ناشيونال إنترست| كيف تناول بوتين الأزمة مع أوكرانيا في مؤتمره الصحفي السنوي؟

شهاب ممدوح

رؤية

ترجمة – شهاب ممدوح

عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس مؤتمره الصحفي الرئيسي الذي يُنظم عادة في نهاية كل عام. طالب بوتين بإلحاح الغرب بتقديم ضمانات أمنية في هذا المؤتمر الطويل الذي دام أربع ساعات، مُكررًا شكاوى روسيا التاريخية ضد توسيع الناتو، آملاً في الوقت ذاته بخروج نتيجة إيجابية من المفاوضات الراهنة.

نشرت وزارة الخارجية الروسية مشروع وثيقة في مطلع هذا الشهر، يتضمن قائمة مطالب أمنية. تدعو الوثيقة، المكوّنة من اتفاقين منفصلين مع الولايات المتحدة والناتو، لتقديم ضمانات غربية شاملة ضد توسع الناتو شرقًا، وفرض قيود على نشر قوات الناتو على حدود التحالف الشرقية، ومنع نشر قوات أجنبية أو تأسيس قواعد عسكرية أجنبية في أوكرانيا ودول سوفيتية سابقة.

أشار “نيد برايس” المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في مطلع هذا الأسبوع إلى أن البيت الأبيض يصيغ قائمته التي تتضمن “مخاوفه” تجاه روسيا. وقال “برايس”: “سنضع على الطاولة شواغلنا تجاه الأنشطة الروسية التي نظن أنها مُضرّة بمصالحنا وقيمنا الجماعية، بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا الأوروبيين”.

قلل بوتين من أهمية الشواغل الغربية المضادة، واصفًا روسيا بأنها ضحية تاريخية لسلوك الناتو العدواني. وذكر بوتين أثناء المؤتمر الصحفي إن “الولايات المتحدة هي التي أتت بصواريخها إلى أعتاب وطننا”، مشيرًا إلى توسع حلف الناتو. وأضاف بوتين قائلا: “ثم تطلبون مني بعض الضمانات؟ أنتم من يتعين عليكم تقديم ضمانات. أنتم! ويجب عليكم تقديمها على الفور والآن”.

وتساءل بوتين: “كيف ستردّ الولايات المتحدة لو وضعنا صواريخنا على الحدود الأمريكية مع كندا أو المكسيك؟”، وتابع: “لسنا نحن من يهدد أي طرف…هل نحن من أتينا إلى الحدود الأمريكية أو البريطانية؟ كلا، فقد أتوا هم إلينا، وهم يقولون الآن أن أوكرانيا ستكون عضوًا في الناتو”.

وشدّد على المواضيع التي ذكرها في مقالة منشورة في يوليو الماضي بشأن التاريخ الأوكراني، محذرًا من أن موسكو لن تتسامح مع ما وصفه سابقًا بمحاولة الغرب تحويل أوكرانيا إلى “دولة معادية لروسيا”، ووصف الرئيس الروسي احتمال وصول أنظمة سلاح تابعة للناتو إلى أوكرانيا بأنه تهديد وجودي طويل الأمد لأمن روسيا، وأكد أن “هذا ليس خيارنا، نحن لا نريد ذلك”، مضيفًا: “لقد طرحنا المسألة بشكل مباشر، دون حيل ذكية، وقلنا إنه من غير المسموح توسيع الناتو شرقًا. الكرة الآن في ملعبهم. وينبغي لهم تقديم إجابة لنا”.

استبعد حلف شمال الأطلنطي بالفعل بعض مطالب الكرملين، من بينها فرض حظر قانوني على حق أوكرانيا في الحصول على عضوية حلف الناتو. تتضمن الوثيقة نقاطًا أخرى من بينها تأسيس مجلس يضم روسيا والناتو، وخط ساخن بين الطرفين، وإجراءات متبادلة لنزع السلاح في أوكرانيا، وقد حظيت هذه النقاط ببعض الترحيب لدى البعض في واشنطن. لكن الجانب الروسي بدا مُصممًا في الأسبوع الماضي على فكرة أن الكرملين لن يقبل بنهج مُجزّأ للمفاوضات. وصرّح نائب وزير الخارجية الروسي “سيرغي رايبكوف” قائلا: “هذه ليست قائمة طعام!”، مضيفًا أن اقتراحات الوثيقة العديدة “كاملة” و”تعزز” بعضها البعض.

وفي لقاء مع صحيفة واشنطن بوست، ذكر “فيدور لوكيانوف” رئيس تحريري مجلة “روسيا في السياسة العالمية” ورئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية أن هذه المطالب ربما يكون الهدف منها التأسيس لحوار مستقبلي، مضيفًا: “الأكيد أن بعض النقاط في هذه الوثيقة من المتعذر تطبيقها عمليًّا”. وتابع: “لكن لو نظرنا لهذه المطالب بوصفها نسخة جديدة من دبلوماسية كلاسيكية، حيث يتم طرح مواقف متشددة على الطاولة في البداية، يبدأ بعدها نوع من المفاوضات – بصرف النظر عما يقوله الجانبان الآن – فربما يمكننا توقع إجراء محاولة على أقل تقدير لعقد نقاش”.

وأشار مسؤولو الكرملين، دون توضيح خطط محددة، إلى أن روسيا مستعدة للردّ عسكريًّا في حال رُفضت مطالبها. وأخبر “ريباكوف” وكالة إنتراكس الروسية الإخبارية: “هم يوسّعون حدود ما هو ممكن”، مضيفًا: “لكنهم لم يعلموا أننا سنهتم بأمننا ونتصرف بطريقة مماثلة لمنطق الناتو، وأننا سنشرع أيضًا في توسيع حدود ما هو ممكن عاجلًا أم آجلًا، وسنجد كافة السبل والوسائل والحلول الضرورية لضمان أمننا”. وقال “أليكسندر غروشكو”، نائب وزير الخارجية الروسي، إن الغرب لديه خياران: “إما أن يتعاملوا بجدية مع ما طرحناه على الطاولة، أو أن يواجهوا بديلا عسكريًّا -تقنيًّا”.

ولم يتطرق بوتين فيما يبدو للتهمة التي وجّهها في مطلع هذا الأسبوع وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” بأن متعاقدين أمريكيين هرّبوا “دبابات مجهّزة بمكونات كيماوية غير معروفة” إلى منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا لتنفيذ “عمل استفزازي” من المفترض أن يتورط فيه انفصاليون موالون لروسيا في إقليم دونباس. سارعت واشنطن لإنكار هذه المزاعم، وقال المتحدث باسم البنتاغون “جون كيربي” إن “تصريحات الوزير شويغو كاذبة تمامًا”.

وبالرغم من رسائل الإدارة الصارمة وتحذيراتها القوية، إلا أن بوتين وصف مسار المفاوضات بأنه “إيجابي”، مضيفًا أن “شركاءنا الأمريكيين يخبروننا أنهم مستعدون لبدء هذا النقاش”. وقال وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” يوم الأربعاء إن الجولة الأولى من محادثات روسيا وحلف الناتو، ستبدأ في مطلع يناير.

يأتي تصريح لافروف بعد يوم فقط من إعلان الأمين العام لحلف الناتو “جينز ستولتينبرغ” في مؤتمر في بروكسل أن التحالف مستعد “لحوار جاد” مع روسيا. 

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا