آسيا تايمز| سياسة الهند تجاه أفغانستان يمكن أن تؤثر على علاقاتها مع بلدان الشرق الأوسط

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

في أعقاب عملية الإجلاء الفوضوية للقوات الأمريكية من أفغانستان، والإطاحة بحكومة منتخبة على أيدي طالبان، دخلت الهند في حالة ارتباك دبلوماسي، بينما كانت علاقاتها أصلًا متأزمة مع الصين وباكستان.

استثمرت الهند استثمارات كبيرة في أفغانستان للحصول على دعم الولايات المتحدة وحلفائها وسط نزاعات مع دول مجاورة، لا سيما لمواجهة طموحات الصين واستثماراتها الهائلة في مجال البنية التحتية في المنطقة.

سيضر هذا الانسحاب الفوضوي في نهاية المطاف بمصداقية الولايات المتحدة حول العالم، لا سيما في منطقة صراع أخرى، الشرق الأوسط، الذي تستضيف قوات أمريكية على أراضيه، وتتلقى جزءًا كبيرًا من صادرات الأسلحة الأمريكية. إن التطورات اللاحقة للإخفاق في أفغانستان يمكن أن تؤثر أيضًا على علاقات الهند مع الشرق الأوسط، الذي يوجد لديها فيه مصالح تجارية ويعد مصدرًا لوارداتها النفطية.

في بداية سيطرة حركة طالبان على البلاد، كانت ردود بلدان الشرق الأوسط متباينة. اختارت السعودية والإمارات، الشريكان التجاريان المهمان للهند في المنطقة، اتباع سياسة “ننتظر ونرى”، وكان هذان البلدان من بين ثلاث دول فقط اعترفت بنظام طالبان السابق في الفترة بين 1996-2001.

إن استضافة قطر المكتب السياسي لطالبان، جعلها تظهر بوصفها مُصلحة المشاكل لكسر حالة الجمود في مناقشة اتفاق السلام وإنجاز الاتفاق القاضي بانسحاب القوات الأمريكية. تمتلك تركيا وإيران علاقات وثيقة بطالبان، لذلك كانتا على قائمة تضم ست دول فقط تمت دعوتها لحضور حفل تشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة، على الرغم من أن هذا لم يحدث. تتمتع نيودلهي بعلاقات مقبولة بقطر لكن علاقاتها التجارية متوترة مع إيران وتركيا بسبب خلافات سياسية، وقد تدهورت العلاقات أساسًا بعد منع الهند استيراد نفط خام من إيران رضوخًا لضغوط أمريكية.

لا يمكن لإسرائيل، وهي حليف دفاعي مهم للهند، أن تقيم علاقات دبلوماسية في المستقبل مع طالبان، حيث أكد المتحدث باسم الحركة أن حكومته لا ترغب في إقامة تحالف مع إسرائيل.

علاوة على هذا، ربما تفكر الولايات المتحدة بعد تجربة أفغانستان في التقليل إلى الحد الأدنى من تدخلها العسكري في الشرق الأوسط، وهو ما انعكس في تغير السلوك الأمريكي تجاه السعودية عبر سحبها أنظمة دفاع صاروخية، وكشفها وثائق سرية لـ “الإف بي آي” بشأن ارتباط الرياض بهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وتأجيل زيارة لوزير الدفاع الأمريكي “ليود أوستين” إلى السعودية.  إن مثل هذه التحولات السياسية ستخلق فراغًا سيتيح فرصًا للصين وإيران وتركيا، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تهميش مصالح الهند في المنطقة. في خضم هذه الآراء المنقسمة، يمكن أن تؤثر سياسة الهند تجاه أفغانستان بالتأكيد على تحالفاتها الثنائية في الشرق الأوسط.

إن نيودلهي لديها خياران: الاعتراف بحكومة طالبان المؤقتة أو مواصلة اتباع نهج صارم ضد طالبان بوصفها حركة متطرفة. يمكن للخيار الأول أن يشوّه علاقتها مع إسرائيل ودول أخرى وقعت على “اتفاقيات أبراهام”، بينما قد يزيد الخيار الثاني من توتر العلاقات مع تركيا وإيران، ومع قطر أيضًا إلى حد ما.

حافظت الهند حتى الآن على وجود مسافة بينها وبين طالبان، باستثناء لقاء في قطر تناول الإجلاء الآمن لمواطنيها من أفغانستان. مع هذا، ناقشت الهند مخاوفها المتعلقة بتصاعد أنشطة مناهضة للهند في أفغانستان مع حلفاء بارزين في الخليج، مثل السعودية والإمارات والبحرين، ومع قطر أيضًا.

أجرى وزير الخارجية السعودية الأمير “فيصل بن فرحان آل سعود” زيارة إلى نيودلهي لعقد نقاش مفصّل بشأن الأمن وأفغانستان. إن تعبير شركاء الهند الخليجيين عن قلقهم بشأن التطورات في أفغانستان، يشير إلى إمكانية لعب نيودلهي دورًا أكبر في المنطقتين.

إن انهيار حكومة “أشرف غني” كان بمثابة انتكاسة تجارية هائلة للهند، التي استثمرت نحو 500 مشروع في أفغانستان، من بينها سدّ “سلمى” وتشييد مبنى البرلمان. ومن إجمالي المساعدات الثنائية، تستحوذ الهند على الحصة الأكبر، بنحو 63 بالمائة من المصروفات المالية في أفغانستان.

ومن أجل حماية مصالحها، يتعين على الهند الانخراط بشكل نشط مع جميع الأطراف من دون الخضوع لأي ضغوط أجنبية. يمتلك الشرق الأوسط إمكانيات تجارية هائلة، حيث تحتاج الهند لإجراء تواصل شامل من دون الاعتماد على علاقات مع دول أخرى.

ويمكن للهند التعامل مع هذه الأزمة الدبلوماسية عبر إقامة شراكة مع حلفاء خليجيين يتوقعون أن يمثل نظام طالبان تحديًا أيديولوجيًّا لهم، وللمحافظة على مصالحها التجارية، يمكن للهند الانخراط مباشرة مع طالبان، بل وتقديم مساعدات مالية للمساعدة في تعافي أفغانستان.

يجب على الهند التجاوب بإيجابية مع دعوة الزعيم الطالباني الرفيع “شير محمد عباس ستانيكازي” الذي صرّح بأن نظامه ينوي مواصلة العلاقات التجارية والسياسية مع الهند كما كانت في زمن حكومة “غني”.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا