الصحافة الفرنسية| لا تقارب حقيقي مع تركيا أردوغان.. وزيارة تاريخية لبابا الفاتيكان للعراق

شيماء مصطفى

ترجمة: فريق رؤية

مقاطعة الرياضيين قد تغير معطيات كأس العالم 2022

أثار تقرير صحيفة الجارديان حول الخسائر البشرية في أعمال بناء منشآت مونديال 2021 في قطر، ردود أفعال واسعة حول العالم. ففي ظل أجواء شديدة الحرارة، توفي أكثر من 6500 عامل مهاجر في مواقع البناء الخاصة ببطولة كأس العالم 2022، ووفقًا لمسح نشرته صحيفة الجارديان الشهر الماضي، يبلغ متوسط حالات الوفاة نحو 12 حالة أسبوعيًّا منذ أن جرى إسناد تنظيم البطولة إلى قطر في ديسمبر 2010.

وتنفي قطر بشدة كل هذه الاتهامات؛ فوفقًا لأرقامها الرسمية، قضى 37 مهاجرًا فقط من أصل مليوني عامل مهاجر أثناء هذه المهمة منذ ديسمبر 2010، وأضافت أن الوفيات الأخرى تعود إلى “أسباب طبيعية” من مشاكل في الجهاز التنفسي، أو قصور في القلب، أو حوادث سير، أو حالات انتحار. وحول هذا الموضوع أجرت صحيفة “ماريان” الفرنسية حوارًا مع كارول جوميز، المتخصصة في الجيوسياسة الرياضية بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية.

جريدة ماريان: بعد استقصاء جريدة الجاريادن الذي تحدث عن 6500 وفاة على الأقل.. هل تقاطع الدولة الفرنسية أو الدول الأخرى هذه البطولة؟

كارول جوميز: أثار منشور صحيفة الجارديان مرة أخرى ردود أفعال عنيفية ومستحقة؛ حيث نددت عدة منظمات غير حكومية بتردي حالة حقوق الإنسان والعمال؛ وجرت مناقشات كثيرة داخل الدول وفي الاتحادات الوطنية، وستستمر هذه المناقشات في حال تحدثت مقالات أخرى عن زيادة في هذه الأرقام. وكما كان الحال منذ عام 2010، فإن الدعوات إلى المقاطعة سوف تطفو على السطح من جديد؛ بل وستتضاعف أيضًا.

لكن، وكما هو الحال بالفعل، يبدو أن التشكيك الصريح في تنظيم الحدث غير مرجح. فبالرغم من أن هناك العديد من الدعوات إلى المقاطعة، كالتي رأيناها بعد إعلان إسناد كأس العالم لقطر في ديسمبر 2010، لا يبدو لي أن العديد من الدول قادرة أو عازمة على اتخاذ خطوة جريئة بهذا الصدد.

وقد استخدمت المقاطعة الرياضية بشكل خاص خلال النصف الثاني من القرن العشرين في حالتين محددتين، هما: الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والحرب الباردة. في الحالة الأولى، كان الأمر يتعلق بمعاقبة هذا البلد في إطار عدة جزاءات أخرى جرى توقيعها منذ مطلع الستينات في محاولة للتعجيل بانهيار نظام الفصل العنصري. وهذه الجزاءات، التي اتخذت تحت رعاية الأمم المتحدة، احترمتها جميع الدول على الساحة الدولية، ما أسهم – إلى جانب عناصر أخرى كثيرة – في عودة الديمقراطية إلى جنوب أفريقيا.

وفي سياق الحرب الباردة، فإن منطق التكتلات هو ما جعل هذه العقوبات مثيرة للاهتمام وذات تأثير. فالعقوبات لم تكن تتعلق بعدد قليل من الدول، ولكن في حالة مقاطعة موسكو ولوس أنجلوس كان الأمر يتعلق بنحو خمسين أو ثلاثين بلدًا، وهو أمر لا يستهان به من حيث الوحدات؛ “فإذا كنت وحيدًا في هذا الإجراء فلن تحقق هدفك وسيتسبب هذا الأمر في عزلك على الساحة الدولية“.

لكن في حالة قطر، لا يمكن لأي من المجتمع الدولي أو منطق الكتلة أن يسمح ببدء مقاطعة واستمرارها. وهذه هي خصوصية تلك العقوبة، وإذا كانت الدعوة إلى المقاطعة لا تكلف الكثير، فإن استخدام هذه العقوبة قد يكون في أفضل الأحوال غير فعال. وفي أسوأ الأحوال، قد يأتي بنتائج عكسية؛ لأن التأثير المنشود من المقاطعة هو إقامة توازن للقوى يسمح بنبذ دولة أو جهة فاعلة ما من خلال توجيه أصابع الاتهام إليها. لكن إذا قمت بهذه العملية بمفردك، فلن تصل إلى هدفك فحسب؛ بل ستسبب بعزلك على الساحة الدولية.

إذا لم تأت المقاطعة من الدول.. فهل يمكن أن تأتي من اللاعبين، مثلما فعل أنطوان جريزمان الذي تخلى عن أحد الرعاة تضامنًا مع أقلية الأويغور؟

في الواقع، في السنوات الأخيرة وخاصة في عام 2020، تغير الوضع إلى حد ما من حيث الأهمية السياسية التي يحظى بها الرياضيون والرياضات. فلطالما كان الرياضيون – ولا يزالون – يشار إليهم على أنهم رياضيون غير قادرين أو حتى ممنوعين من التعليق على القضايا السياسية التي تحملها الرياضة. ومن خلال مثال حركة “حياة السود تهم”، أو موقف أنطوان جريزمان من قضية الأويغور، يمكن بالفعل أن تتطور الأمور، لكن يجب علينا أن نظل حذرين للغاية بشأن مثل هذا السيناريو؛ حيث إنه لا يزال بعيدًا عن الحدوث.

لقد تغير الزمن وأصبح الرياضيون مسيسين بشكل أكبر، فهل هذا الأمر يعني ظهور قوة مضادة جديدة؟

تستند الحركة الرياضية منذ إنشائها الحديث إلى عدة أركان، بما في ذلك الركن الأساسي الخاص بالطبيعة غير السياسية للرياضة. فلما يقرب من قرن من الزمان، تمت معاقبة كل رياضي يتحدث عن قضايا سياسية أو دبلوماسية. ولا داعي للتذكر هنا باستبعاد العدائين الأمريكيين “تومي سميث” و”جون كارلوس” من دورة ألعاب المكسيك، أو لاعب الوسط الأمريكي “كولين كايبرنيك” الذي لم يجد ناديًا منذ عام 2016 بعد أن احتج على عنف الشرطة.

ومع ذلك، فإن الأمور تتغير اليوم، حيث تتعرض القاعدة 50 من الميثاق الأولمبي، التي تعد حجر الزاوية لهذه اللامبالاة المزعومة، للهجوم والطعن من قبل عدد متزايد من الرياضيين. وعلى هذا النحو، ينبغي بالتالي متابعة المناقشات حول هذا الموضوع عن كثب في الأشهر المقبلة.

إلى أي مدى تستغل قطر هذا الحدث لبسط قوتها الناعمة؟

لا شك أن استضافة كأس العالم لكرة القدم للرجال عام 2022 يمثل لحظة مهمة بالنسبة لدبلوماسية الدوحة الرياضية. فقبل عام 2010، لم يكن بمقدور الكثيرين تقديم معلومات عنها بخلاف أنها متخصصة في إنتاج الغاز أو أنها تنتمي لشبه الجزيرة العربية. واليوم، لم يعد بالإمكان عدم ذكر الدوحة بفضل رعايات الخطوط الجوية القطرية، أو قناة “بي إن سبوت” الخاصة بها، أو نادي باريس سان جيرمان الذي تمتلكه، أو أكاديمية أسباير الموجودة على أراضيها. هذه الإمارة الصغيرة تمتلك أهدافًا عديدة وهي: أن تكون على الساحة الدولية بفضل الرياضة، وتأكيد سيادتها في البيئات السياسية والدبلوماسية، وحتى العسكرية، بالإضافة إلى تنويع مواردها الاقتصادية، لأننا نعلم أن احتياطيات الدوحة من الطاقة غير متجددة.

في ظل السلطة الحالية.. لا تقارب حقيقي مع تركيا

وعلى صعيد العلاقات الفرنسية التركية التي تتسم بالتوتر منذ فترة، أجرت جريدة لوفيجاروا حوارًا مع كريستيان ماكاريان، الكاتب الصحفي المتخصص في السياسة الدولية، لمحاولة تحليل إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رغبته في التعاون من فرنسا في مجال مكافحة الإرهاب، وإبداء رغبته في التقارب.. فهل نحن أمام رغبة صادقة أم أنها استراتيجية رئيس لا يزال يمارس لعبة الازدواجية؟ .. وإلى أبرز ما جاء في الحوار:

ما الذي يحاول أردوغان تحقيقه في مواجهة أوروبا وفرنسا؟

يقوم الخط الذي يتبعه رجب طيب أردوغان على الملاحظة أكثر مما يقوم على التفسير. ويكفي تلخيص موقفه خلال العام الماضي لفهم إلى أي مدى يعامل محاوريه الأوروبيين على أنهم ممثلون غير قادرين على ترويضه؛ ويستغل خلافاتهم ويتدخل فيها ويشق طريقه بلا خجل عبر شقوق الاتحاد الأوروبي.

ومن وجهة النظر هذه، نجد أن أردغاون عثماني بامتياز؛ وعلينا أن نعرف التاريخ لنعرف إلى أي مدى اعتمد الباب العالي على مر القرون مبدأ الازدواجية في مهاراته. ودعونا نضيف، أن من المهم جدًّا بالنسبة لشخص إسلاموي، اتباع الحيلة في التعامل مع الكفار التي أوصى بها القرآن والعديد من الأحاديث. وفي ضوء هذا الواجب الشرعي، يبدو أردوغان فاضلًا عندما يفكر في خداع الغربيين.

وهذا بالطبع لا يمنعه من مد يده ووعائه إلى أوروبا بقدر ما يستطيع. فتاريخيًّا، تعلمت جميع الشعوب المسيحية التي عانت أغلال الحكم التركي ومجازره الدينية أن تكون حذرة للغاية عند التعامل من هذا الماكر الدائم، لا سيما عندما تتغير لهجته من التهديد إلى اللطف.

في ظل الوضع الاقتصادي والصحي المقلق في تركيا.. هل يشعر أردوغان أن سلطته مهددة؟

من خلال تهدئة حدة نبرته الآن، يترك أردوغان انطباعًا خاطئًا بأنه مستعد للتراجع، أو على الأقل لتقديم تنازلات. لكن هذا ليس هو الحال بسبب السياق السياسي الداخلي المتوتر للغاية، فالتحالف الذي عقده في عام 2018 مع القوميين في حزب الحركة القومية تابع عن كثب الرئاسة المستأثرة بالحكم التي أنشأها الاستفتاء الدستوري لعام 2017 والتي كرثت النظام الشامل عبر إزالة منصب رئيس الوزراء. وهذا المزيج من الاهتمام، الذي صاحبته توسعية كلية، بات الآن يعاني من أزمة حيث تكبد حزب العدالة والتنمية الرئاسي هزائم ثقيلة في الانتخابات البلدية لعام 2019.

ولذلك، فإن السبيل الوحيد للنجاة الذي اختاره أردوغان هو زيادة تصلب النظام والقمع بشكل متزايد ضد وسائل الإعلام والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، والشبكات الاجتماعية، والمنظمات غير الحكومية والهيئات الوسيطة. وما رأيناه من ثورة طلاب جامعة البوسفور ضد تعيين رئيس للجامعة تابع تمامًا للسلطة هو أن المشروع الإسلامي المتمثل في شخص أردوغان الطاغية لا يتوافق مع التطور الحقيقي لجزء من جيل الشباب التركي، أو مع البرجوازية الحداثية في المدن الكبرى.

هل تستطيع فرنسا وأوروبا استغلال هذا الموقف التركي لكسب تنازلات؟

في الواقع، لا توجد فرصة لتقارب حقيقي مع تركيا ما دام يرأسها نظام السلطة الحالي. ومن الضروري ألا يتم الخلط بين تركيا أردوغان وتركيا الدولة، فمجمل تركيا يشير إلى أوروبا باعتبار القضية الأساسية لقيمها التي تقوم عليها. وبحجة أن الاتحاد يحتاج إلى تركيا، وهي حقيقة تتجاوز قضية المهاجرين، فهل ينبغي على “الأجندة الإيجابية” الشهيرة التي ذكرها أردوغان أن تتجاهل احترام حقوق الإنسان، والانتهاك التام، أو المغامرة العسكرية التي تمارسها بلاده على حساب دول الاتحاد الأوروبي مثل اليونان أو قبرص؟

السذاجة ليس مسموح بها. ويتعين على الاتحاد الأوروبي أن يساعد تركيا على إيواء المهاجرين على أراضيها، وهذه حقيقة واقعة. وهذا الأمر لا يمكن لها أن يكون أداة ابتزاز في المفاوضات للتغطية على التدابير الأخرى المناهضة للديمقراطية والتي تتعارض تمامًا مع مبادئ أوروبا.

ولا شك في أن أردوغان سيحاول في المجلس الأوروبي في المنتظر نهاية مارس الجاري، لعب دور في إعادة العلاقات، من خلال زيارة طلب إلى تركيا على سبيل المثال. ولكن سيكون من الواضح التمييز بين مطالب أنقرة المشروعة (للتبادلات الاقتصادية على سبيل المثال) والمطالب المهووسة لنظام أردوغان الشخصي.

يتمتع الرئيس التركى بنفوذ كبير على الجالية التركية في فرنسا.. هل يمكنه استخدامها لابتزاز فرنسا؟

يخشى البعض من أن الرئيس التركي قد يكون لا يزال قادرًا على استخدام أدواته القوية التي يملكها داخل الإسلام في فرنسا وألمانيا بشكل خاص. ومن هنا ننسى أن أوروبا أصبحت أيضًا مع مرور سنوات من القمع، مركز قوى المعارضة من مفكرين ومحامين وجهات اجتماعية فاعلة في المنفى، ترفض استغلال أردوغان لتركيا في تحقيق مصلحته فقط.

ما تحديات زيارة بابا الفاتيكان التاريخية إلى العراق؟

وفي سياق آخر، تساءل موقع “إر تي إل” عن أهداف زيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الرسمية إلى دولة العراق، حيث وصل البابا يوم الجمعة الماضية إلى العراق في رحلة تاريخية، وهذا الزيارة التي كان يهتم بها الحبر السيادي، ويتحدث عنها منذ أكثر من 6 سنوات. ففي عام 2014، وبمجرد أن غزت داعش شمال العراق، أعلن البابا أنه يريد الذهاب إلى هناك ودعم المسيحيين الذين أُجبروا على الفرار من سهل نينوى والذهاب إلى المنفى الشرقي في أربيل عند أكراد العراق.

ولأسباب أمنية، لم يكن ذلك ممكنًا، وتوجب الانتظار. وبعدما سقط تنظيم داعش الإرهابي، قرر البابا منح 200 ألف يورو للمساعدة في إعادة البناء من خلال بيع سيارة فاخرة كان قد أُهديت له. واليوم، بات بإمكانه أخيرًا الذهاب إلى أولئك الذين عانوا كثيرًا. وبهذه الزيارة، يكون البابا فرنسيس أول بابا يحتفل بالقداس في الطقوس الشرقية بالكلدانية، وهي لغة قريبة من الآرامية التي تحدّث بها يسوع، لكن الأمر لا يتعلق بمخاطبة الأقلية المسيحية الصغيرة فقط، فالبابا قادم للتحدث مع كل العراقيين ومخاطبتهم بعبارة: “أنتم جميعًا إخوة” وهذا هو شعار رحلته.

تشجيع الحوار بين الأديان

واختار فرنسيس مكانًا رمزيًّا جدًّا للصلاة مع ممثلي الديانات الأخرى وهو: مدينة أور، جنوب بغداد. وفي الكلدانية أور هي المكان حيث ولد النبي إبراهيم حسب التقليد. وإبراهيم: هو البطريرك الأول، والجد المشترك، المعترف به من قبل اليهود والمسيحيين والمسلمين. ويقال إن نسله بلغ عدد النجوم في السماء.

وفي أور نجد أنفسنا في مهد الديانات التوحيدية الثلاث، وسيجتمع حول البابا جميع الممثلين الدينيين للعراق: مسلمون من الشيعة والسنة، وطوائف مسيحية، وأقليات دينية أخرى مثل الصابئة أو اليزيديين وكل الطوائف التي تشكل الفسيفساء العراقية كلها.

إنه اجتماع لتشجيع الحوار بين الأديان، وحوار المصالحة، ثم العمل معًا من أجل إعادة إعمار البلاد، لكنهم سيبدأون بالصلاة معًا، وستكون هناك شهادات وأناشيد وقراءات من الكتاب المقدس والقرآن. يقول البابا: “لقد جئت كحاج سلام وأمل”. وكان هذا أيضًا ما أراده يوحنا بولس الثاني عام 2000 عندما أعلن عن رغبته في الذهاب إلى العراق للدعوة إلى السلام في أور، لكن صدام حسين عارض ذلك.

يد ممتدة إلى الشيعة

وسيلتقي البابا وجهًا لوجه مع الزعيم الروحي للمسلمين الشيعة العراقيين، آية الله السيستاني حيث يفوق عدد الشيعة عدد السنة في العراق على العكس من باقي العالم الإسلامي. ويعدّ آية الله السيستاني أهم شخصية شيعية في العراق، ويتم تقديمه على أنه معتدل، ويتحدث خطابه لصالح التعايش السلمي بين الأديان. وبالرغم من أنه لم يتلق سوى القليل، لكنه رحب باستقبال البابا فرنسيس في منزله في النجف، المدينة المقدسة لدى الشيعة والمكان الذي يوجد فيه قبر الإمام علي، الذي يعتبره الشيعة خليفة للنبي محمد. ووفقًا للفاتيكان فإن هذه الزيارة تأتي بهدف المجاملة.

وبعد أن مد البابا فرنسيس يده للتعاون مع السنة، يفعل الآن الأمر نفسه مع الشيعة. فقد وقّع بالفعل مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر في مصر إعلانًا مشتركًا حول الأخوة الإنسانية، لكنها تطلبت عدة اجتماعات في روما والقاهرة وأبو ظبي. ومن المحتمل أن يستغرق الأمر بعض الوقت مع الشيعة أيضًا؛ فالبابا رجل عنيد، يتحدث عن رحلته إلى العراق منذ 6 سنوات.

رحلة البابا إلى العراق.. محفوفة بالمخاطر لكنها مليئة بالأمل

وفي السياق ذاته، استعرض موقع “فرانس إنفو” الإخباري المخاطر المحيطة بزيارة البابا للعراق. ففي رحلة وصفها الكثيرون بالتاريخية، يزور البابا العراق من الجمعة 5 مارس إلى الاثنين 8 مارس. وفي التاريخ، حيث لم يسبق أن زار بابا للفاتيكان بلد به كل هذه الأزمات.

وإذا كانت هذه الرحلة بلا شك واحدة من أخطر الرحلات التي قام بها البابا، لكنه أراد بكل إصرار المجيء، وفقًا للكاردينال لويس رافائيل ساكو، بطريرك الكلدان (غالبية المسيحيين في العراق) الذي قام بكل شيء للترحيب بالبابا في بلاده، وأكد أن “البابا أبدى استعداده للمجيء إلى العراق عدة مرات وأصر في الآونة الأخيرة! واليوم قرر هذا بحماس كبير، لأن العراق مهم بالنسبة له. إنه مهد الحضارة القديمة والمسيحيون فيه عانوا الكثير“.

الكنيسة يجب أن تكون في المكان حيث يوجد المعاناة والمتاعب

حتى الصواريخ العشرة التي أطلقت على قاعدة أمريكية على بعد 250 كلم غرب بغداد، قبل يومين من الرحلة البابوية والتي تسببت في مقتل مدني أمريكي، لا تقلق الكاردينال فرناندو فيلوني، السفير السابق للكرسي الرسولي في العراق بين عامي 2001 و2006، حيث يقول: “لا يمكننا أن نعتقد أن القديس الأب لا يزور بلد ما إلا عندما يكون في سلام وهدوء، فالكنيسة يجب أن تكون في المكان حيث المعاناة والمتاعب، ولا شك أن الدولة العراقية قد اتخذت كافة الإجراءات الممكنة لضمان أمن الجميع!”.

زيارة مؤمنة للغاية ولكنها محفوفة بالمخاطر

ويعدّ الجيش العراقي هو المسئول فعلًا عن سلامة الرحلة. وهو معروف بقواته المناهضة للإرهاب وتضطلع بدورها بشكل كامل. وحتى لو لم يترك درك الفاتيكان والعديد من الحراس السويسريين البابا لكنه لن يتحرك في عربة مفتوحة مفتوحة لتحية العراقيين، ولكن في سيارة مصفحة ومغلقة خلافا لعاداته. وسيحلق بطائرة هليكوبتر فوق المناطق التي لا يزال يقبع فيها إرهابيو داعش، ولا سيما في شمال العراق.

ووفقًا للمونسنيور باسكال غولنيش، المدير العام لمؤسسة لوفر دورين “l’Oeuvre d’Orient” في باريس، التي تعمل على تقديم مساعدة مسيحيي فرنسا إلى مسيحيي الشرق والذي سيكون ضمن الوفد المسافر، تظل هذه الزيارة المؤمنة للغاية محفوفة بالمخاطر. ويقول: “أعتقد أن هناك خطرًا ليس كبيرًا على سلامة البابا، لأنه بمجرد مغادرته، يعلم جيدًا أن سلامته معرّضة للخطر، ويمكن للمرء أن يتخيل أن البابا قد يستهدف بهجوم في سان بيير دي روما! لكن المشكلة تكمن في أنه بمناسبة زيارة البابا، لن يكون هناك احتمالية لأي هجوم يمكن تنفيذه في أي مكان في البلاد احتجاجًا على قدومه، وسيكون من الصعب للغاية السيطرة على هذا الأمر!”.

الوباء عامل خطر إضافي

وهناك أيضًا خطر صحي حتى لو كان الاحتواء وحظر التجول قد فُرضا في الآونة الأخيرة في العراق. فالمستشفيات غير مجهزة لتقديم الرعاية المناسبة للمرضى وعدد حالات الإصابة بكوفيد-19، بسبب السلالة الإنجليزية على وجه الخصوص، آخذ في الازدياد. وبالرغم من أنه من الصعب جدًّا الوثوق بالأرقام، لكن الأخ الدومينيكاني أمير جاجي العراقي المتواجد على الأرض للتحضير لرحلة البابا يقول: “رسميًّا لا توجد حالات كثيرة. ولكن في العراق ليس لدينا الكثير من الاختبارات والأرقام الحقيقة ليست موثوقة بشكل كبير. ولذلك فإن الحالة الصحية تثير عددًا من الشكوك. وفيما يخص البابا، فلا داعي للقلق، لأن الجميع سيكونون دائمًا حذرين للغاية ولأنه قد تم تطعيمه بالفعل. وأعتقد أنه لا يوجد خطر عليه بل على الآخرين“.

وبسبب صعوبة احتواء الحشود، من المفترض أن يتجاوز التجمع في استاد أربيل عدة آلاف من الأشخاص، حيث من المتوقع وجود نحو 10 آلآف عراقي لمحاولة تحية البابا على الطريق، وخاصة في قرقوش، حيث سيلتقي البابا الجالية المسيحية أمام كنيسة “الحبل بلا دنس”. ومع ذلك، فإن الكثير من سكان العراق سيكونون أقل عرضة للخطر من العديد من الغربيين، حيث إن نصف العراقيين تقل أعمارهم عن 20 عامًا.

ربما يعجبك أيضا