أزمة إنسانية بالسودان.. ماذا بعد إغلاق آخر مستشفى بالفاشر؟

إسراء عبدالمطلب
أزمة إنسانية بالسودان

أعلن الأطباء في أحد المستشفيات القليلة المتبقية في مدينة الفاشر المحاصرة بالسودان عن إغلاق المنشأة بعد تعرضها لهجوم.


حذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، سيندي ماكين، الأحد 9 يونيو 2024، من أن السودان قد يتحول قريبًا إلى “أكبر أزمة إنسانية في العالم”.

وأدت الحرب الأهلية المتصاعدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى مقتل ما لا يقل عن 15 ألف شخص ونزوح أكثر من 8 ملايين منذ أبريل 2023، ويواجه السودان أسوأ أزمة نزوح في العالم، وهو على شفا أكبر أزمة جوع في العالم، بحسب برنامج الغذاء العالمي.

الحرب في السودان.. تقرير دولي يتوقع زيادة موجات النزوح خارج البلاد - الأسبوع

أزمة منسية

حسب صحيفة “بوليتكو” بتاريخ 9 يونيو 2024، شددت ماكين، على أهمية الحفاظ على الوصول الآمن والمعابر المفتوحة لنقل المساعدات الإنسانية مع احتدام “الأزمة المنسية” في السودان.

وقالت: “لا نستطيع إدخال الغذاء، ومن المؤكد أننا لا ندخله على نطاق واسع، وأنت ترى نتائج ما يمكن أن تحدث إذا لم يتم إطعام الناس، نحن مقبلون أيضًا على موسم الجفاف، مما يجعل من الصعب جدًا في كثير من الأحيان على شاحناتنا العمل حتى إذا تمكنت من الدخول ونحن بحاجة إلى وصول آمن وغير مقيد”.

آثار كارثية

أشارت ماكين إلى أن المزيد من الدول تتقدم لدعم السودان لأن الأزمة يمكن أن يكون لها “آثار كارثية” في زعزعة استقرار تلك المنطقة، ومع أن الولايات المتحدة هي أكبر مانح لبرنامج الغذاء العالمي، فإن سياسة الرئيس جو بايدن بشأن السودان تواجه صعوبات وسط ضغوط من النواب الديمقراطيين والجمهوريين لبذل المزيد من الجهد للمساعدة في إنهاء الحرب.

ومن جانب آخر، أعلن الأطباء في أحد المستشفيات القليلة المتبقية في مدينة الفاشر عن إغلاق المنشأة بعد تعرضها لهجوم، المستشفى الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود، وكان الملاذ الأخير للمدنيين المصابين في الفاشر للحصول على العلاج.

ووفقًا لـ هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، تعرض المستشفى الجنوبي في المدينة للقصف على مدار الأيام الماضية، مما أدى إلى وقوع إصابات ووفيات. وقال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان، ماكسيميليان كوالسكي، إنه “بسبب الفوضى، لم يتمكن فريقنا من التحقق مما إذا كان هناك أي قتلى أو جرحى”، وكان المسعفون قد خططوا لنقل المستشفى سابقًا بسبب المخاوف الأمنية، حيث تعرضت المنشأة للهجوم 3 مرات خلال عشرة أيام.

مصابون بلا مشفى

قالت منظمة أطباء بلا حدود، إن الهجوم الأخير وقع بينما كان في المستشفى 10 مرضى فقط وفريق طبي صغير، مما حال دون وقوع كارثة أكبر، وقال رئيس الجمعية الطبية الخيرية في السودان لـ”بي بي سي”: “المستشفى قريب بالفعل من خط المواجهة، لذا سيظل مغلقًا في الوقت الحالي”.

ونظرًا لأن إمدادات الوقود والكهرباء والمياه لا تعمل بعد في المستشفى المتهالك المجاور، تتجه منظمة أطباء بلا حدود لنقل عملياتها إليه، مما يترك المدنيين المصابين بدون مكان يتلقون فيه العلاج لمدة أسبوع على الأقل.

فوضى الحرب الأهلية

يمثل الهجوم على المستشفى مؤشرًا واضحًا على فوضى الحرب الأهلية السودانية، حيث وصف ميشيل لاشاريت، رئيس قسم الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، إطلاق النار داخل المستشفى بأنه “تجاوز للحدود” و”شائن”. شدد على ضرورة تجنيب المرافق الطبية من الصراع.

وتتعرض قوات الدعم السريع والجيش السوداني على حد سواء لاتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، لكن في هذه الحالة، أجبرت قوات الدعم السريع المستشفى الذي كان يعالج المدنيين على الإغلاق، مما يشكل انتكاسة كبيرة لأهالي الفاشر.

انتهاكات ضد المدنيين

تعد الفاشر المدينة الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش في منطقة دارفور بأكملها، حيث يُعتبر المستشفى واحدًا من المستشفيين القادرين على إدارة الإصابات الجماعية. وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود، فقد طلب أكثر من 1,300 جريح العلاج في المستشفى خلال الشهر الماضي فقط.

ويتدهور الوضع في السودان بشكل كبير منذ بدء الصراع في أبريل 2023، حيث قُتل أكثر من 15 ألف شخص وأُجبر نحو تسعة ملايين على الفرار من منازلهم. وسيطرت قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة، جنوب العاصمة الخرطوم، واتهمت بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين هناك.

وفي دارفور، تُتهم قوات الدعم السريع باستخدام الاغتصاب كسلاح حرب، وتستهدف الجماعات غير العربية في حملة تطهير عرقي. ورغم عدة جولات من محادثات السلام، لم تنجح في إنهاء الحرب التي بدأت بسبب خلافات بين الجنرالين القائدين للجيش وقوات الدعم السريع. وتقول وكالات الأمم المتحدة إن القتال أثار أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث يواجه الملايين كارثة جوع نتيجة لذلك.

ربما يعجبك أيضا