آسيا تايمز | كيف تسببت سيطرة حزب الله على لبنان في تخريب العلاقات مع الرياض؟

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

ربما وجّهت السعودية ضربة اقتصادية قاضية لحكام لبنان – حزب الله والأقلية الحاكمة – عن طريق تقليص علاقاتها الدبلوماسية وغلق الأسواق السعودية أمام الصادرات اللبنانية. وفي حين أنه من المغري الاعتقاد بأن الخطوة السعودية جرس إنذار مرحب به للبنانيين، إذا حكمنا من خلال السلوك السابق، فمن المستبعد أن تغير الأقلية الحاكمة مسارها، ومن المرجح أن تستمر في سياساتها الفاشلة التي لم تجلب سوى الانهيار الاقتصادي والشقاء.

ربما يبدو تصعيد الرياض وأنه نتيجة لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي والتي حمّل فيها دول الخليج العربي مسئولية الحرب في اليمن، قائلًا إن الحوثيين – الذين تسبب احتلالهم لصنعاء في بدء الحرب – يدافعون عن أنفسهم ضد الاعتداء السعودي. قبل أن يصبح وزيرًا، كان قرداحي معروفًا بتقديم برامج مسابقات على القنوات السعودية. إن معرفته بالسياسة ضئيلة، وفهمه لعملية صنع السياسات أكثر ضآلة.

ولا شك أن تصريحات قرداحي وحدها، التي صدرت قبل أن يصبح وزيرًا بعدة أشهر، لم تكن لتقلب السعودية، غير أنها كانت المسمار الأخير في نعش العلاقة التي كانت مزدهرة من قبل، وشهدت تدهورًا على مدار السنوات القليلة الماضية بسبب توسع نفوذ حزب الله في لبنان وهيمنته الكاملة على سياساته.

تكلف الخطوة السعودية المُصدرّين اللبنانيين رابع أكبر سوق لهم، أي أكثر من رُبع مليار دولار أمريكي في العام. سوف يخسر لبنان أيضًا الاستثمارات الأجنبية المباشرة السعودية، التي اقتربت من 1 مليار دولار في 2015. وعن طريق منع مواطنيها من زيارة لبنان، ربما بدافع الخوف من تعرضهم للأذى أو المضايقات من حزب الله، سوف تحرم الرياض بيروت من تدفق العملة الأجنبية التي يحملها السائحون السعوديون إلى لبنان والتي يحتاجها لبنان بشدة.

كان منع الواردات اللبنانية إلى السعودية قيد الإعداد منذ فترة طويلة بعد أن اعترضت السلطات السعودية شحنات مخدرات قادمة من لبنان، والتي تكون عادةً مخبأة في منتجات. إن تجارة المخدرات واحدة من أبرز مصادر عائدات حزب الله.

طالبت السعودية بأن تفرض الدولة اللبنانية رقابة أفضل على معابرها الحدودية للتأكد من أن الصادرات خالية من المواد غير المشروعة. إلا أنه في لبنان، أثبتت سلطة الدولة أنها أضعف من اعتراض أية شحنات لحزب الله تدخل أو تخرج من البلاد. نظرًا لهذا الفشل، قررت الرياض منع الواردات القادمة من لبنان.

مع هذا، أثبتت الرياض أنها متفهمة بما يكفي عبر التمييز بين حكام بيروت واللبنانيين الذين يعيشون ويعملون في السعودية. تفيد التقديرات بأن 300 ألف لبناني يعيشون في المملكة، ما يجعلهم أكبر جالية مغتربة. تساعد التحويلات المالية لهؤلاء المغتربين في الحيلولة دون وقوع مئات الآلاف من الأشخاص في لبنان في الفقر. لقد تسامحت الحكومة السعودية مع سياسات لبنان الجاحدة والعدائية تجاه المملكة لفترة طويلة.

عندما انفصلت الدبلوماسية اللبنانية عن الإجماع العربي في الجامعة العربية عن طريق الامتناع عن التصويت على قرار يشجب الحكومة الإيرانية لحرق السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد في 2016، التمست الرياض العُذر للبنان.

وفي 2018، عندما قادت فرنسا مؤتمرًا للجهات المانحة لكي تنهض بالاقتصاد اللبناني المتراجع، برزت السعودية كأكبر جهة مانحة عندما تعهدت بـ1 مليار دولار من ضمن إجمالي 11 مليار دولار. ساهمت الولايات المتحدة بمليار دولار، وجمع بقية العالم المبلغ المتبقي.

في ذلك الوقت، بالرغم من تحفظاتها على عداء حزب الله تجاه السعودية وتواطؤ الدولة اللبنانية مع الميليشيا الموالية لإيران، غضت الرياض الطرف ومدت إلى لبنان طوق نجاة كان يهدف إلى مساعدة الدولة على إصلاح اقتصادها وإعادة تحفيزه. لكن الدولة اللبنانية أثبتت أنها أضعف من أن تطبق أيًّا من الإصلاحات المطلوبة قبل أن تستطيع بيروت الحصول على المساعدات المالية. هوى اقتصاد البلاد إلى مزيد من الكساد ويعاني الآن من تضخم جامح وفقر متزايد، ومنذ الخمسينيات، كانت السعودية واحدة من أكبر داعمي ورعاة لبنان واستقراره.

في 1989، استضافت السعودية ونظمت اتفاقية الطائف التي أدت إلى إنهاء الحرب الأهلية التي استمرت لـ15 عامًا. بعد الصراع، مثلما يحدث بعد كل جولة من الحرب مع إسرائيل، كانت السعودية أول من يقدم التبرعات للبنان من أجل إعادة الإعمار ويُودِع عملة أجنبية في مصرف لبنان المركزي لإبقاء الاقتصاد، والأهم من ذلك العملة الوطنية، واقفًا على قدميه.

لأكثر من عقد الآن، استهان الكثير من اللبنانيين بالسعودية، حيث يقابلون الدعم بالإهانات، والبضائع المهربة والانحياز لأعداء الرياض، وعلى رأسهم إيران، التي لا تستثمر شيئًا في الاقتصاد اللبناني. إن الحكام اللبنانيين مشهورون بالسعي وراء مصالحهم الشخصية على حساب المصالح القومية. وطالما يقرر حزب الله من يحكم لبنان، سوف تسير الحكومة اللبنانية مع إيران ضد مصالحها القومية، التي تُخدم بشكل أفضل عبر البقاء بجانب السعودية. من المؤسف أن اللبنانيين لا يرون هذا، أو يرونه لكن لا يفعلون شيئًا حياله! 

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا