آسيا تايمز | يجب على الغرب منع المجاعة في أفغانستان

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

ربما يصبح انعدام الأمن الغذائي في أفغانستان قريبًا تهديدًا لاستقرار العديد من الدول الأخرى، ودون تغيير جذري في السياسة الغربية تجاه طالبان، سيشق ملايين الأشخاص طريقهم إلى أي مكان يمكنهم العثور فيه على الطعام. وبذلك يهدّد وصول أفقر الفقراء إلى الدول المجاورة والاتحاد الأوروبي بإذكاء المزيد من الاستقطاب السياسي في وقتٍ تتعرض فيه العديد من الحكومات بالفعل لضغوط شديدة.

فضائح الضرائب والفوائد المحلية، وسياسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفيروس كورونا، والفشل في ردع المهاجرين عن عبور القنال الإنجليزي.. كلها أدت بالفعل إلى تآكل الثقة في السياسيين البريطانيين والأوروبيين، وربما يكون قبول اللاجئين ورفضهم مكلفًا للغاية في هذه الدول اقتصاديًّا وسياسيًّا.

في غضون ذلك، لا تزال طالبان تتمسك بالسلطة في أفغانستان، حتى في حالة عدم وجود دافع أخلاقي للتخفيف من حدة المجاعة، هناك مبرر قوي للغرب لفعل كل ما يلزم لإطعام الأفغان هذا الشتاء.

حينما كانت المرأة محور التركيز

على مدار 20 عامًا، تم تأطير الحرب ضد طالبان في دول الناتو على أنها معركة من أجل حقوق المرأة. وهذا مشابه للطريقة التي جرى بها تصوير القتال بعد الثورة في آسيا الوسطى في عشرينيات القرن الماضي، واحتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان في الثمانينيات.

عندما كانت طفلة، أصبحت الشابة “شربات جولا” وجه أفغانستان التي يحتلها السوفييت لمواطني الغرب. وسبق ظهورها الشهير عام 1985 على غلاف مجلة (ناشيونال جيوغرافيك) بيع أمريكا لصواريخ ستينجر لمجاهدي حركة طالبان بعام.

وأظهرت صور أخرى معروفة التقطت في أفغانستان فتيات يرتدين التنانير القصيرة يسرن في كابول في سبعينيات القرن الماضي قبل الغزو السوفيتي، ونساء يرتدين البرقع تحت حكم طالبان وصور مختلفة لفتيات محجبات يذهبن إلى المدرسة في ظل حكومتي “حامد كرزاي” و”أشرف غني”. قدمت هذه الصور مجتمعة تقلبات دراماتيكية في وضع المرأة الأفغانية متزامنة مع التغييرات في الحكومة.

كانت هناك تحسينات حقيقية خلال 20 عامًا من الوجود الغربي في أفغانستان قبل انسحاب الولايات المتحدة في أغسطس 2021، حيث التحق المزيد من أطفال الريف والفتيات بالمدارس. فيما انخفضت معدلات وفيات الرضع والأمهات. ومع ذلك، فإن التحسينات في مستويات المعيشة لسكان الريف لن تكون مستدامة إذا لم يكن هناك أمن غذائي.

بالنسبة للنساء، يعدّ الطول عند سن 15 مقياسًا موجزًا لبيئة التغذية والمرض أثناء الطفولة؛ إذ تُظهر بيانات المسح الوطني لعام 2013 أن النساء المولودات قبل عام 1976 في جزء من مقاطعة بدخشان التاريخية – المدمجة في الاتحاد السوفيتي – كانت أطول بثلاثة إلى أربعة سنتيمترات من تلك الموجودة في بدخشان الأفغانية. وبهذا المقياس، لم يكن هناك تقدم حقيقي في الأمن الغذائي أثناء طفولة الشابات الأفغانيات.

من الأسهل بكثير إحصاء عدد المدارس والمستشفيات التي بُنِيَت، وعدد الطالبات أو عدد النساء اللائي يظهرن على التلفزيون أكثر من حساب كمية الطعام التي يتم تناولها بشكل موثوق. في الواقع، ربما يكون الفشل في التخفيف من انعدام الأمن الغذائي أثناء حملة الناتو نذيرًا لانتصار طالبان النهائي.

الغذاء هو الحاجة الأولى

إن بناء المزيد من المستشفيات والطرق السريعة لن يفعل الكثير في مساعدة الناس إذا كانوا لا يزالون جائعين. ولطالما احتاج الأفغان إلى أساس قوي من الغذاء والأمن المادي، ولا زالوا بحاجة إليه. إن النجاحات السوفيتية السابقة في التعليم وزيادة مكانة المرأة في آسيا الوسطى تأسست على تزويد الناس بالطعام.

 وربما لا تساعد الجغرافيا الأمن الغذائي المحلي في آسيا الوسطى. ففي طاجيكستان، التي تشترك في الحدود واللغة والثقافة مع شمال أفغانستان، فإن مصدر الدخل الرئيس للعائلات هو التحويلات المالية من أفراد الأسرة العاملين في روسيا. ورغم ذلك لم تكن الهجرة الموسمية إلى روسيا خيارًا للعائلات الأفغانية.

تكشف البيانات أيضًا أن النساء في أفغانستان عانَينَ من حياة أكثر صعوبة، حتى بعد 15 عامًا من تدخل الناتو، مقارنةً بالنساء في الدول المجاورة. ولا تزال النساء الأفغانيات يتزوجن قبل السن بكثير، ولديهن أطفال أكثر ويتقبلن العنف الزوجي أكثر بكثير مما هو موجود في طاجيكستان المجاورة.

وربما كانت المساعدات الأمريكية هي العامل الرئيس في تجنب المجاعة في السنوات الأخيرة، عندما أدت قلة الأمطار وانعدام الأمن إلى تقييد حصاد المحاصيل الغذائية.

وفي خضم استياء دول الناتو من الانهيار السريع للجيش الأفغاني في أغسطس 2021، والتكلفة البالغة 2 تريليون دولار للحرب الفاشلة، لم يكن هناك دليل يذكر على أي إجماع بين حلفاء الناتو حول ما يجب القيام به. وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من استيلاء طالبان على السلطة، لا تزال أموال الحكومة الأفغانية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة مجمدة، ولا يوجد تمثيل للناتو أو الاتحاد الأوروبي في البلاد.

هناك الكثير مثل “شربات جولا”

سمحت تقنية التعرف على قزحية العين للغرب بإعادة اكتشاف “شربات جولا”، التي كانت أيقونة مجلة ناشيونال جيوغرافيك، بعد زواجها وهي طفلة بين سن 13 و16 وأنجبت خمسة أطفال. وردًّا على تقارير إخبارية دولية عن مشاكلها القانونية في باكستان عام 2017، قدّم لها الرئيس السابق “أشرف غني” منزلًا كبيرًا في كابول.

وبحسب ما ورد، تم إجلاء جولا وعائلتها من أفغانستان إلى إيطاليا بعد انسحاب القوات الأمريكية في أغسطس.

لكن هناك الملايين مثلها – ومعهن أزواجهن وأطفالهن – لم يكن مُرحَّبًا بهن في أي مكان آخر.

يجب على دول الناتو التعامل بشكل عاجل وبطريقة تعاونية مع طالبان، وإذا لم يفعل ذلك، فإن الدول، من الصين إلى المملكة المتحدة، تواجه شبح مئات الآلاف من اللاجئين المعوزين الذين يقفون على حدودها، ولا ينبغي الاستهانة بالآثار السياسية المحلية لهذه الدول، بما في ذلك تأجيج الدعم للأحزاب المناهضة للهجرة والمعادية للاتحاد الأوروبي.

والجواب الوحيد هو تيسير الحياة في أفغانستان بالسماح باستيراد المواد الغذائية على نطاق واسع هذا الشتاء، وهذا يعني قبول حكم طالبان، وفك الحظر الفوري على الأقل لبعض الحسابات الدولية المجمدة منذ أغسطس 2021، وتمويل المساعدات الإنسانية، والبقية ستُضطر إلى الانتظار.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا