الجارديان | لا رابحين حقيقيين في الانتخابات الرئاسية الإيرانية «المدبرة»

آية سيد

ترجمة: آية سيد

إن أول شيء تحتاج لمعرفته عن الانتخابات الإيرانية الأخيرة، هو أنه في حين أنها أثمرت عن رئيس جديد، لا يوجد رابحون حقيقيون! لقد حققت صناديق الاقتراع الـ”مدبرة” هدفًا استعصى طويلًا على أعداء الجمهورية الإسلامية: ألا وهو تغيير النظام الفعلي في طهران، غير أنه في ظل تولي المتشددين السلطة الآن، فإن ذلك ليس نوع التغيير الذي سعى إليه الكثيرون في الغرب.

ومع اقترابه من سنواته الأخيرة، كان آية الله علي خامنئي يبحث عن خليفة له، فبالنسبة إلى زعيم الدولة البالغ من العمر 82 عامًا، الخليفة المثالي له هو شخص مخلص مطيع يستطيع الاقتداء برحلته من الرئاسة إلى أعلى منصب في البلاد. نظريًا، ذلك ما يبدو فعليًّا، ومع هذا، كما هو الحال دائمًا، يكمن الشيطان في التفاصيل!

إبراهيم رئيسي، الذي يعمل حاليًا رئيسًا للسلطة القضائية، حصل تقريبًا على 62% من الأصوات يوم الجمعة. ورغم اعتباره المستفيد الأول من إقصاء مجلس صيانة الدستور لكل المرشحين المعتدلين والإصلاحيين البارزين من السباق، كان حجم تطهير المرشحين كبيرًا، لدرجة أنه يُزعم أن رئيسي نفسه حث المجلس على إعادة التفكير في قراره. إذن تصبح الصورة أكثر قتامة عند التفكير في أنه بصفته رئيسًا للسلطة القضائية، رشح رئيسي في 2019 العديد من أعضاء مجلس صيانة الدستور للبرلمان من أجل التصديق عليهم.

ولا شك في أن المخاوف المتعلقة بشرعية السباق الانتخابي ستطارد رئيسي، نظرًا لأن صاحب المركز الثاني لم يكن من المرشحين المختارين بعناية. اختار أكثر من 12% من الناخبين الإيرانيين إبطال أصواتهم – وهي نسبة أكثر بثلاث مرات من أي انتخابات رئاسية سابقة. هذا يصبح أكثر أهمية عند التفكير في أنه قبل أسبوعين فقط من الانتخابات، أصدر خامنئي فتوى تشجب بطاقات الاقتراع الفارغة باعتبارها غير جائزة شرعًا.

الإصلاحيون أيضًا من أكبر الخاسرين في هذه اللعبة. بعد السماح لهم بمرشح رمزي واحد، حاول قادة ذلك المعسكر بفتور حشد موجة أخيرة خلف المنافس الوحيد لرئيسي، عبد الناصر هماتي، محافظ البنك المركزي الإيراني السابق الذي ترشح ببرنامج مستقل. وجاء هماتي في المركز الرابع بـ8% من الأصوات.

وقد أكد غياب المنافسة أنه للمرة الأولى، تفوق عدد غير المصوّتين على عدد المصوتين في انتخابات رئاسية إيرانية. أدلى 28.9 مليون شخص من أصل أكثر من 59 مليون ناخب لهم حق التصويت بأصواتهم، وهي مشاركة منخفضة بنسبة 48.7%. ينخفض هذا الرقم أكثر إلى 42.5 عند إقصاء الأصوات الباطلة. وبالمقارنة، كانت نسبة المشاركة أعلى من 70% في الانتخابات الرئاسية الثلاث السابقة.

تكتسب مقاطعة الانتخابات غير المسبوقة أهمية أكبر عند التفكير في أن الجمهورية الإسلامية أعلنت طويلًا أن انتخاباتها اختبار حقيقي لشرعيتها. وشكل أساسي، كانت المقاطعة هذا العام نابعة من الداخل. إذن، بماذا يُنذر هذا لإيران والعالم؟

قبل أيام من الانتخابات، وبّخ حما رئيسي، خطيب الجمعة المتشدد لمدينة مشهد، أولئك الذين رفضوا الإدلاء بأصواتهم بقصد الإضرار بالنظام السياسي بوصفهم “كفار”. تُضمر العناصر القوية في الدولة الإيرانية هذه المشاعر لأنها تعتبر الشرعية مستمدة من الدين وليس من الناخبين. والآن بما أنهم يتولون السيطرة على كل مستويات السلطة، فإنهم مدينون بصعودهم السياسي لفشل الحركة الموالية للديمقراطية في إيران والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

إن إدارة حسن روحاني الراحلة لم تستطع متابعة أجندتها الطموحة للاقتصاد والوضع الحقوقي المزري في الداخل، حيث ركزت طاقتها على التفاوض على اتفاق 2015، الذي تصورت أنه مفتاح التغيير. انهار ذلك الرهان عندما انسحب ترامب بصورة فردية من الاتفاقية المصدقة من الأمم المتحدة في 2018، وإعادة فرضه للعقوبات أهلكت الطبقة المتوسطة الموالية للإصلاح ومكّنت المتطرفين.

أولئك الذين “دبروا” الانتخابات وجدوا في رئيسي مرشح مؤسسة سيُدين بكل شيء لخامنئي. والافتراض هنا هو أن ذلك سيضمن المزيد من التنسيق بين المرشد الأعلى والرئيس. وبعد فشل الإصلاحيين في تطبيق تغيير جيلي، من المرجح أن يصبحوا في حالة فوضى لفترة ممتدة. في الوقت نفسه، يمكن للمرء أن يفترض ظهور المزيد من الأصوات المتطرفة والشابة في جناح اليمين، خاصة عندما يواجه رئيسي البراجماتية التي فرضها منصبه الجديد. هذا، بالإضافة إلى الكثير من الافتراضات الأخرى – مثل عدم رغبة المحافظين الإيرانيين في العمل مع الولايات المتحدة – التي سوف تُختبر عندما يتولى رئيسي المنصب في بداية أغسطس.

وبعيدًا عن التغيير في التوجه السياسي لإيران، فإن اختيار رئيسي سيجعل من الصعب على الغرب العمل مع الجمهورية الإسلامية. لقد كان الرئيس المنتخب على علاقة وثيقة بعمليات الإعدام الجماعية للسجناء السياسيين عام 1988، وطالبت منظمة العفو الدولية بفتح تحقيق في دوره المزعوم في الجرائم ضد الإنسانية، غير أنه نظرًا للترحيب الشديد الذي قوبل به استبداديون آخرون في المنطقة، لا ينبغي استبعاد احتمالية المشاركة السياسية الغربية الجادة مع إدارة رئيسي، لكن من المحتمل أن تصبح أكثر صعوبة.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا