ذا هيل |بالنسبة لبكين وواشنطن والاتحاد الأوروبي.. السياسة والاقتصاد وصلا إلى مرحلة حرجة

آية سيد

رؤية

ترجمة  – آية سيد

تتبنى أوروبا والولايات المتحدة نفس التوجه ناحية الصين في هذه المرحلة. منذ بضعة أعوام، أسندت الاستراتيجية الأوروبية للصين ثلاثة أدوار للصين: شريك (مثلًا، فيما يتعلق بتغير المناخ)، ومنافس اقتصادي وخصم استراتيجي (نظرًا للطموحات الجيوسياسية لبكين والأنظمة الأيديولوجية المتباينة). صاغ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن التوجه ناحية الصين كما يلي: “تنافسي عندما ينبغي، وتعاوني عندما يمكن، وعدائي عندما يجب”.

كانت الصين المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي في العقود الأخيرة. لقد لعبت دورًا رئيسيًّا في تشكيل العولمة وقدّمت للغرب الفرصة للحفاظ على السياسات المالية والنقدية شديدة التساهل بسبب الضغط الذي مارسته العمالة والمنتجات الصينية على التضخم العالمي.

ومثّلت الصين في المقام الأول فرصة اقتصادية – سيتم التعامل مع المخاوف الجيوسياسية في مرحلة لاحقة، لكن هذه المرحلة جاء وقتها الآن، وهذا يجعل قادة الغرب متوترين، يصبح الغرب والصين في منافسة مع أحدهما الآخر على نحو متزايد، بينما كانا في السابق يكملان أحدهما الآخر. وقد يكون لهذا عواقب كبرى على الاقتصادات الغربية – خاصة على الشركات التي تمتلك مصالح في الصين، وسلاسل الإمداد، والتضخم والتباين في النمو الاقتصادي بين الولايات المتحدة وأوروبا.

لقد أدت التوترات حول نهج بكين الاستبدادي إلى عقوبات رمزية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ردت الصين بإجراءات ضد عدد من المؤسسات الفكرية، والدبلوماسيين الغربيين وغيرهم. هذه المضايقات الدبلوماسية الطفيفة ليست العواقب الوحيدة، توجد أيضًا انعكاسات اقتصادية. على سبيل المثال، أغلقت الصين الموقع الإلكتروني لمتجر (إتش آند إم) ردًّا على لهجة الشركة الاسكندنافية الناقدة لحقوق الإنسان في الصين. أيضًا، جرى إغلاق عددٍ من المتاجر.

لفترة طويلة، نجح الغرب في تجنب التشابك الزائد للعناصر السياسية والاقتصادية في تجارته مع الصين، في مختلف الأحوال. لكن هذا يزداد صعوبة. ونتيجة لذلك، الشركات الغربية صاحبة الصورة العامة بالتحديد سوف تضمر المزيد من الشكوك حول إلى أي مدى ينبغي أن يكون لها تواجد داخل السوق الصينية. أولًا، هذا قد يؤدي إلى علاقات عامة سيئة جدًا في أسواقهم الأصلية. ثانيًا، هذا قد يجعلهم هدفًا لمحاولات بكين لإظهار حسمها أمام شعبها.

في الوقت نفسه، أصبح الاقتصاد الصيني حتى الآن أكبر سوق للكثير من الشركات الغربية، لذلك تلك الشركات ستفكر في الانسحاب من الصين فقط إذا فشل الآخرين جميعهم، غير أنه إذا استمرت التوترات في الارتفاع، ربما يتسلل “خصم الصين” إلى أسهم الشركات الغربية التي تمتلك حصصًا كبيرة في الصين.

من ضمن الشركات التي تحقق معظم مبيعاتها في الصين سلسلة الفنادق/الكازينو وين ريزورتس (70% من المبيعات تقريبًا في 2019) ولاس فيجاس ساندز وشركات التكنولوجيا مثل كوالكوم (65% في 2019) وبرودكوم (48% في 2019).

أصبح الكثير من مُصنعي السيارات والعلامات التجارية الفاخرة معتمدين بشدة على الصين. في 2019، حققت مجموعة فولكس فاجن أكثر من 40% من إجمالي مبيعات السيارات هناك.

إن اعتماد الغرب والصين على العولمة هائل. تستورد الصين معظم النفط، والغاز وخام الحديد، بالإضافة إلى هذا، تعتمد الصين بشكل كبير على مضائق معرضة للهجوم من أجل خطوط إمدادها، والتي تهيمن عليها دول يمكن تحسين العلاقات معها. وعلى الجانب الآخر، لا تزال الصين تسيطر على الإنتاج العالمي للعناصر الأرضية النادرة، وتحاول الدول الغربية اللحاق بها، لكن من المرجح أن يستغرق هذا حوالي عشر سنوات.

يعتقد الكثيرون أن التوترات لن تصل إلى صدام حقيقي بسبب هذا الاعتماد المتبادل، وربما يكون هذا هو الحال، على الرغم من أن الحرب العالمية الأولى أثبتت أن هذا لم يمنع الدول من خوض الحرب – لكن رجال السياسة قلقون بشكل متزايد بشأن خطوط الإمداد وسلاسل الإنتاج المعرضة للخطر. على سبيل المثال، تسيطر شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات على أكثر من نصف إنتاج أشباه الموصلات حول العالم.

سوف يحاول صُنّاع السياسة والشركات تنويع سلاسل الإنتاج وربما يحاولون تقليل الاعتماد على آسيا. هذا سيؤدي إلى سلاسل إمداد أقل كفاءة لكن أكثر موثوقية، بيد أن الأمن المدمج الإضافي يأتي بتكاليف أعلى، وهو ما يفرض ضغطًا تصاعديًّا على التضخم.

في الوقت نفسه، تتحول الصين من اقتصاد تصدير صناعي إلى مجتمع استهلاكي فائق التكنولوجيا. قد يثبت النموذج الصيني لرأسمالية الدولة أنه لا يناسب هذه القفزات التكنولوجية مثلما كان أثناء الانتقال من الاقتصاد الزراعي إلى الصناعي. وعلاوة على هذا، ارتفع إجمالي الدين الصيني إلى 318% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2020. هذا غير مسبوق للمرحلة الحالية من التنمية الاقتصادية للصين، ما يجعل الدولة معرضة لانفجار فقاعات الأصول.

لقد جعلت طموحات الصين الدول الغربية متشككة بشدة في دور شركات الاتصالات والتكنولوجيا الصينية في القطاعات المهمة استراتيجيًّا. إن إبقاء شركات مثل هواوي خارج القطاعات الحساسة مكلف جدًا – بشكل رئيسي بسبب مشاركة هواوي القوية في بعض الدول بالفعل. ولا أحد يختلف في أن هواوي تقدّم معدات ممتازة بأسعار تنافسية؛ وبالتالي الانتقال إلى مزودين آخرين سيؤدي إلى تكاليف أعلى، وهذا أيضًا تطور سياسي قد يعزز التضخم.

وأخيرًا، حيث إن التوترات بين الغرب والصين سترتفع، تبدو أوروبا حساسة تجاه الآتي أكثر من الولايات المتحدة:

  • تُشكّل الصادرات الأوروبية إلى الصين حصة أكبر بكثير من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالولايات المتحدة.
  • تعتمد أوروبا أكثر على التجارة العالمية والمناخ الدولي المستقر.
  • تستطيع الصين بسهولة إثارة الدول الأوروبية على بعضها البعض.
  • ألمانيا قائد في أوروبا. تمتلك صناعة السيارات الألمانية قوة ضغط كبيرة وتعتمد على السوق الصينية في حصة كبيرة من مبيعاتها.
  • لا تزال أوروبا تصارع مع اللعبة الجيوسياسية، بينما الولايات المتحدة بارعة أكثر فيها.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا