ذا هيل | مصير تايوان قد يُحسم في أوكرانيا

آية سيد

ترجمة –  آية سيد

رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرًا عدد القوات إلى 100 ألف تقريبًا، إلى جانب أعداد كبيرة من الطائرات والمعدات، على حدود بلاده مع أوكرانيا. كانت رسالته واضحة: التواجد المتواصل لأوكرانيا مستقلة، وديمقراطية وقوية سيظل مُهددًا دائمًا بأهواء موسكو. وفي ظل احتلال الوكلاء الروس لأجزاء كبرى من شرق أوكرانيا، وكذلك أيضًا شبه جزيرة القرم، ينبغي أخذ الرسالة على محمل الجد.

بعد العودة من كييف وخط التماس بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا، يمكن القول بشكل قاطع إن حكومة وشعب أوكرانيا لن يتعرضوا للترهيب من تكتيكات بوتين العنيفة. إن توجه الأوكرانيين على جميع مستويات المجتمع مؤيد لمزيد من الاندماج مع المؤسسات الغربية، من الاتحاد الأوروبي إلى منظمة حلف شمال الأطلسي. في الواقع، يبدو أن إرهاب بوتين جلب عكس النتيجة المرجوة.  

غير أنه ليس فقط العزم الأوكراني هو ما تختبره البلطجة الروسية؛ فواحدٌ من المبادئ الرئيسية للنظام الدولي ما بعد الحرب العالمية الثانية هو رفض القوة العسكرية كحل للنزاعات الإقليمية. على مدار الاثني عشر عامًا الماضية، أذعن الغرب بصورة متكررة لمحاولات تغيير خريطة العالم بطرق عسكرية غير مشروعة، مكتفيًا بإصدار تصريحات فارغة أو عقوبات غير كافية والتي أشارت إلى قبول ضمني لهذه التكتيكات.

في 2008، غزت روسيا جورجيا واحتلت منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المتنازع عليهما؛ وبعد 13 عامًا، لا تزالان خاضعتين لهيمنة موسكو.

وفي 2010، بدأت الصين حملة استصلاح الأراضي في بحر الصين الجنوبي، مثبتةً الحقائق على الأرض في سلسلة من النزاعات الإقليمية مع جيرانها والتي أكسبت بكين مزايا عسكرية كبرى.

وفي 2014، احتلت روسيا شبه جزيرة القرم وأجزاء من شرق أوكرانيا، مشعلةً حربًا بالوكالة مستمرة والتي حصدت أكثر من 10 آلاف روح وتسببت في نزوح أكثر من مليونَي أوكراني، ولا تزال لا تُظهر أي علامة على الانحسار.

في 2015، تدخلت روسيا في سوريا لصالح بشار الأسد، ومنذ ذلك الحين عززت تواجدها في المتوسط وحرضت على ذبح عدد لا يُحصى من المدنيين سعيًا وراء مصالح موسكو الإقليمية المتصورة.

وفي 2020، هاجم جنود صينيون دورية عسكرية هندية في الهيمالايا على طول حدود متنازع عليها، حيث ضربوا 20 جنديًّا هنديًّا بالهراوات حتى الموت وألقوا بجثثهم في أخدود.

لاحظ القادة الاستبداديون حول العالم أن الغرب كان رد فعله ضعيفًا، أو لم يرد على الإطلاق، على هذه الأعمال الاستفزازية. لقد فهموا الرسالة جيدًا: القوة مهمة، وتفوقها سيساعد في ضمان الأهداف السياسية للشخص. وسلوك بوتين الأخير تجاه أوكرانيا هو مجرد فصل آخر في هذه الملحمة.

لا أحد يراقب هذا الدرس عن كثب أكثر من بكين، التي كثّفت موقفها العدائي تجاه تايوان منذ تولي إدارة بايدن المنصب. وفي ظل تسجيل أرقام قياسية جديدة للتوغلات الجوية فوق الأراضي التايوانية بشكل شبه يومي، وتنافس المسئولين الصينيين على إصدار تصريحات حربية حول “المقاطعة المنشقة،” أصبحت الأجواء عبر مضيق تايوان الأكثر توترًا منذ عقود.

ويبدو أن التزام الرئيس الصيني شي جين بينج بـ”إحياء الأمة الصينية” وتحقيق “الحلم الصيني” يرتكز على قدرته على حل قضية تايوان، بشروط بكين، في العقد القادم. يزداد وضوحًا أن تايوان لن تقبل سلميًّا بتسوية سياسية مع بكين، بعد أن رأت الاستبدادية الصينية في هونج كونج والتبت. إن الطريق الوحيد لكي يحقق شي أهدافه هو الوحدة القسرية مع تايوان.

وبينما يشاهد العالم مضيق تايوان بخوف، فإن المتنبئ الأوضح بالأحداث المستقبلية هو عدم رد الغرب المستمر على حالات العدوان المماثلة. إن شي مدرك تمامًا للنجاح الذي حققه زميله الاستبدادي في موسكو في تغيير جيوسياسة منطقته تحت تهديد السلاح. وبينما يفكر في احتمالية التدخل الأمريكي في الصراع التايواني المحتمل، يملك شي أدلة كافية تجادل ضد الرد الغربي القسري.

تمتلك الولايات المتحدة، وحلفاؤها وشركاؤها، فرصة في أوكرانيا لإظهار التزامهم بالنظام الدولي القائم، وبالتالي لردع المعتدين المحتملين قبل أن تكون هناك حاجة للقوة العسكرية. في أوكرانيا، يمكن أن تعمل الولايات المتحدة بسرعة لتمديد حالة “حليف رئيسي خارج الناتو” للدولة، ولتوسيع نطاق مساعدتها العسكرية، ويشمل ذلك عن طريق توفير تكنولوجيات مضادة للطائرات المسيرة، ومعدات وقاية شخصية أكثر تطورًا للقوات في الخطوط الأمامية، وتنفيذ عمليات معززة لحرية الملاحة في البحر الأسود إلى جانب شركائنا في الناتو.

هذه الإشارات سوف ترسل رسالة واضحة ليس فقط لموسكو، بل أيضًا لبكين وطهران وبيونج يانج. يظل الضعف استفزازيًّا، بينما القوة تردع. إن العقد القادم ليس مقدرًا له بالضرورة أن يصبح عقدًا للعدوان العسكري المتواصل والمغامرة من طرف منافسينا الاستبداديين، لكن منعه من أن يصبح كذلك يتطلب من واشنطن أن تعمل بصورة استباقية، قبل أن يفوت أوان الردع.

للإطلاع على المقال الإصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا