ناشيونال إنترست| هل يكون مضيق هرمز مسرحًا لمواجهة عسكرية أمريكية – إيرانية؟

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

إليكم أمر يتعيّن عليكم تذكّره: بالرغم من أنه من غير المحتمل أن تتسبب الزوارق الإيرانية الصغيرة في إلحاق ضرر بنيوي كارثي بسفن حربية أمريكية أكبر حجمًا مزوّدة بأسلحة أو صواريخ صغيرة، إلا أن هذه القوارب المحمّلة بمتفجرات والمصممة لمهام تفجيرية انتحارية، يمكن أن تمثل تهديدًا خطيرًا للغاية على سفينة سطحية كبيرة، وذلك اعتمادًا على حجم ونطاق دائرة الانفجار.

تحرّشت أسراب من قوارب إيرانية صغيرة وحاولت ترهيب مجموعة سفن حربية أمريكية أثناء انتقالها عبر مضيق هرمز في العاشر من مايو، ما دفع السفن الحربية الأمريكية لإطلاق عيارات تحذيرية بشكل متكرر في محاولة لنزع فتيل الموقف.

كانت عدة زوارق دورية وطرّاد مجهّز بصواريخ موجّهة تابعين للبحرية الأمريكية وسفن تابعة لخفر السواحل الأمريكية، يرافقون غواصة (USS Georgia) المجهّزة بصواريخ موجّهة، عندها اقتربت منهم بسرعة مستفزة زوارق بحرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، حيث وصف تقرير للبحرية الأمريكية بأن “أسلحة تلك القوارب كانت مكشوفة وعلى متنها طواقم تشغيل”.

اقتربت الزوارق الإيرانية السريعة من السفن الأمريكية وكانت على مسافة 150 ياردة فقط من سفينة Maui التابعة لخفر السواحل الأمريكية والتي كانت تبحر بسرعة تفوق الثلاثين عقدة. وبحسب تقرير البحرية الأمريكية “بعد أن رفض زورقان بحريان تابعان للحرس الثوري الإيراني الاستجابة لتحذيرات متكررة واقترابهما بمسافة 300 ياردة، نفذت سفينة Maui إجراءات خفض تصعيد قانونية عبر إطلاق أعيرة تخديريه”. رفض الزورقان التابعان للحرس الثوري مجددًا الاستجابة للتحذيرات واقتربا بمسافة 150 ياردة من سفينة Maui، حينها أطلقت السفينة أعيرة تحذيرية إضافية”.

بينما وصف تقرير البحرية الأفعال الإيرانية بأنها “غير آمنة وغير احترافية”، كانت ردود الأفعال وسط قادة الخدمة والبنتاغون أكثر قوة. المؤكد أن هذا النوع من الحوادث ليس بأي حال جديدًا أو غير مسبوق، إذ أنه لطالما عُرف عن إيران تصرفها بهذه الطريقة، وإن كانت تُحجم عادةً عن بدء معركة خطيرة بالأسلحة.

كما أن مضيق هرمز الضيق معروف عنه بأنه نقطة توتر عالية قريبة من الحدود الإيرانية، حيث يعبر جزء كبير من حركة الشحن التجارية والعسكرية للمنطقة. كما يُعرف عن مضيق هرمز أيضًا كونه منطقة عالية الخطورة فيما يتعلق بالألغام وحتى بعض أنواع الصواريخ الباليستية التي تُطلق من البرّ.

بصرف النظر عن قيام هذه الزوارق الإيرانية بتحرشات أو استفزازات، إلا أنه فيما يبدو لا يوجد تفسير منطقي لتصرفات تلك الزوارق، اللهم إلا إذا كانت أسراب الزوارق تلك تخطط لهجوم خطير. إن الهدف الاستراتيجي لهجوم الزوارق الصغيرة هو ببساطة إرباك دفاعات السفن والأسلحة المنصوبة فوق سطحها، حيث تكون تلك الزوارق منتشرة وعلى مقربة من أهدافها بغرض “إغراق المنطقة” واختراق المحيط الواقي للسفن أو تطويق السفينة المستهدفة ومداها الناري، مُستغلة سرعتها وعددها الكبيرين.

بالرغم من أنه من غير المحتمل أن تتسبب القوارب الإيرانية الصغيرة في إلحاق ضرر بنيوي كارثي على سفن حربية أمريكية أكبر حجمًا مزوّدة بأسلحة أو صواريخ صغيرة، إلا أن هذه القوارب المحمّلة بمتفجرات والمصممة لمهام تفجيرية انتحارية، يمكن أن تمثل تهديدًا خطيرًا للغاية على سفينة سطحية كبيرة، وذلك اعتمادًا على حجم ونطاق دائرة الانفجار. إن تدمير عدد من الزوارق الصغيرة التي تقترب بصورة متزامنة، سيمثل فيما يبدو معضلة لدفاعات سفن بعينها مثل الطرادات البحرية أو سفن خفر السواحل الأمريكية المزوّدة بأسلحة ذات عيار متوسط منصوبة فوق سطح السفينة.

مع هذا، وبالإضافة إلى أسلحة منصوبة فوق سطح السفينة أو أسلحة أخرى، يمكن لسفن البحرية الأمريكية أن تتسلح بأنظمة أسلحة “فالانكس” للقتال القريب (CIWS) القادرة على إطلاق مئات القذائف في الدقيقة بهدف تغطية المناطق بنيران دفاعية. يمكن لأنظمة أسلحة “فالانكس”، الموجودة حاليًا في سلاح البحرية الأمريكية، إطلاق مئات المقذوفات الصغيرة القادرة على اختراق الفولاذ، باتجاه زوارق صغيرة تقترب من السفينة، ما قد يعطل تلك الزوارق أو حتى يدمرها عند اقترابها. تستطيع أنظمة CIWS أيضا تغطية منطقة كبيرة، والمثير للاهتمام أن سلاح البحرية الأمريكي بدأ عمليات تحديث هائلة لأنظمة أسلحة CIWS في الأسطول قبل سنوات لهدف محدد يتمثل في تدمير هجمات بزوارق صغيرة. في عام 2014، بدأ سلاح البحرية الأمريكي في عملية تحديث نظام أسلحة CIWS نوع “1B” ما ساهم بشكل كبير في توسيع الفتحة الوقائية بما يتجاوز الدفاع الجوي ليشمل أيضًا الدفاعات السطحية، ويهدف هذا بصورة جزئية للتصدي لأنواع تهديدات الزوارق الصغيرة التابعة عادة لإيران.

بالتالي فإن تحديث نظام أسلحة CIWS يمكن أن يدمر تهديدات قريبة موجودة على السطح، وليست قادمة فقط من الجو، وهذه تعد تقنية وقائية مهمة للغاية للتصدّي لهذا النوع من الاستفزازات. في حال كانت الزوارق الصغيرة سريعة للغاية أو عددها كبير، بما لا يسمح للأسلحة المنصوبة فوق السفن الحربية أو القذائف الأكبر حجمًا اعتراضها، حينها يمكن لأسلحة CIWS التي تطلق النار على أهداف سطحية، منع زورق صغير مهاجم من الاقتراب أو اختراق هيكل السفينة.

مع هذا، وبحسب تقرير البحرية الأمريكية، فإن مجموعة سفن البحرية الأمريكية لم تضمّ إلا طرّادًا بحريًّا واحدًا بالإضافة إلى عدد من زوارق دورية تابعة لخفر السواحل والبحرية الأمريكيين. بالرغم من أن بعض زوارق خفر السواحل مزوّدة بأنظمة أسلحة CIWS، إلا أن معظم سفن الدورية الأصغر حجمًا التابعة لخفر السواحل والبحرية الأمريكيين لا تمتلك هذه الأنظمة. بالتالي، ربما كانت الزوارق الإيرانية الصغيرة استفزازية للغاية، لأنها كانت تعلم أنها ربما لن تتعرض لنيران أنظمة CIWS في حال اقترابها أكثر من السفن الأمريكية. بغض النظر عن هذا، ولأسباب مختلفة، ليس هناك مبرر أو أساس منطقي يجعل زوارق هجومية إيرانية سريعة تفكر في الدخول في اشتباك عسكري خطير مع سفن حربية تابعة للبحرية الأمريكية.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا