آسيا تايمز | سيطرة طالبان على أفغانستان ستكون كارثة لطهران

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

إن الانتصار المحتمل لطالبان في أفغانستان سيكون كابوسًا استراتيجيًّا لإيران. في السنوات الأخيرة، بدأت طهران التواصل مع طالبان واستضافت محادثات بين الحكومة الأفغانية والجماعة. وبالرغم من النفور الاستراتيجي من طالبان، حافظت إيران على روابط معهم للتحوط من التواجد الأمريكي في أفغانستان ولصد تهديد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

يُقال أيضًا إن طهران زوّدت الجماعة بالأسلحة والتمويل، وسمحت لكبار قادة طالبان بالحصول على الخدمات الطبية الإيرانية، ومنحتهم ملاذًا من الضربات الجوية الأمريكية. تم هذا على أمل أن طالبان ستوافق على أن تصبح جزءًا من حكومة مستقبلية تتقاسم السلطة في كابول وتتشكل بمشاركة طهران، والتي ستؤمّن المصالح الإيرانية في أفغانستان. بدلًا من هذا، بسبب انتصاراتها العسكرية السريعة في الأسابيع الأخيرة، من المتوقع أن تصل طالبان إلى السلطة بمفردها.

حذرت الصحف المحافظة في إيران، مثل الجمهورية الإسلامية، من مخاطر سيطرة طالبان في كابول. وفي حيلة مثيرة للسخرية، حذرت المقالات الافتتاحية، التي بخلاف ذلك لم تكن لتناصر حقوق المرأة الإيرانية أبدًا، حذرت من المخاطر التي تشكّلها طالبان على المرأة الأفغانية.

إن سياسة إيران في السنوات الأخيرة تجاه طالبان اعتبرت الجماعة مختلفة عن القاعدة وداعش. إلا أن صحيفة الجمهورية الإسلامية تضع طالبان في نفس الفئة مع القاعدة وداعش، واصفةً إياهم بـ”المثلث الشرير”، وأشارت لطالبان أيضًا بالإرهابيين.

وكما يبدو مرجحًا الآن، سيطرة طالبان في كابول لن تكون مقبولة للجماعات العرقية والفصائل السياسية المختلفة في أفغانستان التي حاربت الجماعة في الماضي. تشير التقارير إلى أن العديد من الميليشيات الإقليمية والعرقية تحمل السلاح.

إن الحرب الأهلية في أفغانستان قد ترسل موجة أخرى من اللاجئين عبر الحدود إلى إيران، وهي بالفعل موطن لحوالي 3 ملايين لاجئ أفغاني، أي ما يساوي 4% تقريبًا من سكان إيران. هذا من شأنه أن يضع ضغطًا على الخدمات العامة الإيرانية المتخبطة، التي أضعفتها بالفعل العقوبات الأمريكية، ويزيد التوترات السياسية داخل البلاد.

بالإضافة إلى هذا، من المرجح أن يرتفع تهريب المخدرات عبر الحدود البالغ طولها 900 كم بين أفغانستان وإيران في حالة سيطرة طالبان. فعلى الرغم من التقوى المزعومة، سمحت طالبان باستمرار زراعة الخشخاش في المناطق الخاضعة لسيطرتها، سعيًا لتصدير الأفيون لتمويل مشتريات السلاح.

لا تستطيع إيران المخاطرة بأن تصبح أراضيها مغمورة بالمخدرات. ففي ظل وجود 2 إلى 3 ملايين مدمن، تمتلك إيران واحدًا من أعلى معدلات إدمان المخدرات في العالم. قد يشعل أيضًا دخول الأسلحة غير المشروع إلى إيران من أفغانستان التمردات العرقية الخامدة حاليًا في إيران.

وعلى الصعيد السياسي، حكومة طالبان المستقلة عن النفوذ الإيراني ليست إرث سياسة خارجية يود أن يتركه المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. فبخلاف تجنيد بعض الهزارة الشيعة، لم تقدم طالبان أي التزامات جادة بالشمولية أو التعددية.

في واقع الأمر، طهران منزعجة من أن طالبان تواصل الإصرار على أن يكون المذهب الحنفي للفقه الإسلامي، المبني على المدرسة الديوبندية المحافظة بشدة، هو المصدر الوحيد للتشريع في أفغانستان. هذا لا يدع مجالًا للمجتمعات الشيعية في أفغانستان. وعلى عكس الوضع في العراق واليمن، فإن الميليشيا الوكيلة لإيران في أفغانستان، ألا وهي الفاطميون، المكونة من الهزارة الشيعة، بعيدة كل البُعد عن حزب الله في لبنان أو وحدات الحشد الشعبي في العراق، وبالتالي لا تشكّل تحديًا حقيقيًّا لطالبان.

وردًّا على خطط تركيا المزعومة لنقل الجهاديين السُنة من سوريا إلى أفغانستان، ربما ترد إيران بنقل ميليشياتها الوكيلة من سوريا والعراق إلى أفغانستان، لكن هذا سيعرّض للخطر المكاسب الاستراتيجية الأخيرة التي حققتها إيران في العراق وسوريا واليمن.

إن حكومة طالبان المتحالفة بحزم أكبر مع باكستان قد تعرّض للخطر الخطط الإيرانية لربط ميناء جابهار بآسيا الوسطى عبر الأراضي الأفغانية. ولأن وصول آسيا الوسطى إلى المحيط الهندي لا يستوجب المرور عبر الأراضي الإيرانية، فإن البدائل (مثل خط السكة الحديدية بين أوزبكستان – أفغانستان -باكستان الذي يربط آسيا الوسطى بمشروع ميناء جوادر الصيني – الباكستاني في باكستان) متاحة تحت حكومة طالبان.

إذا وصلت طالبان إلى السلطة بمفردها في كابول، سوف تسبب إحراجًا سياسيًّا شديدًا لطهران، كما أن التعامل القديم للنظام مع القاعدة وطالبان سبّب قلقًا للمتعصبين في الجمهورية الإسلامية. لقد انخرطت سلسلة من المقالات الافتتاحية، من صحف محافظة أيضًا، في مناورات دلالية دقيقة لجعل تولي طالبان للسلطة في كابول مستساغًا للجمهور الإيراني.

تراوح هذا من الإنكار إلى الأكاذيب الصريحة، مثل موقف صحيفة كيهان المتشددة من أن طالبان لم ترتكب على مر التاريخ أية جريمة في حق السكان الشيعة لأفغانستان، أو أن طالبان اليوم مختلفة عما كانت عليه في التسعينيات.   

وفي حين أن جزءًا من الآلة الدعائية الإيرانية يعرب عن القلق من مكاسب طالبان السريعة في أفغانستان، يحاول الجزء الآخر التقليل من حجم الضرر على سُمعة النظام بسبب ما يُحتمل أن يصبح كارثة في السياسة الخارجية. هذا يشير إلى نظام في طهران مرتبك تمامًا ويواجه احتمالية أن تثمر سياسته تجاه أفغانستان عن ضرر غير متوقع للمصالح الاستراتيجية لإيران.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا