الصحافة الألمانية | الإخوان في الحكومة الإسرائيلية.. وكيف تواجه النمسا الإسلام السياسي؟

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

هل يحسم مجلس الأمن الدولي الخلاف حول سد النهضة؟

نشر موقع “زوددويتشا تسايتونج” تقريرًا للكاتب “بول أنطون كروجر” و”آرني بيراس” يتعلق بالصراع القائم بين مصر وإثيوبيا حول مياه النيل وسد النهضة الإثيوبي، والذي دفع مصر إلى اللجوء إلى مجلس الأمن لحسم الخلاف بين دول المصب ودول المنبع، وهي سابقة تعد الأولى من نوعها؛ حيث لم يبحث المجلس مثل هذه القضايا الخلافية من قبل.

في شهر يوليو من كل عام يبدأ هطول الأمطار على مرتفعات إثيوبيا لتتدفق هذه الأمطار إلى مجرى النيل الأزرق، وليتم توليد الكهرباء تحتاج أديس أبابا إلى خمسة أضعاف سعة النيل الأزرق، لكن دول المصب لنهر النيل؛ وهي السودان ومصر، تخشيان من تناقص حصصهما من المياه، ومع ذلك أخطرت الحكومة الإثيوبية القاهرة بالبدء في الملء الثاني لسد النهضة. وكانت إثيوبيا قد بدأت بالملء الأول في موسم الأمطار عام 2020، وواصلت إكمال ارتفاع السد ليصل 145 مترًا، ويكاد يكون السد أشرف على الاكتمال، ومن ثمّ استأنفت الملء الثاني لتحجب المزيد من المياه عن مصر السودان.

ويتدفق ما يقرب من 85 % من المياه عبر النيل الأزرق خلال موسم الأمطار الذي يوفر حوالي 100 مليار متر مكعب، أما في غير موسم الأمطار وفي فترات الجفاف فيمكن أن تصل كمية المياه إلى 30 مليار متر مكعب فقط. ووفقًا لتصريحات أديس أبابا فإن مقدار حجز المياه هذه المرة يعتمد على كمية الأمطار.

وتعارض مصر بشدة هذه الخطوة، حيث تعتمد بنسبة 95 % من استهلاكها للمياه على نهر النيل بسبب نقص المصادر الأخرى، ولذلك صرح وزير الري محمد عبد العاطي بأن المشروع بهذه الطريقة مرفوض بشكل قاطع ويعدّ تهديدًا للاستقرار الإقليمي، وتطالب مصر بعقد اتفاق ملزم منذ سنوات لتنظيم ملء الخزان وتشغيل السد وتأمين حقوق القاهرة المائية.

في عام 1959 وقّعت مصر اتفاقية بهذا الشأن مع السودان، وبموجب هذه الاتفاقية تمكن السودان من حجز 18.5 مليار متر مكعب، بينما يصل مصر 55.5 مليار متر مكعب وبذلك يكون إجمالي كمية المياه القادمة من إثيوبيا 84 مليار متر مكعب سنويًّا. ومع هذا فلم تعد هذه الكمية كافية اليوم لمصر خاصة، حيث تفقد من حصتها الكثير جراء التبخر والتسرب، ومنذ فترة بعيدة تحاول إثيوبيا استغلال هذه المياه التي لا تستفيد منها، ولذلك رفضت الاتفاقية باعتبارها إرثًا استعماريًّا وبدأت في بناء السد بحجة إنتاج الكهرباء للدولة التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون ويمكن أن يوفّر هذا السد حوالي 6000 ميغاواط، بما يعادل إنتاج ست محطات للطاقة النووية وبذلك تتمكن إثيوبيا من تنمية الاقتصاد.

الخارجية المصرية تحذر من تصعيد خطير

تستمر المفاوضات حول السد لسنوات بواسطة خبراء ووسطاء دوليين، وآخرها كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن دون جدوى! ويدفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الآن إلى إشراك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بدعم من الدول العربية لحل هذا النزاع، ورغم مناشدة وزير الخارجية المصري سامح شكري للعديد من حلفاء مصر في نيويورك للتدخل في حل الأزمة إلا أن النتائج لم تلبِّ طموحات القاهرة.

 ورغم تفهم العديد من الدول لموقف مصر، سواء الصين أو وروسيا أو دول تحالف الناتو مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، إلا أن احتمالية التصعيد لا تزال قائمة إذا لم يتحل المجلس بمسؤولياته ويضمن استئناف المفاوضات للوصول إلى حل شامل والذي لا يبدو في الأفق، لا سيما بعد تصريح سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، نيكولا دي ريفيير، الذي يتولى رئاسة مجلس الأمن في الفترة الحالية، والذي قال إن المجلس لا يمكنه فعل الكثير في هذه القضية سوى الاستماع إلى مخاوف جميع المعنيين وحثهم على العمل معًا.

من جانبه قال سفير إثيوبيا في الخرطوم إنه جرى إخطار السودان ومصر باستئناف عملية الملء وأن لجوء الدولتين إلى مجلس الأمن لن يفيد، ومن ثمّ يجب أن تعود المفاوضات إلى الاتحاد الإفريقي، وتصر الحكومة الإثيوبية على استكمال السد باعتباره عنصرًا أساسيًّا في استراتيجية التنمية الوطنية.

القصف هو الملاذ الأخير

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي السابق “ميليس زيناوي” خلال عام 2011 إنه لا يمكن لأحد أن يمنعنا من استخدام مواردنا من أجل التنمية، ولا حتى مصر، وقال آنذاك إن مخاطر نشوب صراع عسكري بسبب هذا الأمر غير وارد، وذلك رغم تحذير القاهرة مرارًا وتكرارًا من اللجوء للخيار العسكري وأن هذا هو الخيار الأخير الذي قد يتسبب في أضرار أكبر رغم ما تعانيه إثيوبيا من اضطرابات شديدة، خاصة بعد مطالب الجماعات العرقية بشكل متزايد بالاستقلال.

ويحاول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الحفاظ على وحدة البلاد ومسارها الإصلاحي، ولذلك خاض حربًا شرسة مع إقليم تيغراي خسرها في النهاية وحقق المتمردون نجاحًا عسكريًّا، وانسحب الجيش كما فشلت محاولة أحمد للحصول على تفويض قوي من خلال الانتخابات.

ومن ثم لم يبق أمام رئيس الوزراء الإثيوبي إلا قضية السد ليستغلها في جمع الإثيوبيين المتنازعين؛ الأمر الذي يؤثر بالسلب على المفاوضات، حيث لا يمكن له أن يتراجع في هذا الملف بسهولة.

إجراءات جديدة… كيف تقود النمسا أوروبا في مواجهة الإسلام السياسي؟

نشر موقع “شبيجل أوسلاند” تقريرًا حول إقرار المجلس الوطني النمساوي (البرلمان) حزمة جديدة من القوانين في إطار برنامج مكافحة التطرف والإرهاب، وقد طال “قانون الإسلام في النمسا” والذي يزيد عمره عن المائة عام العديد من التغيرات، وتأتي هذه الإجراءات في إطار ردة الفعل على الحادث الإرهابي الذي حدث في العاصمة النمساوية فيينا خلال شهر نوفمبر 2020، وكما كان للنمسا السبق في إنشاء “مركز توثيق الإسلام السياسي”، الذي يوثق استغلال تيارات الإسلام السياسي للدين وجرائمه، سبقت النمسا أيضًا بهذه الإجراءات القوية لتضييق الخناق وإحكام السيطرة على جماعات الإسلام السياسي التي تمثّل الخطر الأكبر والهاجس المخيف للمجتمعات الأوروبية عامة والنمسا خاصة.

وسارعت الحكومة النمساوية بعد حادث فيينا الإرهابي، الذي راح ضحيته العديد من القتلى والجرحى، إلى اتخاذ العديد من التدابير لمكافحة التطرّف والإرهاب، وأعلن المستشار النمساوي “سابيستيان كورتس” عن عزم الحكومة سن عقوبات جديدة لمواجهة الإسلام السياسي الذي يعدّ أرضًا خصبة للإرهاب، كما أنشأت الحكومة مركزًا لـ”توثيق الإسلام السياسي” الذي يرصد مكافحة التطرّف الديني.

مشروع خريطة الإسلام

أطلقت الحكومة النمساوية مشروع خريطة الإسلام في النمسا عبر الإنترنت لتوثيق المراكز والمساجد في جميع أنحاء الدولة، بحيث يوفر هذا الموقع بيانات ومعلومات تم جمعها عن المركز أو المسجد أو الجماعة الدينية سواء فيما يتعلق بالإدارة أو الانتماء الأيديولوجي أو طرق التمويل وغيرها من المعلومات، ورغم أن هذا المشروع واجه العديد من الانتقادات بسبب عدم تحديث البيانات أو عدم صحتها أو حتى لمجرد إتاحتها باعتبار أنها باتت تمثّل خطرًا على أصحابها، خاصة في ظل تنامي ظاهرة التطرف اليميني في أوروبا، والذي يسعى جاهدًا للوصول إلى هذه المعلومات، إلا أن هذا المشروع سيتم تطويره وتعميمه على أوروبا والعالم بعد تمحيصه وتلافي الإشكاليات التي صاحبت انطلاقه في المرة الأولى بالنمسا.

تعديلات قانونية

استمرارًا لهذه الجهود، أقر المجلس الوطني النمساوي مؤخرًا أيضًا العديد من التعديلات القانونية في إطار ما يُعرف بـ”حزمة مكافحة التطرف والإرهاب”، وشملت هذه التعديلات توسيع السلطات القضائية فيما يخص الرقابة قبل الحكم وبعده، وتغليظ الأحكام الخاصة بارتكاب جرائم ذات دوافع دينية؛ حيث بات من الممكن الآن سحب الجنسية ممن ارتكب مثل هذه الجرائم، بالإضافة لتعديلات فيما يخص “قانون الإسلام”، حيث ألزمت التعديلات القانونية الجمعيات الإسلامية بتقديم سجل يحتوي على بيانات العاملين بالمؤسسة وطرق تمويلها وغيرها من البيانات التي تحتاجها الجهات المختصة لتفادي إغلاق المؤسسة أو تغريمها، ولم تقتصر هذه التعديلات على مكافحة التطرف الديني فحسب؛ بل جاءت التعديلات أيضًا لتجرم وتحظر استخدام الرموز والإشارات الخاصة باليمين المتطرف.

استمرار مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي مع إيران

نشر موقع “دويتش فيلله” تقريرًا للكاتب “كريستن كنيب” لفت إلى استمرار المفاوضات حول الاتفاق النووي مع طهران، وتأثير التغيرات السياسة الأخيرة على مستقبل الاتفاق الذي طال انتظاره والذي لا يعرف مصيره في ظل التعنت الإيراني والإصرار الأمريكي على تضمين الاتفاق الجديد بنودًا لم تكن مدرجة ضمن الاتفاق السابق لعام 2015.

وأعلنت إيران مؤخرًا أنها ستقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 % الأمر الذي أصاب المشاركين في الوساطة من أجل إعادة الاتفاق النووي بخيبة أمل، وأعرب وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن القلق البالغ جراء التطورات في السياسة الإيرانية النووية، حيث تعد خطوة الإعلان عن عملية التخصيب ومواصلة تطوير البرنامج النووي الإيراني انتهاكًا خطيرًا للاتفاقية النووية لعام 2015، وبالتالي تعرّض هذه التطورات محادثات فيينا للخطر.

أداة قوية للتفاوض

أعلنت إيران أنها بدأت إنتاج معدن اليورانيوم بهدف إنتاج وقود نووي لمفاعل بحثي، وتمثل هذه الخطوة انتهاكًا للاتفاقية النووية الموقّعة عام 2015 والتي ألزمت طهران باستيراد الوقود من الخارج بدلًا من إنتاج معدن اليورانيوم نفسه، والذي يمكن استخدامه أيضًا لأغراض عسكرية.

يقول عالم السياسة “أوليفر ماير”، من معهد أبحاث السلام وسياسة الأمن في جامعة هامبورغ: إن قرار إيران تصنيع معدن اليورانيوم المخصب يمثل انتهاكًا واضحًا وخطيرًا آخر للاتفاقية النووية، وهو ما عبر عنه بيان وزراء خارجية كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكذلك روسيا، وتابع ماير قائلًا: “ربما تريد إيران بناء قوة تفاوضية من خلال الانتهاكات والضغط على الأوروبيين، لكن هذه الاستراتيجية قد تأتي بنتائج عكسية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريبًا.

إيران تستخدم لعبة “اختبئ وسأبحث عنك”

من جانبه يقول عالم السياسة محمد باقر فروغ، من معهد هامبورغ، إن هناك استراتيجية وراء التصعيد الإيراني حيث تريد إيران أن تفرض المفاوضات النووية على جدول الأعمال الدولي، فيما لم يعر الرئيس الأمريكي بايدن الكثير من الاهتمام ولا تزال البلاد تعاني من العقوبات، وتابع بأن إيران لا تقبل هذا الوضع؛ لذا اتخذت هذه الخطوة التصعيدية للحصول على تنازلات من قبل الولايات المتحدة.

ولهذا ترفض إيران تقديم المزيد من المعلومات للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المواد النووية السرية منذ عدة أشهر، الأمر الذي اشتكى منه المدير العام للمنظمة، رافائيل غروسي، ومن ثم فقد باتت المنظمة عاجزة عن التحقق من الاستخدام السلمي لبرنامج إيران النووي، وهناك مخاوف حقيقية لدى الوكالة جراء اكتشاف المفتشين الذريين آثارًا لمواد نووية في ثلاث منشآت نووية إيرانية.

ماذا يريد الرئيس الإيراني الجديد؟

يعتقد “فروغ” أن الموقف الحالي لن يتغير في ظل الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي لأن السياسة الخارجية يحددها في المقام الأول المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وبالتالي فإن العلاقة مع أوروبا والولايات المتحدة تتجاوز صلاحيات الرئيس.

ويضيف السيد ماير، أنه رغم ذلك فإن تصريحات الرئيس الحالي أثناء الحملة الانتخابية تؤكد حرص حكومته التي يسطر عليها المتشددون على إعادة الالتزام بالاتفاق النووي، وهو ما يحسن فرص النجاح لإحياء الاتفاق النووي في فيينا.

توقف المحادثات أمر مستبعد

يقول محمد باقر إنه من السابق لأوانه الحديث عن وقف المحادثات رغم مجيء رئيس جديد لإيران لأنه لا في أوروبا ولا في الولايات المتحدة يريدون إنهاء الحوار، ولا حتى إيران تريد ذلك أيضًا، لأنها لا تريد تكرار الخطأ الذي فعله ترامب حين أعلن الانسحاب من جانب واحد عام 2018، ولذلك تحاول طهران كسب الأطراف الأخرى المشاركة في الاتفاقية، وتسعى أوروبا للوصول إليها للحفاظ على مصالحها الاقتصادية مع طهران.

عقبات كبيرة في طريق المفاوضات

ووفقًا للمفاوضين الأوروبيين فإن المفاوضات لا تزال متعثرة، وحتى هذه اللحظة ترفض طهران إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة وتشترط رفع العقوبات كشرط لاستئناف المفاوضات، ومن ناحية أخرى تطالب واشنطن بوقف البرنامج النووي أولًا حتى تستمر المفاوضات، ولذلك من الممكن أن تنهار المفاوضات على المدى الطويل، كما يقول ماير، خاصة إذا استمرت واشنطن في إصراراها على ضم بنود أخرى في التفاوض، مثل برنامج الصواريخ الإيرانية أو دور طهران في المنطقة.

كما يجب على أوروبا أن تلعب دوراً أقوى وتحافظ على مصالحها بقوة أكبر، من خلال اتخاذ مسار أكثر صرامة ضد إيران والولايات المتحدة، إذا ما تراجعت الدولتان عن استمرار التفاوض والوصل إلى حلول، ويجب على واشنطن أن تدرك أن أوروبا ستحافظ على مصالحها وستقوم بزيادة التبادل التجاري مع إيران إذا أرادت واشنطن التراجع أو قررت الانسحاب كما حدث في السابق.

الإخوان المسلمون في الحكومة الإسرائيلية

نشر موقع “أودي أتور” مقالًا للكاتب “شاؤول بارتال”، الباحث في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، تحدث عن تسلل الإسلام السياسي إلى المؤسسات المحلية والدولية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، التي استطاع أحد أتباعها الوصل إلى الحكومة الإسرائيلية والمشاركة في الائتلاف الحاكم وأثر هذا التسلسل على مسار الصراع بين الحكومة الإسرائيلية وحركات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها حركة حماس والفصائل الموالية لها.

ويبقى التساؤل: هل يمكن لأحد أن يتخيل أن حزبًا يدّعي أن له جذورًا في حركة الإخوان المسلمين ويزعم أن له تاريخًا في النضال ضد الصهيونية ودولة إسرائيل يتخلى عن أهدافه الدينية والوطنية مقابل بعض المصالح المادية المحضة؟ هذا التساؤل له علاقة قوية بالحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس، تلك المنظمة القريبة من القائمة العربية الموحدة.

ويزعم مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا منذ تأسيسها أن مشكلة فلسطين هي القضية المركزية للعالم الإسلامي، وأنه ينبغي بذل الغالي والنفيس لمحاربة الصهيونية، كما شارك الإخوان في الثورة العربية في فلسطين (1936-1939)، وكذلك شاركوا بإرسال متطوعين للمشاركة في حرب عام 1948، وليس من قبيل الصدفة أن ينص ميثاق حماس على أنها هي الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، وعلى أن إسرائيل ستقوم وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام كما أبطل ما قبلها.

وقد تأسست الحركة الإسلامية في إسرائيل في السبعينيات على يد عبد الله نمر درويش، وركزت في البداية على الأنشطة الخيرية والدعوة مثل إنشاء المساجد وتنظيم مجموعات للدراسات القرآنية والدينية، لكن درويش أسّس في أواخر السبعينيات منظمة “أسرة الجهاد” التي شاركت في أنشطة هجومية ضد إسرائيل، ونتيجة لذلك اعتُقل درويش وأنصاره، لكن تم الإفراج عنهم عام 1985، ومنذ ذلك الحين حرص درويش بشدة على التأكيد على أنه سيناضل في إطار القانون الإسرائيلي، بينما دعا الفلسطينيون والمتعاطفون معهم إلى مواصلة القتال ضد إسرائيل. وقد تسبت اتفاقات أوسلو في انقسام الحركة الإسلامية إلى فرع جنوبي بقيادة درويش وإبراهيم صرصور اللذين أيدوا المشاركة في الكنيست، وفرع الشمالي بقيادة رائد صلاح وكمال الخطيب، اللذين رفضا المشاركة. وفي نوفمبر 2015 قامت إسرائيل باعتقال قادة الفرع الشمالي وسُجن قادته إلى يومنا هذا. في المقابل يتم تمثيل الفرع الجنوبي الآن في الكنيست عن طرق حزب رعام، الذي هو جزء من الائتلاف الحاكم في إسرائيل.

وفي عام 2006 قال صرصور، رئيس حزب القائمة الإسلامية آنذاك وممثل الفرع الجنوبي: إن مشاركتنا في انتخابات الكنيست لا تعني تخلينا عن عقيدتنا بأننا سنحكم البلاد، أو على الأقل الأراضي العربية والإسلامية، بما في ذلك دولة إسرائيل اليوم، حكمًا إسلاميًّا عن طريق الخلافة، لذلك لم يكن من المستغرب أن يعرب الفرع الجنوبي عن دعمه الصريح للكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة وحركة حماس، حيث قال صرصور بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في يناير 2006، إننا على يقين من أن حماس ستقود الشعب الفلسطيني إلى التقدم والنجاح، وأن نهج رئيس الوزراء إيهود أولمرت يهدف إلى دفع المنطقة إلى نفق مظلم ويجب على العالم أن يحترم قرار الفلسطينيين، كما نشرت صحيفة الصراط، التابعة للحركة، تصريحات معادية لإسرائيل، ومعادية للسامية.

ولا يوجد اختلافات جوهرية بين الفرعين الشمالي والجنوبي للحركة، ولذلك صرح نائب رئيس الفرع الشمالي كمال الخطيب عام 2011 قائلا: “هناك وئام بين فرعي الحركة الإسلامية وأتمنى أن يقود هذا الوئام إلى توحد الحركة، خاصة وأن رئيس الفرع الجنوبي الشيخ حمد أبو دباس أعلن أنه لن يشارك في انتخابات الكنيست إذا كان هذا هو ثمن توحيد الحركة الإسلامية”.

ومنذ ذلك الحين حدثت تطورات مهمة في مكانة الحركة الإسلامية، وأهمها نزع الغطاء القانوني عن الفرع الشمالي للحركة، ومع ذلك لا يزال هناك تناقض جوهري بين أيديولوجية الحركة الإسلامية القائمة وأنشطتها البراغماتية، حيث تدير الحركة الإسلامية مؤسسة الأقصى غير الربحية، والتي تدعو المسلمين للصلاة في المسجد الأقصى من أجل تعزيز الوجود الإسلامي في الحرم القدسي ومنع اليهود من الدخول، كما تدعم الحركة الإسلامية المسيرات من أجل صد التهديدات للمسجد وجمع التبرعات لصيانته.

وقد أظهرت الحرب الأخيرة بين إسرائيل وقطاع غزة التوجه الواضح للحركة الإسلامية في إسرائيل؛ حيث نظمت الحركة مسيرات دعم لعرب إسرائيل في المدن المختلطة بين اليهود والعرب ضد اعتداء الدولة ودعت مواقع الحركة على الإنترنت إلى مظاهرات شارك فيها الآلاف في عكا ويافا، كما ساند الفرع الجنوبي حركة حماس خلال حرب غزة الأخيرة في الوقت الذي أمطر فيه الجناح الإرهابي للحركة المدن والقرى الإسرائيلية بآلاف الصواريخ، لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى متى وإلى أي مدى سيتمكن منصور عباس، كممثل للإخوان المسلمين في الكنيست والحكومة الإسرائيلية، من الاكتفاء بالنجاحات المحلية لناخبيه مع إخفاء الأهداف الأيديولوجية التي يخطط لتحقيقه؟

ربما يعجبك أيضا