ناشيونال إنترست | ما مدى أهمية مكالمة بايدن وبوتين الهاتفية؟

آية سيد

ترجمة – آية سيد

في 26 يناير 2021، تحدث الرئيسان جو بايدن وفلاديمير بوتين عبر الهاتف. هذه واحدة من الحقائق المتعلقة بالمكالمة التي لا يختلف عليها اثنان. لكن كل شيء آخر يبدو وكأنه مفتوح للتأويل والخلاف.

كان الرئيس الروسي هو سابع قائد عالمي يتواصل معه رسميًّا الرئيس الأمريكي الجديد، بعد المكالمات الأولى التقليدية لرئيس المكسيك ورئيس وزراء كندا، ثم جاء على اللائحة الثلاثة حلفاء الأوروبيين الرئيسيين لأمريكا (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) وأتبعهم الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج. هل كان ذلك يهدف للدلالة على “الحط من منزلة” بوتين فيما يتعلق بأهميته النسبية إلى الولايات المتحدة؟ أم أنه ينبغي التعامل مع هذا كشرف عظيم. إن بايدن تحدث مع بوتين قبل قادة الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية وإسرائيل، ناهيك عن شركاء أمريكا في وسط أوروبا وأوروبا الشرقية، أم إنه انعكاس للأهمية التي يضعها الرئيس الجديد في التواصل حول مصير الناشط المناهض للفساد أليكسي نافالني، المحتجز الآن والذي أثار القبض عليه احتجاجات في أنحاء روسيا؟ وهل كان بايدن سيتحدث مع بوتين في هذه المرحلة في حالة غياب أزمة نافالني؟ وأخيرًا، إلى أي مدى كان توقيت المكالمة نتيجة للمناشدات الروسية؟

إن القراءة الصادرة عن البيت الأبيض ضئيلة بصورة ملحوظة. يمكن للمرء أن يقرأها كبث متأخر للشكاوى في حق إدارة بوتين والدولة الروسية: على الاختراق، والتدخل في الانتخابات، ومزاعم وضع مكافآت على أفراد الخدمة الأمريكيين في أفغانستان، ودور روسيا المستمر في أوكرانيا، وتسميم نافالني. لكن القراءة الروسية، على العكس، اختارت التأكيد على نقاش القائدين حول جائحة كورونا، والشئون التجارية والاقتصادية، ومستقبل الاتفاق النووي الإيراني (على الرغم من أن الجانب الروسي أشار أيضًا إلى أوكرانيا كموضوع للمحادثة).  

شددت التقارير الأمريكية على أن بايدن ترك تحذيرًا واضحًا لبوتين مفاده أنه في ظل وجود إدارة جديدة في واشنطن، “سوف تعمل أمريكا بحزم دفاعًا عن مصالحها القومية” ردًا على الخطوات الروسية “التي تضر بنا أو بحلفائنا”. بعبارة أخرى، على عكس الشاغل السابق للمكتب البيضاوي، بايدن وفريقه مستعدون للرد بسرعة وبحسم على أي تجاوزات من موسكو، حيث تشير مصادر أمريكية إلى إعلام الجانب الروسي أنه يمكن فرض عقوبات إضافية بسبب الأفعال الروسية.

على الجانب الآخر، تؤكد المصادر الإعلامية الروسية على ما يراه الكرملين رسالة إيجابية، إعلان أن البلدين سيعملان سريعًا لتمديد معاهدة ستارت الجديدة – التي تعترف ضمنًا، على الأقل في مجال الأسلحة النووية، بدرجة من التساوي بين واشنطن وموسكو. وعبارة أن الدولتين “اتفقتا على بحث مناقشات الاستقرار الاستراتيجي في مجموعة من القضايا الأمنية الناشئة والمتعلقة بالحد من التسلح” تُفسّر أيضًا على أنها دعوة لبدء المحادثات الثنائية حول أجندة واسعة النطاق. في حقيقة الأمر، يرى رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد فيكتور بونداريف، في تعقيب على مكالمة بايدن وبوتين، يراها بداية لجهد روسي-أمريكي لـ”إيجاد نقاط مشتركة والتي ستُسهل تعزيز السلام والاستقرار في العالم بأكمله”.

بالطبع، يملك الكرملين تفسيرًا معينًا لأنواع المحادثات التي يريد عقدها مع واشنطن، مناقشة تبادلية حول المقايضات والمبادلات، التي كان الجانب الروسي يأمل بها (لكنه لم يحققها) مع إدارة ترامب. على النقيض، من المرجح أن يرى فريق بايدن هذه المحادثات مع روسيا فرصة للتواصل الواضح من الولايات المتحدة حول الخطوات التي تتوقع واشنطن أن تتوقف عنها روسيا أو حتى تعكسها قبل أن يبدأ أي نقاش عن تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.

وهكذا يبدو أن الغرض الرئيسي من المكالمة كان جلسة نقاش. لا يهم ما إذا كان ينبغي أن نفسر التوقيت كدلالة على أهمية بوتين في الشئون الدولية أو كإشارة على أن التحالف الغربي اتحد مرة أخرى بعد سنوات ترامب، لقد تواصل بوتين مع بايدن مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، تواصل بوتين مع بايدن ليس بصفته نائب رئيس أو مرشحًا للرئاسة، لكن بصفته رئيسًا تنفيذيًّا، بينما كوّن بايدن فكرة عن بوتين في الوقت الذي تواصل روسيا التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، وحرب أسعار النفط والاحتجاجات. وبخلاف تجديد معاهدة ستارت الجديدة، لم تُفتح آفاق جديدة، وسيتعين علينا أن ننتظر لنرى الخطوات التالية لكلا الجانبين.   

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا