مركز تحليل السياسات الأوروبية | التغييرات المناخية وتأثيرها على الناتو

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

يغير تغير المناخ البيئة العسكرية سريعًا ويتطلب من الناتو إعادة التفكير في نهجه التشغيلي.

إن المنطقة القطبية الشمالية حجر زاوية في الردع النووي لروسيا. تُعد الغواصات النووية عنصرًا من عناصر الثالوث النووي الروسي وتؤكد قدراتها على الضربة الثانية. لعقود، كان جليد المنطقة القطبية الشمالية الموطن الثاني للغواصات التي تنتمي إلى الأسطول الشمالي. وبالتحرك بهدوء تحت الجليد، سوف تلعب الغميضة مع سفن الناتو التي تتعقبها. كانت قواعد هذه اللعبة معروفة للجميع منذ عقود، لكن التأثير المتنامي لتغير المناخ يعني أن القواعد ستتغير مع انحسار الجليد.

سوف تُحرم سفن روسيا من ملاذها الآمن. وفقًا لناسا، انكمش جليد المحيط المتجمد الشمالي إلى أقل معدلاته منذ أواخر السبعينيات عندما بدأ حفظ السجلات الحديث، فيما تُقدِّر الوكالة أنه يتراجع بمعدل يفوق 13% في العقد.

في ظل وجود غطاء جليدي أصغر وأرق، من المرجح أن تبحث الغواصات الروسية عن ملاذ في المحيط الأطلسي الواسع. هذا سيتطلب تفكيرًا جديدًا وتكتيكات جديدة من قوات الناتو البحرية، مثل الغواصات القاتلة التي من المنوط بها أن تقضي على التهديد قبل أن يتسبب بكوارث. من المؤكد أن الأطلسي سيصبح مساحة متنازع عليها.

لقد ظهرت لمحة لما يمكن أن يجلبه المستقبل في خريف 2019 عندما أرسلت روسيا 10 غواصات نووية إلى المحيط الأطلسي كجزء من أكبر تدريب للغواصات منذ نهاية الحرب الباردة.

إن عواقب الرابط الناشئ بين تغير المناخ والبيئة الأمنية سيُشعر بها عالميًّا. لن تكون أي منطقة بمعزل عنها، وهذا سيغير سير العمليات في كل القطاعات العسكرية: الجوية، والبرية والبحرية. ربما يضعف المناخ المتغير قدرة الناتو على أداء مهامه الأساسية الثلاث، ومنها الدفاع الجماعي، لذا يجب أن يفهم الحلف الرابط بين تغير المناخ والبيئة الأمنية لكي يظل ناجحًا ومواكبًا لتحديات القرن الحادي والعشرين.

تخدم التغييرات في المنطقة القطبية الشمالية كطلقة تحذيرية من تعقيد التحديات المقبلة، في أقصى الشمال والأماكن الأخرى. إنها تقدّم مثالًا جيدًا على ما سيحدث وتولّد بالفعل تفكيرًا إبداعيًّا.

وبعد أن كانت مجمدة ومعزولة لفترة طويلة، أصبحت المنطقة مفتوحة بصورة متزايدة أمام حركة الملاحة البحرية والنشاط الاقتصادي. إن انصهار الغطاء الجليدي سيسهل الملاحة في طريق بحر الشمال، وهو ممر بحري منشود يجري من بحر بارنتس بالقرب من النرويج إلى شبه الجزيرة المقابلة لألاسكا.

سوف يقلل الطريق زمن العبور بين آسيا وأوروبا، رابطًا المنطقتين اقتصاديًّا وعسكريًّا أيضًا. إن افتتاح هذا الممر بين آسيا وأوروبا سيسمح لروسيا بنقل سفنها من أسطول المحيط الهادئ إلى بحر النرويج، ثم إلى الأطلسي، ومن المرجح أيضًا أن يؤدي إلى زيارات متكررة من البحرية الصينية إلى منطقة أوروبا -الأطلسي.

تلك العوامل، مجتمعة، ستزيد الضغط على فجوة جرينلاند – أيسلندا – المملكة المتحدة (GIUK)، وهي نقطة اختناق شمال الأطلسي والتي تُعدّ رئيسية للتحكم في حركة الملاحة البحرية في شمال الأطلسي. إذا جرى اختراق هذه الفجوة، ستستخدمها الغواصات الروسية لتهديد قدرة الناتو على إرسال التعزيزات إلى المسرح الأوروبي وقت الأزمات. خلال قمة 2021 في بروكسل، صرّح قادة الحلفاء أن الناتو ينبغي أن يصبح المنظمة الرائدة عندما يتعلق الأمر بفهم تأثير تغير المناخ على البيئة الأمنية والتكيف معه، ويُعد تغير المناخ أيضًا سمة بارزة لعملية الناتو 2030.

ولكي يبقى التحالف العسكري الأكثر نجاحًا في التاريخ، يحتاج الناتو لتحديد وتحليل التداعيات الأمنية لتغير المناخ. تحتاج تلك التداعيات لأن تؤخذ بعين الاعتبار في عملية تطوير الاستراتيجيات والقدرات المستقبلية. يحتاج الحلفاء أيضًا لفهم العواقب العسكرية والاقتصادية والسياسية لتغير المناخ على الدول الأخرى، لا سيما روسيا والصين، كما ينبغي أن يصبح تعزيز الوعي حول تلك القضايا التركيز الرئيسي للناتو في مواجهة التحديات النابعة من المناخ. ولفعل هذا:

  • يحتاج الحلف لتعزيز قدراته الداخلية في هذا المجال في مقر الناتو (على الصعيدَين العسكري والمدني).
  • ينبغي أن يوّسع مركز التميز لأمن الطاقة التابع للناتو دوره لكي يعالج أيضًا اعتبارات تغير المناخ.
  • ينبغي أن يتم بحث عواقب تغير المناخ مع شركاء الناتو ووضعها على أجندة عملية التعاون المنشطة بين الناتو والاتحاد الأوروبي.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا