الصحافة الألمانية| تحديات كبيرة تنتظر الرئيس الإيراني الجديد.. وماذا بعد الإطاحة بنتنياهو؟

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

التطورات الأخيرة في إيران وأثرها على مستقبل الشرق الأوسط

نشر موقع “دويتشلاندفونك كلتور” حوارًا مع الخبير في الشئون الإيرانية والسياسي كورنيليوس أديبهر، تحدث عن تأثير نتائج الانتخابات الإيرانية على العديد من الملفات، مثل المفاوضات وإعادة الاتفاق النووي، والموقف من إسرائيل ودول الخليج، خاصة بعد التطورات الأخيرة والتواصل المباشر بين طهران والرياض، ومدى تأثير هذه الملفات على مستقبل المنطقة.

وفي الوقت الذي تتفاوض فيه إيران من أجل إعادة الاتفاق النووي، تواصل في نفس الوقت تطوير برنامجها النووي بقوة، وربما تسفر نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة عن تولى أحد الأشخاص المحسوبين على التيار المتشدد في طهران، وهو إبراهيم رئيسي، فما الذي يعنيه هذا بالنسبة للشرق الأوسط؟ وإلى أبرز ما جاء في الحوار:

موقع دويتشلاند فونك كولتور: هل يكون الرئيس القادم لإيران من معسكر المتشددين؟

أديبهر: من غير المرجح أن يتم إتمام الصفقة في فيينا قبل انتخاب رئيس جديد لإيران؛ حيث إنه من المتوقع فوز رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي، ويرغب نظام الملالي أن يتم هذا الاتفاق في عهد رئيسي حتى لا يحسب لصالح روحاني الذي ينتمي لمعسكر المحافظين. ولا شك أن نتائج الانتخابات المقبلة ستمثل نقطة تحول وتغيرًا جوهريًّا؛ ليس فقط بسبب احتمالية فوز رئيسي، والذي سيسلك مسارًا سياسيًّا داخليًّا أكثر صرامة، لكن أيضًا بسبب الأوضاع الداخلية وعدم وجود رؤية اقتصادية لدى رئيسي لإصلاح الأوضاع المتدهورة، واحتمالية تعميق الهوة وزيادة العزلة بين النظام والشعب الإيراني وهو ما سيعكسه الإقبال المنخفض على التصويت في الانتخابات القادمة، كما هو متوقع.

الموقع: برنامج إيران النووي يثير القلق، خاصة بعد تخصيب اليورانيوم 16 مرة أكثر مما هو مسموح به بموجب الاتفاقية النووية، فهل يعمل نظام طهران على تصنيع القنبلة الذرية بالفعل أم أنه ما زال يستعد لإنتاجها؟

أديبهر: هذا سؤال يشغل المجتمع الدولي منذ عشرين عامًا؛ ولذلك يهتم العالم بما يجري في طهران، وقد ضمنت الاتفاقية النووية لعام 2015 وجود قيود كافية، لمعرفة ما يحدث في المنشآت النووية، ومنع إيران من إنتاج السلاح النووي، لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية هو ما دفع إيران لاستئناف تخصيب اليورانيوم والوصول لهذه المرحلة، ولذلك تسعى الإدارة الأمريكية الحالية لإعادة العمل بهذا الاتفاق النووي، ومنع طهران من امتلاك السلاح النووي.

الموقع: النقطة المركزية إذًا هي تخصيب اليورانيوم الذي كان مسموحًا به طبقًا للاتفاقية، لكنهم أعلنوا عن نسبة تخصيب تصل لـ60٪.. فماذا يعني ذلك؟ وهل هم في الطريق إلى تصنيع القنبلة النووية؟

أديبهر: هذا ممكن، ومع ذلك أعلنت إيران تراجعها عن هذه الخطوة، وربما تكون إيران استطاعت بالفعل امتلاك السلاح النووي سرًّا لكنها في العلن تريد أن تملك ورقة للتفاوض، وهذا تكتيك إيراني لتحقيق أهداف لصالح النظام من هذه المفاوضات.

الموقع: مفاوضات إحياء الاتفاق النووي تجري حاليًا في فيينا من أجل رفع العقوبات الدولية عن إيران والتي أضرت باقتصادها بشدة، وتريد الولايات المتحدة أن تمتثل طهران لشروط الاتفاق مرة أخرى.. فلماذا لم تنجح المفاوضات حتى الآن؟

أديبهر: تكمن المشكلة فيمن يجب عليه أن يتخذ الخطوة أولًا، وعما إذا كانت الولايات المتحدة هي من تقوم بتخفيف العقوبات أو يتعين على إيران العودة إلى الاتفاق النووي، وهذا هو جوهر الخلاف بين الجانبين، لكن هذا الخلاف يمكن التغلب عليه.

الموقع: تحاول الولايات المتحدة إدراج نقاط أخرى لم تكن في الاتفاق الأصلي، خاصة فيما يتعلق بسلوك إيران في المنطقة ودعمها للميليشيات الشيعية في لبنان واليمن، بالإضافة إلى برنامج الصواريخ الإيراني.. فهل يمكن أن يتضمن الاتفاق الحديد هذه النقاط؟

أديبهر: بالتأكيد يمكن إدراج هذه البنود، لكن عبر مراحل مختلفة في التفاوض وليس في المرحلة الأولى.

الموقع: هل من الممكن التوصل للاتفاقية قبل ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة في إيران؟

أديبهر: كان المراقبون يتوقعون أن تصل هذه المفاوضات إلى نتيجة قبل الانتخابات، لكن هذا الأمر يتعلق بشكل كبير على الجانب الإيراني ووجهة النظر السياسية الداخلية لإيران، وعلى كيفية تعامل قيادة الدولة مع هذه المفاوضات، وهل تريد إتمام الاتفاق قبل الانتخابات، أم أنها تفضّل أن يتم التوصل لاتفاق عقب تولي الرئيس المقبل.

الموقع: هل الانتخابات الرئاسية الإيرانية ستمثل نقطة تحول بالنسبة لإيران؟

أديبهر: يجب أن تكون كذلك، فمن المتوقع أن تكون نسبة التصويت ضئيلة، ومع أنها لا يمكن مقارنتها بالانتخابات الأوروبية أو الغربية، إلا أن الانتخابات دائمًا ما تُستغل من قِبل النظام الحاكم لإضفاء الشرعية عليه، خاصة إذا كانت هناك نسبة مشاركة كبيرة بين المواطنين الإيرانيين، وإذا حدث وجاءت نسبة التصويت متواضعة فإن النظام حينئذ سيتعرى أمام العالم؛ ومن ثم تكون هذه هي نقطة التحول الحقيقية.

الموقع: في الأيام القليلة الماضية وقعت عدة حوادث غريبة في إيران. غرقت أكبر سفينة في البحرية الإيرانية بعد حريق ضخم، وبعد يوم واحد فقط اندلع حريق كبير في مصفاة بالقرب من طهران، فهل يمكن أن يكون لذلك علاقة بالانتخابات المقبلة؟

أديبهر: لا يتعلق الأمر بالانتخابات بقدر ما يتعلق بمفاوضات فيينا والصراع بين إسرائيل وإيران على وجه الخصوص، حيث تقود إيران حربًا بالوكالة ضد إسرائيل على الأراضي السورية، وتتعرض المنشآت في كلا الجانبين للهجوم، حتى وصل الأمر للهجوم على المنشآت النووية، ومع أنه لا يمكن الجزم بوقوف إسرائيل وراء هذه الهجمات أو الحوادث، إلا أنه لا يمكن تبرئتها تمامًا.

الموقع: ماذا لو نجح إبراهيم رئيسي؟ وهل يتأثر الاتفاق النووي بذلك؟

أديبهر: لا، لأن مثل هذه القرارات التي تتعلق بمشاركة إيران أو عودتها إلى الاتفاق النووي يتم اتخاذها على أعلى مستوى، من قبل المرشد الأعلى للثورة.

الموقع: هل يتبنى النظام الإيراني النموذج الكوري الشمالي فيما يتعلق بالسلاح النووي؟

أديبهر: أمام القيادة الإيرانية أمثلة كثيرة فيما يتعلق بالسلاح النووي مثل كوريا الشمالية التي لم تتخل عن برنامجها النووي، وليبيا التي تخلت عن البرنامج النووي ومع ذلك تم الإطاحة بالنظام، ويدرس النظام الإيراني المسار الأمثل في التعامل مع هذا الملف.

الموقع: إذا تمكنت طهران من إنتاج السلاح النووي.. ماذا عن إسرائيل؟

أديبهر: هذا يعني أن إسرائيل يجب أن تواصل تعزيز قوتها وسط المتغيرات الجمة في المنطقة، خاصة أنها تواجه تغييرًا سياسيًّا داخليًّا محتملًا، وفي كل الأحول ليس أمامها سوى الاستعداد لمرحلة مقبلة مختلفة تمامًا، حيث بات هناك علاقات تطبيع بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، وهناك محادثات بين إيران وبعض الدول الخليجية، وهذه متغيرات لا يمكن تجاهلها.

ماذا بعد الإطاحة بحكومة نتنياهو؟

نشر موقع “تاجسشاو” تقريرًا للكاتب “تيم أسمان” أشار إلى الائتلاف الجديد للأحزاب الإسرائيلية للإطاحة بحكومة نتنياهو التي طال أمدها في السلطة، وانتخاب رئيس جديد خلفًا للرئيس رؤوفين ريفلين، وتأثير هذه المتغيرات على الساحتين الإقليمية والعالمية.

وقد بدأ العد التنازلي لإنهاء السباق على السلطة في إسرائيل لصالح الائتلاف السياسي بين “يائير لابيد”، والمتشدد القومي “نفتالي بينيت”، حيث يسعى الائتلاف للحصول على موافقة الكنيست الإسرائيلي، ليتمكن من تشكيل الحكومة المتفق عليها والإطاحة بنتنياهو، الخصم السياسي العنيد في إسرائيل.

لم تكن المفاوضات سهلة، حيث تتنافس ثمانية أحزاب على المناصب في الحكومة وتقسيم المسئوليات بين شركاء التحالف المثير للجدل، والذي يضم بين ثناياه طيفًا إسلاميًّا لأول مرة يسعى لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب للأقلية العربية في المفاوضات، ولذلك صرح رئيس حزب القائمة العربية الموحدة منصور عباس، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، أن الحزب تجاوز كل الخطوط الحمراء هذه المرة من أجل السعي لتحقيق بعض طموحات العرب في الضفة وإسرائيل، وتابع بأن عملية التناوب بين بينيت ولبيد هي المحفز الأكبر للمشاركة في هذا الائتلاف، حيث يمكن أن تتلاقى المصالح بين الوسط والتيار العربي في الكنيست وهذا ما يمكن تعليق الآمال عليه.

هرتسوغ: أريد أن أكون رئيسًا للجميع

فيما يزال الصراع على منصب رئيس الحكومة مرهون بموافقة أغلبية الكنيست؛ فكرسي الرئاسة في إسرائيل قد حُسم لصالح إسحاق هرتسوغ الذي سيخلف الرئيس المنتهية ولايته رؤوفين ريفلين. وانتخب الكنيست الإسرائيلي في اقتراع سري بأغلبية ساحقة هرتسوغ لفوز الرئيس القادم متفوقًا على منافسته المعلّمة والناشطة ميريام بيرتس. وبعد إعلان النتيجة صرح هرتسوغ قائلاً: “أريد أن أكون رئيسًا للجميع وأن أحترم وأستمع إلى الجميع، وسأظل أعمل على تقوية أواصل جسور التفاهم التي تقربنا سويًّا، وستبقى المهمة الأكبر هي العمل على استعادة سمعة إسرائيل في المحافل الإقليمية والدولية، والتي تضررت كثيرًا، خاصة في الأمم المتحدة.

التغلب على الانقسامات في المجتمع

سيتعين على الرئيس القادم أن يعمل بقوة على إصلاح الداخل الإسرائيلي، حيث كشفت الأحداث الأخيرة عن مدى العنف والكراهية بين اليهود والعرب الإسرائيليين، وعكست صورة الانقسام الكبير في المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي يدركه هرتسوغ، والذي أكد أنه سيعمل بكل طاقته من أجل مواجهة العديد من التحديات التي لا ينبغي التقليل من شأنها، وأنه من المهم العمل على رأب الصدع الذي حدث في المجتمع الإسرائيلي، كما يجب محاربة معاداة السامية وتعزيز أركان الديمقراطية في بلادنا.

ويتسلم هرتسوغ، البالغ من العمر 60 عامًا والذي كان رئيسًا لحزب العمل، وكان والده حاييم أيضًا رئيسًا لإسرائيل، منصبه رسميًّا في التاسع من يوليو المقبل، وسيكون من مهامه منح التفويض لتشكيل الحكومة؛ ومن ثم قد يقوم بهذا الدور قريبًا إذا فشل الائتلاف الوليد بقيادة لبيد من تشكيل الحكومة المنتظرة.

لماذا يصر بوتين على الإطاحة بمعارضيه؟

نشر موقع شبيجيل تقريرًا للكاتب “كريستيان إيش” لفت إلى تعامل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المعارضة وموقف المنظمات الحقوقية المنددة بالإجراءات القمعية بحق المعارضين الروس، أمثال “اليكس نفالي” وأندريه بيووارو وغيرهم، وموقف الحكومات الأوروبية والغرب من هذه التطورات حيال المعارضة الروسية في موسكو.

ولا تختلف الإجراءات التي يتخذها بوتين عن الإجراءات التي اتخذها الديكتاتور البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حيث قامت الشرطة الروسية بإلقاء القبض على المعارض أندريه بيووارو وهو على متن طائرة الركاب التابعة لشركة الطيران البولندية LOT في مطار بطرسبرغ بولكوو، ولم يمر سوى يوم واحد فقط من القبض على بيووارو حتى ألقت الشرطة الروسية القبض على السياسي المعارض البارز في موسكو دميتري جودكوف، وتم تفتيش منزله وشقته ومنازل العديد من أفراد الأسرة.

كما يحاول نظام بوتين القضاء على النفوذ السياسي للمعارض المنفي ميخائيل خودوركوفسكي الذي أسس منظمة “اوبن رشا” بلندن، حيث هاجر رجل الأعمال بعد إطلاق سراحه من السجن. كان خودوركوفسكي يخطّط لأن تكون هذه المنظمة بمثابة منصة لإرساء الديمقراطية في المجتمع الروسي، بالإضافة إلى تدريب الشباب الروسي على ممارسة السياسة، لكنّ الكرملين سخّر كل إمكاناته للقضاء على هذه المنظمة؛ فصاغ قانونًا في عام 2015 ينص على إمكانية تصنيف وزارة العدل الروسية للمنظمات الأجنبية التي ترغب الحكومة الروسية في القضاء عليها “غير مرغوب فيها”؛ ليواجه أعضاء هذه المنظمات أحكامًا تصل للسجن لفترات طويلة، في حين سمح القانون للمنظمات الأخرى بمواصلة العمل في ظل شروط صارمة تعوق كثيرًا من مهام هذه المنظمات.

وحاولت منظمة “اوبن راشا” التهرب من الإدانة باعتبارها “غير مرغوب فيها” والتحايل على هذا القانون من خلال تغيرات قانونية هيكلية، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل، وتعرضت المنظمة وقاداتها منذ عام 2020 للملاحقات القضائية، ولم يعد يسمح لأعضائها بممارسة أي نشاطات على الأراضي الروسية. وفي الـ 27 من مايو أعلن خودوركوفسكي حل الـمنظمة نهائيًّا من أجل حماية أعضائها، ومع ذلك يواجه خودوركوفسكي العديد من التهم، وقد أثارت عملية اعتقال بيووارو غضب خودوركوفسكي الذي أعلن الحرب على بوتين عبر تويتر مخاطبًا: “إذا لم تسمح بوجود معارضة علنية في روسيا فبالتأكيد ستكون هناك معارضة سرية، وستواجه انتقادات وعقوبات خارجية جراء هذه الإجراءات القمعية بحق المعارضين”.

نظام بوتين يتجه نحو التطرف

تكشف الاعتقالات الأخيرة لأعضاء المعارضة الروسية عن مدى تحول نظام بوتين إلى التطرف وتخليه عن كل مقومات ضبط النفس ضد خصومه.

 كما يواجه السياسي المعارض ديمتريج جودكو مضايقات بسبب تعاونه مع خودوركوفسكي، حيث يحاول كلاهما إظهار كوادر جديدة من خلال مشروع “الديموقراطيون المتحدون”، لكن ديميتريج جودكو ليس أليكس نافالني، فهو أكثر اعتدالًا، كما أنه كان عضوًا في البرلمان لسنوات، حتى أنه كان يخطط لخوض انتخاب مجلس الدوما مع حزب يابلوكو الليبرالي، واليوم يمثل جودكو أمام المحاكم الروسية بتهم واهية، لكن يبقى الاتهام الرئيسي هو المعارضة من خارج البرلمان، ومن ثم يُصر نظام بوتين على القضاء على المعارضة السلمية العلنية ويمهد الطريق لمعارضة سرية أو مسلحة حال استمراه بنفس النهج.

ربما يعجبك أيضا