ذا ناشيونال نيوز| للحفاظ على البيئة.. مبادرة الإمارات لخفض الانبعاثات الضارة نقطة تحول عالمية

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

إن إطلاق دولة الإمارات لاستراتيجية هدفها الحدّ من الانبعاثات الضارة إلى الصفر بحلول العام 2050 هي خطوة جريئة وضرورية. سيكون لهذا القرار تأثير مضاعف في جميع أنحاء العالم. بوصف بلدنا واحدة من أكبر اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط، سيُظهر نموذجنا للتحول نحو مستقبل يعمل بالطاقة النظيفة أنّ لا شيء مستحيل – بروح الإماراتيين الحقيقية.

وبعد أن أصبحت أول بلد في المنطقة يتبنى استراتيجية للحد من انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050، وضخها استثمارات كبيرة للوصول إلى هذا الهدف، ستلعب الإمارات دورًا محوريًّا في بناء عالم أنظف وأكثر صداقة للبيئة وأكثر شمولًا للجميع.

وسنفعل هذا عبر تعاون وثيق مع المجتمع الدولي. حتى الآن، تعهّدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة بالوصول إلى هدف خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول 2050-2060. وتمثل هذه الدول مجتمعة أكثر من 50 بالمائة من الانبعاثات العالمية.

بانضمامنا إلى المجتمع الدولي، سنضيف زخمًا أكبر إلى الجهود العالمية لمكافحة تداعيات التغير المناخي الوشيك لكن الذي يمكن تجنبه. كما سيحدد هذا القرار مشهد الطاقة المستقبلي، حيث ستساعد حلول الطاقة المتجددة للإمارات بشكل مهم في التحول العالمي في مجال الطاقة.

جاءت مبادرة منتصف القرن التي أعلنت عنها حكومة الإمارات في ختام الأسبوع الأول لمعرض “دبي إكسبو 2020” الذي كان موضوعه “المناخ والتنوع البيولوجي”. وقد ساد شعور بأن هذا الحدث هو مقدمة لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، والمعروف شعبيًّا باسم “مؤتمر الأطراف” (Cop26).

من خلال الجلسات المتنوعة التي حضرتها كمتحدثة ومديرة مناقشات وفرد من الجمهور، استمعنا إلى الشباب الذين عبّروا عن غضبهم وتفاؤلهم تجاه الكوكب، كما استمعنا من نساء يؤدين دورًا قياديًّا في الحُكم وفي القطاع الخاص وفي جهود الحفاظ على البيئة حول العالم بشأن الإجراءات المطلوبة لبناء مجتمعات أكثر شمولًا. والآن استمعنا من قيادتنا أن القضاء على انبعاثات الكربون هو أولوية قصوى.

إن إعلان خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر يأتي في وقت حرج لأمتنا والمنطقة والعالم بأجمعه. مع توقعات بتجاوز عدد سكان الإمارات لرقم 10.5 مليون نسمه بحلول 2030، فإن التغلب على مخاطر التغير المناخي هو حاجة ملحّة، لا سيما لو أردنا أن نواصل توفير جودة حياة استثنائية للأشخاص الذين يسمّون الإمارات وطنًا لهم.

وفي خارج حدودنا، من المهم للغاية توفير الطاقة النظيفة والكهرباء لـ 750 مليون إنسان لا يمتلكونهما حتى الآن. ولمساعدتنا على تحقيق هذا، أعلن الشيخ محمد بن راشد، نائب دولة الإمارات وحاكم دبي، أن الإمارات ستستثمر أكثر من 160 مليون دولار في مشاريع طاقة نظيفة ومتجددة بحلول العام 2050.

إن هذا السعي المتواصل نحو التقدم وتطوير حلول لتحديات عالمية، هو ما يجعل دولة الإمارات قائدة إقليمية وعالمية في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية في الداخل والخارج، ولا شك أن هذا الإعلان هو مجرد حلقة من سلسلة طويلة من مبادرات طموحة للإمارات، تساهم في بناء مستقبل أنظف وأكثر إشراقًا بداية من اليوم.

سيشجع هذا الإعلان الصناعات كثيفة الكربون على الابتكار والتأقلم على استخدام أساليب إنتاج أكثر نظافة، والاستفادة في الوقت ذاته من فرص نمو خضراء. وسيدعم أيضًا تسريع البحث والتطوير في تكنولوجيات احتجاز الكربون والطاقة النظيفة. وسيشجع الناس على إعادة التدوير وإعادة النظر في عادات استهلاك المياه والطاقة.

باختصار، سوف يشجعنا هذا الإعلان على بدء التخطيط ليوم غد بدءًا من اليوم. لن يحلّ العام 2050 علينا فجأة؛ بل سنكون جاهزين لهذا الموعد. في الواقع، نحن جاهزون لهذا الموعد بالفعل منذ بعض الوقت.

إن مبادرة خفض الانبعاثات إلى الصفر تقوم على أسس صلبة وراسخة منذ زمن طويل، لا سيما في قطاع الطاقة المتجددة لدينا. وحتى يومنا هذا، استثمرت الإمارات أكثر من مليار دولار في مشاريع طاقة نظيفة محلية، وكانت مساهمًا رئيسيًّا في مشاريع الطاقة النظيفة في 70 دولة حول العالم بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 20 مليار دولار.

إن سعينا الدؤوب في مجال حلول الطاقة المتجددة جعلنا نصبح موطنًا لأكبر حدائق للطاقة الشمسية في العالم، من بينها “حديقة محمد بن راشد آل مكتوم” الشمسية الواقعة على مساحة 77 كيلومتر مربع، بالإضافة إلى “حديقة الظفرة للطاقة الشمسية” المقرر تشغيلها في عام 2022، والتي ستصبح حينها أكبر موقع لمحطة طاقة شمسية في العالم، يُستخدم فيه أربعة ملايين لوح شمسي لتوليد كهرباء تكفي ل 160 ألف منزل في الإمارات.

ستلعب مبادرة خفض الانبعاثات إلى الصفر دورًا مهمًا في إطار العمل الاستراتيجي الوطني الأوسع الذي يجري وضعه في دولة الإمارات. على سبيل المثال، وضعت دولة الإمارات في العام 2021 لوحده خططًا لدعم قطاع صناعي أنظف وأكثر تنافسية عالميًّا، وذلك عبر “مشروع 300 مليار” الذي يهدف لجعل الصناعة أكثر نظافة وكفاءة وإنتاجية عبر زيادة تبنّي حلول الثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيات المتطورة.

إن القيام بهذا سيقلل كثيرًا من انبعاثات الكربون لشركات التصنيع ورجال الصناعة. علاوة على هذا، فإن الصناعات التي ستكون الاكثر تأثرًا بهذه الخطط ستشمل ما يسمى بصناعات المستقبل، مثل “الهيدروجين الأخضر”.

بالإضافة إلى كل هذا، جرى استحداث سياسة “الاقتصاد الدائري” لتحقيق حكم رشيد وتعزيز الصحة البيئية ودعم القطاع الخاص لتبنّي أساليب إنتاج أنظف. كما جرى تقديم خطط لزيادة المحميات الطبيعية والمساحات الطبيعية بنسبة 60 بالمائة في دبي ضمن “خطة دبي الحضرية 2040”.

على الساحة العالمية، فإن المسار الذي وضعته القيادة الإماراتية في “إكسبو دبي 2020” للبلاد، سيكون له صدى كبير لدى قادة عالميين، لا سيما في وقت نواجه فيه جميعًا تحديات فيما يتعلق بإعادة النظر في طريقة تشكيلنا للمجتمع في السنوات المقبلة.

وأخيرًا فإن القدرة المتواصلة على التحول مع الزمن، والتأقلم مع أوضاع عادية جديدة والازدهار، بغض النظر عن المناخ المحيط، هي ما تجعل الإمارات المكان الأمثل لاستضافة “مؤتمر الأطراف” ( (Cop28 المقرر بعد عامين.   

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا