ناشيونال إنترست | دون تأمين دول البلطيق.. لا مجال لعلاقة مستقرة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

إن المصالح المحيطة بروسيا تقسم العالم الغربي. ينبغي أن يتوقع الجميع أن الاتحاد الأوروبي وروسيا سيهدفان لعلاقات مستقرة وقابلة للتنبؤ بعد أن حاولت الولايات المتحدة وروسيا التوصل إلى إجماع في جنيف بأسهل الأهداف التي يمكن تحقيقها. هدفت قمة جنيف إلى حوار عن الاستقرار الاستراتيجي والذي سيصبح مدروسًا وقويًّا في المستقبل. كانت المناقشات حول حقوق الإنسان، والديمقراطية والنظام القائم على القواعد بين البلدين عملية ومبنية على الأعراف.

لم يتدخل الاتحاد الأوروبي في أي من هذه القضايا. مع هذا، التوترات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وروسيا ذات طبيعة أكثر تعقيدًا. إنها تشمل قضايا حدودية، ومطالب تاريخية، وخللًا أساسيًّا في توازن القوة على الجبهة الشرقية للاتحاد الأوروبي. من البديهي أن دعم الاتحاد الأوروبي والناتو القوي والمستمر لدول الجبهة الشرقية له أهمية قصوى.

ينبغي أن يسأل المرء عما إذا كانت العلاقات يمكن أن تصبح مستقرة وقابلة للتنبؤ حقًّا مع روسيا، التي تستخدم سياساتها للسيطرة والنفوذ كوسيلة لتحقيق المكانة الدولية. إن سعي روسيا لتحقيق “مصالحها القومية” يمثل ورطة مفتعلة للاستقرار الاستراتيجي في أوروبا والتي يمكن حلها بطريقة واحدة فقط – عن طريق الاعتراف بدائرة نفوذ روسية وتقييد الناتو، والولايات المتحدة وفي نهاية المطاف استقلال عدة دول في الاتحاد الأوروبي.

ربما يُنظر للصراع الروسي- الأوكراني 2014 كفرصة للتركيز على أساليب الاعتراف بالمخاوف والمكانة الروسية في الدول التي تحد روسيا. على الجانب الآخر، لا توجد فرصة واقعية للتوصل إلى إجماع بين الأعضاء الشرقيين للاتحاد الأوروبي وروسيا. إن أي تعزيز محتمل لدول البلطيق، أو بولندا أو رومانيا ستراه روسيا خطرًا على استقلالها ورخائها.

يُعد الاعتراف بالمصالح الروسية على الصعيد الدولي محورًا قويًّا في رواية السياسة الخارجية لروسيا. ويُعدّ أيضًا مصدرًا مهمًا للشرعية على الصعيد الداخلي. علام ستحصل روسيا في المقابل إذا غيرت موقفها العدائي؟ هل أوهام روسيا الديمقراطية المستقبلية، التي تخلت عن سياساتها وطموحاتها الإمبريالية، خيار واقعي ومُجدٍ للحكومة الروسية أو الشعب الروسي؟ يمكن الإجابة بـ”لا” عن اقتناع.

إن دول البلطيق، وهي دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي بحد ذاتها، مُعرضة بشدة للعدوان الروسي بسبب اعتمادها على فاعلين خارجيين وعدم فاعليتها المنهجي في توازن القوى الإقليمية المختل. إن افتقار دول البلطيق ودول أوروبا الشرقية الأخرى للقدرة الإدارية على حشد الموارد في أوقات الطوارئ يجعلها عرضة للخطر. هناك قول مأثور يقول إن الدولة تصبح ضعيفة إذا كان جيرانها أقوياء والعكس صحيح. يمكننا أن ندعي أن الدولة قوية لأن جيرانها ضعفاء. تتعرض دول البلطيق على نحو خاص للمكائد الإمبريالية الروسية وبالتالي لها قيمة رمزية كبيرة.

إن المزاعم الخطابية للاتحاد الأوروبي ككل وكذلك أيضًا الدول الأعضاء بصورة فردية تجاه روسيا ينبغي أن تتسم بدرجة أعلى من المنافسة، والخصوصية، والأنانية الاقتصادية، باستثناء السياسات التي تزيد فرص التهديد العسكري الروسي أو التساهل معه. في هذه الظروف، الدعم الكامل للاتحاد الأوروبي والناتو له أهمية قصوى للحفاظ على التوازن في مواجهة روسيا حتى يتم إيجاد علاج للضعف العسكري والاقتصادي المنهجي لدول البلطيق ودول أوروبا الشرقية.

وطالما ترفض روسيا الاعتراف بالخيارات الدولية لجيرانها عن طريق العودة لسياسات القوة التي تهدف لفرض رؤيتها على العالم، سوف يواصل جيران روسيا الأوروبيون عزوفهم عن الاتحاد الأوروبي من أجل تعزيز علاقات أوثق مع روسيا. ويوجد خطر آخر. حقيقة الأمر هي أن دول كثيرة في شرق أوروبا ترى محاولات ألمانيا وفرنسا لتحسين علاقتهما مع روسيا ضيقة ومنعزلة عن السياق العالمي. يُنظر لهذه الجهود على أنها لعبة تضع مصالح ألمانيا، وفرنسا وروسيا فوق مصالح البلاد الواقعة بينهم. لم تُعالَج هذه المشكلة بجدية من قبل من طرف اللاعبين الأوروبيين الكبار الذين نراهم يدعمون باستمرار القرارات المبنية على مصالحهم ويخالفون القيم والقضايا التي يحملها أعضاء الاتحاد الأوروبي الضعفاء على الحدود الروسية.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا