ناشيونال إنترست | بايدن يمكنه استغلال «ورقة ترامب» لتسهيل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان

شهاب ممدوح

رؤية

ترجمة – شهاب ممدوح

لو أمر الرئيس جو بايدن بإنهاء التورط العسكري الأمريكي في أفغانستان، سيفعل صقور الحرب في أمريكا كل ما في وسعهم لجعله مسئولًا عما سيحدث لاحقا. هذا يجعل الخروج من حرب أفغانستان اقتراحًا خطيرًا بالنسبة للإدارة. لا يرغب أحد في تحمل المسئولية في حال انهيار محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية، وسقوط مدن مثل قندهار- وربما كابول – في أيدي طالبان.

لتحقيق مهمة الانسحاب من أفغانستان، يُستحسن أن يعمل الرئيس على تأمين دعم من الحزبين لإعادة الجنود الأمريكيين إلى الوطن. لكن دعم الحزبين غير متوفر في البيئة السياسية عالية الاستقطاب في أمريكا اليوم. سيتعيّن على الرئيس أن يتبنى نهجًا مبتكرًا بشأن طريقة المضي قدما في هذا الملف.

ربما يكون أفضل خيار لدى بايدن هو السعي للحصول على دعم الحزبين من دون طلب مساعدة الجمهوريين في الكونغرس.

إن الحصول على دعم الحزبين من دون مشاركة طوعية من أحد الطرفين، قد يبدو أمرًا متناقضًا. لكن هذا بالفعل ما يحاول فريق بايدن فعله، عندما يتعلق الأمر بالبنية التحتية – عبر الإشارة إلى الدعم وسط الناخبين الجمهوريين كدليل على وجود دعم من الحزبين، حتى في ظل اعتراض مشرّعي الحزب الجمهوري.

وفيما يتعلق بالقضية الأفغانية، يمكن لبايدن استغلال حقيقة أن الشخص الأكثر شعبية في الحزب الجمهوري الحديث – الرئيس السابق دونالد ترامب – هو بالمصادفة مدافع قوي لفكرة الانسحاب ومهندس خطة الانسحاب نفسها التي يكافح بايدن حاليًا لتطبيقها.

لو كان بايدن راغبًا في مشاركة التقدير مع سلفه، فربما سيكون قادرًا على إضعاف صقور الحزب الجمهوري الذين سيجدون متعة في مهاجمة الرئيس الديمقراطي بسبب جريمة إنهائه أطول حرب في تاريخ أمريكا.

بالطبع، فإن نسب الفضل إلى ترامب فيما يخص أي قضية هو أمر صعب على بايدن ابتلاعه. لكن السبيل الوحيد لضمان ألا يقع انسحابه المتوقع من أفغانستان ضحية للخلاف المحلي، هو عبر إقناع مشرّعين من الحزبين أن مؤيديهم يساندوهم. لإيصال هذه الرسالة إلى الجمهوريين، سيكون بايدن مضطرًا لاستدعاء ترامب إلى المشهد، وإلا سيكون وضعه أسوأ بكثير.

لطالما كانت الحجة المضادة للانسحاب العسكري من أفغانستان سياسية أكثر من كونها استراتيجية. إن السنوات العشرين الماضية هي دليل قوي على أن طالبان ومجموعات متطرفة أخرى لا يمكن إلغاء دورهم. في أفضل الأحوال، يمكن تحييد خطرهم، وقادة أمريكا يعلمون هذا.

الأمر الذي كان رؤساء أمريكيون يرغبون في تجنب فعله أكثر من شيء آخر- أولًا الرئيس السابق أوباما، ثم ترامب، والآن بايدن – هو مواجهة الإحراج السياسي الناتج عن “خسارة” أفغانستان. وهذا هو السبب الذي جعل أوباما وترامب يأمران برفع أعداد القوات الأمريكية بالرغم من تصريحهما علنا عن رغبتهما في إنهاء الحرب. وهذا أيضًا يفسر، وفقًا لتقارير إخبارية، نجاح فريق بايدن في إقناعه ضد خروج سريع من أفغانستان.

من المفهوم أن قادة أفغانستان كانوا مترددين في قبول فكرة انسحاب أمريكي كامل من البلاد. قُتل ما يزيد على ألفين وثلاثمائة أمريكي في الحرب الأفغانية. من المؤلم الإقرار أن موتهم لم يكن كافيًا لوضع أفغانستان على مسار الاستقرار السياسي.

لكن حتى إن لم تكن الولايات المتحدة قادرة على إنقاذ أفغانستان من فظائع الحرب الأهلية والاستبداد، ينبغي أن يكون من الممكن للأمريكيين وقف معاقبة بعضهم بسبب ما يحدث في الخارج. هذا ما ينبغي لبايدن التركيز عليه: تغيير النقاش الداخلي بشأن الأمن الوطني، بحيث لا يُنظر إلى ضبط النفس عسكريًّا بوصفه إثمًا عظيمًا.

إن الغالبية ذات النزعة العسكرية داخل الحزب الجمهوري هي عقبة أمام هذا الهدف طويل المدى. بالمحصّلة، فقد صوّت مشرّعون جمهوريون ضد الخروج من أفغانستان حتى عندما كان رجلهم “ترامب” يحتل البيت الأبيض، وسيكون اعتراضهم الآن أقوى بعد أن أصبح بايدن رئيسًا.

وهنا يأتي دور “ورقة ترامب”.

عندما تولى ترامب منصب الرئيس، كان أكثر من 80 بالمائة من مؤيديه يدعمون سحب القوات من أفغانستان. ينبغي لبايدن فعل كل ما بوسعه لتذكير مشرّعي الحزب الجمهوري أن هذا هو موقف القاعدة الانتخابية.

وكما أصبح واضحًا أثناء وبعد محاكمة ترامب في الكونغرس، عارض مسئولون جمهوريون الرئيس السابق رغم تعرّضهم لخطر سياسي. في معظم الأحيان، فاقم هذا الحراك الديناميكي من مشاكل النزعة الحزبية المفرطة. لكن هناك فرصة لبايدن أن يستغل الانفصال بين مؤسسة الحزب الجمهوري والقاعدة الشعبية المؤيدة لموقف ترامب بشأن أفغانستان.

لن يقتنع جميع الجمهوريين بحجة أنه ينبغي لهم الموافقة على الخطوات التي اتخذها ترامب أثناء وجوده في السلطة. لكن على أقل تقدير، سيكون أصعب على الجمهوريين معارضة استراتيجية بايدن للخروج من أفغانستان، في حال تصويرها على أنها تحمل توقيع ترامب، الذي ما يزال أقوى شخصية في الحزب الجمهوري.

لطالما أُصيب سياسيو أمريكا بالشلل بسبب خوفهم من الظهور كـ “ضعفاء” في ملف الأمن القومي. وقد وجدوا ملاذًا في سياسة الحرب اللامنتهية. هذه نتيجة ضارة. إن المواقف المؤيدة للحرب ينبغي أن تكون مُكلفة لأصحابها. ويجب أن يكون السلام وعدم التدخل العسكري هما الوضع الطبيعي.

في حال تصرّف بايدن ببُعد نظر، ربما سيكون قادرًا على استغلال مناسبة إنهاء الحرب الأفغانية كفرصة لبدء إعادة هيكلة بطيئة للطريقة التي يتنافس بها الحزبين الحاكمين في أمريكا بشأن قضايا الدفاع والأمن القومي وهذا هدف يستحق النضال من أجله: خلق مناخ سياسي لا يرغب فيه لا الحزب الجمهوري ولا الحزب الديمقراطي في أن يُعرف بأنه حزب الحرب.        

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا   

ربما يعجبك أيضا