الصحافة الفرنسية| توتر جديد بين واشنطن وطهران بسبب «الابتزاز النووي».. وماذا بعد المصالحة الخليجية؟

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

كيف تستعد فرنسا لمواجهة الموجة الثانية من فيروس كوفيد-19

استعرض موقع “فرانس تي في إنفو” الإخباري خطط الحكومة الفرنسية لمواجهة النسخة الجديدة من فيروس كورونا؛ حيث لا تعدّ النسخة المتحورة من الفيروس أخطر بالضرورة، غير أنها أكثر انتشارًا، وهذا الأمر يتسبب بإثارة القلق لدى السلطات الصحية الفرنسية المنخرطة بالفعل في مواجهة الانتشار القوي للفيروس داخل الدولة.

وفي مقابلة مع قناة “بي إف إم تي في” الفرنسية، قال السيد أوليفيه فيران وزير الصحة الفرنسي الذي لم يُخفِ قلقه: “سأتعامل معه كما لو أنه فيروس جديد تمامًا. فنحن لا نريد أن يبدأ هذا الفيروس في الانتشار داخل الدولة؛ حيث يتسبب هذا الفيروس بنفس الأعراض لكنه لا يؤدي على الأغلب إلى حالات أخطر من الفيروس الذي نعرفه، ويتمتيز أيضا بأنه أكثر قدرة على الانتشار”.

من جهته، حذّر جان فرانسوا ديل فريسي، رئيس المجلس العلمي، من أن الفيروس الجديد “لم ينتشر حتى هذه اللحظة بطريقة كبيرة داخل فرنسا”. ولوعيه بطبيعة تطور الحالة الوبائية، وعد السيد أوليفيه فيران بإصدار تقرير حول هذا الفيروس الجديد مع بداية الأسبوع المقبل، كما أن السلطات الصحية في فرنسا لن تظل مكتوفة الأيدي، فكيف تستعد باريس لمواجهة هذا الفيروس الجديد؟

1- عبر الإبقاء على إغلاق الحدود

فبعد ثلاثة أشهر من ظهور النسخة الجديدة المتحورة من فيروس كورونا على الضفة المقابلة من بحر المانش، أصبحت هذه النسخة الأكثر انتشارًا في المملكة المتحدة، وباتت تمثّل 90 في المائة من إجمالي الحالات الإيجابية للفيروس. ومن أجل التصدي لتفشي هذا الوباء على الأراضي الفرنسية، سيتم غلق الحدود مع المملكة المتحدة حتى إشعار آخر. وأوضح السيد جان كاستيكس، رئيس الوزراء الفرنسي، أن “إجراء إغلاق الحدود الذي اتُّخِذَ كان سينتهي في السادس من هذا الشهر، لكننا قمنا بتمديده، وسيكون بمقدور بعض الفئات المحددة فقط عبور الحدود؛ شريطة ثبوت خلوّها من الإصابة بالفيروس داخل الأراضي البريطانية لكي تتمكن من العبور إلى الداخل الفرنسي”.

ويعدّ هذا الإغلاق امتدادًا للاتفاقية مع المملكة المتحدة التي دخلت حيز التنفيذ في الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي، والتي منعت آلآف الشاحنات على جانبي الحدود من العبور، ومنعت أيضًا الفرنسيين والبريطانيين الذين كانوا يرغبون في عبور الحدود للاحتفال بأعياد رأس السنة مع أقربائهم.

2- عبر تحسين اختبارات الكشف عن الحالات

وأكد وزير الصحة الفرنسي أنه كانت هناك بؤرتان محتملتان في فرنسا للفيروس البريطاني المتحور وهما منطقتا: بروتاني وإيل دو فرانس، غير أنه بعد الفحوصات المتعمقة التي أجراها معهد باستور الطبي، ثبت أن حالات الإصابة التي جرى رصدها في منطقة بروتاني لا علاقة لها بالطفرة الفيروسية الجديدة.

وعلى أية حال، تنتظر الحكومة رصد مزيد من الإصابات المرتبطة بالفيروس البريطاني الجديد، ومن أجل تقييم أفضل لمدى تواجده على الأراضي الفرنسية، سيتم الوقوف على كافة اختبارات “بي سي آر” التي سيتم الاشباه بها، فبعض هذه الاختبارات التي تُجرى بواسطة الأدوات التي تصنعها شركة “ثيرمو فيشر” قد تُعطي إشارة إلى احتمالية وجود هذه النسخة المتحورة من الفيروس.

وفي الواقع لا يُعدُّ هذا الحل مثاليًا، حيث أوضح أستاذ علم الفيروسات السيد ميشيل سجوندي أن “مجموعة صغيرة جدًّا من المختبرات هي التي تستخدم هذا النوع المصنوع من قِبل شركة ثيرمو فيشر”، لكنه سيسمح بالتأكيد بتكوين فكرة أولية عن انتشار النسخة البريطانية المتحورة من الفيروس داخل البلاد.

3- عبر مزيد من الرقابة على المدارس

وبالإشارة إلى أن القدرة المرتفعة للمتحور البريطاني يمكن أيضًا أن تؤثر على الأطفال، أوضح أوليفييه فيران أنه يجب إجراء “مزيد من الرقابة على المدارس، بما في ذلك اختبارات الكشف عن الحالات”، بيد أن أيًّا من وزارتي التربية والتعليم والصحة لم تعطِ مزيدًا من التفاصيل حول هذا الإجراء.

4- عبر تعزيز الإجراءات الصحية

وبالإضافة إلى المستوى المرتفع دائمًا من حالات الإصابة والحجز بالمستشفيات المرتبطة بالفيروس في فرنسا، تحدثت الحكومة أيضًا عن التهديد الذي تُشكّله النسخة المتحورة من الفيروس من أجل الحفاظ على الإجراءات الصحية القائمة، أو حتى تعزيزها على المستوى المحلي، فجميع المنشآت والجهات المتوقفة حاليًا بسبب الوباء ستظل كذلك حتى نهاية الشهر الحالي. وقال وزير الصحة الفرنسي: “لن تشهد المتاحف أو دور السينما أو المسارح أو قاعات العرض أو المنشآت الرياضية أو الترفيهية أي تخفيف يُذكر خلال الأسابيع المقبلة، أما فيما يخص الحانات والمطاعم فلن تُفتح أبوابها قبل منتصف شهر فبراير على أقل تقدير”.

ولم يسبعد الوزير الفرنسي اتخاذ “إجراءات إضافية في حال صارت ضرورية وفقًا لتطور الوباء في الأيام المقبلة، تاركًا بذلك المجال أمام احتمالية الدخول في حجر صحي ثالث، وقد أشار جان كاستيك، رئيس الوزراء الفرنسي، إلى أن المملكة المتحدة اضطرت بسبب تعرضها لموجة جديدة من التفشي، لفرض الحجر الصحي الشامل حتى شهر مارس. ومن المقرر أن يتم توسيع نطاق حظر التجوال القائم بالفعل في خمسة عشر قسمًا منذ أسبوع، ليشمل مناطق جديدة، لا سيما على الجانب الشرقي من البلاد، وكان لمنطقة ستراسبورج السبق في هذا، حيث أعلنت محافظة با-رين أن القسم سيبدأ تنفيذ حظر التجوال مع بداية الأسبوع.

5- عبر المراهنة على فاعلية اللقاحات

وأخيرًا، تُراهن الحكومة على إثبات اللقاحات فاعليتها ضد المتحور البريطاني الجديد، وهذا الأمل حقيقي بالفعل؛ حيث يعتقد الخبراء أن اللقاحات الحالية ستكون ناجحة ضد النسخة البريطانية المتحورة والنسخة الجنوب أفريقية أيضًا، فيما أكد مختبرا “بايون تيك” و”فايزر” أن لقاحهما أثبتت فاعليته ضد الطفرةN501Y  المشتركة للمتحورين البريطاني والجنوب أفريقي. لكن الدراسة التي استند إليها المختبران لم تشمل جميع الطفرات الجينية لهذين الفيروسين المتحورين، لذلك فهي لا تكفي لإثبات أن فاعلية اللقاح ضدهما ستكون بمثل كفاءتها في العمل ضد الفيروس الأول. وبمراقبة الوضع الصحي بالمملكة المتحدة – بعد تطعيم نحو 1.5 مليون شخص بالجرعة الأولى من اللقاح – قد تسهم الإجراءات المتبعة في تقديم الإجابات على تلك الإشكالية.

الولايات المتحدة وإيران.. توتر على أشده في منطقة الخليج العربي

من جانبها، لفتت صحيفة “لاكروا” إلى الذكرى الأولى لاغتيال قاسم سليماني، قائد العمليات الخارجية لقوات الحرس الثوري الإيراني، حيث خرجت مظاهرات مناهضة للولايات المتحدة في العاصمة العراقية بغداد، فيما ستقوم طهران بإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وذلك انتهاكًا لاتفاقية عام 2015.

ولايزال الموقف مشتعلًا بين طهران وواشنطن، فقبل ثلاثة أسابيع من بدء الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ولايته، تتسبب الذكرى الأولى لاغتيال سليماني، الذي لقي مصرعه إثر ضربة جوية أمريكية استهدفته في العاصمة العراقية بغداد في الثالث من يناير الماضي، في احتقان الموقف. يقول إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية في إيران: “لن ينعم كلُّ مَن كان له دورٌ في جريمة مقتل سليماني بالأمن على هذه الأرض”.

وفي بغداد، اندلعت احتجاجات مناهضة للولايات المتحدة بناءً على طلب من الحشد الشعبي، الذي يمثّل تحالف الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق، كما رفعت طهران من درجة استعداد دفاعاتها الجوية وقواتها البحرية ووحدات أخرى في الخليج، في مواجهة نشر الولايات المتحدة لقاذفات بي-52 وغواصة صواريخ توماهوك، وأخيرًا، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية نهاية شهر ديسمبر، عن رغبتها في إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 20٪ في منشأة فوردو الواقعة تحت سطح الأرض.

حذار من الفخ

وعبر حسابه على موقع “تويتر”؛ غرّد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قائلًا: “حذار من الفخ”، وأكد أن “هناك عملاء إسرائيليين يجهزون لهجمات ضد أمريكيين لإيقاع الرئيس ترامب في مأزق وإيجاد ذريعة حرب مفتعلة، فحذار من الألعاب النارية لأن جميعها تحتوي على نار حقيقية، لا سيما عندما تستهدف صديقكم المفضل”.

وكان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، قد أنذر بتحميل إيران المسئولية في حال تعرَّض الأمريكيون في العراق لأي هجمات، فيما اعطى وزير الدفاع الأمريكي “كريستوفر ميلير” الإذن بعودة حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس نيميتز” التي ذهبت أواخر نوفمبر الماضي إلى الخليج في مهمة لتعزيز الغطاء الجوي في المنطقة أثناء انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان والصومال.

غير أن إعلان طهران عن خرق وابتزاز آخر للاتفاق النووي لعام 2015، قد يضغط على جو بايدن الذي أعلن عن نيته إعادة الولايات المتحدة إلى هذا الاتفاق في حال امتثلت إيران مرة أخرى للشروط بشكل دقيق، وسيكون أمام الرئيس الجديد أربعة أشهر فقط لإرساء الأساس لإحياء الاتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو 2021.

عودة مستوى التخصيب إلى ما قبل الاتفاقية

ووفقًا للتقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في نوفمبر الماضي، كانت طهران تخصّب اليورانيوم لدرجة نقاء أعلى من الحد الذي نصّت عليه اتفاقية فيينا، والمقدر بنسبة 3.67% ولا يتخطى 4.5%، وكانت تلتزم دائمًا بالجدول الصارم جدًّا لتفتيشات الوكالة؛ فاليورانيوم المخصب بنسبة 20% يعادل أعلى نسبة تخصيب استطاعت إيران الوصول إليها قبل اتفاقية عام 2015، بيد أن هذا المستوى لا يزال غير كافٍ لإنتاج القنبلة الذرية التي تحتاج إلى مزيد من التخصيب حتى تصل نسبته إلى 90 في المائة.

وبعد اغتيال الفيزيائي النووي الإيراني محسن فخري زاده في نهاية نوفمبر الماضي، اعتمد البرلمان الإيراني قانونًا يوصي بإنتاج وتخزين ما لا يقل عن 120 كيلوغرامًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20٪ سنويًّا، ووضع نهاية لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية. يذكر أن الحكومة الإيرانية قد أبدت معارضتها لهذه الخطوة التي استنكرها الموقّعون الآخرون على الاتفاق، والذين طالبوا طهران بعدم إفساد المستقبل، في حين رد وزير الخارجية الإيراني بأن “الدول الديمقراطية لا يمكنها مطالبة إيران بانتهاك تشريعاتها البرلمانية”.

بعد ثلاث سنوات من الأزمة الخليجية.. قطر تتصالح مع جيرانها

وأبرزت جريدة “ليكسبريس” الحدث الأبرز عربيًّا وهو المصالحة الخليجية، حيث قررت الدول الأربع (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) استعادة العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل مع الدوحة، ليضعوا بذلك حدًّا للعزلة القطرية التي دامت لأكثر من ثلاث سنوات بتهمة معاداة جيرانها.

وخلال القمة التي احتضنتها محافظة العلا السعودية، قال الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي: “قررنا اليوم بفضل حكمة قيادة الدول الخليجية ومصر، طي الصفحة واستعادة كافة العلاقات الدبلوماسية مع قطر”. وكانت السعودية والدول الحليفة لها قد قطعوا علاقاتهم الدبلوماسية مع قطر في يونيو 2017، واتهموها بمساندة الجماعات الإسلاموية، والتقارب أكثر مما يلزم مع إيران وتركيا، وزعزعة استقرار المنطقة، لكنّ القطريين أنكروا كل ذلك وأعلنوا أنهم ضحية للمقاطعة والتدخل في سيادتهم.

وفي افتتاح القمة، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: “لقد ساعدتنا جهود الكويت والولايات المتحدة على التوصل لاتفاقية نؤكد من خلالها على تضامن واستقرار دول الخليج والدول العربية والإسلامية”. وبعد ذلك اجتمع ولي العهد السعودي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وتناول اللقاء تعزيز العلاقات بين البلدين والعمل المشترك بين جميع الدول الخليجية، ووقّعت دول مجلس التعاون الخليجي الست، بالإضافة إلى مصر، على إعلان العلا والبيان الختامي للقمة في حضور جاريد كوشنير، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتحدث البيان عن تبادل التعاون بين جميع الأطراف.

الإعلان عن المصالحة

ووسط تضافر جميع مقومات النجاح، بدأت القمة بعد إعلان الكويت، التي لعبت دور الوساطة، بفتح السعودية لمجالها الجوي وكافة حدودها مع قطر. وكان مجلس التعاون الخليجي قد وُلِدَ منذ أربعين عامًا بهدف تحقيق التقارب السياسي والاقتصادي والعسكري بين أعضائه الست: السعودية والبحرين والإمارات وقطر وعُمان والكويت، وقد أعطت مشاركة أمير قطر في القمة إشارة أخرى إلى تهدئة العلاقات.

وفي السياق، مارست الولايات المتحدة ضغطًا من أجل تحقيق هذه المصالحة، بهدف الضغط على الدوحة وخاصة تعاونها مع طهران، فيما أكد ولي العهد السعودي أن الهدف من القمة كان تشكيل جبهة في مواجهة التحديات، لا سيما البرنامج النووي الإيراني وبرنامج الصواريخ البالستية الخاص بها ومشاريعها التدميرية.

من جانبه علق محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، على القمة وهنّأ قطر بنجاحها في مقاومة الضغط، وأكد لجيرانها الآخرين من العرب أن إيران ليست عدوًّا ولا تمثّل أي تهديد لهم، ودعاهم إلى قبول العرض الإيراني للتعاون من أجل بناء إقليم قوي. وقد صاحب تلك المقاطعة لقطر إجراءات تقييدية، كإغلاق المجال الجوي أمام الطائرات القطرية، وفرض قيود على تنقلات المواطنين القطريين؛ ما تسبب في تشتيت بعض العائلات.

العقبات

ومنذ فترة، صاغت الدول الأربع ثلاثة عشر شرطًا لاستعادة العلاقات، من بينها إغلاق قناة “الجزيرة” التي تكره العديد من الأنظمة العربية، والتعهد بشأن تمويل الجماعات المتطرفة، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر، لكن الدوحة لم تمتثل لأي من هذه الشروط، واقتصر الأمر حتى الآن على التغيير التام لنغمة الحديث المعتادة من وسائل الإعلام التابعة لكلا الجانبين تجاه الجانب الآخر، في حين شكّك بعض الخبراء في جدوى تلك المصالحة.

يقول بدر السيف، أستاذ التاريخ بجامعة الكويت لوكالة الأنباء الفرنسية: تمامًا كأي مصالحة، ستواجهها عقبات، وقد تدخل في توترات وطريق مسدود، ونتوقع خوض محادثات صعبة بين البلدان ذات المصالح المتضاربة؛ فالإمارات العربية المتحدة ستظل حذرة بشكل خاص بسبب قرب الدوحة من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، بالرغم من أن الجماعة لم تفوّت هذه الفرصة لتهنئة قطر على تقاربها مع جيرانها، وذلك على لسان طلعت فهمي، المتحدث الرسمي باسم الجماعة في تركيا.

المصالحة لا تعني بالضرورة تغير السياسات

من جانبها، قالت إيمان الحسين، الباحثة في معهد دول الخليج العربي بواشنطن: “قد نرى بعض التعديلات في البداية للحفاظ على الاتفاقية وإظهار حسن النية، لكن هذا لا يعني أن قطر ستتغير أو تحاول التراجع عن السياسات التي انتهجتها في السنوات الأخيرة”.

قطر وجيرانها العرب.. مصالحة بطعم السلام البارد

وأجرى موقع راديو فرنسا الدولي، حوارًا مع السيد استيفان لاكروا، الأستاذ بكلية العلوم السياسية والباحث بمركز العلاقات الدولية للتعليق على المصالحة الخليجية.. وإلى أهم ما جاء في الحوار:

بعد ثلاث سنوات من المقاطعة التي فرضتها أربعة دول، تعود قطر إلى اللعبة، في حين لا يبدو أنها تخلّت عما طُلب منها التخلي عنه.. فهل يُعدُّ ذلك نوعًا من الانتصار؟

استيفان لاكروا: بناءً على ما نعرفه، هناك انطباع بأن قطر لم تتراجع عن شيء من القائمة التي طلبتها الدول المقاطعة لها في عام 2017، كإغلاق قناة الجزيرة والتوقف عن منح اللجوء السياسي للمعارضين السياسيين في الدول المقاطعة، وغيرها من الشروط؛ لذا فمن الواضح أن الدوحة لم تقدّم أي تنازلات حتى الآن، وهذا يعني أنها استطاعت الصمود، حيث نجحت على مدار ثلاث سنوات ونصف في الاستعاضة عما فقدته عبر إقامة علاقات جديدة مع دول لم تكن قبل ذلك في حيز اهتماماتها، كإيران وتركيا، التي تقرّبت منهما لتعويض ما خسرته من الدول التي قاطعتها.

هل ستغير قطر من مواقفها أم ستستمر في سلوكياتها المثيرة للجدل؟

قد تخفّف قطر من سلوكياتها، ولكنني لا أعتقد أنها ستقدّم الكثير، أي أن هذه الأزمة لن تحل بشكل كامل؛ وبالتالي علينا ألا نتوقع مصالحة عظيمة تصل إلى أن يتعانق الجميع، فهناك نزاع تسبب في الكثير من الجراح العميقة لدى الجانبين. لقد مرت ثلاثة أعوام ونصف من تبادل الشتائم القاسية من أطراف النزاع، ليس فقط على مستوى الزعماء ولكن على مستوى الشعوب أيضًا، وإذا تصفّحت تويتر، فستجد الكثير من الأمثلة على هذا الأمر. إنها ليست مجرد مشاحنات بين القادة، لقد اتخذت الأزمة نطاقًا أوسع بكثير؛ لذا في رأيي، وفي ظل هذا السياق الذي لا يرجّح فيه أن تغير قطر من سياساتها، سنرى سلامًا باردًا في أحسن الأحوال، أي مصالحة باردة، وهذا أمر متوقع، ولا أعتقد أن الدولتين (السعودية وقطر) ستكونان أفضل أصدقاء في العالم في غضون أشهر.

كيف يمكن أن تتوافق رؤية الإمارات والسعودية داخل مجلس التعاون الخليجي؟

تعدّ المقاطعة استمرارًا لعملية التقارب المميزة بين السعودية والإمارات، ففي عام 2015، رأينا الدولتين توقّعان على معاهدة أمنية شديدة الترابط. وفي عام 2017، دعت الإمارات السعودية إلى مقاطعة قطر، وإذا لم تكن الإمارات هي المبادِرة لهذا الأمر، لما دخلت السعودية في هذا الطريق.

ربما يعجبك أيضا