ذا هيل | 10 سنوات من الأزمة في سوريا.. لا تخلقوا أزمة جديدة!

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

بقلم: دكتور زاهر سحلول، رئيس منظمة “ميدجلوبال”، ورابح تورباي، رئيس مشروع HOPE

خلال أقل من أسبوعين، سيواجه مجلس الأمن خيارًا حرجًا والذي قد تكون له عواقب حياة أو موت على ملايين السوريين. من المقرر أن ينتهي قرار مجلس الأمن الحالي الذي يجيز دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا يوم 10 يوليو. وبالنسبة إلى حوالي 4 ملايين شخص في شمال غرب سوريا، نصفهم من النازحين ويعيشون في ملاجئ مؤقتة، العمليات الإنسانية طوق نجاة لا يمكن تكراره.

يحتاج أكثر من 80% من السكان في شمال غرب سوريا للمساعدات الإنسانية، فنصفهم من الأطفال. إنهم يستحقون المساعدات عبر كل الوسائل الممكنة، لكن الحقيقة هي أنه من دون قرار عبور الحدود، لن تُلبى احتياجاتهم وستزيد معاناتهم، وبصفتنا قادة منظمات صحة إنسانية، يمكننا القول إن تأثير عدم التجديد قد يكون مميتًا!

عندما تدهور الوضع الإنساني عقب القمع الوحشي للمظاهرات في أواخر 2012، شاركنا في إعداد الإغاثة الإنسانية العابرة للحدود من تركيا، ولبنان، والأردن إلى سوريا. ارتفعت الاحتياجات الإنسانية، وتشمل الإغاثة المنقذة للحياة والمساعدات الطبية، بينما تحولت الأزمة الشعبية إلى حرب أهلية، ما دفع ملايين السوريين إلى النزوح القسري داخل بلادهم وخارجها.

ثم جاء بعد ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2165. بعد المصادقة عليه في 14 يوليو 2014، أجاز القرار فتح أربعة معابر حدودية إنسانية إلى سوريا لكي تستخدمها وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها لتوفير المساعدات الإنسانية داخل سوريا، دون موافقة الدولة. أسس القرار أيضًا آلية تنسيق ومراقبة تشرف عليها الأمم المتحدة لضمان ألا تنحرف المساعدات عن مسارها وأن تُمنح فقط للأشخاص المحتاجين.

سيكون من غير المقبول لأعضاء مجلس الأمن ألا يزيد عدد المعابر الإنسانية إلى سوريا في الوقت الذي زادت فيه الاحتياجات الإنسانية بنسبة 21% في الفترة بين 2020 و2021. نحن لا ننقل أرقامًا فقط، لقد شهدنا أيضًا الزيادة في الاحتياجات.

لقد سافر كلانا إلى سوريا عدة مرات؛ إما لتقييم الاحتياجات أو لتقديم الخدمات الصحية ودعم المشافي المحلية، وليس من الغريب أن نسمع قصصًا عن أطباء يعالجون المرضى في مشافٍ تحت الأرض بينما تسقط القنابل، مثلما حدث الشهر الماضي عندما قُصف مشفى الشفاء في عفرين بالصواريخ، وأسفر ذلك عن مقتل 20 شخصًا، من ضمنهم 4 من العاملين في المجال الصحي. هذه الهجمات الممنهجة المروعة دمرت النظام الصحي، مستنزفةً المستلزمات الضرورية والمعدات الطبية اللازمة لعلاج وإنقاذ المرضى.

ودون العمليات عبر الحدود وتوفير المستلزمات الطبية والأدوية، الكثير من هذه المرافق، مثل عنابر الجراحة ووحدات المواليد، لن تعد قادرة على العمل. إن الاعتراض على تجديد القرار سيكون غير إنساني وأشبه بحكم الإعدام على أولئك المحتاجين بشدة للرعاية الطبية.

لقد خلقت جائحة كوفيد-19 احتياجات جديدة والتي سيكون من المستحيل تلبيتها دون عمليات المساعدة عبر الحدود. تلك لحظة حرجة، حيث تشهد سوريا موجة ثانية من كوفيد-19. في الشهر الماضي، تضاعفت الحالات تقريبًا في شمال غرب سوريا، وعلى مدار العام الماضي، قامت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية مثل ميد جلوبال بتوصيل المستلزمات الطبية الضرورية لدعم مواجهة فيروس كورونا إلى شمال سوريا عبر معبر باب الهوى. إن غلق تركيا لهذا المعبر الحدودي سيعني أن هذه المستلزمات – مثل معدات الوقاية الشخصية، ومعدات الاختبار، والأوكسجين الطبي والأدوية الضرورية – ستنقطع؛ ما يعيق البنية التحتية الصحية المتداعية لشمال سوريا ويُعرّض الأرواح للخطر.

وبالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تتوقف حملة التلقيح ضد كوفيد-19 في شمال غرب سوريا فجأة، ما يقوّض الجهود لإنهاء الجائحة في المنطقة وعالميًا. في شمال غرب سوريا، تم إعطاء حوالي 54 ألف جرعة فقط من اللقاح، أي 1% من سكان هذه المنطقة. تعتمد استمرارية حملة اللقاح في سوريا على القدرة على توصيل المساعدات الصحية والإنسانية عبر الحدود.

وتُعدّ أزمة سوء التغذية المتزايدة خطرًا صحيًّا كبيرًا على السكان. لقد أصبح عددًا قياسيًا من السوريين الآن يعاني من انعدام الأمن الغذائي، بحسب برنامج الأغذية العالمي. إن عدم تجديد قرار مجلس الأمن سيعرّض أكثر من مليون شخص في سوريا لخطر الجوع، كما أن انعدام الأمن الغذائي المزمن، خاصة للأطفال، يمكن أن يصبح ضارًا، ما يؤدي إلى تعطيل في التنمية وأمراض مزمنة. كان هذا هو الحال بالفعل بعد احتجاز المساعدات وتحويل مسارها من طرف فاعل في الصراع، تحديدًا النظام السوري. لقد لقى أطفال سوريون حتفهم بسبب سوء التغذية واستسلم أصحاب الأمراض المزمنة لأمراضهم لأن المساعدات لم تصل إليهم.

يوجد إجماع كبير بين وكالات المساعدة على أن العمليات الإنسانية عبر الحدود هي الطريقة المباشرة – وربما الوحيدة – للوصول إلى ملايين الأطفال، والنساء والرجال في أمسّ الحاجة للإغاثة في سوريا. لقد دعت عشرات المنظمات الإنسانية ومديرو أكبر المنظمات غير الحكومية الدولية إلى تجديد القرار، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش إن “الفشل في تمديد تصريح المجلس سيكون له عواقب وخيمة”، وإن “القوافل عبر الخطوط لن تضاهي حجم ونطاق العمليات عبر الحدود”. وعام تلو الآخر، تدخّلت المصالح السياسية والجيواستراتيجية في توافر وتوصيل المساعدات، وساهمت في تدهور الوضع الإنساني في سوريا. هذا مذموم وغير مقبول. يجب أن يصوّت مجلس الأمن لصالح تجديد قرار عبور الحدود بسوريا. لقد تخلى المجتمع الدولي عن الشعب السوري لعشر سنوات؛ لذا لا بدّ أن نغيّر ذلك.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا