بوليتيكو | هل يعتذر ماكرون عن الإبادة الجماعية في رواندا؟

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

يشهد الشهر القادم الذكرى السابعة والعشرين للإبادة الجماعية في رواندا – وربما تواجه فرنسا حسابها. لقد ارتكزت الذكرى الفرنسية للحدث لعقود على سؤال فظيع لم يتم حله: ما إذا كان الرئيس حينها فرانسوا ميتران وكبار مسئوليه متواطئين في المذبحة التي وقعت عام 1994 في حق ما يصل إلى مليون شخص من قبيلة توتسي على يد عصابات الهوتو، بينما جلس الجنود الفرنسيون مكتوفي الأيدي بالقرب منهم، منتظرين الأوامر من باريس والتي لم تأت مطلقًا.

اليوم، يسافر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى كيجالي ليستقبله الرئيس الرواندي بول كاجامي. إن أهم عنصر في زيارة ماكرون هو خطابه العام للروانديين، ولا شك أن الأمل واسع الانتشار في البلاد هو أن ماكرون سيعلن أخيرًا عن تحمل فرنسا المسئولية ويعتذر عن دورها في الإبادة الجماعية.

ذكر الباحث الرواندي آجي شياكا موجابي، “لعل هذا هو الشيء الوحيد الذي نتوقعه من فرنسا، لأننا نعلم أن الماضي لا يمكن تغييره”.

في 2019، كلّف الرئيس إيمانويل ماكرون مجموعة من 15 مؤرخًا، بقيادة فينسنت دوكليرت، لبحث حجم مسئولية فرنسا عن الإبادة الجماعية. بعد عامين من البحث، وبناءً على الوصول غير المسبوق للأرشيف الذي كان مغلقًا في السابق، قدمت اللجنة إجابتها: في حين أن المؤلفين لم يجدوا شيئًا يشير إلى التواطؤ، فإنهم استنتجوا أن الحكومة، عن طريق دعمها الثابت والأعمى بشكل متعمد لنظام رواندا العنصري والمجرم، تتحمل “مسئوليات ثقيلة ومدمرة” في صنع المجزرة.

وبعدها بشهر، استنتج تقرير ثاني عن دور فرنسا – قامت به شركة محاماة أمريكية بطلب من كاجامي – أنه في حين أن فرنسا تتحمل “مسئولية كبيرة،” لم يشارك مسئولوها بشكل مباشر في الإبادة الجماعية.

هذه النتائج رفعت توقعات الاعتذار في رواندا، وهو ما وضع ماكرون في موقف حرج نوعًا ما. وفي حين أن تركيز التحقيقات كان على الأحداث في رواندا، فإن مسألة الذنب تتعلق بنفس القدر بتاريخ فرنسا وصورتها الذاتية. وبالنسبة إلى ماكرون، الذي يواجه إعادة الانتخابات بعد أقل من عام، فإن مسألة تقديم اعتذار رسمي من عدمه لها تداعيات مهمة على مستقبله السياسي. وفي حين أن معظم الروانديين ينتظرون هذه البادرة، ليس من الواضح أن نفس الشيء صحيح بالنسبة إلى معظم الفرنسيين.

على الرغم من أن أحزاب اليسار والوسط سترحب بإعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بعد الخلافات التي سببتها الإبادة الجماعية، فإنهم لن يترددوا أيضًا في تصوير ماكرون على أنه مستعد للاعتراف بانتهاكات حقوق الإنسان السابقة بينما يغض الطرف عن اتهامات القمع التي يواجهها كاجامي.

وحذرت مقالة افتتاحية حديثة في صحيفة لوموند من أن الاعتراف بالذنب الفرنسي عن أحداث 1994 “لا يبرر غض الطرف عن الطبيعة الاستبدادية للحكومة الرواندية الحالية”.

وعلى الجبهة السياسية الأخرى لماكرون، لم يقل حزب الجمهوريين المحافظ، الذي لم يتعاف بعد من الانهيار التام في انتخابات 2017، لم يقل الكثير بشكل واضح عن الجهود لإصلاح العلاقات مع كيجالي. لكن لا يمكن قول نفس الشيء عن مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، التي سيمثل لها الاعتذار هدية سياسية.

لم تخجل لوبان من انتقاد الحكومة الرواندية، أو جهود ماكرون الرامية للتقارب. في 2018، عندما ألقى ماكرون بثقله على مرشح رواندي لكي يقود المنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية، كانت لوبان سريعة في شجب الخطوة بوصفها تحابي دولة رفضت لغة مستعمرها لصالح اللغة الإنجليزية.

صرحت لوبان، “أنا مصدومة أن فرنسا تدعم مرشح حكومة معادية لفرنسا بشدة والتي اختارت أن تجعل الإنجليزية لغة التعليم الرسمية”. كان ردها على إعلان أن ماكرون سيزور رواندا هو الإصرار على أن فرنسا تحتاج لقائد لن يعتذر وإنما يدافع عن الأمة ضد الإتهامات المجحفة. قالت، “أنا لست من هواة التوبة”.

في حالة تقديم ماكرون لاعتذار، لوبان، التي من المتوقع أن تواجه ماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية العام القادم، سوف تستفيد من الموقف قدر استطاعتها. في 2017، وصف ماكرون أفعال فرنسا في الجزائر عندما كانت فرنسية بأنها “جريمة ضد الإنسانية”. إن مثل هذه الأمور الجدلية ستكون فرصة للوبان لكي تستحوذ على نفس الناخبين المحافظين الذين يتودد إليهم ماكرون الآن عن طريق اتخاذ موقف صارم تجاه التطرف الإسلاموي.

وأثناء زيارته لكيجالي، سيشعر ماكرون بالتوتر بين ما يأمل به الروانديون وكيف سيتلقاه الوطن. ستكون هناك تداعيات لكلا البلدين أيا كان الخطاب الذي سيختاره.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا