مودرن دبلوماسي | الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني.. تحديات وآفاق مستقبلية

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

ينتقل نموذج الاقتصاد العالمي من الغرب إلى الشرق، بينما تلعب الصين دور حامل الشعلة في هذا السياق بمشروع الحزام والطريق. يكمن جمال هذا المشروع الفريد من نوعه في أنه يوفّر ممرًا تجاريًّا جديدًا وطريقًا لـ60 دولة على الأقل. إذا أعطينا تكهنًا، فإن حوالي 80% من سكان العالم سيستفيدون من هذا المشروع الذي يمكن تقسيمه إلى “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير”، و”طريق الحرير البحري”. وبالنسبة إلى دفع الأموال، تم فتح خمس مؤسسات مالية بحيث لا يقع العبء الكامل على الصين. الآن، أصبحت حقيقة مثبتة أن الولايات المتحدة، والقليل من الدول الغربية والهند يمارسون الضغط ويتآمرون ضد مشروع الحزام والطريق.

إن أهم مشروع في هذه المبادرة هو الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني؛ حيث إنه يمنح الصين إمكانية الوصول إلى أهم موقع جيواستراتيجي في ميناء جوادر، والذي كان دائمًا حلمًا لروسيا والناتو من أجل مصالحهم الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة. إنه المشروع الوحيد الذي يمنح الدول الحبيسة إمكانية الوصول إلى البحر، ومن المؤكد أن الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني يمكن أن يصبح مغيرًا للعبة بسبب قدرته على خلق إنتاجية صناعية ضخمة وصادرات وفرص عمل، ليس لباكستان فقط؛ بل لمنطقة جنوب آسيا كلها.

وبسبب عدة عوامل، هناك دائمًا فرص لأن تسود عدم الثقة بين باكستان والصين، والتي قد يكون لها تأثير مباشر على اقتصاد باكستان. يلعب الاقتصاد دورًا أساسيًّا في تنمية وتعزيز أي دولة، لكن مع الأسف، لم تستطع باكستان إرساء استقرار هذا القطاع لعقود. بمجرد أن يصبح الوضع أفضل، تقع حادثة أخرى من الاضطراب. وعلى الرغم من هذا، وافقت المؤسسات الفكرية الصينية في عدة مناسبات على أن الوضع الأمني تحسن في باكستان خلال السنوات القليلة الماضية.

ومن حسن الحظ، وبسبب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، تحتضر الاستثمارات الهندية. لا شك في أن الاستقرار الاقتصادي الذي ستحققه باكستان بعد إتمام الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني لن يستوعبه عدو دائم مثل الهند. تكثف الهند عملياتها السرية ضد الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، حيث إن انزعاجها يزداد يومًا بعد يوم من العلاقات الباكستانية – الصينية الدافئة. تعتقد حكومة مودي أنه بمجرد أن يدخل الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني حيز التشغيل، سيقلل من دائرة نفوذها في آسيا الوسطى وجامو وكشمير وأفغانستان. تعرضت الشبكة الإرهابية التي تشكّلت في أفغانستان لخلق الفوضى في باكستان تحت ستار الأنشطة الدبلوماسية للخطر. الآن ربما تحاول الهند إعادة خلاياها النائمة داخل باكستان لتعطيل الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني.

يقدّم الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني بالتحديد وضعًا مربحًا لجميع الدول المشاركة ويمتلك عنصرًا قويًّا للتنمية الاجتماعية، والتخفيف من حدة الفقر، والارتقاء الديموجرافي، على عكس البرامج المشابهة التي تقدمها جهات مانحة دولية أخرى. لن يؤثر الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني أبدًا على ميزان مدفوعات باكستان في أي مرحلة. إن جدول السداد مريح، حيث يتعلق بالاقتصاد الجغرافي وإقامة نظام اقتصادي غير قابل للاستغلال، والنقطة الأخرى هي أن الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني مشروع شفاف تتوفر كل تفاصيله على موقعه الإلكتروني، ولا شك أن مشروعات الممر ليست مقصورة على مناطق محددة؛ بل تتواجد شبكتها في كل باكستان.

 صحيح أن باكستان تمتلك شبكة أمنية خطيرة، لكنها اتخذت عدة خطوات إيجابية في هذا الصدد، مثل إقامة فرقتي أمن في الجيش الباكستاني، ودمج القوات الخاصة شبه العسكرية، وزيادة حجم جهاز المخابرات، وتحسين شبكات الشرطة المحلية.

توجد ثمانية مجالات أساسية مربوطة بالممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني وهي نظام النقل المدمج، والبنية التحتية لشبكة المعلومات، والتعاون في المجالات المتعلقة بالطاقة، والمجمعات التجارية والصناعية، والتنمية الزراعية والتخفيف من حدة الفقر، والسياحة، والتنمية الاجتماعية والمبادلات غير الحكومية، وأخيرًا التعاون المالي. يجذب الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني الآن دولًا أخرى من حول العالم والتي تعرب عن رغبتها في الإنضمام له.

في الظروف الحالية، يجب أن تكتمل مشروعات الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني في أسرع وقت ممكن، بحيث يمكن الاستفادة من الموقع الجغرافي لباكستان. تطرح الهند وجماعات الضغط الأخرى جزءًا كبيرًا من القصص المناهضة للممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني بحقائق وأرقام مزيفة على وسائل الإعلام الدولية، يجب أن نقدّم دحضًا مناسبًا ويجب أن يكون جانبنا من القصة مدعومًا بالحقائق والأرقام التي جرى التحقق منها، ومن النقاط التي ينبغي التركيز عليها أيضًا، هي أن بلوشستان المزدهرة ستعزز أساس الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني. إنه مغيّر حقيقي للعبة ويجب إشراك أكبر عدد من دول العالم في هذا المشروع للحصول على الدعم المعنوي والاجتماعي والمالي.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا