الصحافة الفرنسية | إحياء ذكرى هجمات 13 نوفمبر المأساوية.. وهل يمكن أن يصوت مسلمو فرنسا لإيريك زمور؟

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

خطاب ماكرون الانتخابي يفتقد لنبرة انتخابات 2017

نشر موقع جريدة “لو جورنال دي ديمانش” نتائج تحليل الخطاب التلفزيوني الأخير للرئيس إيمانويل ماكرون، حيث استخدم الباحث دامون مايافر، المتخصص في الخطاب السياسي، تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل هذا الخطاب.

ويستخدم دامون مايافر، المتخصص في اللغويات والباحث في المركز الوطني للبحث العلمي، ومؤلف كتاب “ماكرون أو سر الكلمة، الآلة تفك شيفرة خطاباته”، الذكاء الاصطناعي لتحليل خطابات السياسيين، وقد حلّل مؤخرًا الخطاب الرئاسي الذي ألقاه ماكرون يوم الثلاثاء الماضي. وبعد هذا الخطاب، نددت المعارضة مجتمعة به باعتباره خطابًا انتخابيًّا.. لكن هل يمكن إثبات صحة هذا الأمر عبر تحليل كلماته؟

إننا أمام أمر متناقض: فمن ناحية، نعم كان هذا خطابًا انتخابيًّا لمرشح للانتخابات الرئاسية، غير أنه لم يكن يتمتع على الإطلاق بنبرة خطابات عام 2017. وبدا ماكرون في هذا الخطاب كمرشح شرع في رسم برنامجه الانتخابي، ولكنه كان يعتمد في المقام الأول على الميزانية العمومية. إن ماكرون المرشح هو الذي يتكلم، لكن بلسان وكلمات ماكرون الرئيس المنتهية ولايته؛ حتى أن إحدى الكلمات التي استخدمها أكثر من غيرها، كانت “الاستمرار”، وذلك يؤكد على أنه ليس مرشحًا جديدًا، ولكن رئيس مرشح.

أسهب في الدفاع عن منجزاته.. ولكن هل أتت كلمات الخطاب بجديد؟

نعم. ولهذا السبب حظي الخطاب بالكثير من التعليقات. لقد كان خطاب إنجازات، مفاده أن ماكرون الجديد قد وصل، مع وجود اختلاف كبير مقارنة بخطبه السابقة. فعلى سبيل المثال استبدل ماكرون كلمة “أنا” بكلمة “نحن” لأن المعروف عن ماكرون أنه يستخدم دائمًا ضمير المفرد المتكلم، كما كرّس نفسه في هذا الخطاب لتقديم حصيلة منجزاته، بالإضافة أيضًا إلى استخدام كلمة “معًا” في العديد من المناسبات.

تطورات أخرى

لوحظ أيضًا انتقاء الأزمنة المستخدمة. فما يميز ماكرون قديمًا هو استخدام الأفعال في صيغة التسويف وصيغة الحركة، واللجوء إلى اللواحق اللفظية التي تدل على نتائج عملية. في الواقع، يعشق ماكرون استخدام هذه الكلمات، حيث إنها تحمل دلالة على “التحول” أو “الابتكار”. وقد شهدت خطاباته خلال السنوات الأربع الماضية، استخدامًا مفرطًا لصيغة المستقبل، مستخدمًا كلمات مثل: “سنفعل”، و”سوف نتصرف”. أما الآن، فيشهد خطابه تغييرًا كاملًا في اللهجة، حيث انتقل من صيغة “سوف نفعل” إلى استخدام عبارة “لدينا”، وقد أحصينا استخدامه لهذا التعبير 26 مرة خلال الخطاب الأخير! وبذلك يكون خطاب ماكرون قد تحوّل من كونه خطابًا لرئيس حركة أو مشروع إلى خطاب حصاد وبيان للإنجازات. في الواقع، لقد تغير خطابه بشكل جذري.

ولطالما حاول ماكرون الحفاظ على إيجاد توازن بين اليمين واليسار، لكنه فعل ذلك أقل بكثير من المعتاد. فمنذ عام 2017، اتسم خطابه بميله تجاه اليمين بنسبة 60٪ مقابل 40٪ تجاه اليسار، وهذه النسبة تشبه أيضًا تشكيل حكومته، حيث ذهب إلى اليمين بنسبة 70٪ وحظي اليسار بنسبة 30٪ فقط منها.

وخلال حديثه عن قضية العمل، استقى ماكرون عبارات اقتصادية من الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، مثل: “عمل أكثر”، “قيمة العمل”، “العمل الإضافي المعفى من الضرائب”.. لذا يتضح أنه فيما يتعلق بالعمل أو المعاشات، من الواضح أن ماكرون لا يختلف عن سلفه، لكن الحاسوب أرجع عبارات أخرى إلى فاليري جيسكار ديستان، حيث كانت هذه العبارات تتعلق بمسألة استقلال الطاقة، والحاجة إلى إعادة إطلاق البرنامج النووي. في الواقع، يستخدم ماكرون الكلمات نفسها تقريبًا التي كان يتم استخدامها خلال السبعينيات؛ وهنا نلاحظ تغيرًا تامًا مقارنةً بخطابه لانتخابات عام 2017، وهذا أمر ليس بجديد.

ويمثّل هذا الأمر أحد أكبر الصعوبات التي تواجه العديد من الرؤساء المنتهية ولايتهم: كيف تستمر في إلهام الأحلام بينما تقدّم حصيلة الإنجازات؟ في الواقع، أدرك ماكرون أنه لا يستطيع الاستغناء عن إحصاء الإنجازات، فأراد إنهاء هذه القضية، ومن ثم جاء هذا الخطاب في صيغة تعبير عن الرضا عن النفس وفي صيغة الماضي، ولا شك في أن خطاباته القادمة ستميل أكثر نحو المستقبل.

بالتزامن مع استمرار المحاكمات.. إحياء ذكرى هجمات 13 نوفمبر  

وسلطت جريدة “لوموند” الضوء على تجمع إحياء ذكرى هجمات 13 نوفمبر 2015 في باريس وسان دوني، فبعد أن تسبب وباء كوفيد-19 بمنع عائلات الضحايا من التجمع في عام 2020، يأخذ التكريم هذا العام بعدًا رمزيًّا، بينما تستمع المحاكمة التاريخية لشهادات أهالي الضحايا والمصابين وتشكّل الذاكرة الجماعية لهذه الهجمات.

يقول آرثر دينوفو، رئيس جمعية ضحايا الهجمات في باريس لوكالة الأنباء الفرنسية: “لقد قربتنا المحاكمة من بعضنا البعض، وهناك رغبة قوية للغاية في أن نجتمع معًا في مكان رمزي. فإحياء ذكرى الهجمات من شأنه أن يبلور تقوية الروابط بين الضحايا”.

جدير بالذكر أن وباء كورونا منع ذوي الضحايا من التجمع في عام 2020، بعد أن جرى تقليل الاحتفالات إلى الحد الأدنى خلال الحجر الصحي. لكن برفقة عمدة باريس، آن هيدالغو، بدأ رئيس الوزراء، السيد جان كاستكس، التكريم بوضع إكليل من الزهور، تلاه دقيقة صمت أمام ملعب ستاد فرنسا.

ثم توجهوا بعد ذلك إلى أرصفة المقاهي ومسرح الباتاكلان في باريس، حيث قَتَلَ مسلحو تنظيم داعش الإرهابي 130 شخصًا وجرحوا أكثر من 350 آخرين؛ ما أثار حالة من الذعر في البلاد. وأمام مسرح الباتاكلان، وسط حضور الناجين وأقارب الضحايا، جرى الاحتفاء بذكر أسماء 90 شخصًا لقوا حتفهم في قاعة الاحتفالات. وانتهت هذه السلسلة من أعمال التكريم بدقيقة صمت قبل انطلاق مباراة كرة القدم بين فرنسا وكازاخستان مساءً في ملعب حديقة الأمراء.

من جانبها، وضعت نائبة رئيس الولايات المتحدة، كامالا هاريس، باقة من الزهور البيضاء أمام ردهة بار لوكاريون. وبرفقة زوجها، دوغ إمهوف، وقفت السيدة هاريس، التي جاءت إلى فرنسا في زيارة لمدة أربعة أيام، لبضع لحظات أمام اللوحة التي تخلّد تلك الذكرى ثم عبرت الشارع بعد ذلك لدخول البار لفترة وجيزة.

نحتاج إلى التجمع

يأتي ذلك بعد أسبوعين فقط من انتهاء المرحلة الأولى من المحاكمات، حيث روى أكثر من 350 مدنيًّا مسار هذه الأمسية المروعة على رأس السلطة. من جانبه، يقول السيد دينوفو، أحد الناجين من الهجوم على مسرح الباتاكلان، إنه تحت تأثير ضغوط ما بعد الصدمة، وشعور الناجين بالذنب، والفجوة المستمرة مع بقية المجتمع، ومن أجل الصمود لباقي جلسات الاستماع، والتي ستستمر حتى نهاية مايو؛ “يشعر الناس أن عليهم البقاء معًا”. ومن ثم هناك حاجة أقوى للمشاركة في الاحتفالات بإحياء ذكرى الأحداث لأنها هي اللحظة الوحيدة التي يمكن فيها التنفيس الجماعي”.

وتقول ستيفاني زاريف، ناجية أخرى من الهجوم على الباتاكلان: “من المفيد لنا أن نلتقي ببعضنا البعض ونقوم بالتخفيف عن أنفسنا عن طريق العناق”. من جانبه، يؤكد فيليب دوبيرون، رئيس جمعية أخرى للضحايا: “بلا شك، عززت المحاكمة الحاجة إلى أن نكون معًا”.

تهديد إرهابي لا يزال مرتفعًا

ويشير المؤرخ دينيس بيشانسكي، المسؤول المشارك عن برنامج 13 نوفمبر، وهو مشروع بحثي ضخم يدرس تطور ذاكرة الهجمات على مدار عشر سنوات، إلى أن جلسات الاستماع ونقلها في الصحافة “يؤثران على الذاكرة الجماعية للفرنسيين” ويجعلان من الممكن حل اللغز عبر الوصول إلى حقائق لم نعرفها بعد. وأظهرت أبحاثه، التي أجراها على عينة تمثيلية من السكان الفرنسيين، أنه بخلاف مذبحة الباتاكلان، “فقد أعادت المحاكمة إلى الأذهان جميع مسارح أحداث يوم 13 نوفمبر بالكامل”، وذلك بفضل شهادات ضحايا ملعب ستاد فرنسا وردهات المقاهي التي أخذ عامة الناس في نسيانها تدريجيًّا.

وبعد ست سنوات من هذه الهجمات، لا يزال التهديد الإرهابي مرتفعًا جدًّا في فرنسا، ولكنه يتخذ الآن أشكالًا جديدة. ويدل اغتيال ضابطة الشرطة ستيفاني مونفيتور في أبريل الماضي في مدينة رامبوييه، والمدرس صمويل باتي، على أن المهاجمين “المستقلين” الذين تربطهم صلة بالمنظمات الإرهابية التي لم تعد تتبنى هجماتها بشكل منهجي، خففوا من حدة أعمالهم بشكل كبير.

استطلاع للرأي: هل يمكن أن يصوت مسلمو فرنسا لإيريك زمور؟

من جانبها، لفتت صحيفة “كوزير” إلى نتائج استطلاع للرأي مثير للاهتمام في فرنسا؛ فقد أظهرت نتائج الاستطلاع اتفاق العديد من المسلمين الفرنسيين مع تصريحات إريك زمور حول الأمن، والهجرة، والقيم الأسرية … وقد يكون البعض منهم على استعداد للتصويت لصالحه.. فهل يمكن أن تثبط هجماته على الإسلام من عزيمتهم.

في الواقع، أثارت تصريحات زمور، المنافس المحتمل لإيمانويل ماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، الكثير من الجدل حين قال “أنا لا أفرق بين الإسلام والإسلاموية” ولكن “أنا أفرّق بين الإسلام والمسلمين”.

ويواجه زمور اتهامات بوصم المسلمين، أو بجعلهم كبش فداء، أو حتى بالرغبة في “رميهم في البحر”، ويتسبب في خلق مواقف قوية ضده داخل المجتمع ككل وبين المسلمين بشكل خاص. فكيف ترى النقاشات العامة صعود أسهم هذا المرشح المحتمل؟ يوضح استطلاع الرأي، المستند إلى عدة مقابلات مع مسلمين فرنسيين، التنوع – غير المعتاد – في مناهجهم.

سأصوت له إذا توقف عن مهاجمة الإسلام

وبينما تثير التصريحات المتعلقة بالإسلام استياء بعض المشاركين في الاستطلاع، يتفق آخرون مع النقاط الرئيسية التي أثارها إريك زمور. حيث يقول وليد، البالغ من العمر 35 عامًا والمسؤول التنفيذي في شركة دولية كبيرة، إنه “يتفق مع زمور في كل الموضوعات تقريبًا منذ سنوات!”، فبالنسبة للأمن، على سبيل المثال، يقول وليد “لديّ طفلان.. أحيانًا أفكر في السفر إلى الخارج حتى يتمكنا من العيش في مجتمع آمن بعيدًا عن خطر التعرض للسرقة أو السطو أو الاعتداء طوال الوقت! لا أحد يعي أن الكثير ممن غادروا فرنسا، فعلوا ذلك بسبب انعدام الأمن. وهذا هو الحال، بالنسبة لجميع أصدقائي الذين انتقلوا للعيش في دبي”.

إن قضية الأمن تهم كل المسلمين الذين شاركوا في الاستطلاع، حيث طالبوا بالحزم ويعتبرون أن زمور هو من يستطيع تلبية هذا المطلب. من جانبها، تقول سكينة، أم تبلغ من العمر 54 عامًا وتعيش في منطقة باريس: “أنا لا أفهم هذا البلد. كيف يمكن السماح للناس بإرهاب السكان والإفلات التام من العقاب؟ حيث تخبرنا الشرطة أنهم يعرفون الجناة جيدًا، لكنهم لا يستطيعون فعل شيء! وذات يوم، اختُطف الهاتف المحمول من يدي ابنتها بعد تخرجها من جامعة باريس، وأصيبت بصدمة نفسية لمدة عام! لقد سئمت من التقليل من كل شيء، وعدم العثور على الجناة أبدًا، وعدم معاقبتهم بجدية!”.

وبالإضافة إلى قضية الأمن، تحظى القيم التقليدية التي دعا إليها زمور بصدى حقيقي بين هذه الفئة من السكان، فميريام، أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 42 عامًا، تقول: “لقد أحببت حقًّا تصريحاته حول نظرية النوع الاجتماعي وأشياء من هذا القبيل: لقد أدخلنا أطفالنا مدارس القطاع الخاص للحصول على تعليم عادي! لكن المدارس أيضًا أصبحت جزءًا من الدعاية. إننا نفعل كل شيء لتدمير بناء الأطفال عبر إدخال أفكار سخيفة في رؤوسهم. إنني أؤمن بالأسرة وكنت ضد الزواج للجميع مثل 90٪ من المسلمين. الجميع أحرار في أن يفعلوا ما يريدون وأنا لا أقول بضرورة معاقبة المثليين جنسيًّا، ولا بالتوقف عن رسم الكاريكاتير، لكني فقط أريد ألا يتأثر أطفالي في المدرسة بإخبارهم أنه يمكنهم تغيير الجنس أو التشكيك في مصداقية الأسرة!”.

ويبدو أن وليد وسكينة وميريام غير مستعدين للتصويت لصالح زمور. فعلى الرغم من العديد من نقاط الاتفاق معه، لكنهم يلقون باللوم عليه في اتهاماته للإسلام، تماما مثل “كريم”، البالغ من العمر 31 عامًا، والذي كان يبحث عن عمل، يقول كريم: “أنا لا أفهم لماذا يركز على الإسلام. إذا توقف عن ذلك، سأصوّت له، وأعتقد أن الكثير من المسلمين يشاركونني نفس الأمر. ولا يبدو أن إريك زمور يفهم أن المسلمين يعانون أيضًا من الانحراف، وأن السرقة حرام في الإسلام، وأننا أول من يريد المزيد من القسوة ضد المجرمين! غير أنه يرجع السبب وراء كل شيء إلى الدين. سأصوت له إذا توقف عن مهاجمة الإسلام!”.

أنا لا أحبه.. لكن على الأقل هو ليس منافقًا!

وبشكل قاطع، يرفض المسلمون الفرنسيون الآخرون المشاركون في الاستطلاع ما يقوله زمور لكنهم يعترفون بصراحته. فمن جانبه، يقول مصطفى، عامل بناء يبلغ من العمر 22 عامًا: “أنا أكرهه. إنه شخص ثقيل ولا يمكنني تحمله. يلقي باللوم في كل شيء على المسلمين والإسلام، ويتحدث عنا بشكل سيء، ويهاجم القرآن. ومع ذلك، عليّ أن أعترف بشيء واحد وهو أنه أمين وصريح؛ فالسياسيون الآخرون يعتقدون الأمر نفسه، ويكرهون الإسلام، لكن لا يجرؤون على قول ذلك ويفعلون نفس الشيء بطريقة خفية. أنا لا أحبه، لكنه على الأقل ليس منافقًا”.

وتوافقه الرأي الطالبة كاهينة البالغة من العمر 18 عامًا وتقول: “يكره الآخرون الإسلام ويريدون مهاجمته طوال الوقت، لكن الاختلاف الوحيد بينهم هو أنهم يستخدمون العلمانية للقيام بذلك. فعلى الأقل هو صريح، نحن نعرف ما يفكر فيه. إنني أحترم شخصًا مثله أكثر من الشخص الذي سيطلق على نفسه اسم اليسار بينما يبصق على المسلمين حين ينفرد بنفسه. أنا أعرف الكثير من هؤلاء “.

لكن أسباب الرفض تتجاوز الشأن الديني. فعلى سبيل المثال، تقول جيهان، المدرسة البالغة من العمر 27 عامًا، إن خلافها العميق معه يتعلق بالسياسات الاقتصادية التي يتبناها، وتوضح هذا الأمر قائلة: “أنا جزء من حركة يسارية وبالنسبة لي يمثّل زمور الاقتصاد الليبرالي. لقد سمعته عدة مرات يقترح إجراءات ضد العمال، مثل التقاعد على سبيل المثال، وهذا هو أخطر شيء بالنسبة لي، لا أعتقد أنني أحمل نفس القدر من الكراهية له مثل رفاقي من غير المسلمين، لكنني أعتبره عنصريًّا. ربما يكون كذلك بالفعل، لكن ما يقوله يعدّ أمرًا تقليديًّا في المجتمعات الأجنبية الأخرى … بالطبع أنا أقل صدمة منهم بكثير، حتى فيما يخص مقترحه الخاص بتغيير الأسماء الأولى للمسلمين الفرنسيين. أنا أفهم ما يعنيه على الرغم من أنني ضده وأريد أن أمنح الناس الحرية”.

أخشى ما يمكن أن يحدث إذا وصل إلى السلطة

يتمتع المسلمون الفرنسيون الآخرون، الأكبر سنًّا بشكل عام، بنهج أكثر دقة. فبالرغم من اتفاقهم مع زمور فيما يخص تشخيص المشكلات، إلا أنهم يخشون أن يؤدي وصوله إلى السلطة إلى حدوث تمييز غير مباشر ضد المسلمين. فمن جانبه يشرح إبراهيم، عامل نسيج متقاعد يبلغ من العمر 71 عامًا: “غالبًا ما أتفق معه. حيث إننا نحتاج بالطبع إلى عدد أقل من المهاجرين، كما أننا بحاجة إلى أن نكون أكثر صرامة مع المخرّبين في فرنسا. لكني أخشى مما قد يحدث إذا وصل إلى السلطة؛ لأنه سوف يضع الجميع في نفس السلة، وسيتعامل مع أولئك الذين لا يمثّلون مشكلة مثل غيرهم من المسلمين، وقد يغلق المساجد البعيدة كل البعد عن كل هذا”.

وبالإضافة إلى ذلك، يقول حميد، عامل متقاعد أيضًا يبلغ من العمر 74 عامًا، إن أخطاء محتملة قد تحدث.. “لقد زامنت الشرطة في حقبة أخرى. حتى أن بعض الأصدقاء تعرضوا للإيذاء، بعضهم تعرّض للتعذيب على أيدي الشرطة منذ أربعين عامًا في مديرية شرطة باريس. مثل هذه الممارسات كانت موجودة بالفعل وكان هناك عنصريون حقيقيون يعملون في الشرطة. أما اليوم، الشباب يشكون من العنصرية بينما لا يكاد يوجد أي شيء! “.

لا يرى سوى جزءًا واحدًا من الإسلام

يمثل “الجهل بالإسلام” أحد أوجه اللوم التي تؤخذ على زمور في جميع المقابلات. فمن جانبه، يرى علي، عامل بناء يبلغ من العمر 41 عامًا، أن خطاب زمور يفتقر إلى التدقيق.. يقول علي: “إنه يتحدث فقط عن نوعين فقط من الإسلام، وهما: الإسلام السني والإسلام التكفيري السني. بخلاف هذين النوعين من الإيمان بالإسلام، هناك العديد من التيارات الأخرى. أنا شخصيًّا لا أشعر بالتضامن مع التيار التكفيري أو السلفي، ولا علاقة لي بهم. وكلما تحدث زمور عن الإسلام، أشعر أنه يتحدث عن المسلمين كما لو كانوا متشابهين، ويمتلكون نفس وجهة نظر الدين. قطعًا هذا أمر غير صحيح!”.

يتحدثون عنّا صباحًا وظهرًا ومساءً.. هذا يكفي!

وتعرب كارين، التي تبلغ من العمر 44 عامًا، عن استيائها من ظهور زمور المتكرر قائلة: “يتحدثون عنّا صباحًا وظهرًا ومساءً.. هذا يكفي! أعلم أن هذا أيضًا خطأ بعض المسلمين ولكن من تركهم؟ إنها الدولة المسؤولة، دولة جبانة لا تعرف كيف تعاقب أو تطرد أو تعيد التأطير. يجب على الدولة معاقبة أولئك الذين يخرقون القانون، وينخرطون في سلوك غير مقبول، ويشككون في المدرسة والقانون والشرطة.. إلخ. في الواقع، يدور النقاش حول المسلمين لأن الدولة لم تدبر الأمور وبقينا نحن في وضع الضحية. لقد سئمت من الأمر، ويجب على زمور أن يتركنا وشأننا وبدلًا من ذلك عليه أن يلاحق الحكومة للقيام بعملهم”.

في النهاية، كان للمسلمين الفرنسيين الذين شملهم الاستطلاع ردود أفعال متباينة ودقيقة تجاه زمور من دعم قوي لبعض تصريحاته بشأن الأمن ومعالجة التطرف، والحفاظ على وحدة الأسرة، وإدارة تدفقات المهاجرين، والعدائية تجاه الآخر وما وراءها من اعتبارات دينية. ومع ذلك، من الواضح أن زمور ليس بعيدًا عن اجتذاب قسم من الناخبين المسلمين، الذي يتأثرون مثل بقية المجتمع، بالموضوعات التي فرضها النقاش العام.

ربما يعجبك أيضا