ناشيونال إنترست | العقوبات الجديدة تكشف التراجع الخطير في العلاقات الأمريكية – الروسية

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

يهدّد الكرملين إدارة بايدن بتداعيات خطيرة لحزمة العقوبات الأمريكية الجديدة، وهو ما يتدنى بالعلاقة الأمريكية – الروسية المضطربة إلى مستوى غير مسبوق.

فرضت إدارة بايدن حزمة عقوبات قوية هذا الأسبوع تستهدف الاقتصاد الروسي. تضمنت الإجراءات عقوبات على كل الديون التي تصدرها روسيا بعد 14 يونيو، ومنع المؤسسات المالية الأمريكية من شراء السندات الحكومية من البنك المركزي للاتحاد الروسي، أو صندوق الثروة الوطني للاتحاد الروسي، أو وزارة المالية للاتحاد الروسي. يمنح هذا التوجيه “سلطة للحكومة الأميركية لتوسيع عقوبات الديون السيادية على روسيا حسب الاقتضاء”، وهو ما يمهد الطريق لمزيد من عقوبات الديون السيادية على روسيا في المستقبل. شملت الحزمة أيضًا عقوبات على ست شركات روسية يُعتقد أنها مرتبطة بعمليات الاختراق السيبراني الروسية. وأخيرًا، سيتم طرد 10 مسئولين بالسفارة الروسية في الولايات المتحدة، تبين أنهم ضباط مخابرات.

الرئيس بايدن، الذي أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بداية الأسبوع، قدم ملاحظات توضيحية مقتضبة يوم الخميس. وقال: “لا يمكننا السماح لقوة أجنبية بالتدخل في عمليتنا الديمقراطية بدون عقاب. وأنا أخبرتهم [الكرملين] أنه إذا اتضح وجود تدخل في انتخاباتنا كما ظننت سوف أرد. وخلال الفترة الانتقالية عندما علمنا المزيد عن عملية اختراق سولار ويندز، أوضحت أنني سأرد بمجرد أن نحدد من قام بعملية اختراق بهذا الجحم وعلى هذا النطاق.”

وقال بايدن: “عندما تحدثنا مجددًا هذا الأسبوع، أخبرتهم أننا سنرد قريبًا بطريقة مدروسة ومتناسبة لأننا استنتجنا أنهم تدخلوا في الانتخابات وسولار ويندز … . اليوم صدّقت على عدة خطوات، من ضمنها طرد عدة مسئولين روس كنتيجة لأفعالهم. ووقّعت أيضًا على أمر تنفيذي يأذن بعقوبات جديدة، والتي تشمل عقوبات لمواجهة أفعال ضارة معينة قامت بها روسيا ضد المصالح الأمريكية”.

مع هذا، أعاد بايدن التأكيد على أنه يأمل في أن “تعمل روسيا والولايات المتحدة معًا” لمواجهة “التحديات العالمية الحرجة” مثل إيران، وكوريا الشمالية، وجائحة فيروس كورونا وتغير المناخ.

لم يذكر الرئيس الادّعاء غير المؤكد القديم بأن المخابرات الروسية عرضت مكافآت على المسلحين الأفغان لذبح الجنود الأمريكيين كأحد الأسباب وراء العقوبات الجديدة. قصة المكافآت الأفغانية، التي كانت موضوع نقاش رئيسي لبايدن في الشهور الماضية، تلقت ضربة للمصداقية عبر مراجعة حديثة لمجتمع الاستخبارات الأمريكي والتي وجدت “ثقة منخفضة إلى متوسطة” في الادّعاء بأن ضباط المخابرات الروسية سعوا إلى “تشجيع هجمات طالبان على الأفراد الأمريكيين وأفراد التحالف، ويشمل ذلك من خلال حوافز ومكافآت مالية”. ولم يستغل بايدن الفرصة لطرح قضية سجن المعارض الروسي أليكسي نافالني، الذي وضعته إدارته في السابق كقضية جوهرية في علاقة الولايات المتحدة وروسيا.

وبالرغم من محاولة بايدن الظاهرية لتلطيف نطاق وطبيعة العقوبات لكي يجعلها مستساغة سياسيًّا لروسيا، قوبلت هذه الإجراءات برد فعل عدائي شديد في موسكو. وتعهد الكرملين، الذي حذر بصورة متكررة في الأشهر الأخيرة من أنه لن يتساهل مع أي عقوبات إضافية من الغرب، تعهد برد وشيك. وفي اليوم التالي، أعلن وزير الخارجية سيرجي لافروف طرد عشرة دبلوماسيين أمريكيين، وقال: “تسلمنا من الجانب الأمريكي قائمة بها عشرة دبلوماسيين وطلب منا أن يغادروا الولايات المتحدة. سوف نرد بالمثل. سوف نطلب أيضًا من عشرة دبلوماسيين أمريكيين مغادرة بلادنا”.  

كانت هذه مجرد البداية لما أصبحت موجة من الإجراءات الانتقامية الروسية يوم الجمعة. وأعلن لافروف أن مساعد بوتين يوري أوشاكوف اقترح بشدة أن السفير الأمريكي في روسيا جون سوليفان ينبغي أن يعود إلى واشنطن “من أجل مشاورات جادة وشاملة”. كان سفير روسيا في الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف قد استُدعي إلى موسكو، حيث يمكث حاليًا، في أواخر مارس. وضع الكرملين ثمانية مسئولين أمريكيين على القائمة السوداء، من ضمنهم سوزان رايس، وجيمس وولسي، وجون بولتون، وكريستوفر راي. وأعلنت موسكو بالمثل إجراءات لوقف تعيين المواطنين الروس للعمل في البعثات الدبلوماسية الأمريكية في روسيا. وذكر لافروف: “نحن لا نمتلك خبرة في هذه الممارسات، لذلك نتعامل بالمثل في هذه المسألة”. وصرّح لافروف أيضًا بأن الكرملين يفكر في إجراءات مضادة اقتصادية بعيدة المدى: “نحن لدينا فرصة أيضًا لتطبيق إجراءات مؤلمة على الشركات الأمريكية، لكننا سنُبقيها احتياطيًّا”. وبحسب لافروف، هذه الإجراءات قد تشمل قيودًا على الصناديق والمنظمات غير الحكومية الأمريكية التي تعمل في روسيا.

إن التداعيات الدبلوماسية الكارثية لهذه الجولة الأخيرة من العقوبات تُظهر المخاطر والمآزق بينما يحاول الرئيس بايدن تشكيل سياسته الخاصة بروسيا. ترى روسيا أن تلك السياسة مبنية على الفكرة الخطيرة السطحية استراتيجيًّا بأن واشنطن تستطيع معاقبة موسكو متى وحيث شاءت، بينما تتوقع التعاون الروسي عندما ينفع المصالح الأمريكية. كانت هناك علامات واضحة، تعود إلى شهر يناير، على أن استراتيجية ” العصا والجزرة” ستتسبب في المزيد من التصعيد بينما تدمر آفاق الحوار الهادف حول القضايا الأمنية المُلحة مثل حرب دونباس. ومع وصول العلاقة إلى مستوى متدنٍّ تاريخي، تعود الكرة إلى ملعب إدارة بايدن حول ما إذا كانت ستتبنى إطار عمل سياسي أكثر واقعية للتعامل مع المنافسة الروسية – الأمريكية في السنوات المقبلة.  

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا