بول كروجمان يكتب لـ «نيويورك تايمز»: الخطة الاقتصادية للحزب الجمهوري إهانة للأمريكيين

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

قال عالم الاقتصاد الأمريكي ” بول كروجمان”، الحاصل على جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية لعام 2008، في مقال له نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”:

يقترح عشرة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ حزمة اقتصادية من المفترض أن تكون بديلًا لخطة الإنقاذ الأمريكية التي وضعها الرئيس “جو بايدن”، ومع هذا فالخطة المقترحة لا تمثل سوى ثلث حجم خطة بايدن، كما أنها ستؤدي إلى قطع الإغاثة الاقتصادية.

ولكن الجمهوريين يريدون من بايدن أن يستسلم لرغباتهم باسم الشراكة بين الحزبين، فهل يجب عليه ذلك؟

كلا، بل 1.9 تريليون كلا. لا يقتصر الأمر على الحزب الجمهوري، فالاقتراح غير ملائم على الإطلاق لدولة لا تزال تعاني من جائحة فيروس كورونا. وإضافة إلى ذلك، لقد فَقَدَ الجمهوريون بسلوكياتهم – ليس فقط خلال الأشهر القليلة الماضية ولكن بالعودة إلى عشرات السنين – أي حق في لعب ورقة الشراكة بين الحزبين، أو حتى الحصول على أي افتراض حسن النية.

حسنًا.. فلنبدأ بالجوهر

بأي مقياس، كان شهر يناير هو أسوأ شهر للجائحة حتى الآن، لقد توفي أكثر من 95 ألف أمريكي بكورونا، ولا تزال الحالات الموجودة في المستشفيات أعلى بكثير مما كانت عليه في الذروة السابقة. صحيح أن نهاية الكابوس لاحت أخيرًا في الأفق، وإذا سارت الأمور على ما يرام، فسيتم تطعيم عدد كبير من المواطنين في غضون هذا العام حتى نصل إلى مناعة القطيع، وعندها سيتلاشى الوباء ويمكن استئناف الحياة الطبيعية، ولكن من غير المرجح أن يحدث هذا قبل أواخر الصيف أو أوائل الخريف.

وفي غضون ذلك، سنضطر إلى البقاء في حالة إغلاق جزئي. على سبيل المثال، سيكون من الحماقة إعادة فتح المطاعم الداخلية بشكل واسع النطاق، رغم أن الإغلاق المستمر سيؤدي إلى الكثير من المصاعب المالية، حيث ستظل البطالة مرتفعة للغاية، وستكافح ملايين الشركات للبقاء راسخة على قدميها، فيما ستعاني حكومات الولايات والحكومات المحلية من ضائقة مالية شديدة.

ما نحتاجه إذن هو خطة إغاثة من الكوارث لانتشال الأمريكيين المنكوبين جرَّائها خلال الأشهر الصعبة المقبلة، وهذا ما ستعمل عليه خطة بايدن. لكن الجمهوريين يريدون انتزاع أحشاء هذه الخطة، فهم يسعون إلى تقليص المساعدات الإضافية للعاطلين، والأهم من ذلك، قطع تلك المساعدة في يونيو، قبل وقت طويل من إمكانية العودة إلى التوظيف الكامل، كما أنهم يريدون إلغاء مئات المليارات من المساعدات لحكومات الولايات والحكومات المحلية، ويريدون أيضًا إلغاء المساعدات للأطفال، وما إلى ذلك وهلمّ جرّا.

وهذا لا يعد عرض تسوية، إنه طلب لاستسلام شبه كامل. وستكون العواقب وخيمة إذا استسلم الديمقراطيون. لكن ماذا عن الشراكة بين الحزبين؟ كما قد يقول بايدن، “هيا يا رجل”.

بادئ ذي بدء، لا يحق لأي حزب أن يطالب بالحزبين في حين أن العديد من ممثليه لا يزالون لا يعترفون بأن بايدن فاز بشكل شرعي، وحتى أولئك الذين اعترفوا في نهاية المطاف بفوز بايدن ظلوا أسابيع يروّجون لمزاعم لا أساس لها من الصحة بأن الانتخابات قد سُرقت. والقول بأن الأمر سيكون “مثيرًا للانقسام” بالنسبة للديمقراطيين لتمرير مشروع قانون الإغاثة عن طريق تصويت خط الحزب، باستخدام المصالحة لتجاوز التعطيل، هو أيضًا قول جاء من حزب فَعَلَ ذلك بالضبط في عام 2017، عندما فرض تشريعًا لتخفيض الضرائب، والذي لم يكن، على عكس تشريع مواجهة الوباء، استجابة لأي أزمة واضحة، ولكنه كان ببساطة جزءًا من قائمة رغبات المحافظين.

وقد جرى تنفيذ هذا التخفيض الضريبي في مواجهة معارضة عامة واسعة: فقط 29٪ من الأمريكيين وافقوا على مشروع القانون، بينما 56٪ رفضوا. وعلى النقيض من ذلك، تحظى النقاط الرئيسية لخطة بايدن بشعبية كبيرة، حيث وافق 79٪ من الجمهور على فحوصات التحفيز الجديدة، فيما وافق 69٪ على كل من إعانات البطالة الموسعة والمساعدات لحكومات الولايات والحكومات المحلية.

لذلك عندما يحاول أحد الأحزاب اتباع سياسات تحظى بدعم شعبي ساحق بينما يقدّم الحزب الآخر معارضة شديدة الانقسام، فما هو بالضبط سبب الانقسام؟ انتظر، ليس هذا كل شيء، فهناك المزيد..

كان الجميع يعلم أن الجمهوريين، الذين توقفوا فجأة عن الاهتمام بالعجز عندما تولى “دونالد ترامب” منصبه، سيعيدون فجأة اكتشاف رعب الديون تحت حكم “جو بايدن”، وما لم أتوقعه حتى هو رؤيتهم يشتكون من أن خطة بايدن تقدّم الكثير من المساعدة للعائلات الثرية نسبيًّا.

مرة أخرى، لنعد إلى التخفيض الضريبي لعام 2017، فوفقًا لمركز السياسة الضريبية غير الحزبي، أعطى هذا القانون 79% من فوائده للأشخاص الذين يجنون أكثر من 100 ألف دولار سنويًّا. لقد أعطت أكثر للأمريكيين الذين يزيد دخلهم عن مليون دولار، 0.4% فقط من دافعي الضرائب، أكثر من الإعفاء الضريبي الإجمالي لأولئك الذين يعيشون على أقل من 75 ألف دولار في السنة، أي أغلبية السكان. والآن يدّعي الجمهوريون أنهم يهتمون بالعدالة والإنصاف؟

باختصار، كل شيء عن هذا العرض الجمهوري المضاد تفوح منه رائحة سوء النية، وهو نفس نوع “سوء النية” الذي يمارسه الحزب الجمهوري؛ حيث مارسه في عام 2009 عندما حاول عرقلة جهود الرئيس “باراك أوباما” لإنقاذ الاقتصاد بعد الأزمة المالية لعام 2008.

وللأسف، فقد فشل أوباما في فهم طبيعة معارضته، وخفف من سياساته في محاولة عبثية لكسب التأييد من الحزب الجمهوري، ولكن هذه المرة، يبدو أن الديمقراطيين يفهمون ما ستفعله (لوسي) بهذه اللعبة، ولن ينخدعوا مرة أخرى.

لذلك من الجيد أن يتحدث بايدن مع الجمهوريين ويسمع صوتهم، ولكن هل يجب عليه تقديم أي تنازلات جوهرية في محاولة لكسب تأييدهم؟ أم هل سيترك المفاوضات مع الجمهوريين تؤخر تمرير خطته للإنقاذ؟ بالطبع لا. عليه فقط أن ينفّذها.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا