مؤسسة جايمس تاون| لواء «فاطميون» الشيعي.. ميليشيا إيران بالوكالة في أفغانستان

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

في ديسمبر 2020، عرض وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” على الحكومة الأفغانية استخدام الميليشيا الشيعية المدعومة من إيران، والتي يطلق عليها اسم “لواء فاطميون”، لمحاربة تنظيم داعش في خراسان في أفغانستان. وفي مقابلة مع صحيفة “طلوع نيوز” الأفغانية، الصادرة باللغة الإنجليزية، وصف ظريف قوات “فاطميون” بأنها “أفضل القوات لمحاربة تنظيم داعش”، وقال إن إيران “مستعدة لمساعدة الحكومة الأفغانية على إعادة تجميع هذه القوات تحت قيادة الجيش الوطني الأفغاني لمكافحة الإرهاب”. وأضاف ظريف أن إيران كانت “تدعم” فاطميون في سوريا، غير أن الرئيس السوري “بشار الأسد” هو الذي “يتخذ القرارات العملياتية وينفذها”. وبالمثل، في أفغانستان، قال ظريف إن إيران “مستعدة لدعم” فاطميون “تحت قيادة الحكومة الأفغانية” (طلوع نيوز، 21 ديسمبر 2020).

لواء “فاطميون” يقاتل لصالح إيران

ووفقًا للصحافي الأفغاني الشهير “سامي يوسفزاي”، فإن لواء فاطميون “نشط جدًّا بالفعل في أفغانستان ويتوسع نفوذه في المناطق الشيعية”. وهو ما سيكون تداعيات خطيرة على الصراع في أفغانستان؛ لأنه سيخلق بُعدًا طائفيًّا جديدًا. وهو ما يصبح تهديدًا كبيرًا، ليس فقط لأمن أفغانستان، ولكن أيضًا لأمن المنطقة، ويمكن أن يعمّق مشاركة الدول والميليشيات السنية والشيعية في البلاد.

ويجنّد الحرس الثوري الإيراني لواء فاطميون وتسليحه وتدريبه. وقد نُشِرَ لواء “فاطميون” في سوريا منذ عام 2013 وقاتل إلى جانب قوات الأسد ضد ميليشيات المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة في المقام الأول، ثم تنظيم داعش الإرهابي. ومقاتلو لواء “فاطميون” هم بالأساس من الهزارة الشيعة الأفغان. وبينما قَدِمَ بعضهم من أفغانستان للقتال في سوريا، يتم تجنيد الغالبية من المهاجرين الأفغان واللاجئين الموجودين في إيران. وفي ذروة الحرب الأهلية السورية، كان مقاتلو “فاطميون” يتألفون من حوالي 20 ألف عنصر. ويُقال إن اللواء قد أرسل نحو 50 ألف مقاتل في صفوفه إلى الصراع السوري على مدار السنوات العشر الماضية (طلوع نيوز، 7 فبراير).

وتختفي الأهداف الجيوسياسية لهذا اللواء وراء استراتيجية إيران القديمة في تسليح وتدريب ونشر الميليشيات الشيعية في مناطق الصراع المختلفة، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن. وفي سوريا، كان هدف إيران من انتشار مقاتلي فاطميون دعم حكومة الأسد، الحليف الإيراني، ضد محاولات الولايات المتحدة إسقاطها (العربية نيوز، 22 سبتمبر 2016). وبعد أن عززت سيطرة الأسد على السلطة ومع انتهاء الصراع السوري، عادت هذه الميليشيات من سوريا إلى إيران. ومع ذلك، لم ينتهِ استخدام إيران للواء فاطميون، حيث يمكن لطهران الآن استخدام اللواء في دول الخليج الأخرى، مثل البحرين، واليمن، بالإضافة إلى أفغانستان (سلام تايمز، 23 أبريل 2019؛ ميدل إيست آي، 26 سبتمبر 2020).

ما دور فاطميون في أفغانستان؟

تصاعدت المخاوف من أن يوجه “فاطميون” أسلحته نحو أفغانستان في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة لقائد الحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” في 3 يناير 2020 في العراق. وساد الاعتقاد بأن إيران سترد على الولايات المتحدة بتعبئة “فاطميون” لاستهداف المصالح الأمريكية في أفغانستان حيث كان يتمركز في تلك المرحلة قرابة 13 ألف جندي أمريكي (موقع غندارا الأفغاني الباكستاني، 7 فبراير 2020). وعلى الرغم من أن هذا السيناريو لم يتكشف في النهاية، إلا أن المخاوف بشأن احتمال استخدام إيران لهذه الميليشيا في أفغانستان لا تزال قائمة. في الواقع، لقد أثارت تعليقات ظريف المزيد من هذه المخاوف، لا سيما في سياق بقاء القوات الأمريكية على الأرجح في أفغانستان والوضع الأمني المتدهور هناك (وكالة باجهوك الأفغانية، 19 مارس).

وتتفاوض الحكومة الإيرانية مع طالبان بهدف حماية مصالحها في حال شكلت طالبان الحكومة في كابول، أو أصبحت جزءًا منها. ومع ذلك، إذا عادت حركة طالبان إلى معادتها لإيران كما في كان الوضع في الماضي، فإن طهران ستكون حريصة على أن يكون لها موقف احتياطي. وإضافة إلى ذلك، فإن إيران “قلقة” من “تقارب” طالبان من الولايات المتحدة. وبحسب “سامي يوسفزاي”، فهي “لا تريد أن تكون غير مستعدة”. ويبدو أن لواء “فاطميون” سيكون ميزة مفيدة لإيران في هذا السياق، فإذا ظهر كقوة منظمة في أفغانستان، فسيؤدي ذلك إلى تعقيد الصراع المعقد بالفعل في البلاد، فالصراع الأفغاني هو إلى حد كبير نزاع عرقي، حيث يظهر مقاتلو طالبان بقيادة البشتون مقابل الطاجيك، من بين آخرين، ولكن هناك خطر من تحول الصراع إلى طائفي، حيث يرفع لواء “فاطميون” الشيعي أسلحته في وجه ولاية خراسان الإسلامية السلفية السنية وطالبان السنية الديوباندية، وهو ما سيؤدي إلى أن تصبح أفغانستان منطقة حرب سنية شيعية؛ ما سيجذب القوات والميليشيات المدعومة من إيران والسعودية وقوى خليجية أخرى.

والهزارة، وهم ثالث أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان، ويمثلون ما بين 10 و15% من سكان أفغانستان ذات الأغلبية السنية، وهم من الشيعة وعانوا من الاضطهاد لعدة قرون. فقد قُتل آلاف الهزارة تحت حكم طالبان وفي السنوات الأخيرة على يد تنظيم داعش في خراسان الذي استهدف أفرادها بشكل متكرر (غندهارا، 16 نوفمبر 2018)، وفي عام 2020 نفّذ تنظيم داعش في خراسان عدة عمليات انتحارية وتفجيرات في أحياء ذات أغلبية شيعية من الهزارة في كابول ومدن أخرى (الهند اليوم، 24 أكتوبر 2020).

ولأن الهزارة لا يزالون غير آمنين وغاضبين، فإن الفقر واليأس وانعدام الأمن في أفغانستان دفعوا العديد من الهزارة إلى الفرار إلى إيران. وهذه الأسباب نفسها هي التي دفعت شبابهم للانضمام إلى صفوف “فاطميون” في سوريا (سلام تايمز، 13 مارس 2020؛ ديارنا، 25 ديسمبر 2020). ويعود الآلاف من مقاتلي “فاطميون” الآن إلى أفغانستان، ولا يزالون فقراء وعاطلين عن العمل وغير آمنين. والأهم من ذلك، أنهم أصبحوا الآن قساة في المعركة، وربما لا يكرهون حمل السلاح مرة أخرى، وهذه المرة فقط في أفغانستان. ووفقًا لـ “رحمة الله نبيل”، الرئيس السابق لوكالة المخابرات الرئيسية في أفغانستان والمديرية الوطنية للأمن، فقد عاد نحو 2500 إلى 3000 مقاتل من لواء “فاطميون” إلى أفغانستان. وأضاف قائلاً: “في هذه المرحلة يبدو أنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بتشكيل تهديد مباشر للأمن القومي لأفغانستان… [لأنهم] ليسوا منظمين مع أنهم منتشرون في أجزاء مختلفة من البلاد.” ورغم ذلك فقد يشكلون تهديدًا في حال “إنشاء قيادة مركزية” لهم (غندهارا، 7 فبراير 2020).

 تحذير ظريف

ومع عرض ظريف لدعم “فاطميون” لأفغانستان في محاربة تنظيم داعش في خراسان، أرسل وزير الخارجية الإيراني “رسالة واضحة” بشأن مدى “انخراط إيران بنشاط في أفغانستان”، وفقًا لـ “سامي يوسفزاي”. والرسالة لا تستهدف الحكومة الأفغانية فحسب؛ بل تستهدف أيضًا طالبان والولايات المتحدة في حال تهديد المصالح الإيرانية في أفغانستان، فإن طهران مستعدة لإطلاق يد “فاطميون” في دولة أفغانستان المجاورة التي مزقتها الحرب.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا