ذا هيل | الإدارة الاقتصادية الحكيمة خيار أفضل من الحرب في بحر الصين الجنوبي

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

إذا كان الأسبوع الماضي قد علّمنا شيئًا في الشئون الدولية، فهو أن سفينة واحدة يمكنها التسبب بفوضى واسعة الانتشار حول العالم – من التقلب في أسعار الخام، إلى التضخم، إلى الارتفاع المفاجئ في أسواق الأسهم. يمر حوالي 12% من حجم التجارة العالمية عبر قناة السويس، التي أغلقتها سفينة إيفر جيفن. ماذا سيكون التأثير على التجارة والمجتمع إذا كان الإغلاق في جزء من العالم تمر منه 30% من التجارة العالمية؟ سوف نجد إجابة ذلك السؤال إذا أصبحت السفن الصينية المتكدسة عند الشعاب المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، مثل الـ200 سفينة عند ويتسون ريف، ركنًا أساسيًّا للسياسة البحرية الصينية.

ولمنع مثل هذه الصحوة، يتعين على إدارة بايدن استخدام كل الأدوات المتاحة لها وعدم الاتكال على النشر الأمامي للقوات كمسار وحيد للعمل.

كانت قوات الفلبين الجوية تقوم بدوريات يومية فوق سفن الصيد الصينية الراسية بالقرب من منطقة الشعاب المتنازع عليها. ونظرًا للتناقض الهائل في حجم القوات البحرية والجوية والجيش بين الفلبين والصين، تبدو مانيلا غير ملائمة للتغلب على أكبر قوة عظمى في المنطقة بمفردها في معركة تقليدية. هناك حاجة لقوة بحرية وجوية أكبر بتكنولوجيات متقدمة لإثارة تحدٍّ أمام توغلات الصين. يمكن للتواجد الأمريكي المتزايد أن يحبط التوغلات الصينية في المنطقة، غير أن سحب القوات من منطقة من العالم وإعادة نشر القوات في منطقة أخرى ربما لا يبشّر بالخير لإدارة تسعى إلى “إعادة البناء بشكل أفضل” في الداخل كما هو مُتصور في مبادرة البنية التحتية الداخلية الجديدة للرئيس بايدن.

عوضًا عن ذلك، ينبغي أن يُمكّن بايدن الشركاء في المنطقة عن طريق زيادة التعاون الدفاعي والاقتصادي. في الماضي، عملت الولايات المتحدة كبانٍ للتحالفات في الشرق الأوسط، عن طريق تجميع مجموعة من الدول ذات التفكير المتشابه والعدو المشترك. كانت السعودية والإمارات جزءًا من تلك المجموعات واشتروا أسلحة وتكنولوجيا من الولايات المتحدة.

وفي حين أنه نموذج يمكن مضاهاته للحد من النشر الأمامي للقوات في جنوب شرق آسيا، فإن ميزانيات دفاع الفلبين والدول الأخرى في مجموعة رابطة دول جنوب شرق آسيا محدودة للغاية، وفي حين كان مجموع الإنفاق العسكري لعشر دول في مجموعة آسيان حوالي 40 مليار دولار في 2019، بلغت الميزانية العسكرية للسعودية 46 مليار دولار، أما ميزانية الصين في نفس العام فكانت 180 مليار دولار.

إن الدول الفردية في جنوب شرق آسيا لا تملك ميزانيات دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط، وعلاوة على هذا، أصبحت التجارة والقروض من الصين حصنًا ضد أي إجراء ملموس تتخذه دول جنوب شرق آسيا بشأن التوغلات الصينية في مياههم الإقليمية.

ولتهيئة تحالف من القوى الموازنة الإقليمية بنجاح، ينبغي أن تعالج الولايات المتحدة مسألة ميزانيات الدفاع المحدودة لدول جنوب شرق آسيا واعتمادهم المفرط على الصين. على وجه التحديد، ينبغي أن تستخدم إدارة بايدن أدوات الإدارة الاقتصادية الحكيمة وتتبنى نهجًا ثلاثي الأبعاد.

أولًا، ينبغي أن تقدم الولايات المتحدة بديلًا لتمويل الصين الافتراسي ومشروعات البنية التحتية المكلفة التي تُنفذ تحت شعار مبادرة الحزام والطريق عن طريق الشراكة مع مجموعة الرباعي الأمني، كما ينبغي أن تستفيد إدارة بايدن من مؤسسة تمويل التنمية الدولية المؤسسة حديثًا ومؤسسات التمويل متعددة الجنسيات مثل بنك التنمية الآسيوي ومؤسسة التمويل الدولية لتمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية في جنوب شرق آسيا. وعن طريق تبني النموذج المستخدم لتصنيع اللقاح لجنوب شرق آسيا، حيث ستشارك الولايات المتحدة التكنولوجيا وتقوم اليابان بالتمويل، تستطيع الولايات المتحدة تقليل التكلفة على الخزانة.

ثانيًا، ينبغي أن يمتد الأمر التنفيذي الذي وقّع عليه بايدن لمراجعة سلاسل الإمداد لكي يشمل إعطاء الأولوية لنقل المصانع خارج الصين إلى دول في جنوب شرق آسيا، مثل فيتنام وتايلاند والفلبين. لقد استفاد الاقتصادان الفيتنامي والتايلاندي بنجاح من حروب التجارة بين الولايات المتحدة والصين وكانا سريعين في استيعاب المصانع والصناعات التي تخرج من الصين، حيث كانت الشركات تسعى للتحوط من الرسوم الجمركية، وتستطيع فيتنام وتايلاند والدول الأخرى في المنطقة استيعاب سلاسل الإمداد المُعاد ترتيبها.

ثالثًا، ينبغي أن تنضم إدارة بايدن مرة أخرى إلى الشراكة العابرة للمحيط الهادئ. لقد أدخلت الشراكة العابرة للمحيط الهادئ الولايات المتحدة في بنية التجارة الآسيوية، ودون وجود الولايات المتحدة في هذه الشراكة، وفي ظل التصديق على الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي تقودها الصين، سيترسخ دور الصين كمهيمن إقليمي، وسيتراجع دور أمريكا في المنطقة إلى متفرج. وبالإضافة إلى هذا، كان من المتوقع أنه إذا أصبحت السوق الأمريكية جزءًا من الشراكة العابرة للمحيط الهادئ، سوف تشهد اقتصادات جنوب شرق آسيا تضاعف ناتجها المحلي الإجمالي، مع نمو بعضها بنسبة تتجاوز 10%، مثل فيتنام.

وبالمضي قدمًا، ستثبت أدوات الإدارة الاقتصادية الحكيمة، مثل المساعدات، وسلاسل الإمداد، والاتفاقيات التجارية ووسائل الترغيب الأخرى لجنوب شرق آسيا، أنها حل طويل الأمد وفعّال لنزاع بحر الصين الجنوبي أكثر من ترهيب المواجهة العسكرية.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا