ديفيد إجناتيوس يكتب لـ «واشنطن بوست» | حتى وهو في السجن.. نافالني أخطر تهديد يواجه بوتين!

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

يجمع “أليكسي نافالني” بين صفتين تَروقان للشعب الروسي: السخرية اللاذعة تجاه قادة البلاد، والشجاعة الشخصية العظيمة، وهما معًا، يجعلان منه التهديد السياسي الأقوى الذي واجهه الرئيس “فلاديمير بوتين” على الإطلاق.

فقد كان رد نافالني الأخير مقطع فيديو مضحك بشكل مثير نُشر في 19 يناير على موقع يوتيوب، يوثق الفساد الذي يحيط بما يسميه “قصر بوتين”، وهو مشروع يتكلف بمليارات الدولارات على البحر الأسود يتضمن قصورًا وبستان كرم وكازينو خاص، فضلًا عن ملعب هوكي الجليد تحت الأرض، ويزعم الفيديو وجود قوائم مكافآت لأصدقاء وعائلة بوتين، وكذلك لصديقتين وأقاربهما.

وشاهد الفيديو الساخر أكثر من 90 مليون شخص حتى يوم الثلاثاء. وقد ساعدت رسالته في خروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع نهاية الأسبوع الماضي في مائة مدينة روسية للاحتجاج على نظام بوتين الفاسد والاستبدادي، وردًّا على ذلك اعتقلت قوات الأمن الروسية أكثر من ثلاثة آلاف متظاهر يوم السبت، فيما نفى بوتين يوم الاثنين امتلاكه لمثل هذا “القصر”، ومع ذلك فقد تصدعت هالة مناعته.

وقد أظهر نافالني شجاعة منقطعة النظير بعودة إلى روسيا في 17 يناير من ألمانيا، حيث كان يتعافى من محاولة اغتيال يقول إن جهاز الأمن الفيدرالي التابع لبوتين قد دبرها. وقرر نافالني نشر الفيديو فقط بعد عودته إلى الوطن، ولكن عندما وصل إلى مطار موسكو، قُبض عليه فورًا واقتيد إلى السجن. وبعد يومين، ظهر الفيديو على موقع يوتيوب.

“لقد توصلنا إلى هذا التحقيق [عن القصر] عندما كنت في العناية المركزة، ولكننا اتفقنا على الفور على نشره عندما أعود إلى الوطن في روسيا، إلى موسكو، لأننا لا نريد الشخصية الرئيسية في هذا الفيلم [بوتين] أن تظن أننا نخاف منه وأنني سأكشف عن أسوأ أسراره أثناء تواجدي في الخارج”، هذا ما قاله نافالني في مقدمة الفيديو.

وقد تحدث “ليونيد فولكوف”، مدير حملة نافالني الرئاسية لعام 2018 ورئيس فريقه، معي يوم الثلاثاء الماضي هاتفيًّا من ليتوانيا، وقال إن هدف حركة نافالني هو جعل روسيا “دولة أوروبية طبيعية تتمتع بسيادة القانون والمحاكم المستقلة ووسائل الإعلام الحرة.. يجب إطلاق سراح نافالني، وطالب فولكوف بوتين، الذي مدد فترة ولايته كرئيس من خلال تعديل دستوري خاص، بأن “يتحدث عن انتقال السلطة”.

وتمثل معركة نافالني مع بوتين اختبارًا مبكرًا للرئيس الأمريكي “جو بايدن” وفريقه للسياسة الخارجية، إذ دعت الإدارة الجديدة على الفور إلى إطلاق سراح نافالني، لكن “فولكوف” قال إن على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد، وتعمل مع الدول الأوروبية لتحديد وتجميد الأصول المملوكة لبوتين خارج روسيا. وقالت “جين ساكي”، السكرتيرة الصحفية لبايدن، إن بايدن ناقش قضية نافالني وقضايا أخرى مع بوتين في مكالمة هاتفية يوم الثلاثاء، غير أنها لم تقدّم تفاصيل.

وجرى الكشف عن منتجع بوتين الفخم المطل على البحر الأسود لأول مرة على يد أحد كاشفي الفساد يدعى “سيرجي كوليسنيكوف”، في رسالة مفتوحة إلى الرئيس آنذاك “ديمتري ميدفيديف”، والتي كشف عنها في مقال بتاريخ 23 ديسمبر 2010، حينها أوضح كوليسنيكوف أن المنتجع الفخم دفع ثمنه من مساهمات الأوليجارشية الروسية التي جمعها صديق أعمال بوتين في سانت بطرسبرج. وحُوِّلت الأموال عبر شركة توريد طبية يديرها كوليسنيكوف. وأخبرني أنه لمدة ثماني سنوات، قدم تقارير منتظمة لبوتين حول استثماراته، التي يديرها رجل الأعمال في سانت بطرسبرغ.

وفي الفيديو الجديد، أجرى نافالني مقابلة مع كوليسنيكوف، الذي أكد أمام الكاميرا القصة التي رواها لي قبل عشر سنوات، والمدهش أنه حتى بعد الكشف عن ملكية قصر البحر الأسود في ذلك الوقت، يُزعم أن أصدقاء بوتين استمروا في ضخ الأموال في المجمع. وقال نافالني إن قيمة المجمع تزيد عن مليار دولار، واصفًا إياه بأنه “أكبر رشوة في العالم”.

وباستخدام التصميمات المعمارية والفواتير ولقطات الطائرات بدون طيار والصور ثلاثية الأبعاد، يقدّم نافالني وصفًا لاذعًا مثيرًا للضحك للقصر الذي بُني من أجل متعة بوتين: بالإضافة إلى قاعة لعب القمار وحلبة الهوكي، يوجد به بار لتدخين الشيشة، ومنصة بها عمود لراقصات التعري، وحامل مناديل تواليت مزخرف تكلَّف أكثر من 1200 دولار.

ويصف نافالني أيضًا المبالغ المدفوعة لأسر امرأتين، كما يقول، تربطهما علاقة عاطفية ببوتين، المطلّق من زوجته “ليودميلا”. ويستشهد بأغنية شعبية روسية شهيرة يقول إنها تنطبق على بوتين: “ثلاث زوجات رائعات، ماذا يمكنك أن تقول، لكن من ناحية أخرى – لديّ ثلاث زوجات”.

هذا المزيج من السخرية والغضب السياسي هو الدافع لحركة نافالني، ويبدو أنه يعطيها صدى لدى الروس. وفي نفس الفيديو، اقتبس نافالني من الروائي ليو تولستوي: “تجمع الأشرار الذين سرقوا الناس معًا، وجنّدوا جنودًا وقضاة لحراسة العربدة، وهم يحتفلون”.

يقبع نافالني الآن في السجن، إلا أن كلماته في نهاية الفيديو تردد صداها في جميع أنحاء روسيا: “المستقبل في أيدينا.. لا تبقوا صامتين.. لا توافقوا على طاعة الأشرار المحتفلين”.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا