الجارديان| سباق تسلح جديد.. ماذا يعني اختبار الصين لمركبة انزلاقية تفوق سرعة الصوت؟

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

هناك تركيز جديد الآن على الأسلحة الانزلاقية التي تفوق سرعة الصوت، بعد أن أفادت تقارير بنجاح الصين في تجربة هذا السلاح، وهذا الأمر يساعد في إشعال سباق تسلح يبدد آمال العودة لنزع السلاح من جانب القوى الرئيسية في العالم.

إن الاختبار الصيني في السابع والعشرين من يوليو، الذي كانت صحيفة فاينانشال تايمز أول ما كشفت عنه، جرى فيه وضع مركبة انزلاقية نووية، تسافر بسرعة الصوت خمس مرات في مدار فضائي، ثم عادت إلى المجال الجوي للأرض ومارست بعض الانعطافات قبل أن تصل لهدفها.

تشير تلك التجربة إلى أن الصين باتت أكثر تقدمًا في هذه التكنولوجيا مما كان يُعتقد، وبالرغم من إنكار الصين إجراءها مثل هذه التجربة، غير أن إدارة بايدن صرّحت أنها قلقة من هذا التطور. وقد أعلنت روسيا، التي نشرت بالفعل نسختها لصاروخ انزلاقي نووي يفوق سرعة الصوت، أنها أجرت تدريبات في الأيام الماضية للدفاع عن نفسها في مواجهة أسلحة تفوق سرعة الصوت.

زادت الولايات المتحدة من إنفاقها على برنامجها للأسلحة التي تفوق سرعة الصوت والتي خلافًا لنظيراتها الصينية والروسية، مصممة لحمل رؤوس تقليدية فقط ولا تزال في مرحلة التجريب. أعلن البنتاغون يوم الخميس أن الاختبار الأخير جرى إلغاؤه بعد فشل المحرك الصاروخي المعزز في جعل السلاح يصل لسرعات فوق صوتية.

إن القصص الإخبارية الكثيرة التي تتحدث عن صواريخ انزلاقية فوق صوتية، عززت الانطباع بأن العالم يواجه نوعًا جديدًا تمامًا من أسلحة ذات قدرات جديدة. لكن جميع الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تسافر بسرعات تفوق سرعة الصوت، لهذا فإن هذه القدرة تعدّ قديمة قِدم الأسلحة النووية ذاتها.

إن ما يجعل هذه المركبات الانزلاقية فوق الصوتية مميزة هو أنها أكثر مناورة مقارنة مع الرؤوس الحربية على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، بالتالي فإنها ربما تكون أكثر قدرة على هزيمة أنظمة الدفاعات المضادة للصواريخ الباليستية. تمتلك بعض الرؤوس الحربية في الصواريخ الباليستية زعانف ويمكنها المناورة بقدر محدود، لكن المركبة الانزلاقية يمكنها أداء انعطافات أكثر حدّة في المجال الجوي. يُشبِّه “جيفري لويس” الأستاذ في معهد “ميدل بيري للدراسات الاستراتيجية” في “مونتيري” هذه المركبات الانزلاقية بمكوك فضائي غير مأهول على متنه قنبلة نووية لكنه دون أجهزة هبوط. أشار “لويس” إلى أن أداء مثل هذه الانعطافات يُبطئ من سرعة المركبة الانزلاقية، ما يجعلها أبطأ بكثير مع اقترابها من هدفها مقارنة مع الصاروخ الباليستي العابر للقارات.

وأضاف لويس: “فكرت الولايات المتحدة في استخدام مركبات دخول انزلاقية في أسلحتنا النووية، وقررت أن الأمر لا يستحق العناء، لأنها تتحرك ببطء، وسيكون من السهل استهدافها وإسقاطها”. الأمر المثير للذهول فيما يتعلق بالتجربة الصينية المزعومة، هو أن بكين وضعت مركبة انزلاقية في مدار قبل أن تجعلها تدخل في المجال الجوي. إن مثل هذا السلاح يمكن نظريًّا استخدامه لمهاجمة الولايات المتحدة من اتجاه غير متوقع، من القطب الجنوبي مثلًا، متفاديًا الأنظمة الأمريكية الدفاعية المضادة للصواريخ الباليستية الموجهة ناحية الشمال.

يُعتقد أن الصين ربما تعمل على تطوير هذه التكنولوجيا لضمان عدم وصول الجيش الأمريكي مطلقًا لمرحلة يظن فيها أن بمقدوره إطلاق هجوم نووي على الصين، ثم تدمير جميع الصواريخ التي أطلقتها الصين انتقامًا قبل هبوطها. يقول “فيبين نارانغ” أستاذ العلوم السياسية والخبير في الانتشار النووي بمعهد “ماساتشوسيتس” للتكنولوجيا، إنه “في العامين الماضيين، أفاقت الصين وأدركت أن خطر وقوع حرب تقليدية مع الولايات المتحدة أعلى مما كانت عليه في الخمسينيات والستينيات، وأن الولايات المتحدة تمتلك ميزة نووية هائلة يمكنها استخدامها لمنع الصين من تصعيد صراع عسكري بطريقة تقليدية”.

وأضاف الخبير: “أدركت الصين أنها بحاجة للتنافس مع الولايات المتحدة لوضعنا في مأزق على المستوى النووي الاستراتيجي، ولامتلاك قدرة يمكنها أن تجعل الولايات المتحدة تفكر قبل استخدامها أسلحة نووية أولا في صراع تقليدي”. أنشأت الصين أيضَا الكثير من الصوامع المخصصة للصواريخ الباليستية العابرة للقارات للهدف ذاته. وبالرغم من أن المركبات الانزلاقية الفوق صوتية حظيت بكثير من الاهتمام مؤخرًا، بسبب حداثتها النسبية، إلا أن الكثير من خبراء السلاح النووي يجادلون بأن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المجهّزة بعدة رؤوس حربية في مركبات الدخول الخاصة بها، هي أكثر فاعلية في مواجهة الدفاعات الصاروخية.

يقول “بافيل بودفيغ” كبير الباحثين في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح، إن “الناس يشعرون بذعر تجاه هذه الأسلحة، لكن هذا النوع من المركبات الانزلاقية ليس بالضرورة أكثر صعوبة في اعتراضه مقارنة مع الرؤوس الحربية للصواريخ الباليستية”.

وتابع: “لو كان هدفك هو هزيمة أنظمة الدفاع الصاروخي، حينها سيكون بناء هذا النوع من المركبات الانزلاقية ليس بالضرورة الوسيلة الأفضل للقيام بهذا. سيكون أفضل لك أن تكتفي بوضع أكثر من رأس حربي ووهمي على صاروخك”.

يقول خبراء الانتشار النووي إن هناك ضغطًا من المؤسسات العسكرية في جميع القوى الرئيسية لتضخيم خطر الخصوم وإنفاق المزيد على جميع أنظمة السلاح الجديدة المتوفرة. تأتي التقارير التي سرّبتها الولايات المتحدة بشأن التجربة الصينية في وقت تعدّ فيه الولايات المتحدة مراجعة بشأن وضعها النووي، وهناك ضغوط متزايدة من البنتاغون للحفاظ على برامج التحديث الطموحة التي بدأت في عهد إدارتي أوباما وترامب.

يقول الباحث “نارانغ”: “يقوّي هذا الأمر من موقف الجهات الساعية لمواصلة أو توسيع الدفاعات الصاروخية أو القوات النووية”، ويضيف: “من الصعب المجادلة بأنه يتعين على الولايات المتحدة التخلي عن أي مشاريع عسكرية، في وقت توسّع فيه روسيا والصين من نطاق مشاريعها”. 

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا