آسيا تايمز| تحذيرات من تنامي خطر الأقمار الصناعية الإيرانية

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

تسير إيران بثبات في تدميرها للنظام القائم في الشرق الأوسط، واستبداله بنظام إقليمي من تصميمها هي. طوّرت إيران مجموعة كبيرة من القدرات تمكّنها من تهديد الأمريكيين والإسرائيليين ومنافسيها العرب السُتّة.

في تفاصيل مهمة في عملية تطويرها، تلقت الجمهورية الإسلامية مساعدة من روسيا والصين، وهما اثنتان من أكبر القوى العظمى المنافسة للولايات المتحدة في الساحة العالمية. في الواقع، وبمساعدة من روسيا والصين، تتحول إيران إلى متحدٍّ حقيقي للتفوق العسكري في الشرق الأوسط.

مؤخرًا، أعلن نظام بوتين نيّته بيع قمر تجسس متطور إلى الجمهورية الإسلامية. في كتابي “الانتصار في الفضاء: كيف بقيت أمريكا قوة عظمى”، حذرتُ القرّاء من التهديد الذي يمثله برنامج إيران الفضائي المتعاظم على الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.

وكما تنبأ الراحل “تايلور دينرمان” في مقالة منشورة على موقع “ذا سبايس ريفيو” عام 2004: “لو استطاعت إيران تصنيع واختبار سلاح نووي وأثبت امتلاكها للقدرة على تصنيع وإطلاق قمر صناعي، حتى لو كان صغيرًا، فستنضم إلى فئة جديدة من الدول التي يمكن الإشارة إليها بـ “قوى عظمى صغيرة”. “إن امتلاك قمر صناعي في الفضاء وقنبلة في القبو، يمنح الحكومة خيارات ومساحة أكبر للمناورة من الدول التي لا تمتلك هذه القدرة”.

حسنًا يا أصدقائي، تمتلك إيران بالفعل “قنبلة في القبو”. سواء كان السلاح الذي طوّرته إيران متطوّرًا أم لا، فالحقيقة هي أن إيران، مثل شريكتها كوريا الشمالية، ربما قد حصلت على قدر معين من قدرات السلاح النووي.

وفي وقت يعمل فيه الإيرانيون دون هوادة لتحسين قدرات السلاح النووي البدائية لديهم، استثمر النظام الإسلامي بشكل واسع في قدراته للصواريخ الباليستية. وفي بعض الحالات، أخفت إيران هذه القدرات الصاروخية المتنامية تحت ستار برنامجها الفضائي “المدني” (بالمناسبة، ما من برنامج فضاء وطني له طابع مدني بالكامل).

في هذا العام، أطلقت إيران بنجاح أكبر صواريخها الثقيلة حتى الآن. يُسمى هذا الصاروخ “ذو الجناح”، وهو مؤلف من مرحلتين من نظام الدفع بالوقود الصلب ومرحلة واحدة من الدفع بالوقود السائل. وبحسب وكالة الفضاء الإيرانية، فإن الصاروخ “بإمكانه منافسة الصواريخ الفضائية العالمية الحالية”. في الوقت ذاته، رفضت الحكومة الإيرانية تحديد الهدف من استخدام الصاروخ، مكتفية بالقول إنه سيُستخدم “لأغراض بحثية”.

في الواقع، يمكن استخدام هذه الأنظمة لإطلاق أقمار صناعية عسكرية أو يمكن إعادة تصميمها لتكون صواريخ باليستية عابرة للقارات يمكنها توجيه ضربات عميقة وقاسية ضد أي هدف في العالم – من بينها الولايات المتحدة وأوربا البعيدتان عن إيران.

مع تنامي برنامج إيران الفضائي، كذلك يتنامى خطرها العام على المنطقة وعلى العالم. كما أن منافسي أمريكا، من أمثال روسيا، يدعمون بسرور عمليات التطوير هذه، ضمن جهد مركّز لإبعاد الأمريكيين وحلفائهم عن منطقة أوراسيا.

إن الاقمار الصناعية ضرورية للجيوش الحديثة. فهي تسمح بامتلاك قدرات فوق الأفق تفتقر إليها دولة مثل إيران. توفر الأقمار الصناعية كل شيء، بدايةً من هيكل اتصالات قوي، ومراقبة خفيّة، وصولًا إلى تحسين مهام القيادة والسيطرة على الأسلحة النووية، كما أن هذه الأقمار مكوّن مهم لمساعدة أي دولة على استعراض القوة وتهديد منافسيها من مسافة بعيدة.

حتى وقت قريب، كانت إيران تفتقر إلى قدرات فضائية محلية حقيقية. ولكن كما هو الحال مع برنامجها النووي العسكري المشتبه به، تعزز إيران قدراتها في مجال الأقمار الصناعية. يحدث هذا بالضبط في الوقت الذي ينسحب فيه الأمريكيون من المنطقة، ويقوم السُنّة بعمل حسابات جديدة، ويتقدم الروس والصينيون الداعمون لإيران في المنطقة، وتزداد عزلة إسرائيل.

إن صاروخ Canopus-v الروسي الصنع، سيكون مجهزًا بكاميرا ذات دقة عالية، تسمح للجيش الإيراني بتعقب أهداف محتملة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. على وجه التحديد، سيسمح قمر التجسس هذا للجيش الإيراني بالقيام بـ “مراقبة مستمرة لمنشآت تبدأ من مصافي النفط الخليجية وقواعد إسرائيل العسكرية، وصولًا إلى ثكنات عسكرية عراقية تأوي قوات أمريكية”.

منذ عام 2015، شرعت إيران في حملة عدوانية غير تقليدية في المنطقة. وإلى جانب الروس، قاتلت قوات الحرس الثوري الإيراني لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها. انطلاقًا من هناك، أنشأت القوات الإيرانية جسرًا بريًّا يربط أراضيها عبر العراق وصولًا إلى سوريا ولبنان، حيث يمكنهم الآن تقديم إمدادات وقوات لحزب الله لمساعدته على تهديد إسرائيل.

وبفضل عمليات التطوير هذه، أصبح الحرس الثوري الآن قادرًا على نشر صواريخ إيران المتطورة دقيقة التصويب مباشرة إلى جانب الأراضي الإسرائيلية في لبنان. كما أن طائرات إيران المسيّرة، التي أصبحت تهديدًا خطيرًا في المنطقة، تطوّرت بشكل كبير، وجرى نشرها الآن في الخطوط الأمامية في أماكن في سوريا واليمن، وباتت الآن تضرب القوات الإسرائيلية والسعودية.

تتحرش المسيّرات الإيرانية أيضًا بالقوات البحرية الأمريكية التي تمرّ عبر مضيق هرمز، الذي يعدّ واحدًا من نقاط عبور سبعة مهمة للنفط العالمي، والذي يقع على مسافة قريبة للغاية من الأراضي الإيرانية. وما يثير الرعب أكثر، هو ظهور تقارير تتحدث عن أن إيران ربما حاولت أيضًا نقل صواريخها دقيقة التوجيه إلى فنزويلا وكوبا، لزيادة تهديدها للولايات المتحدة. إن امتلاك إيران لقدرة متطورة في مجال الأقمار الصناعية العسكرية، سيساعدها في ممارسة هذا السلوك العدواني.

ويمكننا أن نتوقع، على مدى العِقد المقبل، أن تزداد قدرات إيران في مجال الأقمار الصناعية تطورًا، ما سيجعل خطرها العسكري على المنطقة أكثر وطأة. كما أثبتت إيران في العديد من المرات أنها لن تتصرف كلاعب إقليمي مسؤول، وسيعمل النظام الإسلامي على زعزعة استقرار ما يعتقد أنه نظام إقليمي موالٍ لأمريكا، وسيتحالف مع كل أعداء أمريكا لتحقيق هذا الطموح.

إن منع إيران من امتلاك قدرات فضائية متطورة يجب أن يكون أولوية، وأي إخفاق في منع امتلاكها قدرات فضائية متطورة، سيضمن أن تتمكن الجمهورية الإسلامية من تهديد جيرانها وزعزعة استقرار المنطقة بشكل مباشر.      

للإطلاع على رابط المقال الأصلي هنا

ربما يعجبك أيضا