تقرير ألماني |الإسلام السياسي خطر على قلب أوروبا

مترجمو رؤية

رؤية

ترجمة – فريق رؤية

نشر موقع “تلي بولس” تقريرًا للكاتب “ألكا دانجالايت” تحدث عن مخاطر الإسلام السياسي على أوروبا والاضطرابات الواضحة من قبل الأحزاب السياسية، خاصة على الساحة الألمانية فيما يتعلق بمجابهة مخاطر استغلال هذه التيارات للمنظمات والمساجد لإنشاء مجتمعات موازية، والقضاء على دعائم الأمن والاستقرار في المجتمعات الديمقراطية الدستورية الحديثة في عموم القارة العجوز.

يشير مصطلح “الإسلاموية” إلى الحركات والتيارات المختلفة التي ترى أن الإسلام نظام إلهي عالمي يشمل جميع مناحي الحياة؛ فهو ليس قضية دينية شخصية خاصة، بل له جوانب تشريعية قانونية وسياسية، ففيه الفردية والتعددية ويحقق المساواة والحرية، ومن ثم فهذا النظام الإلهي لا يمكن مقارنته بالأنظمة الدنيوية التي تدافع عن العلمانية والديمقراطية وغيرها من القيم التي تشكل دعائم المجتمعات الديمقراطية الحديثة، وبالتالي فإن جميع أطياف هذا التيار تشترك في هدف واحد يتمثل في إقامة الخلافة الإسلامية، كما يقول المفكر الإسلامي أحمد منصور

وتزعم هذه التيارات جميعًا أنها تعاني من التمييز وأن المجتمعات الأوروبية والغربية تعج بمظاهر العنصرية والمعاداة للمسلمين، رغم أن هذا غير حقيقي، ولا يمكن أن ينكر عاقل أن هناك تمييزًا ضد المسلمين واليهود والهندوس والبوذيين، وغيرهم من الأقليات، وغالبًا ما يثير الجدل حول قضايا مثل ارتداء الحجاب في المدارس وساحات القضاء والأماكن العامة الأخرى مشاعر الغضب لدى الكثير من المسلمين رغم أن المجتمع الألماني يفرق بين البرقع (النقاب) الذي يخفي جميع جسد المرأة، والذي أصبح الآن رمزًا للإسلام السياسي، والحجاب الفضفاض الذي يرتديه الكثير من النساء المسلمات، ومع ذلك فهذه القضايا هي وليدة أحداث إرهابية عانى منها العالم في الآونة الأخيرة، خاصة بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي. فخلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات لم يشكل الحجاب أو النقاب ثمّة معضلة، ومع ذلك فإن أغلب الأحزاب الألمانية، وفي مقدمتها الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر واليسار، لا ترى ضرورة لسن تشريع أو قانون يمنع ارتداء المسلمات في ألمانيا من ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، مثل المدارس ومراكز الرعاية والمحاكم وغيرها، وبالفعل فإن أغلب هذه الأحزاب بها شخصيات تنتمي لتلك التيارات أو على الأقل لها علاقات بتلك المنظمات المشكوك فيها، ومع ذلك تنتقد” كوبرا جوموسا” الناشطة النسوية الألمانية ذات الأصول التركية، والتي تربطها علاقات قوية بحكومة أردوغان الإسلامية وجمعيات “مللي جوروش” وكذلك جماعة الإخوان المسلمين، محاولات إقرار حظر ارتداء الحجاب في ألمانيا قائلة: “لا يدرك العديد من صانعي القرار في ألمانيا تبعات مثل هذا القرار على المسلمين أو حتى على الأقليات الدينية الأخرى؛ فهذا القرار إن جرى تعميمه في ألمانيا فإنه يضرب في صميم الديمقراطية الألمانية”.

على الجانب الآخر، يرى المدافعون عن قرار الحظر بأن النقاب بات يمثل رمزًا للتطرف الاسلامي وأن ألمانيا هي بلد علماني لا تتبنى أي دين، وإلا كيف تشعر الفتاة الأيزيدية التي تحررت من استعباد تنظيم داعش الارهابي، والتي تمكنت عائلتها من الفرار إلى ألمانيا بعد تعرض الأيزيديين هناك للإبادة الجماعية، عندما ترى معلمتها ترتدي النقاب؟ أو حتى الحجاب الذي يرتبط في ذهنها بممارسة هذا الدين للعبودية؟ وكيف يمكن تبرير ذلك للطفلة بأن تنظيم داعش الإرهابي كان يسيء استغلال تلك الرموز الدينية التي هي مقبولة الآن في ألمانيا؟!

وفي كل الأحوال سيمثّل الحجاب أو النقاب لهذه الطفلة صدمة مثل التي حدثت لها تمامًا، ثم كيف يمكن ألا تُحترم معلمة مشهود لها بالكفاءة لمجرد أنها لا ترتدي الحجاب، أو كيف يمكن أن تكون مُهددة من قبل الطلاب وأولياء الأمور المتشددين؟

ثم إن نسبة المسلمين الليبراليين في ألمانيا والذين يعتبرون الدين علاقة خاصة، مثل معظم المسيحيين وغيرهم من الليبراليين تصل إلى 75%، بينما تمثل الجمعيات والمنظمات الإسلامية وأتباعها، بما في ذلك ديتيب ومللي جوروش والذئاب الرمادية وجماعة الإخوان المسلمين، نسبة 25 %، وهذه المنظمات هي التي جعلت الحجاب رمزًا للإسلام السياسي، كما أنها التي تطالب بنظام المحاصصة في الأحزاب السياسية بالولايات الألمانية.

ولذلك يقول السياسي الألماني الكردي “علي إرتان توبراك”، إن المطالبة بالمحاصصة في الأحزاب السياسية على أساس الدين ليست منطقية، وإلا كان من حق المسيحيين المشاركة في هذا العبث، لقد حان الوقت لتتوقف الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات والعديد من المنظمات عن التعامل مع منظمات الإسلام السياسي والاستعاضة عنها بالاعتماد على الليبراليين والعلمانيين المؤهلين للحصول على الدعم والتمويل.

منظمات الإسلام السياسي في ألمانيا

اتحاد الجمعيات الثقافية التركية الإسلامية في أوروبا (أتيب)، هو عضو مؤسس للمجلس المركزي للمسلمين، ويُعد المكون الرئيس للمجلس، ويشكل أعضاؤه الجزء الأكبر في المجلس المركزي للمسلمين. وقد كانت ألمانيا تمول هذا الاتحاد عن طريق الوزارة الاتحادية لشئون الأسرة في الفترة بين عامي 2016 و2018 لدعمه نشاطات العمل الخيري لمساعدة اللاجئين في ألمانيا آنذاك.

ورغم الانتقادات المتكررة من قِبل وكالة الاستخبارات الألمانية لنشاطات هذا الاتحاد الذي يتميز بالطابع السياسي وليس الاجتماعي، إلا أن الاستخبارات الألمانية حذرت من أنه في النهاية يمثل جزءًا من اليمين المتطرف التركي والذئاب الرمادية، حيث إنه يغالي في تقدير القومية التركية في مقابل التقليل والتحقير الممنهج من قيمة الجماعات العِرقية أو الأديان الأخرى، وخاصة الأكراد واليهودية.

ورغم ذلك فإنه لا تزال بعض الوزارات الفيدرالية الأخرى والعديد من الولايات الفيدرالية تدعم مشاريع المجلس المركزي للمسلمين والمنظمات الفرعية التابعة له، مثل “ديتيب”، الخاضع لسيطرة تركيا، والاتحاد الإسلامي، الذي تنتمي إليه أيضًا المنظمة الإسلامية “ميللي جورش”، ومنظمات حركة جولن وغيرها من المنظمات، وحتى سنوات قليلة مضت كانت الجمعيات التابعة لجولن في ألمانيا تنفي علاقتها بحركة جولن وكانوا يقدمون أنفسهم على أنهم حركات أو منظمات مستقلة.

 كما كانت تروج لنفسها في ألمانيا على أنها البديل للمنظمات الإسلامية القريبة من حزب العدالة والتنمية، وذلك على الرغم من أنها تسعى لتحقيق نفس الأهداف التي تسعى المنظمات القريبة من حزب العدالة والتنمية لتحقيقها، مثل فكرة الخلافة الإسلامية التي تعمل على إنشاء مجتمع ديني تحكمه قواعد وقوانين الشريعة الإسلامية، ولذلك فإنه من الضروري فهم حقيقة هذه المنظمات والهياكل التي تزداد قوة يومًا بعد يوم إذا لم يتم مجابهتها وهدم أفكارها، التي تشكّل خطرًا وجوديًّا على المجتمعات الديمقراطية الحديثة؛ فالإسلام السياسي يقف حجر عثرة أمام اندماج المسلمين في المجتمعات الديمقراطية، حيث تعمل هذه المنظمات على إنشاء مجتمعات موازية لا يسمح فيها بممارسة قيم الحرية، مثل إقامة علاقات الحب والصداقة قبل الزواج، وحرية ارتداء المرأة للحجاب، وعدم السماح للمسلمين بالزواج من المسيحيات أو الملحدات، كما يقول المفكر الإسلامي أحمد منصور

ورغم المحاولات الألمانية لوقف النفوذ التركي على المساجد من خلال إقامة دورات تدريبية للأئمة المستقلين في ألمانيا، إلا أن هؤلاء الأئمة لن يديروا في النهاية مساجد جمعية ديتب التركية التي تعتمد على أئمتها، ومع ذلك فكيف سيمكن السيطرة على أئمة ديتب الذين يقودون صلاة الجمعة ويقومون بتفسير القرآن، ويشرحون الكتب والمناهج من المراجع الدينية التركية الخاصة بوزارة الشؤون الدينية التركية ديانت؟!

ووفقًا لصحيفة فيلت؛ فقد دعت المجموعة البرلمانية لـ CDU إلى إنشاء كراسي للدراسات الإسلامية في الجامعات الألمانية على مستوى البلاد وإنشاء” مركز لتوثيق الإسلام السياسي في ألمانيا وأوروبا، كما دعا الخبراء المختصون بوزارة الداخلية الاتحادية إلى ضرورة إفصاح الجمعيات والمساجد عن التدفقات المالية الأجنبية، وهذه المطالبات بالفعل جيدة إذا كان القائمون عليها مهنيين مستقلين وليسوا بأشخاص ينتمون إلى هذا الطيف.

وقد بدأت الأطراف الفاعلة في ألمانيا تدرك مؤخرًا مدى تعقيد هذه المشكلة، ولذلك طالبت المجموعة البرلمانية لـ CDUبإنهاء تعامل الدولة مع الجمعيات الإسلامية الواقعة تحت سطو النفوذ الخارجي؛ ومن ثم يجب خضوع مثل هذه الجمعيات ونشاطاتها وأعضائها لمراقبة وكالة الاستخبارات الألمانية (مكتب حماية الدستور) بما في ذلك المجلس المركزي للمسلمين.

يدّعي الإسلام السياسي أنه لا يتبنى العنف، لكنه في الوقت نفسه يثير الكراهية والتحريض والعنف ويسعى إلى إقامة نظام لا مساواة فيه ولا حرية للرأي والدين ولا فصل بين الدين والدولة، ولذلك طالبت المجموعة بضرورة فحص جميع التبرعات المالية والمنح والعلاقات التعاقدية والتعاون مع هذه المنظمات ووقفها، وهذا يشمل أيضًا الإعفاءات الضريبية القانونية للجمعيات والنشاطات الخيرية.

وربما حان الوقت بالفعل لحسم هذا الملف بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لكن هناك شكوك في محلها بالفعل حول إمكانية حدوث ذلك، ولا يقتصر الأمر فقط على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بل إن حزب اليسار الألماني يمارس نفس التناقضات؛ حيث يشارك أحد أئمة حركة جولن في مشروع الحزب “البيت الإبراهيمي” للأديان الثلاثة، كما يتعامل الحزب أيضًا حتى اللحظة مع المجلس المركزي للمسلمين ويجتمع المجلس التنفيذي للحزب مع المجلس المركزي في اجتماعات دورية منذ عام 2018، وقد حضر هذا الاجتماع السيد عبد الصمد اليزيدي الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين عام 2018، والذي مُنع من العمل كمعالج روحي في ولاية هيسن بسبب علاقاته بجماعة الإخوان المسلمين.

كما ظهر أحد المتحدثين للمجلس المركز للمسلمين ZMD في يونيو 2020 خلال فاعلية للمجموعة البرلمانية اليسارية، فكيف يُفهم هذا التناقض؟! وكيف يُفسر مطالبة السيدة علا يلبكي، عضو البوندستاج عن الكتلة البرلمانية اليسارية، للحكومة الفيدرالية بإنهاء كل أشكال التعاون المباشر وغير المباشر مع هذه الجمعية الفاشية، طالما أنها لم تنأَ بنفسها عن جمعية أتيب.

المنظمات التركية القريبة من حزب العدالة والتنمية تتوغل بشكل متزايد في الأحزاب والسلطات والجمعيات الخيرية في ألمانيا، وأصبح ممثلو ما يسمى بالإسلام السياسي أو الإسلام القانوني يتم تمثيلهم بشكل متزايد في هذه المؤسسات، وهو الأمر الذي لطالما حذر منه الخبراء وأنه بات يمثل مشكلة كبيرة في ألمانيا وأوروبا؛ فغالبًا ما يُحسب القوميون الأتراك على الإسلاميين ولم يتم حتى اللحظة التعامل مع هذه المنظمات بالطريقة المُثلى.

هل ينبغي ترشح ممثلي الإسلام السياسي على قوائم الأحزاب في البرلمان الألماني البوندستاج؟

طالب بولنت جوفين، المقرب من الرئيس التركي أردوغان، بتوفير الأحزاب مقاعد برلمانية للمسلمين المحافظين، وهنا كان من الضروري توضيح المقصود بمصطلح “المسلمون المحافظون” وما هو الغرض من هذا المطلب؟ وهل هناك بالأحزاب الألمانية كوته للمرشحين المحافظين أو الليبراليين أو المسيحين أو اليهود أو المسلمين أو غيرهم؟

وتقدّم جوفين بهذا الطلب بالفعل للحزب الاشتراكي الديمقراطي في هامبورج ولكن جرى رفضه، واعتبر جوفين هذا الرفض دليلًا على استبعاد “المسلمين المحافظين” عمدًا من المشاركة السياسية في ألمانيا، الأمر الذي أثار عضب أنصار أردوغان والإسلام السياسي في ألمانيا.

من جانبه قال السيد “علي إرتان توبراك”، الكردي ذو الأصول التركية وعضو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، في مقالته بصحيفة “دي تسايت”، إن الأحزاب الألمانية يجب ألا تقبل مشاركة الذين يتعاطفون مع أردوغان وسياسته. ومع ذلك فإنه من المعروف أن أرمين لاشيت، المرشح لمنصب المستشار في ألمانيا، لديه علاقات مع نظام أردوغان، وأن الألمان من أصول تركية يدعمون لاشيت لهذا المنصب،  ومن ثم فإن توبراك محق إلى حد كبير؛ لأنه يجب على الأحزاب أن تختبر مدى ولاء المتقدمين للانضمام إليها ومدى تمسكهم بقيم الديمقراطية الألمانية، ولذلك يقول توبراك: “لا يمكن للديمقراطي الألماني الحقيقي أن يدعم مستبدًا في الخارج يلغي الديمقراطية وسيادة القانون وحرية الصحافة، ثم يتساءل توبراك لماذا يترشح شخص مثل بولنت جوفين على قائمة حزب ديمقراطي في ألمانيا في الوقت الذي يقوم هو نفسه بدعم نظام يتم فيه إلغاء الديمقراطية؟!

أنصار أردوغان يمثلون حقولًا للألغام في ألمانيا

“بولنت جوفين” هو عضو الاتحاد الدولي للديمقراطيين (UID) والذي يمثل الذراع السياسي لأردوغان في ألمانيا وامتدادًا لحزب العدالة والتنمية لذلك استقبله أردوغان شخصيًّا وسُمح له بالجلوس بجانبه على الكرسي وليس على الأريكة، وهذه المنظمة مزيفة لا علاقة لها لا بالديمقراطية ولا بالدولية؛ فهي منظمة محلية ولا تمت للديمقراطية بصلة، وهي تمثّل فرعا لحزب العدالة والتمية الحاكم AKP في تركيا وتخضع للمراقبة من قبل الاستخبارات الألمانية (حماية الدستور).

وتُسخّر حكومة أردوغان، التي هي أبعد ما تكون عن الديمقراطية، مثل هذه المنظمات للتأثير على السياسة الألمانية، ومن ثمّ ترفع هذه المنظمة UID الشعار الذي ينادي به أردوغان وبعض خصومه، والذي يطالب المواطنين من أصل تركي في الخارج بالحصول على الجنسية لخدمة تركيا وتمثيل لوبي تركي يخدم المصالح التركية هناك”.

ولذلك دعا “ألب أرسلان” رئيس حزب الحركة القومية اليميني المتطرف خلال مؤتمر الاتحاد التركي بمدينة إيسن في عام 1996 أنصاره إلى الانضمام إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بهدف إمكانية التأثير على السياسة الألمانية؛ ولذلك تزعم الجمعية الوطنية Hür-Türk، التي تأسست عام 1979 بأنها الفرع التركي لائتلاف (CDU/CSU) رغم أنها تتبع منظمة الذئاب الرمادية المحظورة في ألمانيا، كما أن هناك اتهامات موجهة الآن الى إدارات المدن التابعة لحزب العدالة والتنمية والتي قامت بتهريب ما يصل إلى 1000 تركي إلى ألمانيا خلال العامين الماضيين عن طريق جوازات السفر الرمادية. وقال مكتب المدعي العام في مدينة هانوفر إن السلطات التركية أصدرت جوازات سفر في الصيف الماضي 2020 لوفد مكون من 53 عضوًا مشاركين في مشروع “حماية البيئية”، عاد منهم فقط أربعة، وردّ رئيس بلدية مدينة أكجاكيراز السيد “صباح الدين كايا” بأن الذين يذهبون في مهام رسمية لألمانيا ثم لا يعودون هم عجزة ويمثلون عبئًا على تركيا”.

وعلى الرغم من ادعاء وزارة الداخلية التركية إجراء تحقيقات ضد العديد من إدارات المدن التابعة لحزب العدالة والتنمية، إلا أن الأمر لا يعدو كونه نوعًا من ذر الرماد عن العيون للتستر على خطة حزب العدالة والتنمية في استغلال هذه العناصر لاحقًا في ممارسة النفوذ والتأثير على السياسة الألمانية. ووفقًا لصحيفة “هانوفر ألجماينا تسايتونج” والتي نشرت في عام 2016 صورة شاشة (سكرين شوت) للملف الشخصي من هاتف السيدة زينب دوجروسوز ذات الأصول التركية ومديرة مشروع “الدين والتنوع” بالحزب الاشتراكي (SPD) الألماني والذي كان يحمل شعارات قومية متطرفة واقتباسات من أقوال مؤسس التنظيم الفاشي المتطرف “الذئاب الرمادية”.

كما اضطرت السيدة “نبهات غوكلو”، العضو بحزب الخضر للاستقالة من الحزب بعدما صارت تروج علنًا وتدافع عن منظمة “الذئاب الرمادية” كذلك قامت السيدة جميلة جيوسوف، العضو بالاتحاد الديمقراطي المسيحي والنائبة عنن الحزب المسيحي الديمقراطي في الفترة 2013-2017 بالبوندستاج الألماني، بالمشاركة في فعاليات للجمعية الإسلامية المتشددة ميللي جروش “Milli Görus” وردت غوكلو على الانتقادات الموجهة إليها بأنها أرادت إظهار التضامن مع الجمعية بعد تعرض أحد مساجدها للحرق على يد متطرفين، لكن هذا لم يكن صحيحًا حيث إنها اشتركت أيضًا في نشاطات مع جمعية تابعة لحركة الذئاب الرمادية المحظورة في ألمانيا طبقًا لموقع يودشا رونددشاو.

ويعد حزب التحالف من أجل الابتكار والعدالة BIG الفرع الألماني لحزب العدالة والتنمية التركي نموذجًا لهذا التستر، حيث يقدم الحزب نفسه للجمهور الألماني بطريقة عصرية وحديثة، فتجد المنشورات الألمانية للحزب تدعو إلى قبول التنوع والاختلاف الثقافي بينما المنشورات التركية للحزب تظهر المعادة للسامية وللمثليين. وفي عام 2019 اتهم نائب رئيس الحزب السيد “هالوك يلدز” حزب الخضر بالتطرف بعد انتخاب السيد “بيليت أوناي” رئيسًا لبلدية هانوفر، وقال يلدز إن أوناي يدعو لتدمير القيم العائلية من خلال قيام بالدعاية للمثلية الجنسية، وذلك رغم أنه متزوج ولديه طفلان، وانتقد يلدز بشدة ناخبي أوناي من الأتراك ومن المسلمين قائلا: إما أنكم تخليتم عن مبادئكم أو أنكم خذلتم الإسلام بانتخاب مثل هذا الرجل.

في فرانكفورت تحالف حزب حلف الابتكار والعدالة BIG مع حزب “مواطنين من أجل فرانكفورتBFF، وهو تحالف يتردد بين الحزب المسيحي CDU وحزب “البديل من أجل ألمانيا” AfD وقد تمكن هذا التحالف من حصوله على ميزانية سنوية تقدر بـ 200000 يورو، ووفقًا لـ موقع فرانكفورتر روندشاو فقد شارك الحزب في العديد من نشاطات حركة بيجيدا المعادية للمهاجرين في فرانكفورت بالإضافة لمشاركة العديد من كوادر الحزب الوطني الديمقراطي الألماني NPD وغيرهم من المتطرفين اليمينيين.

ويعد السيد، هالوك يلدز، رئيس حزب حلف الابتكار والعدالة BIG من أهم مؤيدي الرئيس التركي أردوغان، والذي دافع عنه في العديد من البرامج الحوارية التلفزيونية، فكيف إذًا يتحالف هذا الحزب مع اليمينيين المتطرفين رغم أنهم ينتمون للتيارات الإسلامية المتشددة؟! يجيب السيد “إرين جوفرسين” على ذلك قائلًا: هذا التحالف يؤكد أن التيارين يفكران بنفس الطريقة وأن لديهم قواسم مشتركة وما يجمعهم أكثر مما يفرقهم.”

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إن حزب تحالف الديمقراطيين الألمان ADD، الذي أسسه أيضًا الأتراك، والذي يدعو إلى التمسك بالهوية الوطنية في ألمانيا متعددة الجنسيات والأديان أعلن رفضه الكثير من حقوق المرأة، وانتقد الحزب التربية الجنسية والمساواة بين المثليين، وتظهر نشاطاته أنه لا يختلف كثيرًا عن منظمة الذئاب الرمادية الفاشية أو المنظمة الإسلامية ميللي جوروش، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البافارية.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا