أسلحة حديثة وتكتيكات مُهمشة.. ثورة عسكرية في الحرب الروسية الأوكرانية

رنا أسامة

كيف انطبقت مقولة الفيلسوف اليوناني هيراقليطس "التغيير هو الثابت الوحيد" على الحرب الروسية الأوكرانية؟


على مدار الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 100 يوم، أظهرت كييف رد فعل عسكريًّا ثوريًّا ضد موسكو عدّه خبراء تحولًا في بساحة المعركة.

وشبّهت مجلة “ذا هيل” الأمريكية رد الفعل الأوكراني بفيلم الحرب الأمريكي “الفجر الأحمر” الذي يعود لعام 1984، ويحكي عن حرب عالمية ثالثة ستغزو فيها قوات سوفيتية وكوبية الولايات المتحدة.

أسلحة دفاعية تُغيّر ساحة المعركة بأوكرانيا

في مقال رأي كتبه الكولونيل المتقاعد بالجيش الأمريكي، جوناثان سويت، والمؤرخ مارك توث، قالت المجلة إن أوكرانيا تلقّت أسلحة دفاعية من الولايات المتحدة وحلف الناتو أحدثت تحولًا في ساحة المعركة، بما في ذلك صواريخ “جافلين” الأمريكية، والجيل التالي من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات الذي تُصنّعة شركات بريطانية، ومُسيّرات “بيرقدار تي بي 2″ التركية، و”سويتش بليد” الأمريكية.

وأضافت، في المقال المنشور بتاريخ 1 يوليو 2022، أن هذه الأسلحة نجحت في تدمير الدبابات الروسية من طراز “تي 72″ و”تي 80″ و”تي 90” تدميرًا كبيرًا على نطاق واسع، في حين لم تكن الدروع المركبة أو التفاعلية المتفجرة فعّالة ضد أنظمة أسلحة حديثة مُصممة لتدميرها.

تحييد آلة الحرب الروسية

يقول التقرير إنه بفضل ذلك التسليح، حيّدت أوكرانيا آلة الحرب التي كانت روسيا تتبجّح بها ذات يوم، في تغيير جذري بعقائد واستراتيجيات ساحة المعركة، وأفادت وزارة الدفاع الأوكرانية بأنها أوقعت 34 ألفًا و430 قتيلًا من الجنود الروس، ودمّرت ألفًا و504 دبابات، و3 آلاف و632 ناقلة جند مدرعة، إضافة إلى 756 قطعة مدفعية، و240 صاروخ إطلاق متعدد، و216 طائرة، و183 مِروحية.

وبغضّ النظر عن المرونة الأوكرانية مقابل عدم الكفاءة الروسية، تساءل المقال بشأن هل تشهد الحرب لحظة ثورية في الشؤون العسكرية، مُشيرًا إلى أن مقولة الفيلسوف اليوناني هيراقليطس “التغيير هو الثابت الوحيد” تنطبق أيضًا على الحرب، بدءًا من التكتيكات والاستراتيجيات، وصولا إلى أنظمة الأسلحة ومُعدات الحماية.

أسلحة عالية التقنية وتكتيكات مُهمّشة

من أمثلة التكتيكات والاستراتيجيات التي شهدتها الحرب الروسية الأوكرانية، بحسب المقال، استخدام مدافع رشّاشة تعود للحرب العالمية الأولى، وتنفيذ استراتيجية الحرب الخاطفة الألمانية من الحرب العالمية الثانية، فضلًا عن إطلاق صواريخ دقيقة بعيدة المدى مماثلة للمُستخدمة في حرب الخليج، توازيًا مع شنّ حرب اتصالات وشبكات.

وأدخلت الحرب أنظمة أسلحة عالية التقنية، طغت على دروع تقليدية مثل الدبابات وناقلات الجُند المُدرعة، وكذلك أعادت استخدام تكتيتكات مُهمّشة منذ قرون، مُستخدمة إيّاها بالطريقة نفسها التي استخدمها بها الجيش الروسي، بحسب المقال.

وعرّض الرئيس الروسي، فلاديمير بوتي،  نفسه لهذه اللحظة الثورية، بخوضه حربًا بتكتيكات الحرب العالمية الثانية ودروع حديثة، نجح الجيش الأوكراني في تدميرها بالكامل بأنظمة أسلحة حديثة وتكتيكات مُشاة قديمة قِدم الحربين الفرنسية والهندية.

تتويج لاستراتيجية روسية سيئة

بحسب المقال، فإن اللحظة الثورية في الشؤون العسكرية بأوكرانيا تأتي تتويجًا لاستراتيجية روسية سيئة، مع الاعتماد المُفرط للكرملين على تكتيكات عفا عليها الزمن، وضعف تدريب الجنود الروس، وهشاشة أمن المعلومات للجيش الروسي، في حين تكيّفت القوات الأوكرانية مع تكتيكات الدروع غير المتكافئة.

وتُطلق أنظمة الأسلحة الحديثة على الجبهة الأوكرانية نيرانًا دقيقة المواجهة على منصات أصغر وأكثر فتكًا، تُمكّن الجنود على الأرض من تحديد المواقع الجغرافية للعدو، واستهدافها عبر وسائل تواصل اجتماعي وأبراج خلوية، وكذلك تُمكّن جنود المُشاة الأوكرانيين من إصابة أي هدف على بُعد أميال بنيران دقيقة وقاتلة وغير مرئية.

تغيير وشيك

أشار المقال إلى أن أنظمة الأسلحة غير المتكافئة خلال الحرب بأوكرانيا، ساهمت في تقليص عامليّ التنقل والتخويف للدبابات الحديثة إلى ما كانت عليه البارحة بعد الحرب العالمية الثانية.

والآن، مع إدخال أنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة التي قدّمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، فإن ثمة تغيير وشيك قد تُحدثه ثورة الشؤون العسكرية في كيفية استخدام المدفعية في ساحة المعركة، في وقت يُمكن لراجمات الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى أن تُغيّر قواعد اللعبة والطريقة التي تُحارب بها روسيا.

ربما يعجبك أيضا