بوليتيكو | شركات الدواء العالمية تبحث إنتاج لقاحات مضادة لـ«أوميكرون»

شهاب ممدوح

ترجمة – شهاب ممدوح

بينما تسارع الدول الأوروبية لاحتواء تفشي متحور فيروس كورونا الجديد، المسمى أوميكرون، تحولت الأنظار نحو ما إذا كانت اللقاحات الحالية فعّالة ضده، وما إذا كانت هناك حاجة للقاحات جديدة. إن السبب الذي جعل العلماء في جنوب إفريقيا يدقون جرس الإنذار بشأن المتحور الجديدة، والذي تم اكتشافه هناك، هو العدد الكبير للتحوّرات لفيروس سارس-كوفيد2 الذي تستهدفه اللقاحات.

وبينما تستمر التحقيقات بشأن مدى فاعلية اللقاحات ضد المتحور، تناشد الحكومات وكيانات الصحة العامة المواطنين لزيادة حماية صحتهم عبر تلقي جرعات مُعززة، لو كانوا مؤهلين للحصول عليها أصلًا، وخصوصًا للأشخاص الذين لم يبادروا بتلقي الجرعة الأولى من اللقاح.

صرّحت “أندريا أمون”، مديرة المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إنه من أجل منع التفشي المحتمل لأي متحور جديد “من الضروري سدّ فجوة التلقيح”، وأضافت أن هذا يشمل إتاحة الجرعات المُعززة لجميع الأشخاص البالغين وإعطاء الأولوية لمن هم فوق سن الأربعين. في غضون هذا، تستعد الشركات المصنّعة للقاحات لتصنيع جرعات جديدة مناسبة لمتحور أوميكرون، في حال كان هذا ضروريًّا، بناءً على تقنيات موجودة بالفعل أثبتت فاعليتها ضد السلالة الأصلية للفيروس.

هل توفر اللقاحات حماية؟

إن مدى فاعلية اللقاحات الحالية في توفير الحماية ضد أوميكرون لا تزال قيد التحقيق، وذلك بحسب ما قاله رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون”، لكن هناك إشارات مبكرة بأن اللقاحات ربما لا تكون فعّالة في منع انتقال العدوى. وذكر جونسون يوم السبت: “يبدو أن متحور أوميكرون ينتشر بسرعة ويمكن أن ينتقل بين الناس الذين تلقوا جرعتين”. ويقول علماء إن متحور أوميكرون، نظريًّا، ربما يكون قادرًا على تجنّب الحماية التي توفرها اللقاحات مقارنة مع متحورات أخرى. وهذا بسبب أن اللقاحات المستخدمة في أوروبا تحفّز عددًا من الأجسام المضادة لمهاجمة مواقع في جزء من الفيروس يُعرف بالبروتين الشوكي (Spike Protein) كما تشرح “ويندي باركلي” خبيرة الفيروسات التنفسية في كلية لندن الملكية.

وبالرغم من أن المتحورات الأخرى، مثل ألفا ودلتا، لديها أيضًا طفرات فيما يسمى المواقع المستضدة للبروتين، إلا أن هناك مواقع أخرى على البروتين الشوكي التي لم تتغير وبذلك ظلت اللقاحات فعالة.

وذكرت الخبيرة “باركلي” للصحفيين في مؤتمر صحفي أن “الشيء المختلف قليلًا بشأن هذا المتحور هو أنه يتمتع بتغييرات عديدة في البروتين الشوكي، لدرجة أن جميع المواقع المستضدة تقريبًا التي نعلم بشأنها باتت متغيّرة في هذا الفيروس”. وأضافت الخبيرة أن الأجسام المضادة التي حفزتها اللقاحات “ستفقد فاعليتها في القدرة على تحييد الفيروس”، مؤكدةً في الوقت ذاته أن هناك حاجةً لإجراء مزيد من الأبحاث لإثبات هذه النظرية.

في غضون هذا، تقدم الدلائل الأولى من جنوب إفريقيا بصيص أمل؛ فأثناء مؤتمر صحفي يوم الاثنين، قالت “وسيلة جاسات” المتخصصة في الصحة العامة في المعهد الوطني للأمراض المنقولة في جنوب إفريقيا، إن هناك زيادة حادة في حالات الدخول للمستشفيات في مقاطعة “غواتينغ” الشمالية، بحسب تغريدة من وكالة أنباء حكومة جنوب إفريقيا.

وأشارت “جاسات” إلى أن معظم حالات دخول المستشفى هي لأشخاص غير مُلقحين، مضيفة أن الشريحة الأكثر عرضة لدخول المستشفى هي المجموعات الأكبر سنًّا التي تعاني من اعتلالات صحية أساسية. وتقول “ميشيل غروم”، رئيسة قسم الترصد والاستجابة في مجال الصحة العامة بالمعهد الوطني للأمراض المنقولة في جنوب إفريقيا، إن حالات الإصابة بلغت أقصاها وسط الأشخاص الأصغر سنًّا، حيث كان الأشخاص في المرحلة العمرية بين 10 و24 سنة الأكثر تأثرًا، بينما تم رصد حالات أيضًا وسط الشريحة العمرية بين 25 و29 عامًا.

ذكرت “أنجليك كويتزي”، رئيسة الجمعية الطبية في جنوب إفريقيا، للمذيع “أندرو مار” في محطة “بي بي سي” يوم الأحد: “ما نشهده اليوم إكلينيكيًّا في جنوب إفريقيا… هو أعراض خفيفة للغاية”.

وأضافت أن هناك أعراضًا ربما لم يتم رصدها مبكرًا في جنوب إفريقيا، لأنها تختلف قليلًا عن متحور دلتا: تعب شديد، أوجاع وآلام، وصداع والتهاب في الحلق. وتابعت قائلة: “ليس هناك كحة أو فقدان للشم أو التذوق”. في جنوب إفريقيا، تلقى نحو 35 بالمائة من السكان اللقاح، وتم الإعلان عن وجود 2.5 مليون حالة إصابة بفيروس كورونا حتى الآن في هذا البلد الذي يقطنه 60 مليون نسمة، لكن الأرقام الحقيقية ربما تكون أعلى من هذا.

استنفار شركات الدواء

بينما لا تزال هناك أبحاث حول مدى فاعلية اللقاح ضد متحور أوميكرون، كانت شركات تصنيع اللقاح سريعة في ردّها. وقال “جون بيل”، أستاذ الطب بجامعة أكسفورد، التي شاركت في تطوير لقاح مضاد للفيروس مع شركة “أسترازينكا”، إن الشركة طوّرت بالفعل لقاحًا يستهدف سلالة “بيتا” في فيروس كورونا، والتي تم رصدها أيضًا للمرة الأولى في جنوب إفريقيا وتعرف باسم B.1.351

تفادت هذه السلالة قسمًا كبيرًا من الحماية التي وفرها اللقاح الأصلي لأكسفورد/أسترازينكا- لدرجة أن جنوب إفريقيا ألغت استخدام هذا اللقاح في حملة تلقيحها، وتحولت إلى لقاحات من “جونسون أند جونسون” وبايونتيك/فايزر.

أخبر “بيل” محطة “تايمز راديو” الإذاعية أن متحور “بيتا” هو “المتحور الأقرب شبهًا” بالمتحور الذي يتفشى الآن بسرعة في جنوب إفريقيا، وأضاف: “لهذا سيكون مثيرًا للاهتمام رؤية مدى فاعلية هذا اللقاح” ضد متحور أوميكرون. يقوم العلماء بأبحاث في هذا الأمر منذ ستة أشهر، وسينهون دراسات توليد المناعة التي يجرونها في الأسبوع المقبل، وهي دراسات تحتاجها الجهات التنظيمية لتقييم ما إذا كان من الممكن الموافقة على اللقاح.

ويضيف السيد “بيل” أنه لو كانت أوكسفورد وأسترازينكا بحاجة للبدء من جديد لتطوير لقاح جديد ضد أوميكرون فإن “الأمر ربما يستغرق وقتًا أطول قليلًا مقارنةً مع الوقت الذي تطلبه تطوير لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، مضيفًا أن هذا قد يستغرق ما بين أربعة إلى ستة أشهر.  

تعمل شركة “بايونتيك” الألمانية وشريكتها الأمريكية “فايزر” منذ أشهر ضمن عملية للإسراع في إنتاج لقاح مضادة لمتحور جديد لفيروس كوفيد19، وزيادة الإنتاج لو تطلب الأمر هذا، وذلك بحسب ما ذكرته شركة “بايونتيك” في بيان لها. وأضافت “بايونتيك” في بيانها أن الشركتين “يمكنهما تكييف لقاح mRNA خلال ستة أسابيع وشحن دفعات أوّلية في غضون 100 يوم في حالة وجود متحوّر هارب”.

وقد طوّرت الشركتان بالفعل لقاحات ضد متحوري دلتا وألفا، وبدأتا في إجراء تجارب سريرية لاختبار اللقاحات، بهدف جمع بيانات خاصة بالسلامة والتحمّل والتي يمكن تقديمها للجهات التنظيمية.  ذكرت شركة “موديرنا”، التي تستخدم تكنولوجيا mRNA مماثلة للقاحات بايونتيك/فايزر، أنها تدرس عدة استراتيجيات للحماية ضد متحور أوميكرون.

تجري شركات التكنولوجيا الحيوية في الولايات المتحدة اختبارات لمعرفة ما إذا كان الأشخاص الذين يتلقون جرعة أكبر من جرعتها المُعززة – الجرعة ذاتها للتلقيح الأساسي – يتمتعون بحماية أفضل من متحور أوميكرون، عبر تحليل عيّنات من المعمل. تعمل الشركة أيضًا على تطوير لقاحين مُعززين جديدين آخرين؛ يستهدف اللقاح الأول متحور بيتا والثاني يستهدف متحوري بيتا ودلتا. وهناك تجارب سريرية على إعطاء نصف جرعة أو جرعة كاملة، وتعمل الشركة “بسرعة” على توسيع اختبار عينات الدم لتحليل استجابة الجسم المضاد لمتحور أوميكرون.

وتضيف الشركة أنه يجري تطوير لقاح مُعزز خاص بمقاومة متحور أوميكرون تحديدًا، يمكن أن يكون جاهزًا للاختبار السريري في غضون 60 أو 90 يومًا.  في غضون هذا، شرعت شركة “نوفا فاكس”، التي لم يحصل لقاحها القائم على البروتين بعد على تصريح بالاستخدام، في تطوير لقاح بروتين شوكي جديد قائم على التسلسل الجيني المعروف B.1.1.529. وستكون الشركة مستعدة لبدء الاختبارات والتصنيع “في غضون الأسابيع القليلة المقبلة” حسبما ذكرت الشركة في بيان لها.

بالإضافة إلى هذا، ذكرت شركة “نوفا فاكس” أن التجارب أظهرت أن لقاح البروتين الشوكي الذي تنتجه ربما يوفر حماية ضد متحورات جديدة في حال استخدامه كلقاح مُعزّز، كما أظهرت المرحلة الثانية من الدراسة ضد متحورات ألفا وبيتا ودلتا. مع هذا، لم تتقدم الشركة بطلب ترخيص اللقاح كمُعزز.

هناك قرار متوقع “في غضون أسابيع” في الاتحاد الأوروبي، وفي وقت قريب بالمملكة المتحدة، بخصوص إعطاء ترخيص للقاح هذه الشركة، والتي يتمتع لقاحها حاليًا بترخيص في إندونيسيا.  

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا