كاب إكس | كم عدد ضحايا «المانش» الذين تنتظرهم بريطانيا لتغير مسارها؟

آية سيد

ترجمة: آية سيد

لقد كانت مسألة وقت فقط قبل أن نشهد مأساة. يوم الأربعاء الماضي، غرق 27 شخصًا على الأقل، من ضمنهم امرأة حامل وفتاة، أثناء محاولة الوصول إلى بريطانيا في أكبر خسارة مُسجلة للأرواح في بحر المانش الإنجليزي. هذه الحادثة، والكثير مثلها، كان من الممكن تجنبها بالكامل. إن تعامل الحكومة مع الأعداد المتصاعدة لمحاولات عبور المانش ستزيد الموقف سوءًا.

بدلًا من توفير طرق قانونية وآمنة لطالبي اللجوء، تضاعف وزارة الداخلية المحاولات العقيمة لتضييق الطرق المؤدية إلى المملكة المتحدة. وبفعل هذا، يتحملون المسئولية عن دفع اللاجئين إلى أحضان مهربي البشر، المتحمسين بشدة لفرصة رفع أسعارهم أكثر. 

بعد ثلاثة أشهر من إعلانها، لا تزال خطة إعادة توطين الأفغان التي نُشرت على نطاق واسع لا تعمل. يعلم أولئك الذين أُجبروا على الهروب أن طالبان لا تقدم فترة سماح قبل أن تطرق الباب: وهي حقيقة يجدر بالحكومة أن تتذكرها. بعد مغادرة اتفاقية دبلن في بداية 2021، جرى إغلاق طرق لم شمل الأسرة بشكلٍ مخزٍ أمام أولئك الموجودين في أوروبا. 

ومن خلال مشروع قانون الجنسية والحدود، تبدو الحكومة مستعدة لجعل هذه المعابر مميتة أكثر. إن عمليات “الصد” والحماية القانونية المقترحة للضباط الذين يتسببون بحالات الموت في المانش ستكون – بخلاف عدم توافقها مع القانون الدولي – غير فعّالة في إحباط الرحلات الخطيرة، كما أن السلطات الجديدة التي تهدف إلى التصدي لعصابات التهريب سينتهي بها الحال بتجريم طالبي اللجوء الذين يتشاركون مركبًا على أساس أنهم سوف “يُسهّلون الدخول”.  

سوف يخلق مشروع القانون المزيد من المشاكل أيضًا لمعظم أولئك الذين ينجحون في الوصول إلى شواطئنا. إن نهجنا الحالي صارم بالفعل حسب المعايير الدولية: مدفوعات الإعانات أقل سخاءً من فرنسا، وحظر العمل لمدة 12 شهرًا أكثر قسوة بكثير من جيراننا الأوروبيين. لكن المقترحات الجديدة بنظام لجوء من “مستويين” ستشكّل تمييزًا ضد اللاجئين الذين يصلون عبر طرق غير قانونية: تقديم سلسلة جديدة من العراقيل التي يتحتم على طالبي اللجوء تجاوزها. ستكون الخطط الحالية غير متسقة بصورة صارخة مع القانون الدولي، وتضر بآفاق الاندماج وتترك طالبي اللجوء في ريبة أكبر حول سلامتهم المستقبلية.

إن تبرير وزارة الداخلية لهذه الإجراءات هو معالجة “عوامل الجذب” التي تجعل المملكة المتحدة وجهة جذابة لطالبي اللجوء. لكن فكرة عوامل الجذب خرافة إلى حد كبير. مع الأسف، يبدو أن هناك نقصًا أساسيًّا في الفهم لدى الكثير من أعضاء البرلمان فيما يتعلق بالأسباب التي تجعل اللاجئين يختارون السفر إلى بريطانيا. يُعد السؤال المتسرع: “لماذا لا يبقون في فرنسا؟” توضيحًا مثاليًا. تهرب الأغلبية الساحقة من اللاجئين إلى الدول المجاورة وأولئك الذين يقومون بالرحلة إلى أوروبا مرجحين لتقديم طلب باللجوء إلى فرنسا أكثر من المملكة المتحدة؛ أقل من 3% من اللاجئين في أوروبا يأتون إلى المملكة المتحدة. إن أولئك الذين يطلبون اللجوء على شواطئنا يتجهون لفعل ذلك بسبب الروابط مع العائلة والأصدقاء، أو الدراية باللغة الإنجليزية، أو العمل السابق مع الجيش البريطاني أو أي روابط ثقافية أخرى مع هذه الجزر. إنهم لا يتجهون إلى القدوم هنا بسبب معرفتهم الموسعة بنظام اللجوء في بريطانيا، لأن كل الأدلة تُظهر أنهم لا يملكون هذه المعرفة المفصلة.

ببساطة، الكلام القاسي، أو الأنظمة ذات المستويين أو الإعادة إلى البحر لن يكون لها تأثير ردع كبير على الأشخاص المستعدين بالفعل للمخاطرة بحياتهم بعبور ممر مائي خطير في زوارق مكتظة. حتى في أعقاب أحداث يوم الأربعاء المأساوية، ورد أن المؤسسة الملكية الوطنية لقوارب النجاة جلبت حوالي 40 مهاجرًا إلى دوفر في الصباح التالي.

إن الرأي العام حول حقوق اللاجئين ليس واضحًا بقدر ما تفترض الحكومة، وعلى الرغم من أن غالبية الشعب يبدو أنهم يدعمون الإجراءات الأكثر صرامة، إلا أنهم يتجهون أيضًا للاعتقاد بأن هذه الإجراءات لن تخفض الأعداد. في استطلاع حديث، اعتقد 17% فقط أنه ينبغي معاملة اللاجئين بطريقة مختلفة بناءً على كيف وصلوا إلى المملكة المتحدة: بالرغم من كون هذا جزءًا أساسيًّا من مشروع قانون الحدود.

إن البريطانيين محبطون من الإخفاقات المستمرة والمتوقعة على جانبي المانش في التعامل مع العبور غير الآمن ومتشككون في أن المزيد من نفس الشيء سيصنع فرقًا. من المخزي أن الشرطة الفرنسية وقفت موقف المتفرج هذا الشهر بينما دفع المهاجرون مركبًا صغيرًا إلى المياه. لكن من جانبنا، يتعين أن تكون الحكومة البريطانية صادقة معنا، وتعترف بأن التطبيق الأكثر صرامة لم ينجح، وتغير مسارها قبل أن تدفع بمزيد من الأرواح الضعيفة إلى قاع البحر.

للاطلاع على الرابط الاصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا