أوراسيا ريفيو| انسحاب الولايات المتحدة وحلف الناتو من أفغانستان سيترك العالم تحت رحمة الإرهابيين

شهاب ممدوح

رؤية

ترجمة – شهاب ممدوح

كان قرار الولايات وحلف الناتو بالانسحاب من أفغانستان حافزًا مؤكدًا للإرهابيين والمتطرفين الإسلاميين لمواصلة تحركاتهم الهجومية حول العالم. بعد سحب قواتها، تكون الولايات المتحدة وبلدان حلف الناتو قد أقرّت تمامًا بهزيمتها أمام الأعمال الإرهابية، ولو كانت الولايات المتحدة وبقية حلفاء الناتو يعتقدون أنهم لن يتضرروا من استيلاء إرهابيي طالبان على أفغانستان، فسيكونون ساذجين.

من المعروف أن الهدف الحقيقي للإرهابيين الإسلاميين هو الولايات المتحدة وبلدان أوروبا الغربية. والآن بعد أن عززت هذه البلدان ثقة الإرهابيين بفضل هروبها من المعركة في أفغانستان، فستصبح عزيمة الإرهابيين الإسلاميين لإضعاف الدول الغربية ونشر نفوذهم حول العالم أقوى من ذي قبل، وسيزيد هؤلاء من مستوى أعمالهم الإرهابية ويعرقلون الأوضاع السلمية في بلدان عديدة.

الواضح أن الرئيس الأمريكي بايدن وقادة أوروبيين آخرين خلصوا إلى أن الحرب في أفغانستان أصبحت مكلفة لهم، وسيكون من الحكمة الانسحاب بالرغم مما سيسببه هذا من انتكاسة للحرب العالمية ضد الإرهاب.

ربما يتساءل بعض الناس في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية لماذا ينبغي لهم تحمل مسؤولية منع انتشار الإرهابيين حول العالم. لكنهم سيدركون مدى خطأ تفكيرهم عندما يفهمون أنهم هم أنفسهم سيكونون ضحايا أعمال الإرهاب في السنوات المقبلة، في حال لم يتم ضبط الإرهاب العالمي. 

لقد حدث بالفعل اختلال كبير في التوازن الديمغرافي في العديد من دول أوروبا الغربية وكندا، وحتى في بلدان مثل أستراليا؛ بسبب الدخول الكثيف للمسلمين كمهاجرين ولاجئين، بعضهم يمكن أن يكون منتميًا لجماعات إرهابية. من المعروف جيدًا أن المتطرفين الإسلاميين يؤمنون أنهم يمكنهم “السيطرة” على أوروبا وأمريكا الشمالية عبر تسريع زيادة أعداد السكان المسلمين في هذه البلدان. أدرك رؤساء أمريكيون سابقون هذا وحاولوا منع تدفق اللاجئين، لكن يبدو أن الرئيس بايدن لديه أفكار أخرى. يدرك العديد من الأشخاص في بلدان أوروبية حماقة السماح بتدفق المسلمين دون ضابط كمهاجرين ولاجئين، لكن الوقت تأخر الآن والضرر حدث بالفعل!

إلى جانب المتطرفين الإرهابيين، فإن الفائز المباشر لانسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من أفغانستان سيكون الصين، التي تصطاد بالفعل في الماء العكر. ربما لا تكون الصين قلقة بشأن انتشار الإرهاب في مناطق مختلفة من العالم، وذلك في حال استطاعت قلب الوضع لصالحها عبر استخدام استراتيجيات ذكية تخدم مصالحها.

الأكيد أن صورة الولايات المتحدة وبلدان أوروبا الغربية بوصفها دولًا قوية لديها التزام ثابت تجاه قضية الديمقراطية والحرب، قد أصابها الضعف. في هذا الوضع، فإن طموح الصين للظهور كقوة عظمى في العالم ستتعزز في السنوات المقبلة، وربما تنجح حتى في كسب هذه المكانة في وقت ليس بالطويل، في حال تخلى الرئيس بايدن أو خفف من مستوى الحرب ضد الجماعات الإرهابية.

مع تحول باكستان الآن إلى مجرد أراضٍ ممتدة لخدمة مصالح الصين، فقد تستخدم الصين بذكاء الحكومة الباكستانية للدخول إلى أفغانستان عبر التفاوض مع إرهابيي طالبان وإخضاع أفغانستان لسيطرتها. وستكون الهند متضررًا رئيسيًّا بسبب إضعاف موقف الولايات المتحدة وبلدان أوروبا الغربية في مواجه الإرهاب؛ نظرًا لأن الهند أيضًا هدف مهم للإرهابيين الإسلاميين، كما هو حال الولايات المتحدة وبلدان أوروبا الغربية.

تواجه الهند تهديدًا خطيرًا بسبب التحالف غير المقدس المحتمل بين الصين وباكستان وأفغانستان تحت حكم طالبان، إذ إن هذه الأطراف لديها هدف مشترك يتمثل في إضعاف الهند وعرقلة السلام في البلاد.

باختصار، يبدو أن الرئيس بايدن تصرف دون أن يكون لديه تخطيط مستقبلي ملائم، مدفوعًا بإحساس بالذعر، وذلك عبر انسحابه من أفغانستان وإطلاق يدّ إرهابيي طالبان هناك. في الماضي، مرّت الولايات المتحدة بتجارب مريرة في فيتنام وكوريا عندما أرسلت قواتها للقتال ضد القوات المحلية، تحت شعار القتال من أجل السلام والديمقراطية، ولم تكسب الولايات المتحدة أي شيء تقريبًا من تلك العملية. وبالرغم من أن فيتنام أعادت تأهيل نفسها نوعًا ما عبر تحولها إلى بلد ديمقراطي، إلا أن كوريا الشمالية خضعت لنفوذ الصين وباتت الآن خصمًا مريرًا للولايات المتحدة. ربما يكون مصير أفغانستان مثل مصير كوريا الشمالية، وربما تخضع لسيطرة الصين وتصبح هي الأخرى خصمًا مريرًا للولايات المتحدة.   

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا