نيويورك بوست | الأمير فيليب.. عاش حياة صعبة لكنه أدّى واجبه بصمت

شهاب ممدوح

رؤية

ترجمة – شهاب ممدوح

كان الأمير فيليب رجلًا إنجليزيًا مثاليًا، وهذا كان أمرًا مذهلًا في حد ذاته. وُلد “فيليب” يونانيًّا من أصل دنماركي وألماني عام 1921. وقد أصبح بريطانيًّا نتيجة لسلسلة من الحوادث، لكنه كان يمثل أفضل السلوكيات القديمة. لقد كنا محظوظين لوجوده معنا.

قد يكون من الصعب أن نصدق هذا، لكن العام 1921 لم يكن عامًا جيدًا لكي تُولد عضوًا هامشيًّا في بيت ملكي غير مهم. كان أباطرة ألمانيا والنمسا وتركيا جميعهم منحدرين من العروش القديمة في الحرب العالمية الأولى، وفي ذلك الوقت أيضًا، قتل البلاشفة في روسيا مؤخرًا أبناء عمومة “فيليب” من أسرة “رومانوف”.

لم تكن العائلة الملكية اليونانية محبوبة تمامًا أيضًا؛ إذ كانت ذات أصول أجنبية، جلبتها بريطانيا وفرنسا لمراقبة تصرفات الدولة اليونانية. عندما وُلد “فيليب”، كانت اليونان تخوض حربًا مع تركيا، وكان “أندرو” والد “فيليب” يقاتل في ساحة المعركة، وكلما زادت الحرب سوءًا، تدهورت شعبية العائلة المالكة.

عندما بلغ “فيليب” 18 شهرًا، نفى مجلس ثوري عائلته من اليونان للأبد. لم يتعلم هذا الأمير، الذي لقّبه الإنجليز بـ ” فيل اليوناني”، مطلقًا لغته الأم، وقد زادت الأمور صعوبة منذ تلك اللحظة.

عاشت واحدة من جدّات “فيليب” في قصر “كينسينغتون” في لندن، حيث يعيش “ويليام” و”كيت” اليوم مع أطفالهما. وكذلك اتخذ أهم اللاجئين اليونانيين في العالم من إنجلترا ملجأ لهم. بالرغم من أن فيليب دخل سلسلة من المدارس، تزوجت شقيقاته الثلاث أمراء ألمانيين وغادرن إلى ألمانيا. انهارت الحالة النفسية لوالدته، وجرى تشخيصها بالإصابة بانفصام الشخصية، وفقد “فيليب” الاتصال معها. كان يبلغ حينها 11 عامًا، ولم يسمعه أحد يشتكي.

لكن الوضع ازداد صعوبة. في عام 1937، عندما كان فيليب يبلغ 16 عامًا، قُتلت شقيقته “سيسلي” وعائلتها في حادث تحطم طائرة. وفي عام 1938، توفي عمّه اللورد “ميلفورد هايفن” الذي كان وصيًّا عليه بسبب مرض السرطان.

عندما اندلعت الحرب في سبتمبر عام 1939، كان “فيليب” طالبًا في سلاح البحرية الملكية. كانت أهم واجباته مرافقة الأميرة الشابة “إليزابيث” عندما جاء والدها “جورج السادس” لتفتيش القاعدة. كان حبًّا من النظرة الأولى، لم يتحدثا بشأن هذا مباشرة، لكنه سأل إذا كان يمكنه أن يكتب لها رسائل، وقد وافقت.

تخرّج “فيليب” في مقدمة فصله الدراسي. وكان يسافر في البحر لست سنوات، بداية من المحيط الهندي وصولًا إلى البحر المتوسط. أصبح “فيليب” أصغر ملازم في البحرية، وفاز بوسام “صليب الحرب اليوناني” وقد ذُكر اسمه في مراسلات إلى لندن. في إحدى الليالي عام 1943، أنقذ سفينته وطاقمه عبر ابتكاره خطة لإلهاء القاذفات الألمانية التي كان يمكن أن تفجر السفينة وتقذف بهم إلى الماء، لم يتحدث “فيليب” عن هذا أيضًا؛ فقد كان يؤدي واجبه.

تزوج فيليب وإليزابيث عام 1947. وقد أصبح دوق أدنبره، والد ملك المستقبل – وقد لعب دورًا ثانويًّا إلى جانب زوجته في السنوات الـ73 التالية. وعندما سُئِل عما إذا كان قد فكر في الطلاق، رد قائلًا “طلاق؟ مطلقا”.

استبدل فيليب حياة ملؤها الحركة – حيث اختير لتولي أعلى منصب في سلاح البحرية – بحياة قائمة على الخدمة فقط. وقد دعم الملكة إليزابيث الثانية خلاله فترات حكم 14 رئيس وزراء، وكان دائمًا يناديها ب “سيدتي” أمام العامة. أجرى “فيليب” نحو 22 ألف لقاء عام قبل أن يتخذ قرارًا بالتقاعد “المبكر” في سن السادسة والتسعين. كان أحيانًا لا تعجبه المبالغة في البروتوكول، لكنه تماشى مع وظيفته لأنه كان يتعين عليه ذلك.

وقد أدّى وظيفته بشكل جيد بالتأكيد، بأقل قدر من الاعتراض. لقد كان “فيليب” من أدرك أن الزمن تغيّر وجلب الكاميرات إلى قصر “بكنغهام”، كما كان الداعم بهدوء لـ “ديانا”، أميرة ويلز” عندما كانت وحيدة في هذه العائلة المتبنِّية التي وصفها بـ “الشركة”.

وبينما كانت ميغان وهاري يتربّحان عبر التذمّر من داخل قصرهما بشأن كيف أن لا أحد يفهمهما، مرّ “فيليب” بحياة أصعب؛ لكنه لم يشتك مطلقًا. لقد خرج “فيليب” من تاريخ اليونان لكن “ميغان” خرجت من مسلسل “suits”.

لقد فعل “فيلب” الشيء الصحيح لأن هذا ما كان يفعله الناس في زمنه، أدّى واجبه على أكمل وجه. في فترة الحداد هذه، سيرى “فيليب” أن من واجب عائلته وضع خلافاتها جانبًا والتوقف عن نشر غسيلها المتسخ علنًا!          

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا