بوليتيكو| ترامب لا تزال لديه سلطة استخدام «النووي».. كيف يمكن لأمريكا تغيير سياسة استخدامه؟

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

أي شخص شاهد الأحداث المزعجة في مبنى الكونجرس والدور الشائن الذي لعبه دونالد ترامب كزعيم عصابة لأعمال الشغب التي وقعت، يجب أن يفهم حقيقة مهمة ومرعبة: رئيس الولايات المتحدة رجل مضطرب ويمثل تهديدًا ليس فقط على الديمقراطية، ولكن على بقائنا. إن هذا الخطر شديدٌ لدرجة أن رئيسة مجلس النواب “نانسي بيلوسي” تسعى جاهدة لإيجاد طرق لمنع هذا “الرئيس المضطرب نفسيًّا من الوصول إلى أكواد الإطلاق وإصدار أمر بشنّ ضربة نووية”.

لسوء الحظ، وفي ظل السياسة الراهنة فإن الطريقة الأكيدة الوحيدة للمحافظة على المخزون النووي من رئيس مضطرب هي عدم انتخابه. بمجرد وصوله للسلطة، يمتلك الرئيس سلطة مطلقة لبدء حرب نووية. في غضون دقائق، يمكن لترامب أن يطلق مئات القنابل أو قنبلة واحدة. هو لا يحتاج إلى رأي ثانٍ، فوزير الدفاع ليس له رأي، والكونجرس ليس له دور.

نحن كأمة نحتاج أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال: لماذا نأخذ هذه المجازفة؟ هل نظن أن ترامب يتحلى بما يكفي من المسئولية لكي نمنحه سلطة إنهاء العالم؟

لكن إليكم السؤال الأهم: هل نظن حقا أنه ينبغي لأي رئيس أن يتمتع بسلطة إلهية لتدمير العالم في ثانية؟ حاليًا ينبغي أن يكون واضحًا أنه لا يجب أن يمتلك شخص واحد السلطة المنفردة لإنهاء حضارتنا. إن هذه السلطة غير المراقبة ليست ديمقراطية وبالية وغير ضرورية وخطيرة للغاية.

لقد حان الوقت للتخلص من حقيبة الإطلاق النووي. هي لم تعد ضرورية، كما أن وجودها يمثل خطرًا على أمننا القومي.

كيف وصلنا إلى هنا؟ بدأ هذا الأمر قبل 75 عامًا، عندما رأى الرئيس هاري ترومان الدمار الذي لحق بهيروشيما وناجازاكي، ما جعله مصممًا على عدم استخدام القنبلة النووية مجددًا. بالنسبة إليه، كان ذلك يعني إبقاء السلاح النووي بعيدًا عن أيدي الجيش، لهذا أعلن ترومان أن القنابل النووية لن تسقط إلا بعد أن يصرّح الرئيس شخصيًّا باستخدامها. وبهذا الإجراء، وضع ترومان السابقة الخطيرة المتمثلة في سيطرة شخص واحد. أصبحت القنابل النووي “أسلحة الرئيس” وتعززت تلك السلطة المنفردة بعد نشر الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي صواريخ نووية قادرة على أن تغطي جميع أنحاء العالم في 30 دقيقة أو أقل.

نتيجة لذلك، وعلى مدار العقود الخمسة الماضية، سافر جميع الرؤساء بحقيبة سُميت بـ “الحقيبة النووية” تحتوي على شفرات تسمح للرئيس – بسلطته الفردية – لإصدار أمر بإطلاق المخزون النووي. لكن هذه القدرة المذهلة على إطلاق مئات القنابل النووية الحرارية خلال دقائق كانت لها أخطار. هل يمكن لأي رئيس أن يتخذ قرارًا حكيمًا في مدة زمنية ضيقة للغاية؟ ماذا لو كان هناك إنذار كاذب؟ كيف يعلم الرئيس ذلك؟ وماذا لو كان الرئيس مضطربًا عقليًّا؟

لقد اقتربنا من الدخول في حرب نووية عدة مرات أثناء الحرب الباردة. إن الإنذارات الكاذبة، تحديدًا، هي مصدر قلق حقيقي ومتزايد، كما أن الإنذارات الكاذبة اليوم باتت أكثر ترجيحًا لأن أسلحتنا وأنظمة إنذارنا باتت عرضة لهجمات سيبرانية مثل هجمات برنامج SolarWinds الأخيرة التي نفذتها روسيا. لو أطلق الرئيس أسلحة نووية نتيجة إنذار كاذب، فإنه يُشعل بذلك الحرب العالمية الثالثة عن طريق الخطأ.

ومن الواضح أن جهود ترامب السافرة لتقويض الديمقراطية وحرمان ملايين الناخبين من أصواتهم، تُظهر أن الرئيس يفتقر للحكمة والقدرة على تعزيز المصلحة العامة، لكن هل يمكن أن نأتمن ترامب على القنبلة النووية؟ هذا صعب للغاية.

مع ذلك، فإننا منحناه سلطة منفردة في السنوات الأربعة الماضية. إن عدم استخدام ترامب للقنابل النووية لا يعني أنها كانت فكرة جيدة أن نمنحه تلك السلطة المنفردة في المقام الأول، ولم تكن تلك فكرة جيدة مطلقًا، ولو كنا محظوظين للبقاء على قيد الحياة في الأسبوعين المقبلين، وقمنا بتسليم هذه السلطة إلى رئيس أكثر جدارة بالثقة، فإن هذا لا يعني أننا لم نعد بحاجة لحل هذه المشكلة.

وبصرف النظر عن الآمال التي تحدونا، إلا أننا لا يمكننا أن نفترض أنه لن يكون لدينا في المستقبل رئيس غير مؤهل ومضطرب مثل ترامب، ومن المغري أن نظن أن الأمريكيين تعلموا الدرس، ولن يكرروا هذا الخطأ، لكننا لا يمكن أن نضع مصير العالم على مثل هذا الوهم. هناك سياسيون كثر يتنافسون ليكونوا الخلفاء السياسيين لترامب. إن ترامب نفسه قد يترشح مجددًا، كما أن أبناءه لديهم طموحات سياسية.

إن ترامب ليس أول رئيس يثير مثل هذه المخاوف، حيث هناك دائمًا فرصة لأن يكون الرئيس، في لحظة مهمة، واهمًا (مثل ترامب) أو يُفرط في الشراب (مثل ريتشارد نيكسون)، أو أن ينخرط في نشاط يمكن أن يعيق قدرته على التمييز، فالرؤساء، كبقية البشر، يرتكبون أخطاء.

لحسن الحظ، نحن لا نحتاج لأن نواجه مثل هذه المخاطر. لم يعد ضروريًّا أن نتخذ قرار استخدام السلاح النووي بسرعة، وإليكم كيف يمكن للرئيس المنتخب بايدن القيام بذلك:

أولًا: بمجرد وصوله للحكم، ينبغي لبايدن إعلان أنه سيشارك سلطة استخدام السلاح النووي مع مجموعة مختارة في الكونجرس. وينبغي له أيضًا إعلان أن الولايات المتحدة لن تبدأ مطلقًا حربًا نووية، وأنها ستستخدم القنبلة النووية فقط كرد انتقامي.

ثانيًا: ولكي يكون هذا التعهّد أكثر مصداقية، ينبغي أن يتخلص بايدن من الصواريخ الباليستية الموجودة في قواعد بريّة، فهذه الصواريخ ثابتة وأكثر عرضة للتدمير جراء ضربة أولى – ما قد يُجبر الرئيس على اتخاذ قرار فوري لاستخدام السلاح النووي. إن هذه الأسلحة غير ضرورية للردع، والذي يتحقق عبر الأسلحة الموجودة في غواصات قابلة للنجاة، ويمكننا بل وينبغي لنا التخلص من عقلية “استخدمها وإلا خسرتها”. 

في العشرين من يناير، لو سارت الأمور على ما يرام، يمكن للأمة والعالم أن يتنفسا الصعداء، وبمجرد أداء بايدن اليمين الدستورية كرئيس، ستعود الحقيبة النووية إليه، وعندئذ سيرجع الخيار لبايدن للتخلص من الحقيبة النووية وضمان ألا نأتمن مطلقًا مجددًا على وجود هذه الأسلحة الأكثر فتكًا في أيدي إنسان عرضة للخطأ.           

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا