فورين أفيرز | الغرب ساعد في عرقلة الديمقراطية بأوغندا

آية سيد

ترجمة – آية سيد

اقتحمت مجموعة من البلطجية، بتحريض من رئيس استبدادي، هيئة تشريعية ديمقراطية وعطّلت إجراءات دستورية مثيرة للجدل. أتلف المقتحمون الممتلكات، وجرحوا المشرّعين، وجرّوا الكثير من مشرعي المعارضة من الغرفة. 

أنا لا أصف هنا الاعتداء على مبنى الكابيتول الأمريكي الأسبوع الماضي، بل أشير إلى الاعتداء الذي نظمه الزعيم القوي الأوغندي يوري موسيفيني في 2017 في البرلمان الذي أخدم به. في العام السابق لذلك، ادعى موسيفيني، الذي يتولى السلطة منذ 1986، أنه ربح ولاية رئاسية خامسة في انتخابات قال المراقبون الدوليون إنها افتقرت للمعايير الديمقراطية الدولية. أطلق موسيفيني، الذي بدا عازمًا على البقاء رئيسًا مدى الحياة، حملة لتعديل مادة في دستور أوغندا والتي اشترطت أن يكون المرشحون الرئاسيون تحت سن 75. كانت هذه المادة ستمنع موسيفيني، الذي يبلغ الآن 76 عامًا، من المنافسة في الانتخابات الرئاسية 2021، المقررة أن تنعقد يوم الخميس.

وبدافع الفزع من تمثيلية موسيفيني المناوئة للديمقراطية، انضممتُ إلى حملة معارضة لمنع تعديل الدستور، وكان رد موسيفيني هو نشر قوات خاصة بملابس مدنية إلى البرلمان لإيقاف مسعانا. بدأت القوات الخاصة، التي تعمل كجيش خاص لموسيفيني، في ضرب مشرعي المعارضة وجرّنا بالقوة من على الأرض. وتعرضت للإصابة أنا والكثير من أعضاء البرلمان الآخرين، مثل بيتي نامبوز وفرانسيس زاكي، الذين جرى اختصاصهم بالاعتداء وكان عليهم السفر للخارج من أجل الحصول على رعاية طبية طارئة، وأدت إصابات نامبوز إلى حدوث إعاقات دائمة لها.

في الأسبوع التالي لمداهمة البرلمان، ألقى معتدون قنبلة يدوية على منزلي والتي ضربت نافذة غرفة ابني البالغ 12 عامًا. تعرضت منازل ناقدي النظام الآخرين للهجوم أيضًا. وفي وجه هذا العنف والترهيب، انهار جهدنا التشريعي: جرى تمرير التعديل الدستوري سريعًا في ديسمبر 2017، وهو ما مكّن موسيفيني من الترشح لانتخابات يوم الخميس وكل الانتخابات بعد ذلك.

محبوب أمريكا الوحشي

تتشكل الانتخابات الرئاسية 2021 لأوغندا لتصبح غير حرة وغير نزيهة كما كانت دائمًا. وبصفتي واحد من عشرة مرشحين معارضة يتحدون موسيفيني، واجهت وابلًا مستمرًا من العنف. لقد احتجزتني قوات الأمن في عدة مناسبات وتعاملت بوحشية مع أنصاري، وفي منتصف نوفمبر، عندما كنت محتجزًا وراء القضبان بسبب تُهم غير محددة، نزل الداعمون لي للشوارع احتجاجًا على ذلك. ردت قوات الأمن بقتل 54 متظاهرًا ومارًا، من ضمنهم طفل واحد على الأقل.

في الأسبوع الماضي، تقدمت أنا وفريقي بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية تسرد بالتفصيل الاحتجاز غير القانوني والتعذيب الذي يمارسه نظام موسيفيني ضدي أنا وزملائي، وكذلك أيضًا العنف القاتل الذي ألحقوه بمؤيدينا وغيرهم من المدنيين العُزل. وخلال مؤتمر صحفي لإعلان شكوانا والذي بُث مباشرة على الإنترنت، طوّقت قوات الأمن سيارتي، وسحبتني منها رغمًا عني، وتعاملت معي بخشونة. سُمح لي في النهاية بالرجوع إلى سيارتي، لكن الضباط بعدها قادوا سياراتهم إلى جانبي أنا وفريقي، وأطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل علينا في الوقت الذي كان الصحفيون يشاهدوننا عبر تطبيق زووم. إذا كانت قوات موسيفيني وقحة إلى حد ارتكاب تلك الأفعال البربرية بينما يشاهد العالم، فكر فيما هم مستعدون لفعله بالأوغنديين غير المعروفين كل يوم.

يؤلمني أن أقول ذلك! لكن المجتمع الدولي جزء من مشكلتنا المستمرة في أوغندا. على مدار السنوات، نجح موسيفيني في وضع نفسه كحليف عسكري ومحب للتنمية لكثير من الحكومات الغربية التي تغض الطرف عندما يتعلق الأمر بسجله المروع في حقوق الإنسان. خلال التسعينيات، أوصل نظام موسيفيني الأسلحة إلى المتمردين في السودان نيابة عن إدارة الرئيس بيل كلينتون، واليوم، تحارب القوات الأوغندية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي المدعومة أمريكيًّا وأوروبيًّا في الصومال وتخدم كحرس تحت القيادة الأمريكية في العراق. تبنّى موسيفيني أيضًا إصلاحات اقتصادية نيوليبرالية والتي كانت قاسية على الفقراء لكنها جعلته محبوبًا من مؤسسات مثل البنك الدولي.

خلال 35 عامًا تقريبًا في الحكم، حصلت حكومة موسيفيني على عشرات المليارات من الدولارات في صورة مساعدات أجنبية مباشرة من دول غربية، مثل الولايات المتحدة ومؤسسات متعددة الجنسيات، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. جرى إنفاق قدر كبير من هذه الأموال كما ينبغي على مشروعات مثل علاج الإيدز والوقاية من الملاريا، لكن الكثير منها أيضًا نهبه أتباع موسيفيني. ومثلما وثّق عدة باحثين، تحولت مليارات الدولارات من أموال الضرائب والتنمية إلى القوات الأمنية – نفس القوات التي تهاجمني أنا وزملائي، وإخواننا المواطنين دون عقاب. نتيجة لذلك، تضخمت الميزانية العسكرية لأوغندا باستمرار على مر السنوات؛ لقد تضخمت من 24 مليون دولار في 1992 إلى حوالي 400 مليون دولار في 2020، في الوقت الذي اشتد فيه الفقر، وضمرت الخدمات الاجتماعية، ولم يتم الوفاء بحقوق الإنسان الأساسية والأسس المرجعية للحوكمة الجيدة.

ومن خلال الشراكة مع الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب، تحديدًا في الصومال، وضع موسيفيني نظامه كضامن للاستقرار في شرق أفريقيا. لقد نال أيضًا الإشادة الدولية على ترحيبه باللاجئين من الدول التي مزقتها الحرب – على الرغم من أن الكثير منهم ضحايا لصراعات أجّجها موسيفيني نفسه. لكن مثلما ركزت القوات الأوغندية أنظارها على الإرهابيين بالخارج، ركزت أيضًا على المواطنين الأوغنديين بالداخل.

في أواخر الثمانينيات وفي شمال أوغندا، على سبيل المثال، نفذت قوات موسيفيني ما وصفه العالم السياسي آدم برانش، مدير مركز الدراسات الأفريقية بجامعة كامبريدج، بأنه “مكافحة تمرد دون وجود تمرد”. هذه العملية، التي تستهدف ظاهريًّا بقايا جيوش الأنظمة السابقة، كانت في الحقيقة ذات دوافع عرقية وأطلقت عنفًا مهولًا ضد المدنيين المحليين لدرجة أنها أثارت تمردات حقيقية – من ضمنها جيش الرب للمقاومة بقيادة جوزيف كوني، الذي عذّب واختطف وقتل عشرات الآلاف من الأوغنديين، الكثير منهم من الأطفال، على مدار عقدين. وطوال فترة التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم يُدِمْ موسيفيني الصراع مع جيش الرب للمقاومة لغاياته الشخصية فحسب؛ بل استخدم العنف لتبرير إعادة توظيف مساعدات التنمية الأجنبية لأهداف عسكرية.

لقد قوبل الأوغنديون الذين سعوا لمعارضة انتهاكات موسيفيني سلميًّا بإرهاب الدولة. في 2011، على سبيل المثال، فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين الذين نزلوا للشوارع للاحتجاج على فساد الحكومة وسوء الإدارة الاقتصادية، وقتلت تسعة أشخاص على الأقل. ثم في 2016، ذبح الجيش الأوغندي 150 شخصًا أعزل، من ضمنهم 15 طفلًا على الأقل، في منطقة غربية من البلاد حيث كانت العلاقات مع الحكومة المركزية متوترة. وفي 2018، اغتالت قوات الأمن سائقي وقبضت عليّ أنا وأربعة من زملائي في البرلمان، بالإضافة إلى العشرات من مؤيدينا، واحتجزتنا لأيام دون إمكانية الاتصال بمحامٍ أو حتى بعائلاتنا. وعندما جرى أخذنا أخيرًا إلى المحكمة، كان الكثير منا – ومن ضمنهم أنا – يسير على عكازين.

وعلى الرغم من هذه الجرائم المريعة في حق المواطنين الأوغنديين، استمرت الأموال الدولية في التدفق إلى حكومة موسيفيني. في شهر يونيو الماضي فقط، أصدر البنك الدولي 300 مليون دولار من أموال الإغاثة، التي تهدف ظاهريًّا إلى مكافحة كوفيد-19، والتي اختفت على الفور في ميزانية عسكرية سرية تُستخدم الآن لقمعي أنا وزملائي ممن يطالبون بانتخابات حرة ونزيهة.

لحظة محورية

كجزء من استراتيجية موسيفيني للاحتفاظ بالسلطة، يحاول الآن تصوير حركتنا بأنها عنيفة وترعاها “جهات فاعلة أجنبية” شريرة. في 30 ديسمبر، جرى القبض عليّ إلى جانب 100 من مساعديّ بينما كنا نستعد للترويج لحملتنا في جزيرة في بحيرة فيكتوريا تُسمى كالانجالا، وجرى اتهام تسعة وأربعين من هؤلاء المساعدين زورًا بحيازة ذخيرة وأسلحة نارية. لقد كنت أتحدث علنًا ضد العنف الانتخابي حتى قبل أن تبدأ مسيرتي السياسية، وطيلة حملتي، أكدت بشكل قاطع أن حملتنا صراع سلمي من أجل التغيير الديمقراطي ويجب أن تكون ثورة سلمية. إن اتهامات العنف الموجهة لأفراد فريقي ليست سوى ذريعة لموسيفيني وعناصره التمكينية – في أوغندا والغرب – لتبرير قمعهم لتطلعاتنا الديمقراطية التي حُرمنا منها لفترة طويلة.

لحسن الحظ، ربما تتغير السياسة الأمريكية تجاه أوغندا. لقد طالبت لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب إدارة الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات على خمسة رؤساء حاليين وسابقين لوكالات الأمن الأوغندية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، والتي تشمل القتل دون محاكمة والتعذيب. وعلاوة على ذلك، أدانت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بقيادة العضو البارز حينها روبرت مينديز، الديمقراطي من نيوجيرسي، اعتقالي الشهر الماضي وطالبت بانتخابات حرة ونزيهة. دعا مينديز أيضًا إلى مزيد من التدقيق في الدعم الأمريكي لموسيفيني في حالة تزوير انتخابات يوم الخميس.

وفي الأسابيع الأخيرة، واجه الأمريكيون للمرة الأولى في حياتهم شبح الانتقال العنيف بين إدارتين رئاسيتين. لم يشهد الأوغنديون أبدًا انتقالًا سلميًا للسلطة، وفي الواقع، مع اقتراب نظام موسيفيني من 35 عامًا في الحكم، لم تشهد الغالبية العظمى من الأوغنديين أي انتقال للسلطة على الإطلاق.

هذا الأسبوع هو أسبوع محوري لبلادي. يتنافس الملايين من الشباب الذين يطالبون بالإصلاح وإبداء رأيهم في مستقبلهم ضد جماعة صغيرة من الطغاة المتمسكين بالاحتفاظ بالسلطة بأي ثمن. إن أملي هو أن يراقب المجتمع الدولي انتخابات هذا الأسبوع في أوغندا عن كثب، فالانتباه الدولي مهم الآن أكثر من أي وقت مضى، وفي الحقيقة، هو ما أبقاني أنا وزملائي على قيد الحياة حتى هذه المرحلة. وإذا سرق موسيفيني انتخابات أخرى يوم الخميس، نأمل في أن أصحاب الضمير حول العالم سيحاسبونه هو ونظامه.

بوبي واين هو عضو في البرلمان ومُرشح لمنصب رئيس أوغندا.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا