس الجناح اليساري المتطرف.

وعلى الجانب الآخر، بات حزب ترامب الجمهوري طائفيًّا لدرجة أنه قرر في مؤتمره أنه لن يقدم أي برنامج حزبي. وسيكون محركها هو كل ما يريده قائدها العزيز في أي يوم. وعندما يتوقف أي حزب عن التفكير– ويتوقف عن وضع أي خطوط حمراء لزعيم غير أخلاقي مثل ترامب – فسوف يستمر في إسقاطه في أعماق الهاوية، وصولًا إلى أبواب الجحيم.

لقد رأينا ذلك في نهاية هذا الأسبوع من خلال جهود ترامب المافياوية للضغط على حاكم جورجيا لإثبات أنه حصل على 11780 صوتًا فقط وإعلانه الفائز في الولاية بصوت واحد على بايدن.

كما أننا سنراه في صورة أبشع في جلسة اليوم الأربعاء في الكونجرس، حيث سيحاول أتباع ترامب تحويل الاحتفال المصمم حصريًّا لتأكيد أصوات الهيئة الانتخابية المقدمة من كل ولاية – بايدن 306 وترامب 232 – إلى محاولة لإجبار الكونجرس على إلغاء الأصوات الانتخابية للولايات المتأرجحة التي خسرها ترامب.

وإذا كنت محررًا لهذه الصحيفة، لكنت أطبع كل صورهم على صفحة كاملة، تحت عنوان: “لا تنسوا هذه الوجوه أبدًا: هؤلاء المشرعون كان لهم خيار بين الولاء لدستورنا وبين الولاء لترامب، وقد اختاروا ترامب”.

وإذا كان لديك أي شك في أن هؤلاء الأشخاص متورطون في سلوك تحريضي، فإن زملائهم الجمهوريين الأكثر التزامًا بالمبادئ لن يفعلوا ذلك، ففي معرض حديثها عن خطة هاولي للطعن في فرز الأصوات، قالت “ليزا موركوفسكي”، السيناتور الجمهوري عن ولاية ألاسكا: “سأدعم قسمي على الدستور. هذا هو اختبار الولاء هنا”. وأضاف السيناتور “بن ساسي”، من ولاية نبراسكا: “لا يوجه الكبار سلاحًا محشوًا إلى قلب الحكم الذاتي الشرعي”، فيما قال السيناتور “روب بورتمان” من ولاية أوهايو: “لا يمكنني أن أؤيد السماح للكونجرس بإحباط إرادة الناخبين.”

لذا، فإن كتلة مخطط الانقلاب ستفشل، ولكن اسأل نفسك هذا السؤال: ماذا لو سيطر حلفاء ترامب على مجلس النواب ومجلس الشيوخ والمحكمة العليا وشقوا طريقهم، واستخدموا بالفعل بعض المناورات التشريعية التي استمرت 11 ساعة وأبطلوا انتصار بايدن؟

أنا أعرف بالضبط ما كان سيحدث.  كان أغلبية الـ81 مليون أمريكي ممن صوّتوا لصالح بايدن سينزلون إلى الشوارع – وسأكون واحدًا منهم – وربما اقتحموا البيت الأبيض ومبنى الكابيتول والمحكمة العليا، وكان ترامب سيطلب من الجيش، فيما سينقسم الحرس الوطني حول هذا الأمر، وسنغرق في حرب أهلية.

هذه هي النار التي يلعب بها هؤلاء الناس. بالطبع، هم يعرفون ذلك؛ ما يجعل مساعي هولي وكروز وجونسون وأمثالهم أكثر حقارة، فليس لديهم أدنى احترام للذات لدرجة أنهم على استعداد للعق حذاء دونالد ترامب حتى آخر ثانية له في المنصب، على أمل أن يرثه أتباعه، إذا لم يترشح مرة أخرى في عام 2024.  

وبهذه الطريقة، سيحققون أفضل النتائج لهم، حيث سيعتمدون على ناخبي ترامب لمواصلة كذبته الكبرى بأن الانتخابات جرى تزويرها، دون أن يغرقنا ذلك في حرب أهلية، غير أن الثمن على المدى الطويل سيظل باهظًا؛ ما يقلل ثقة الأمريكيين في نزاهة انتخاباتنا الحرة كأساس لنقل السلطة سلميًّا.

هل يمكنك تخيل أي شيء أكثر سخرية من هذا؟

كيف يقاوم الأمريكيون المحترمون، إلى جانب حث الجمهوريين ذوي المبادئ على تشكيل حزبهم الخاص؟ تأكد من دفع ثمن ملموس من كل مشرع يصوت مع ترامب ويعارض الدستور.

وينبغي على المساهمين في جميع الشركات الأمريكية الكبرى التأكد من منع لجان العمل السياسي بهذه الشركات من تقديم المساعدات لأي شخص يشارك في محاولة الانقلاب يوم الأربعاء.

في الوقت نفسه، “نحن الشعب” بحاجة إلى محاربة الكذبة الكبيرة لطائفة ترامب مع الحقيقة الكبرى. آمل أن تشير كل مؤسسة إخبارية وكل مواطن إلى هاولي وكروز وجونسون وأصدقائهم الآن وإلى الأبد على أنهم “مدبرو الانقلاب”.

اجعل كل المروّجين لهذه الكذبة الكبيرة حول تزوير الانتخابات لتبرير التصويت مع ترامب وضد دستورنا يحمل عنوان – “مخطط الانقلاب” – إلى الأبد. إذا رأيتهم في الشارع، في المطعم، في حَرَم كليتك، اسألهم بأدب: “أكنت أحد مخططي الانقلاب؟ عارٌ عليك!”.

واستخدِمْ أسلوب ترامب، فكرِّرْ هذه الحقيقة الكبرى مرارًا وتكرارًا حتى لا يستطيع هؤلاء الناس أن يتخلصوا منها أبدًا. ولن يكون ذلك كافيًا لإصلاح ما يزعجنا – ما زلنا بحاجة إلى حزب محافظ جديد – ولكن من الضروري التأكيد على إعطاء الآخرين فرصة للتفكير بشأن محاولة القيام بهذا الانقلاب مرة أخرى.

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا