الصحافة الألمانية| خيبة أمل للمعارضة التركية بسبب الاتحاد الأوروبي.. وقناة السويس شريان حياة للعالم

مترجمو رؤية

رؤية

ترجمة: فريق رؤية

الحرب الحتمية مع النظام الإيراني

نشر موقع “أي بي جي” الألماني تقريرًا للخبيرة “سنام وكيل”، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز أبحاث “تشاتام هاوس” بالمملكة المتحدة، حيث لفت التقرير إلى آراء الخبراء في العالم ومنطقة الشرق الأوسط حول الملف الإيراني في ظل المعطيات الحالية، وكيفية تأمين دول الجوار في ظل استمرار النفوذ الإيراني ومحاولة استئناف تطوير السلاح النووي والصواريخ الباليستية.

ويتطلب الاستقرار في الشرق الأوسط عقد صفقة جديدة مع إيران، ولكي تكون الولايات المتحدة جزءًا من الحل، فيجب على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يقتحم عددًا من الإشكاليات المعروفة، كإصرار إيران على تطوير برنامجها النووي وترسانة صواريخها الباليستية، وتدخلها في العديد من مناطق الصراع في الشرق الأوسط، سواء بالوكالة أم عن طريق التدخل المباشر، وسيظل البرنامج النووي هو القضية الأكثر إلحاحًا التي يتعين على إدارة بايدن التعامل معها.

 ومنذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018 وزيادة الضغط على طهران من خلال العقوبات، بدأت الحكومة الإيرانية في الإسراع في تطوير برنامجها النووي، وترغب الإدارة الأمريكية الجديدة في إعادة الاتفاق النووي، لكن طهران تشترط في المقابل رفع العقوبات الأمريكية كشرط لاستئناف المفاوضات، ومع ذلك فإن هذا الأمر ليس سهلًا، حيث تخشى كلٌّ من إسرائيل ودول الخليج من فقدان واشنطن لنفوذها على إيران إذا وافقت على شروط الأخيرة؛ ومن ثمّ يطالبون البيت الأبيض بإعادة التفاوض فقط حال استعداد طهران تقديم تنازلات بشأن القضايا العالقة.

 ولكي يمكن إعادة الاتفاق النووي، يجب تأمينه ضد الاضطرابات السياسية المستقبلية ومعالجة نقاط الضعف في الاتفاقية السابقة، والتي لا تقتصر فقط على الشروط الخاصة بآلية “سناب باك” للعقوبات، ولكن أيضًا تشمل المشكلات التي لم يشملها الاتفاق السابق، مثل برنامج الصواريخ الإيرانية وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة؛ فبدون خطة استراتيجية للمنطقة بأكملها، ستظل سياسة بايدن تجاه إيران والمنطقة غير قادرة على مواجهة مقاومة المعارضين السياسيين للأحزاب في واشنطن وشركائها في الشرق الأوسط، لا سيما الدول المجاورة لإيران والتي تريد من الإدارة الأمريكية مواجهة التوترات الإقليمية المتصاعدة ومنع طهران من تأجيج الأزمات في المنطقة، والتي لم ينجح ترامب في تحقيقها عن طريق استراتيجيته “الضغط الأقصى”.

لكن كيف يمكن للولايات المتحدة أن تكبح جماح طهران لوقف التوترات في المنطقة؟

وقد حاولنا الإجابة على هذا التساؤل من خلال مقابلات أجريناها مع 210 من صانعي السياسات والخبراء الحاليين والسابقين في 15 دولة، بما في ذلك الدول الموقّعة على الاتفاق النووي مع إيران مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وكذلك الدول المشاركة في الصراعات الحالية في الشرق الأوسط، مثل إسرائيل وإيران وفلسطين وسوريا ولبنان واليمن والعراق والسعودية والإمارات.

هذه المقابلات تمت في الفترة من يوليو إلى نوفمبر 2020 ودار معظمها حول أفضل السبل للتعامل مع النزاعات في الشرق الأوسط وكيفية حلها، وعن المشاكل والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، وكيفية تأثر المنطقة بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأسباب التوترات التي يرونها في المنطقة، ودور إيران في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن.

وأجمع الخبراء والسياسيون على أن حل النزاعات في المنطقة لن يتم فقط عن طريق الحوار المباشر مع إيران وحدها، كما يرون أن طهران لن تتخلى عن دعم المليشيات الموالية لها أو أنها ستوقف برنامجها للصواريخ الباليستية دون ضغط، وأن الطريقة الأفضل لحل النزاعات هي التعامل مع النزاعات الإقليمية بشكل فردي، وبالتوازي من خلال المفاوضات متعددة الأطراف بين الجهات الفاعلة ذات الصلة، وبهذه الطريقة يمكن معالجة ملفات مثل الميليشيات والصواريخ مع طهران بأسلوب متعدد الجوانب ومشترك.

وعن الطريقة المثلى لاستعادة الاستقرار للمنطقة؛ أيد نحو45٪ استئناف اتفاقية البرنامج النووي الإيراني لعام 2015 معللين ذلك بأن العودة إلى الاتفاق يمكن أن تساعد في إحياء التعاون عبر الأطلسي ووقف برنامج إيران النووي وبناء الثقة بين طهران وواشنطن، بالإضافة إلى ذلك فإن إحياء الاتفاق من شأنه أن يخفّف التوترات في دول مثل العراق، المحاصرة بين أقصى ضغط من واشنطن وأقصى مقاومة من طهران.

وشدّد معظم الخبراء على ضرورة توفر استراتيجية واضحة للولايات المتحدة تعالج من خلالها نقاط الضعف التي اعترت الاتفاقية السابقة، وخاصة موضوع النفوذ الإيراني الذي ازداد بشكل ملحوظ بعد الاتفاق النووي عام 2015، وإذا ما ضمنت الحكومة الأمريكية أقصى قدر من الاستمرارية في هذه العملية وأقصى قدر من التنسيق مع شركائها في المنطقة، فيمكنها تهدئة مخاوف المعارضة في الكونجرس والجهات الفاعلة في المنطقة؛ فهذا هو النهج الذي يمكن من خلاله أن تتجنب إدارة بايدن الوقوع في أخطاء الماضي، ومن ثم فيجب أن تشارك جميع الأطراف المتنازعة في هذه العملية.

 ويمكن تقديم حوافز لإيران من خلال تخفيف العقوبات أو تقديم الاستثمارات في مقابل جمع جميع الأطراف المشاركة في الحرب في اليمن، بما في ذلك إيران، إلى طاولة واحدة كخطوة أولى، ثم لا بد من بدء حوار بين دول الخليج من أجل تعزيز الثقة والتعاون وتعزيز آليات تسوية المنازعات من أجل تقليص النفوذ الإيراني، ومن المهم أيضًا استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين والتعامل مع الصراع في سوريا.

 ويخشى الخبراء من أن يؤدي التقلب في موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط إلى حالة من عدم اليقين وإضعاف الأمن في المنطقة، وصرح نسبة 33% منهم بأن السياسة الأمريكية غير المتسقة في المنطقة من شأنها أن تجعل المنطقة أكثر خطورة، وتبنى هذا الرأي 57٪ من العراقيين و50٪ من الإماراتيين و45٪ من السعوديين، ولم يكن من المستغرب أن يرى حوالي 30٪ فقط من الإيرانيين و23٪ من الإسرائيليين أن الولايات المتحدة هي قوة استقرار في المنطقة، في حين يرى 50٪ من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أن الولايات المتحدة يجب أن تلعب دورًا حاسمًا كوسيط في النهج متعدد الجوانب.

 وتشير النتائج إلى أن إدارة بايدن لديها فرصة لتغيير الوضع في الشرق الأوسط، خاصة بعد مرحلة ترامب، وقد تتحول فترة ولاية بايدن إلى حقبة من المشاركة متعددة الأطراف واستقرار الصراع، حيث تساعد الولايات المتحدة دول الشرق الأوسط على حل النزاعات في المنطقة تدريجيًّا، لا سيما تلك التي تورطت فيها إيران، وعلى المدى البعيد يمكن لمثل هذه العملية أن تخلق الأساس للاستقرار والاستعداد الإقليمي للحوار.

قناة السويس.. شريان الحياة لأوروبا والعالم

نشر موقع “فيرتشافتسفوخا”حوارًا مع خبير الأمن البحري السيد “يوهانس بيترز”، حيث لفت إلى أهمية الممر الملاحي لقناة السويس وكيفية إدارة الأزمة الأخيرة الخاصة بالسفينة إيفر جيفن والتي أدت إلى إغلاق أهم ممر تجاري لأوروبا والعالم، وقد كان هذا الممر في السابق سببًا لاندلاع الحروب، وسبق وأن احتجزت سفن كرهائن.. فهل يوجد بديل حقيقي لقناة السويس؟ وإلى أهم ما جاء في الحوار:

سفينة حاويات تغلق قناة السويس لعدة أيام.. ما مدى تأثير ذلك على التجارة العالمية؟

يوهانس بيترز: غلق القناة أثر علينا نحن الأوروبيين بشكل خاص، حيث تعدّ قناة السويس بالنسبة لأوروبا بمثابة شريان الحياة؛ فهي التي تزودنا بالسلع، ولها أهمية كبيرة أيضا للشرق الأقصى، أما بالنسبة لأمريكا الشمالية فقد تكون القناة أقل أهمية، لكن بالنسبة لنا فالقناة ذات أهمية وجودية، ومن ثمّ لا نستطيع تحمل إغلاقها.

ما الآثار المترتبة على إغلاق القناة؟

إغلاق القناة مسألة دراماتيكية، حيث يؤدي الإغلاق إلى ازدحام مروري في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، ولا تستطيع شركات الملاحة تحمل فترات التوقف الطويلة، ومع ذلك يتم حساب فترات انتظار معينة للبضائع من النقل البحري، وإذا ما كانت فترات الانتظار للبضائع قليلة فلن يؤثر ذلك على المستهلك، بخلاف التوقف لفترة طويلة فإن ذلك سيكون له آثار كارثية، ومع ذلك فإن الوضع يذكر بأهمية قناة السويس التي تتدفق عبرها التجارة العالمية لأكثر من 150 عامًا

وماذا لو لم تكن قناة السويس بالنسبة للتجارة العالمية؟

لا يوجد ميناء، خاصة على البحر المتوسط، له أهمية تضاهي أهمية قناة السويس، حيث إن الطريق البديل هو الدوران حول إفريقيا من خلال رأس الرجاء الصالح، وربما كانت هناك أهمية أكبر للموانئ الإفريقية.

ظلت إدارة القناة لفترة طويلة في أيدي البريطانيين والفرنسيين، وعندما أمّمت مصر القناة أشعلت الحرب عام 1956، ثم جاءت حرب الأيام الستة وأغلقت القناة، فهل أدى ذلك إلى إبطاء العولمة؟

العولمة لم تبدأ إلا في التسعينيات، وفي ذلك الوقت كانت أيضًا سلسة التوريدات أقل بكثير، ولم تكن الصين تغزو العالم، ولم تكن هناك حاويات، لذلك كان تأثير هذه النزاعات مختلفًا عما هو عليه اليوم.

ومع ذلك، فقد وقع الألمان كدولة تجارية في مأزق بسبب الحرب بين إسرائيل ومصر، وعلق الأسطول الألماني في القناة، فمن يتحمل الخسائر في حالة إغلاق القناة لأي سبب؟

هذا صعب جدًّا الآن، لكن في هذه الحالة بالطبع فإن المسئولية الأكبر ستقع على عاتق طاقم السفينة وشركة الشحن، رغم أن السؤال المطروح هو: من المسئول فعليًّا؟ قد تأتي شركة الشحن من أوروبا، لكن شركة تأجير السفن من دولة أخرى، والطاقم من دولة ثالثة، وهي في هذه الحالة الفلبين، وتبحر السفينة تحت العلم البنمي، فتحديد المسئولية القانونية للسفينة ليس بهذه السهولة، كما أن تلك السفينة التجارية تعدّ نموذجًا للاقتصاد الدولي.

هل من الممكن أن تقوم حرب اليوم بسبب قناة السويس؟

ليس هناك مصلحة اقتصادية لأحد في إغلاق القناة؛ فمصر تحقق أرباحًا تُقدّر بـ 5.6 مليار دولار، وهو جزء مهم للغاية من الناتج القومي الإجمالي، لكن الخطر الأكبر يكمن في إمكانية امتداد الصراع الإقليمي الذي تشارك فيه مصر؛ فمن الممكن حينئذ أن يمثّل الوضع تهديدًا، كما هو الحال في اليمن، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، ورغم أنه كان هناك قبل بضع سنوات، قبالة الصومال، هجمات منتظمة للقراصنة على السفن التي تعبر قناة السويس، غير أن الاتحاد الأوروبي تولى حراسة سفنه، ولم يعد هناك هجمات، وإن ارتفعت التكلفة بسبب شركات التأمين والحراسة، لكن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة للقناة.

هل يعتمد الاقتصاد الأوروبي على قناة السويس فقط؟

لا، هناك بالتأكيد البدائل، لكن تظل القناة هي أفضل وأقصر طريق بين آسيا والبحر الأبيض المتوسط.

مع تغير المناخ وذوبان القطب الشمالي، أصبح الممر الشمالي الشرقي عبر روسيا أكثر قابلية للملاحة، ألا يُعدّ ذلك الطريق بديلًا للقناة؟

هذا الطريق يبدو مغريًا بالطبع، لكن أول مساوئ هذا الطريق أنه سيجعل أوروبا معتمدة على روسيا، التي تسيطر على جزء كبير من الطريق بساحلها، والتي ستعتمد على كاسحة الجليد، كما أن هناك مخاطر أخرى تتمثل في مخاطر الرياح التي من الممكن أن تحتجز السفن وسط الجليد، وبالطبع أغلب السفن غير مجهزة لذلك.

بعد 150 عامًا، لا تزال بعض القنوات أحادية المسار، فهل يلبي ذلك متطلبات الشحن اليوم؟

لقد فعل المصريون الكثير، وكانت السفن قادرة على الالتقاء فقط في البحيرات، لكن الآن يوجد مسار ثان على الأجزاء الكبيرة؛ ومن ثمّ فهذه ميزة لقناة السويس تسمح بسرعة الملاحة عبر القناة.

دفعت جائحة كورونا بعض الشركات لضرورة الاعتماد على الإنتاج المحلي ولو كان ذلك أكثر تكلفه، فما مدى تأثير ذلك على مستقبل قناة السويس؟

نعم، هذا وارد في ظل أزمة كورونا، حيث يحاول الجميع الاعتماد على الإنتاج المحلي، لكن هذا التطور في العولمة، الذي حدث على مدى الثلاثين أو الأربعين سنة الماضية لا يمكن أن يعود ببساطة إلى الوراء.

أردوغان يسرق مستقبل تركيا

نشر موقع “دير تاجسشبيجل” حوارًا مع السفير الألماني السابق في تركيا من 2015 إلى 2020 “مارتن إردمان” (66 عامًا)، تحدث فيه عن ضرورة العقوبات الأوروبية ومواجهة تكتيكات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي تسرق من الأتراك أحلامهم.. وإلى أبرز ما جاء في الحوار..

السيد إردمان.. أنت مشغول دائمًا بالشئون التركية رغم تقاعدك، فما السبب في ذلك؟

لقد عشت سنوات في تركيا، وقد كانت هذه السنوات كفيلة بتزكية هذا التعاطف والانشغال بالشعب التركي، وقد لاحظت أن البلاد تتعرض بشكل متزايد للسرقة والنهب من قِبل الذراع الاستبدادية للرئيس أردوغان وحزبه، حيث لا يزال يقمع الحريات ويمارس الاستبداد المقنع بالدستور.

ألمانيا والاتحاد الأوروبي يتحاشيان انتقاد النظام التركي؛ حتى أن وزير الخارجية الألماني صرح بأن هناك أملًا، فيما يقول الاتحاد الأوروبي إن أنقرة تقوم بسلوك إيجابي ومعتدل.. فكيف تفسر ذلك؟

هنا يجب الإشارة إلى ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن أمام مجلس الاتحاد الأوروبي بأن الديمقراطيات هي التي يجب أن تحدّد وتقود العلاقات في العالم، وليست الأنظمة الاستبدادية، وتابع الرئيس الأمريكي بأنه قلق للغاية بشأن الديمقراطية في تركيا.. وهذا هو الرد المناسب لما يجب أن يكون عليه الاتحاد الأوروبي.

في الوقت الذي ينتقد فيه الاتحاد الأوروبي القمع في تركيا، يدعم أدوغان إجراءات تحفيزية إيجابية، مثل توسيع الاتحاد الجمركي، فهل هذه هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع أنقرة؟

ما زلت أرى أنه من الصواب استخدام العقوبات آخر حل؛ لأنها يمكن أن تكون لها آثار جانبية، لكن التطورات في تركيا في السنة الماضية ابتعدت كثيرًا عن معايير كوبنهاغن، التي تشكّل الأساس لجميع الدول المرشحة، بحيث لم يعد من الممكن تجاهله. ومن وجهة نظري، فإن معايير كوبنهاغن ليست زينة تُعلّق على شجرة عيد الميلاد ثم تقلع مرة أخرى بعد انتهاء الاحتفال، ولكن يجب احترام معايير الانضمام، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعليك أن تنتظر العواقب، فإذا كان لا بد من العقوبات، فيجب استخدامها بشكل شخصي ومحدد، وفي نفس الوقت لا أؤيد قطع مفاوضات الانضمام، بل يجب أن توضع تركيا قيد الانتظار حتى يأتي اليوم الذي يمكن فيه إذابة الثلج مرة أخرى.

تشعر المعارضة في تركيا بخيبة أمل من الموقف السلبي لأوروبا.. فكيف تُعلّق على ذلك؟

الاتحاد الأوروبي يسوده الخلاف من قمة إلى أخرى، خاصة إذا ما تعلق الأمر بتقييم واضح للديمقراطية وحقوق الإنسان وأساس القيم في تركيا، وفي النهاية يتم تأجيل القرارات والمناقشات إلى القمة المقبلة، ولذلك فأنا متفهم لخيبة الأمل التي تصيب المعارضة، ومن وجهة نظري، فإن الاتحاد الأوروبي هو من أعطى الفرصة لتركيا لتمارس عليه الابتزاز، أتدري ما هي وسائل هذا الابتزاز؟ اتفاقية اللاجئين لعام 2016؛ فقد هدد الرئيس التركي مرارًا بـ “فتح الأبواب على مصراعيها”. وثاني هذه الوسائل هو موقع ومكانة تركيا، والتي باتت تمثل في الواقع الدعامة الوحيدة والأخيرة للاستقرار في المنطقة، وهذا بلا شك صحيح، ثم تأتي الوسيلة الثالثة للابتزاز، الذي يستخدمه الرئيس التركي بمهارة كبيرة، وهي العلاقة مع روسيا، ومؤخرًا مع الصين من خلال الإشارة إلى الأوروبيين والأمريكيين بأنهم إذا لم يرغبوا في التعاون معه، فسوف يتطلع إلى شركاء آخرين.

كيف يمكن لألمانيا وأوروبا التعامل بشكل أفضل مع تركيا؟

يجب أن ننظر إلى ما بعد مرحلة أردوغان فهناك العديد من المؤشرات التي تدل على تآكل نظامه، كتأسيس أحزاب جديدة على يد رفاقه السابقين، والانشقاقات الحزبية المتتالية، بالإضافة إلى استطلاعات الرأي التي تؤكد انهيار شعبيته هو وحزبه.

إذًا.. علينا بناء جسر للمستقبل، فكيف سنفعل ذلك؟

نستطيع أن نفعل ذلك من خلال الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع المعارضة، ويجب أن يكون هناك ثقة متبادلة بين الأطراف الأوروبية والمعارضة التركية والمجتمع المدني؛ حتى نتمكن من قيادة مستقبل تركيا بقيادة جديدة حال سقوط أردوغان.

ولماذا لم يحدث هذا منذ فترة طويلة؟

لأن تآكل هذا النظام لا يحدث بسرعة كبيرة ولا يمكن أن يحدث ذلك بين عشية وضحاها، لكن جميع الدلائل تشير إلى أن الحفاظ على السلطة يتم استنفاده ببطء بكل الوسائل، وأن التأييد الشعبي وتأييد الناخبين آخذ في التضاؤل ​​بشكل متزايد، وهذا ما تشكك فيه الحكومات الأوروبية، فهم يبنون سياستهم على الواقع المعلوم وليس على المستقبل المجهول رغم كل هذه الدلائل.

في النهاية.. ما الذي يجب أن تفعله أوروبا الآن لمواجهة نظام أردوغان الاستبدادي؟

يتعين على أوروبا الاستمرار في سياسة العقوبات المستهدفة للغاية ضد أعضاء النظام التركي ومنتهكي حقوق الإنسان، والتمسك بالقيم، ويتطلب احترام الاتحاد الأوروبي لذاته التأكد من مراعاة معايير الإطار المحددة ذاتيًّا، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فيجب عندئذٍ استخلاص العواقب ومعاقبة المسئولين عن هذه الانتهاكات.

هل أنصف العالم المرأة في القرن الحادي والعشرين؟

نشر موقع “دويتش فيلله” تقريرًا للكاتبة “إنسا وريدي”، أشار إلى دراسة قضية المساواة بين الرجل والمرأة، وتأثير أزمة كورونا على المرأة، لا سيما مع تطور هذه القضية عبر القرنين الأخيرين من خلال دراسات واستبيانات في أكثر من 150 دولة حول العالم، والتي أكدت أن المساواة بين الجنسين لم تتحقق بعد، وأن وباء كورونا هو الآخر مثّل ضغطًا وعبئًا على المرأة أكثر من الرجل في جميع أنحاء العالم.

ورغم أنه في أجيال سابقة لم يكن للمرأة أن تعمل دون إذن الرجل بخلاف جيلنا الحالي الذي تستطيع فيه معظم النساء العمل دون إذن من أحد في العديد من بلدان العالم، ورغم ذلك لا زالت المرأة لا تحصل على نفس الأجر الذي يتقاضاه الرجل.

ويُظهر تحليل البيانات الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، الذي يرصد البيانات والإحصائيات الخاصة بقضية المساواة بين الرجل والمرأة عبر 156 دولة منذ 2006، وسلّط الضوء على هذه القضية مجددًا في آخر تقرير له، موضحًا أن الأجيال المقبلة من الإناث ستعاني نفس ما يعانيه الجيل الحالي، وخاصة فيما يتعلق بفرص العمل والرواتب.

الرجال يهيمنون على السياسة

يدرس المنتدى الاقتصادي العالمي الفوارق بين الجنسين في أربعة مجالات؛ تتمثل في السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة، وبالتالي دارت التساؤلات حول مدى تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في هذه المجالات. وفيما يتعلق بالمسار السياسي والمشاركة السياسية فإن النساء اللاتي يطمحن في المشاركة السياسية سيصطدمن بواقع محبط؛ حيث تتسع الهوة بين الجنسين في هذا المجال، وذلك رغم معالجة نسبة 22% من الفجوة منذ آخر تقرير، فبالنسبة للوزارات فإن النساء تشغلن فقط نسبة 23% في مقابل حوالي 3400 حقيبة وزارية للرجال في جميع أنحاء العالم. ورغم أن هناك نساء يتربعن على عرش الرئاسة في العديد من مدن العالم مثل أنجيلا ميركل وأورسولا فون دير لاين، ومع ذلك فإنهن لم يستطعن الوصول إلى منصب الرئيس في نصف هذا العدد من البلدان تقريبًا (81). ولم يقتصر الأمر على منصب رئيس الجمهورية؛ بل إن المرأة تعاني بالفعل في بلدان مثل الصين والهند من الحرمان من العديد من المناصب، وإن كان هناك 98 دولة زاد بها عدد النساء البرلمانيات مقارنةً بالعام الماضي، وإذا استمرت الأمور على النحو السابق فسيستغرق الأمر أكثر من 145 عامًا حتى يسود التكافؤ بين الجنسين في مجال السياسة حول العالم.

عبء مضاعف وخسارة للوظائف

ويبدو أن مكانة المرأة في مجال الاقتصاد أفضل نسبيًّا من مكانتها في السياسة، ومع ذلك فقد أدى انتشار فيروس كورونا إلى مواجهة المرأة لمزيد من الصعوبات؛ فلا حضانات لرعاية الأطفال ولا مدارس مفتوحة بسبب الإجراءات الاحترازية، والمرأة هي من يجب عليها أن تتحمل واجبات المنزل؛ فمن الذي يقوم بهذه الواجبات في الغالب؟ إنها المرأة العاملة التي زاد إجهادها بسبب العبء المزدوج، كما أظهرت بيانات شركةIpsos  لأبحاث التسوق، والتي أكدت أن حوالي 5% من النساء العاملات فقدن وظائفهن في العام الماضي، مقارنة بـ 3.9 % فقط بالرجال، وقد حذرت منظمة العمل الدولية مسبقًا من التأثيرات السلبية لانتشار الفيروس على المرأة خاصة.

وفي مجال الحوسبة والمعرفة التقنية الرقمية، سجل التقرير تراجعًا ملحوظًا لفرص المرأة، حيث مثلت المرأة نسبة 14% في هذا المجال، وفي الهندسة 20%، وفي البيانات والذكاء الاصطناعي 32%، والخلاصة بعد ذلك كله أن عام 2020 لم يشهد تولي العديد من النساء لمنصب الرئيس، كما لم يشهد تولي المرأة للعديد من المناصب الإدارية، بل إن النسبة صارت أقل مقارنة بعام 2019. وفي المجمل فإن ارتقاء المرأة لأعلى درجة في السلم الوظيفي في مجال البرمجيات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والصحة والرعاية الصحية والتصنيع بشكل عام أقل من الثلث في جميع أنحاء العالم. وفي النهاية فإن الفجوة بين الجنسين في المجال الاقتصادي بلغت 58%، وسيتطلب الأمر حال استمراره على هذه الوتيرة الحالية 257 عامًا أخرى للقضاء على هذه الفجوة.

التعليم والصحة

ربما يكون هذا هو المجال الأفضل للمرأة في المجالات الأربعة، وتكاد تكون الفرص متكافئة في هذا المجال بين الجنسين؛ حيث تقلصت الفجوة إلى 4% في جميع أنحاء العالم، وانعدمت الفوارق في أكثر من 30 دولة تقريبًا، ومع ذلك فإن الدول الأخرى تتحرك ببطء لتقليل هذه الفجوة. ويقدّر المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بالنظر إلى التطور الحالي سيستغرق الأمر ما يقرب من 13 عامًا لتحقيق المساواة بين الجنسين في هذه البلدان، وفيما يتعلق بمجال الصحة فإن المرأة تتمتع بصحة جيدة وتتساوى مع الرجل في متوسط العمر تقريبًا، كما أن الفجوة بين الجنسين في هذا المجال تكاد تقارب نسبة 5%، وذلك على الرغم من الاحتجاجات العالمية بسبب العنف ضد المرأة والتي قد توحي بخلاف ذلك، حيث خرجت المظاهرات على سبيل المثال للاعتراض على انسحاب حكومة أردوغان من الاتفاقية الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة.

200 عام لتحقيق المساواة

ووفقًا للمنتدى الاقتصادي؛ فإن أيسلندا هي البلد الذي يتحقق فيها أعلى معدل للمساوة بين الجنسين للمرة الثانية عشرة على التوالي، ولكم تتمنى النساء أن يعشن في هذا البلد، لكن هناك العديد من البلدان التي تتحسن فيها أوضاع المرأة عام 2020 بشكل لافت أيضًا مثل ليتوانيا وصربيا وتيمور الشرقية وتوغو ودولة الإمارات العربية المتحدة، وكلما سارعت الدول لتحقيق هذه المساواة مبكرًا كلما كان ذلك في صالح المرأة، وعندما نلقي نظرة سريعة على خريطة العالم وموقف الدول من هذه القضية، نجد أن أوروبا الغربية هي الأكثر تقدمًا، حيث تتحقق المساواة بين الجنسين بنسبة 77.5%، وكذلك الحال بالنسبة لأمريكا الشمالية، ثم يأتي بعد ذلك الشرق الأوسط، وفي النهاية يأتي شمال إفريقيا بنسبة 61.5% فقط.

وبالنسبة للأجيال القادمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن القضاء على الفروق بين الجنسين في أوروبا الغربية يحتاج لما يقارب الـ 53 عامًا، ومع ذلك فإن النساء لن يشعرن بالمساواة، وفي أمريكا الشمالية يتعين على النساء الانتظار قرابة الـ 62 عامًا من أجل تحقيق تلك المساواة، وهي مدة قليلة إذا ما قورنت بالمدة التي تحتاجها مناطق مثل جنوب آسيا، حيث يتطلب الأمر 195 عامًا.

ربما يعجبك أيضا