وول ستريت جورنال | «أريد أن أبني أهراماتي».. كيف تبدو رؤية ولي العهد السعودي لمدينة نيوم؟

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

إذا حقق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حلمه، سوف تنهض مدينة دولة بقيمة 500 مليار دولار تُدعى “نيوم” يومًا ما من الصحراء، وتحوّل السعودية عن طريق جذب مليارات الدولارات في صورة استثمارات جديدة، حيث تحاول المملكة تخفيض اعتمادها على النفط قبل أن تجف احتياطياتها من الخام.

إلا أنه حتى الآن، تغرق نيوم في التأجيلات وتعرضت لهجرة جماعية للموظفين الذين يعانون من الضغوط تحت وطأة الرؤية الطموحة للأمير.

لقد صارع المهندسون مع مطالب بعمل حفرة بطول نصف ميل وارتفاع 30 طابقًا في جانب جبل، لإقامة مجموعة من الفنادق والمساكن. وجذب توجيه آخر بتشييد 10 قصور، كل واحد منها أكبر من ملعب كرة قدم، جذب أكثر من 50 تصميمًا مختلفًا، لكنه ترك الموظفين يتساءلون ما إذا كان أحد سيشتري منازل قد يرتفع سعرها ليصل إلى 400 مليون دولار للوحدة، وفقًا لمراجعة لخطط المشروع ومقابلات مع أولئك الذين اشتركوا في تطوير نيوم.

في اجتماع لمجلس الإدارة في ديسمبر الماضي، لم يقم الأمير محمد وزنًا للمخططين الحضريين الذين عرضوا خططًا أخرى أكثر بساطة لمدينة خالية من التلوث، وأخبرهم بأن يفكروا بجرأة أكبر. قال، بحسب أشخاص مطلعين على تعليماته: “أنا أريد أن أبني أهراماتي”.

رفضت الحكومة السعودية التعليق، وأحالت الأسئلة إلى نيوم. ووصف متحدث باسم نيوم، المملوكة لصندوق الثروة السيادي السعودي، حجم المشروع بأنه غير مسبوق، لكنه قال إن اتجاهه النهائي مرن وستشكّله “الأولويات والفرص والتحديات المتغيرة”. لقد سعى الأمير محمد لاستخدام أفكار عظمية لجذب المستثمرين، مخبرًا المسئولين الأجانب في بعض الأحيان أنه سيكون سعيدًا إذا حقق نصف ما خطط لفعله.

نيوم، وهي مزيج من الكلمة اليونانية نيو والكلمة العربية “مستقبل”، هي أجرأ مثال حتى الآن من ضمن خطط الأمير البالغ من العمر 35 عامًا لجذب استثمارات أجنبية واسعة النطاق إلى المملكة. وحتى الآن، حقق نجاحًا محدودًا. كان إجمالي تدفقات الاستثمارات إلى السعودية حوالي 5.4 مليار دولار العام الماضي، مرتفعًا مليار دولار تقريبًا عن 2019، بالرغم من الجائحة، لكن أقل من 16 مليار دولار في العام منذ عقد مضى. لقد فشل بيع الأسهم في عملاق النفط السعودي أرامكو في جذب عدد كبير من المستثمرين الدوليين بعد أن حدد تقييمًا ضخمًا بقيمة 2 تريليون دولار، ولم يكن مستعدًا لتخفيضه تدريجيًّا بما يكفي لاجتذاب المؤسسات الأجنبية.

تصارع أيضًا المبادرات الأخرى لإعادة ضبط إتجاه الاقتصاد. إن محاولة الملك الراحل عبد الله لبناء مركز مالي في الرياض متأخرة عقدًا عن موعدها المقرر. والمدينة المطلة على البحر الأحمر التي أطلقها الملك في 2005 على أمل جذب ملايين السكان يسكنها الآلاف فقط، والخطط لنيوم أكبر بكثير.

 ترتكز الرؤية الأخيرة حول مشروع خالٍ من الكربون بطول 106 أميال يُدعى “ذا لاين”، وهي مدينة خطية متصلة بقطارات فائقة السرعة، من دون سيارات. من المقرر أن تحيط بها أربعة مشروعات تنموية أخرى –  تُدعى خليج نيوم، ومنطقة العقبة، وجبل نيوم ومدينة نيوم الصناعية  – وتشمل مشروع بناء منتجع على سفح جبل يُعرف بـthe Vault. هناك أمل أن تمتلك نيوم 14 قطاعًا صناعيًّا، مثل الطاقة، وإنتاج الغذاء والإعلام، من ضمن قطاعات أخرى. يقول بعض موظفي نيوم إنهم متشككون في أن الخطط قابلة للتنفيذ. لقد استثمر بالفعل صندوق الثروة السيادي للمملكة ووزارة المالية أكثر من مليار دولار في البنية التحتية المبدئية، والخطط الرئيسية، والاستشاريين وأجور الموظفين – وهي أموال يقول بعض المسئولين السعوديين إنهم يعتقدون أنه كان من الممكن استخدامها بطريقة أفضل في مكان آخر.

يقول موظفون آخرون، سابقون وحاليون، إنهم غير مقتنعين بأن مستثمرين خارجيين سيستثمرون في نيوم. إنهم يشكّون أيضًا في أن المملكة يمكنها تنفيذ خطط وضع مجموعة جديدة من القوانين لكي تجذب المدينة الأجانب المعتادين على الأعراف الغربية، مثل تناول الكحول واختلاط الرجال والنساء بحرية.

لقد حقق المشروع بعض النجاح في جذب شركات كبرى. بالشراكة مع شركة المواد الكيمائية الأمريكية إير برودكتس آند كيميكالز وشركة سعودية، تخطط نيوم لاستثمار 5 مليارات دولار لبناء ما سيصبح أكبر منشأة في العالم لإنتاج الهيدروجين الأخضر. إن السبب وراء هذا المشروع منطقي بوجود مدينة دولة من حوله أو بدون وجودها: يتمتع موقع نيوم بطاقة شمسية وطاقة رياح من الطراز العالمي، ما يجعل المحطة أكثر جذبًا لإير برودكتس لكي تُصدِّر عالميًّا.

وقال متحدث باسم نيوم، إنها تعمل على “إطار عمل قانوني تنافسي” وتعقد مباحثات مع مستثمرين عالميين، “متحمسين لـ … تبني تفرد ما نحاول تحقيقه”. ويقول موظفون حاليون وسابقون إن المدير التنفيذي لنيوم، نظمي النصر، يكافح من أجل تحقيق أفكار الأمير، على الرغم من سمعته في تنفيذ المشاريع خلال مسيرته المهنية التي امتدت لثلاثين عامًا في أرامكو. مرّ على نيوم عشرات الموظفين الكبار خلال عهده، الكثير منهم انزعج من أسلوب إدارة السيد نصر، مثلما يقول هؤلاء الأشخاص.

وأضاف هؤلاء الأشخاص أن بعضهم تخلوا عن عقود تصل إلى مليون دولار في العام، والبعض الآخر لم يستطع العودة إلى السعودية العام الماضي لأن الإغلاق وضع قيودًا على السفر، وواحدًا على الأقل تم فصله فيما بعد.

أندرو ويرث، المدير التنفيذي السابق لواحدة من أكبر منتجعات التزلج الأمريكية، والذي رأس منتجع الجبل المزمع في نيوم، غادر في شهر أغسطس بعد أن حدد أسلوب قيادة السيد نصر بأنه “يشتمل باستمرار على استخفاف ونوبات غضب رافضة ومهينة على نحو غير لائق،” بحسب خطاب الاستقالة الذي اطلعت عليه وول ستريت جورنال.

تشمل عمليات الرحيل الأخرى المدير التنفيذي الذي يقود تنمية خليج نيوم؛ والصندوق الاستثماري للمشروع؛ وفريقه القانوني؛ والقسم السياحي. ومن ضمن الراحلين أيضًا: مديران لتكنولوجيا المعلومات، ومديران للتسويق ومديران للاتصالات. أحال نصر الأسئلة إلى نيوم. ورفض المتحدث الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بموظفين فرديين، لكنه قال إن نيوم لديها حركة دوران موطفين طبيعية مقارنة بمنظمة جديدة بنفس الحجم.

يخبر السيد نصر الموظفين الجدد أنه من أجل البقاء في نيوم فإنهم يحتاجون للإيمان بالرؤية والقيام بتضحيات، كما أخبر المعينين الجدد في يونيو 2019، بحسب ملاحظات شخص حضر الاجتماع، “هناك أيام ستشعر بأنك عملت بجهد أكثر مما يمكنك تخيله. ومع هذا، لم تحقق شيئًا”. قالت الموظفة السابقة آيمي بوثويل، التي عملت في القسم المعني بإنشاء صناعة أغذية، إن الموظفين كانوا يتدربون على الإيمان بنيوم، لكن القليلين خاطروا بالسؤال عن ثقافة المشروع أو الجدوى منه. وقالت: “عندما غادرت، شعرت وكأنني أخرج من طائفة دينية ما”.

يقول موظفون حاليون وسابقون إن الأمير محمد مشارك بقوة في التفاصيل. عندما طرح المهندسون المعماريون الخطط الرئيسية لجبل نيوم في 2019، أخذ الأمير عناصر من ثلاثة نماذج ودمجهم معًا، ومن ضمنهم تصميمات لـVault وبحيرة على قمة بارتفاع 7500 قدم، بحسب وثائق اطّلعت عليها وول ستريت جورنال وشخص مطلع على ما حدث.

لقد باتت طموحات الأمير واضحة بإطلاق مشروع ذا لاين في شهر يناير: فكر فريق نيوم في وضع أضواء قوية يمكن رؤيتها من الفضاء. لقد أمل الأمير في تلقي مكالمة من محطة الفضاء الدولية لتهنئته على إضاءة ذا لاين، وفقًا لأشخاص على علم بالخطط، ثم ألغى لاحقًا خطط الأضواء وخفض حجم الإطلاق، ولكي تصل ذا لاين إلى عنان السماء، يبحث مطورو المشروع الآن إمكانية تنفيذ ناطحة سحاب ضخمة. ووفقًا للخطط التي اطّلعت عليها وول ستريت جورنال، قد يرتفع المبنى 1600 قدم في السماء، أعلى من مبنى إمباير ستيت، وبعرض 55 ميلًا، أي أربعة أضعاف طول مانهاتن.    

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا