الصحافة العبرية| فرص وتحديات يواجهها أمن إسرائيل القومي.. ولبنان يتفكك وحزب الله يزداد قوة

ترجمات رؤية

ترجمة: فريق رؤية

أسباب التصعيد على الجبهة الفلسطينية

أوضح الكاتب بصحيفة يديعوت أحرونوت “رون بن يشاي” أن التصعيد التدريجي على الجبهتين الفلسطينيتين – قطاع غزة والضفة الغربية – هو حقيقة قائمة، ويبدو أنه ذاهب نحو المزيد من التأجيج. وهو نابع من جملة من الأسباب والعوامل: السبب الأول هو الأعياد العبرية التي تصادف هذه الأيام؛ لأن الأعياد العبرية في الشارع اليهودي في القدس، وخصوصًا بين اليهود الحريديم المتشددين دينيًّا، تثير موجة مضادة من الحماس والتشدد الدينيين بين المسلمين في القدس الشرقية، كما في أنحاء الضفة الغربية كلها. الحضور اليهودي المكثف باللباس التقليدي، وحركتهم المتزايدة في أحياء القدس وشوارعها، وحركة السياح في الضفة الغربية، كلها عوامل تستثير الشارع الإسلامي المتدين وتؤلبه ضد اليهود.

العامل الثاني المسبب للتصعيد هو فرار الأسرى الستة من سجن جلبوع، والذي يوحّد الفلسطينيين في الضفة الغربية والفلسطينيين في قطاع غزة، وخصوصًا قيادة الجهاد الإسلامي في غزة. فإن نجاح عملية الفرار من السجن، والتي خلقت حالة من النشوة بين الفلسطينيين، ثم إلقاء القبض على أربعة من الفارين الستة الذي سبّب حالة من الإحباط وخيبة الأمل، إلى جانب القلق على مصير الاثنين الأخيرين منهم – هذه كلها تولد في الشارع الفلسطيني حالة قابلة للانفجار في أي لحظة، تذكيها أبخرة الوقود التي كانت تملأ الشارع الفلسطيني أصلاً، قبل عملية هروب الأسرى من السجن.

السبب الثالث هو المشكلة التي تعترض تسلم حركة “حماس” الأموال القَطَرية لدفع رواتب موظفي سلطتها في قطاع غزة، والذين يبلغ عددهم 26 ألفًا. “حماس” ذاتها تعبّر عن الإحباط الذي تعانيه في هذه المسألة وتحاول ابتزاز إسرائيل بواسطة البالونات الحارقة، وإطلاق القذائف على السكان اليهود في المنطقة المحاذية لقطاع غزة وإزعاجهم ليلًا. غير أن هذا الإحباط يدفع “حماس” أيضًا إلى غض النظر عن الصواريخ التي تطلقها حركة الجهاد الإسلامي من قطاع غزة. فقيادة هذه الحركة تعتبر أنها ملزَمة بالتعبير عن دعم الأسرى الفارّين ومحاولة ردع إسرائيل، من خلال التهديد بإطلاق الصواريخ على المنطقة الجنوبية منها وجرّها إلى معركة جديدة في توقيت غير مريح لإسرائيل.

رؤية جديدة للخارجية الإسرائيلية

أفردت صحيفة هآرتس مساحة لوزير الخارجية الإسرائيلي “يائير لابيد” لنشر مقال له أكد خلاله أنه طوال عقد من الزمن اعتمدت السياسة الخارجية الإسرائيلية على فكرة قاتمة مفادها أن التحالفات الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها هي التي تستند إلى مصالح اقتصادية أو أمنية. لا مكان في السياسة الخارجية للحوار القائم على قيم مشتركة أو صداقة بين شعبين، وبدلًا من سياسة خارجية نشطة وإيجابية، انتهجت حكومة نتنياهو سياسة تشكيك وتشاؤم.

ففي الساحة الداخلية، أدت النظرة التشاؤمية إلى وصول المجتمع الإسرائيلي إلى حافة التفكك. وفي الساحة الدولية دفعت هذه النظرة الحكومات السابقة إلى إهمال المهمة الحيوية، أي بناء تحالفات تعتمد على قيم مشتركة. جرى هذا تحديدًا في وقت شهد أزمات عالمية – الأزمة المصرفية، وأزمة الإسلام الراديكالي، وأزمة المناخ، وأزمة كورونا – دفعت المجتمع الدولي إلى أن يدرك أنه لم يعد هناك مشكلات محلية، وكل المشكلات صغيرة وكبيرة تتحول في النهاية إلى مشكلات عالمية.

وأوضح لابيد أن هناك موضوعات إسرائيلية لا مجال للتنازل فيها، ولو تسبب هذا بضرر حقيقي في علاقاتها الخارجية. يجب بذل كل شيء – بما في ذلك مواجهات علنية مع أصدقاء إسرائيل – كي نكشف الطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني ومشاريعه للحصول على سلاح نووي. لن نتردد في شن عملية ضد غزة إذا واصلت “حماس” إطلاق الصواريخ على مواطنينا، لكن كل هذا لا يلغي الحاجة إلى بناء منظومة قوية من التحالفات والصداقات.

ورأى لابيد ضرورة بناء مظلة سياسية تحمي الرؤوس، وتحمّل المسؤولية، وتطوير أفكار، واتخاذ قرارات تستند إلى حقائق (حتى لو كانت غير جميلة)، وأن نفهم بعمق كيف يرانا الآخرون، وأن نكون مستعدين لتقبّل النقد، ونتخلى عن الشفقة على أنفسنا، ونحترم حقوق الإنسان- كل هذا ليس عبئًا سياسيًّا بل هو قيم نؤمن بها. سياسة خارجية متفائلة ومنفتحة على الحوار ليست ثمنًا ندفعه، بل هي رصيد نبنيه لأنفسنا إزاء العالم.

البرنامج النووي الإيراني.. تحدٍّ كبير لإسرائيل

قالت المحللة سيما تشين بموقع القناة الإسرائيلية الثانية عشر إن إيران تشكّل تحديًا متعدد الأبعاد لإسرائيل، والمواجهة التي طال أمدها بين الطرفين بمبادرة إسرائيلية أيضًا اتسعت في السنوات الأخيرة إلى مناطق وساحات جديدة. في العقد الماضي أقامت إيران وجودًا عسكريًّا واقتصاديًّا في سوريا مستفيدة من الحرب الأهلية من خلال الحرس الثوري ومقاتلي حزب الله والميليشيات العراقية والأفغانية التي جلبتها إيران إلى سوريا.

وفي الوقت نفسه عززت إيران أقرب الميليشيات الشيعية في العراق، ليس فقط لبسط نفوذها، ولكن أيضًا لبناء قدرة عسكرية يمكن أن تشكّل في المستقبل البنية التحتية لمهاجمة إسرائيل، وخاصة الصواريخ والطائرات بدون طيار من العراق. في الوقت نفسه، تتواصل الجهود لتحسين وتحديث ترسانة صواريخ حزب الله في لبنان، والتي قد يؤدي تراكمها في المستقبل غير البعيد إلى وضع إسرائيل في حاجة إلى قرارات حول كيفية التعامل معها. كما أن المساعدة العسكرية للحوثيين في اليمن في حربهم ضد المملكة العربية السعودية أوجدت أيضًا خيارات لإيران عند مدخل البحر الأحمر – وهو طريق ملاحي مهم للتجارة الإسرائيلية.

يضاف إلى كل ذلك استمرار المساعدة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي في غزة، وفي العقد الماضي نجحت إيران في بناء قدرات ضد إسرائيل داخل معظم حدودها، وإن كان ذلك بدرجة أقل مما خططت له، وذلك بفضل السياسة العملياتية المكثفة لإسرائيل، وأضافت المحللة أن تقدم البرنامج النووي الإيراني هو بلا شك التحدي الاستراتيجي الأهم لإسرائيل.

وردًّا على انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي ولأكثر من عامين، عززت طهران برنامجها النووي في جميع المجالات التي تم إيقافها بموجب المعاهدة النووية  (JCPOA)، حتى أنها تجاوزت الخطوط التي لم تفعلها من قبل مثل التخصيب إلى 60٪ والانخراط في إنتاج الوقود المعدني وتقليل الرقابة، فهذه إجراءات تختصر الوقت الذي ستستغرقه إيران في إنتاج الأسلحة النووية، إذا قررت السير في هذا الطريق.

دولة عُظمى تالفة الأعصاب!

قال الكاتب العربي بصحيفة هآرتس “عودة بشارات” إنه خاب ظنه بالمجتمع الإسرائيلي، فكيف يمكن إدارة دولة عظمى يزعم البعض أنّها تحتل المرتبة الثامنة عالميًّا من حيث قوتها العسكرية، إذا كان فرار الأسرى الفلسطينيين الستة قد أتلف أعصابها؟ فقد صحا وغفا سكانها على أصداء هروبهم؛ بل وتابعوا جهود القبض عليهم خطوة بخطوة. وكيف يمكن الحفاظ على أمن دولة تهدد بجيشها الفتاك – بحسب وصف قائد الأركان أفيف كوخافي – المنطقة بأسرها، بينما يُجن جنون مواطنيها عند مقتل جندي واحد؟ أين اختفت الثقة بالنفس والأعصاب الحديدية؟

وأضاف الكاتب أنه ليس باستطاعة مهندسي الرأي العام الإسرائيلي استيعاب وفهم ما يشعر به المواطنون العرب بالبلاد، الذين يشهدون معاناة أشقائهم تحت وطأة الحصار والاحتلال في الضفة وفي قطاع غزة. لن يدرك هؤلاء ما يحس به المواطنون العرب لأنّهم لا يفهمون الطبيعة البشرية التي تثور ضد كل أنواع الظلم، خاصة ذاك الذي تمارسه المؤسسة الإسرائيلية ضد أبناء جلدتهم. لن يفهموا لأنّهم متقوقعون في عالمهم الخاص، منشغلون بأحلامهم، بآلامهم وبشهواتهم، أما الآخرون فليذهبوا للجحيم. حان الوقت لعنونة الحالة النفسية السائدة في إسرائيل بمقولة قديمة من التوراة: “أنا ومن بعدي الطوفان” (سفر صفنيا، الإصحاح 2، الفقرة 15).  

تحديات وفرص يواجهها أمن إسرائيل القومي

رأى مدير معهد السياسة والاستراتيجية في مركز هرتسليا “عاموس جلعاد” أن المنافسة الاستراتيجية المتعاظمة بين إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى وصول إدارة أمريكية جديدة، هما المصممان المركزيان اللذان بلورا النظام الشرق الأوسطي في السنة الماضية. إلى جانب ذلك هناك الساحة الفلسطينية القابلة للانفجار في قطاع غزة والضفة الغربية، وتقدُّم عمليات بناء القوة  في حزب الله، وخصوصًا مشروع “السلاح الدقيق”، وانتهاء الحرب الأهلية السورية وتمركُز قوات إيرانية وروسية في سورية، والسباق الإقليمي على موارد الطاقة والنفوذ في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، والأزمة الاقتصادية العميقة في لبنان، وجائحة كورونا، والأزمة الاقتصادية الإقليمية المتعاظمة، وعودة تحدي الجهاد العالمي مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، كل ذلك يجسّد حجم التغير التنظيمي في المنطقة وتداعياته على أمن إسرائيل القومي.

فضمن هذا الإطار يمتنع محور الممانعة، الذي يوظف في بناء القوة وفي تطوير قدرات متطورة (نووية وسلاح دقيق وسايبر وغيره)، من استخدام القوة في هذه المرحلة. مع ذلك، فإن المنطق لا يسير كخط مستوٍ، وعندما تحين فرصة استراتيجية، أو عندما يكون مطلوبًا الدفع قدمًا بأجندة وطنية – دينية ردًّا على حدث محدد (القدس، قضية الأسرى، هجوم مستقبلي على لبنان) فإن هذا المحور لن يتردد في الرد والتصعيد. هذا التحليل يجسّد القوة الإقليمية وحدود الردع الإسرائيلي، الأمر الذي يفرض بلورة استراتيجية إسرائيلية ملائمة تقدم ردًّا على التهديدات الناشئة، وأيضًا على الفرص.

لبنان يتفكك وحزب الله يزداد قوة

اعتبر تقرير بصحيفة معاريف أن الأزمة السياسية والاقتصادية متعددة الأبعاد في لبنان تسرّع عمليات التفكك السياسي الذي يتجلى في الخلل في أداء عمل وزارات الحكومة وفقدان القدرة على الحكم والضرر الفادح الذي لحق بنوعية حياة المواطنين (في الكهرباء والسلع الأساسية والدواء وارتفاع كبير في مستوى الفقر وغيره). في ظل هذه الظروف القاسية يعمل حزب الله بدعم من إيران على ترسيخ وتوسيع قبضته على الدولة من خلال المساعدة الإنسانية والتزود بالطاقة (النفط).

التدهور العام لا يمنع إيران وحزب الله من مواصلة وتسريع عمليات بناء القوة العسكرية، وخصوصًا مشروع الصواريخ الدقيقة، من أجل ترسيخ معادلة ردع في مواجهة إسرائيل، والدفع قدمًا بالاستعدادات للمعركة المقبلة. صحيح أنه ليس من مصلحة حزب الله فتح مواجهة عسكرية مع إسرائيل في ضوء الوضع الصعب في لبنان والأثمان التي يمكن أن يدفعها في الساحة الداخلية، لكن احتمال التصعيد في حال حدوث سيناريو هجوم إسرائيلي استباقي ضد مشروع تعاظُم القوة في لبنان يبقى عاليًا إزاء الحساسية التي يُظهرها الحزب حيال تآكل المعادلة القائمة.

بناء على ذلك، يتعين على إسرائيل لجم عملية تعاظُم القوة في لبنان حتى ولو كان الثمن القيام بمخاطرة ضمن إطار المعركة بين الحروب في سورية. القيام بعملية جريئة توضح لنظام الأسد ثمن تأييده لحزب الله، وتدق إسفينًا بين المصلحة السورية (إعادة إعمار سورية) والمصلحة الإيرانية (بناء القوة ونقل قدرات) سيرفع من مستوى التوتر واحتمال التصعيد، ويمكن أن يؤدي إلى تغيير في سلوك اللاعب السوري بصورة تتماشى مع المصلحة الإسرائيلية. ضمن هذا الإطار يشكل التنسيق الاستراتيجي والسياسي مع الروس مصلحة حيوية، والمطلوب تعزيزه من أجل المحافظة على الحرية العملانية للجيش الإسرائيلي في هذه الساحة.

على صعيد الدولة اللبنانية، وفي ضوء الأزمة العميقة والتفكك السياسي، يجب على إسرائيل دفع المنظومة الإقليمية والدولية إلى دعم القوى المعارضة والقادرة على الحد من نفوذ إيران المتعاظم في لبنان. “رزمة” مساعدة تشمل نقل الغاز والنفط من مصر والأردن، ومنح هذه الدولة قروضًا من دول الخليج، ومساعدة اقتصادية وعسكرية من الولايات المتحدة وأوروبا، يجب أن تكون مشروطة بلجم النفوذ الإيراني في لبنان ووضع قيود على تعاظُم قوة حزب الله.

دعنا نسير حتى رام الله!

تعرض رسام الكاريكاتير “عيرين وولكوفيسكي” للأخبار التي انتشرت حول لقاء وزير الدفاع الإسرائيلي بني جانتس برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن في رام الله، وهو اللقاء الأول لمسئول إسرائيلي كبير مع أبو مازن منذ العام ٢٠١٠.

وعلى خلفية تأكيد جانتس بالاستعداد لعمل تسهيلات في التحرك للفلسطينيين في الضفة الغربية من أجل اقتصاد أقوى للسلطة، تخيل وولكوفيسكي أن جانتس الذي يمارس رياضة ركوب الدراجات سوف يكمل مسيرته بالدراجة حتى رام الله بسبب “قوة علاقاته بالسلطة”، على خلفية تصريحاته الأخيرة، الأمر الذي يشير خلاله الرسام إلى أن تحسين أحوال مواطني الضفة الغربية من شأنه تعزيز الأمان للمواطنين الإسرائيليين.

image 5

ربما يعجبك أيضا