بلومبيرج | كيف نواجه صواريخ إيران ووكلائها؟

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

تزداد آفاق إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني غموضًا يومًا بعد يوم. مع هذا, الشيء الذي يبدو واضحًا هو أنه من المستبعد أن تتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاقية أوسع للتصدي لترسانة الصواريخ الإيرانية وشبكة القوات الوكيلة المدججة بالأسلحة الثقيلة. إن إيجاد طرق أخرى لاحتواء وإضعاف تلك التهديدات ينبغي أن يصبح أولوية.

لكن هذا لن يكون سهلًا. لقد أثار انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان التساؤلات حول عزيمة إدارة بايدن تحت الضغط. وأعلن البيت الأبيض لتوه أنه بنهاية هذا العام سوف تنتقل قواته إلى مهمة تدريب ومشورة في العراق, حيث تتنافس الميليشيات المدعومة إيرانيًّا على النفوذ. وللرد على مناورات إيران, سوف تحتاج الإدارة لمضاعفة جهودها الأخرى.

تمتد عمليات إيران عبر جبهة واسعة. لقد قوّض عشرات الآلاف من المقاتلين المدعومين إيرانيًّا في لبنان, وسوريا, والعراق, واليمن وغزة الدول الفاشلة, وهددوا إسرائيل, واستهدفوا بشكل مباشر القوات الأمريكية وحلفاءها العرب, وعرقلوا التجارة العالمية. لقد هددت هجمات متمردي الحوثي اليمنيين على السعودية أسواق النفط، والصواريخ التي أطلقتها الميليشيات الشيعية العراقية على القواعد الأمريكية تخاطر بإشعال صراع أوسع بين الولايات المتحدة وإيران. يمنع حزب الله, الذي يمثل دولة داخل الدولة, الإصلاحات الضرورية لإحياء اقتصاد لبنان.

لقد جعلت صادرات إيران من الأسلحة المتقدمة هذه الجماعات أكثر كفاءة. يمتلك وكلاء إيران الآن آلاف الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز, ومعدات لتحسين دقة ذخيرتهم القديمة, والتدريب والمعدات اللازمة لإنتاج صواريخ بأنفسهم، وبدأ مقاتلو الميليشيات مؤخرًا توظيف طائرات مسيرة مسلحة والتي من الصعب اعتراضها. إن الحجم الهائل لهذه الترسانات يهدّد بسحق الدفاعات الحالية. لقد قدّم نظام القبة الحديدية الإسرائيلي أداءً جيدًا ضد وابل صواريخ حماس، لكنه سيواجه وقتًا عصيبًا في صد صواريخ حزب الله التي تتجاوز 150 ألف صاروخ.

صرّح رئيس إيران المنتخب, إبراهيم رئيسي, بأن صواريخ ووكلاء إيران “غير قابلين للتفاوض”، كما أن الضغط الدولي المنسق فقط هو ما قد يغير رأيه, ويمكن تحقيق هذا. لقد حشدت الولايات المتحدة القوى العالمية خلف الاتفاق النووي 2015 عن طريق التركيز على نقطة اتفاق واحدة – وهي أن إيران لا ينبغي أن تحصل على القنبلة. نفس تلك القوى لها أيضًا مصلحة مشتركة في إرساء استقرار المنطقة. من ضمن هذه القوى الصين, التي تمتلك روابط تجارية موسعة مع السعودية والإمارات أكثر من روابطها التجارية مع إيران.

إن وجود قواعد سلوك إقليمية لتقييد انتشار الصواريخ وأنشطة الجهات الفاعلة من غير الدول قد يصنع فرقًا. إنه لن يوقف كل الصراعات لكنه سيجعلها أقل ترجيحًا للبدء أو التصعيد، وفي نفس السياق, ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين تشجيع الجهود الدبلوماسية الأخرى لتهدئة التوترات, على سبيل المثال من خلال المحادثات لإنهاء الحرب في اليمن وتحسين العلاقات بين دول الخليج وإيران.

في الوقت نفسه, يجب على الولايات المتحدة أن تفعل المزيد لردع تهديد الوكلاء، ويتعين على القوات الأمريكية, عند تعرضها للهجوم, أن ترد بقوة وثبات أكبر – لكن دون ضجة. ينبغي أن يكون الهدف هو رفع ثمن هذه الاعتداءات دون إجبار الميليشيات على حفظ ماء الوجه عن طريق الثأر.

كما يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها زيادة الجهود لاعتراض شحنات تكنولوجيا الصواريخ إلى إيران, ومن إيران إلى وكلائها، حيث تدرس الإدارة فرض عقوبات جديدة لتغيير حسابات طهران ولقطع اللوازم الأساسية لصواريخها وطائراتها المسيرة. ينبغي أن تساعد الولايات المتحدة أيضًا الشركاء في المنطقة على تعزيز دفاعاتهم الصاروخية والاستخبارات, وقدرات المراقبة والاستطلاع. إن العلاقات الأكثر دفئًا بين إسرائيل وعدة دول خليجية تخلق فرصًا للتعاون في تكنولوجيات حديثة لمكافحة الطائرات المسيرة والصواريخ التي تطير على ارتفاع منخفض.  

وعلى المدى الأطول, يصبح تقويض الدعم لهذه الجماعات من غير الدول ضروريًّا. لقد اندلع الاستياء من النفوذ الإيراني في لبنان والعراق. وفي الوقت الذي تسحب قواتها, ينبغي على الولايات المتحدة مواصلة تعزيز الجيش العراقي ضد نفوذ الميليشيات, ودعم الحكومة المدنية بالمساعدات, والضغط من أجل اتخاذ إجراءات ضد الميليشيات التي تقتل النشطاء والصحفيين. إن حجم دعم إيران المالي لوكلائها يستحق تسليط الضوء عليه أيضًا، ليستطيع الإيرانيون العاديون رؤية كيف تُنفق مواردهم الهزيلة.

ولا شك أن هذه الجهود ستتطلب الصبر، وبكل تأكيد, لن تعالج التهديد النووي الوشيك، بيد أنها ستقلل التوترات في المنطقة وتجعله أصعب على إيران أن تؤجج الصراع؛ وهذا بلا شك جهد يستحق القيام به.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا