أوروبا منقسمة حول «توترات المنطقة».. ما السبب؟

غزة والحوثيين وإيران.. كيف تباين الموقف الأوروبي من توترات الشرق الأوسط؟

محمد النحاس

حتى الآن، كانت بريطانيا، هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي شاركت في ضربات فعلية، ضد الحوثيين، في إطار عملية بقيادة أمريكية.. فما هي أبعاد الموقف الأوروبي من توترات المنطقة؟ وما أسباب غياب "وحدة الصف"؟


بينما تنخرط الولايات المتحدة في صراع جديد في الشرق الأوسط مع جماعات مدعومة من إيران، يقف أقرب حلفائها منقسمين.

وفي الوقت الحالي، تشن الولايات المتحدة ضربات على الجماعات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط، بما في ذلك الجماعات الشيعية المسلحة في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن، فيما يراقب حلفاء واشنطن في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) التصعيد بشيء من الحذر، حيث تبنوا مواقف متباينة.

تباين مواقف الأوروبيين

في مقال نشرته مجلة ريسبنسبول ستيت كرافت، يرى إلدار محمدوف، خبير السياسة الخارجية، أن تباين مواقف الاتحاد الأوروبي تجاه الصراع الحالي في الشرق الأوسط يعكس “فشلاً ممتدًا لدى دول الاتحاد في تبني موقف موّحد تجاه المنطقة.

وحين دعت الولايات المتحدة لتشكيل تحالف دولي لوقف هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وقع عدد قليل فقط من الدول الأوروبية على البيان المشترك (المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا وبلجيكا والدنمارك وإيطاليا) حسب مقال المجلة الأمريكية المنشور 7 فبراير 2024.

حارس الإزدهار

من بين المجموعة الموقعة على البيان، انضمت المملكة المتحدة، والدنمارك وهولندا واليونان فقط، إلى الوحدة الأوروبية، في عملية “حارس الإزدهار” التي أطلقتها الولايات المتحدة في 12 ديسمبر الماضي، بهدف تقويض هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

في حين أعرب آخرون عن إدانتهم لهجمات الحوثيين، أبدوا تفضيلهم لمعلية مستقلة بقيادة أوروبية، لكن ظل البعض متشككًا في خيار استهداف الحوثيين، أو في عمليات مضادة لهم.

حتى الآن، كانت بريطانيا، هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي شاركت في ضربات فعلية، ضد الحوثيين، في إطار عملية بقيادة أمريكية، وفي ذات التوقيت، وافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بهدف “المساعدة في ضمان حرية الملاحة، وتأمين حركة الشحن التجارية”، تحت قيادة إيطالية بشكل مبدأي.

مهمة دفاعية فقط

بالنسبة للأوروبيين، يعد تأمين حريّة الملاحة أمر حيوي، حيث يمر ما يقرب من 40% من تجارة الاتحاد مع القارة الآسيوية، ودول الشرق الأوسط عبر البحر الأحمر، لكن المهام الدقيقة أو قواعد الاشتباك تظل غير واضحة، ومن المتوقع أن يحدد وزراء الاتحاد تلك النقاط في اجتماعهم في 19 فبراير.

ومهما يكن من أمر، فيبدو أن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، استبعد أي دور يتجاوز الجانب الدفاعي وحماية السفن، بما في ذلك أخذ دور ما في الهجمات الأمريكية البريطانية ضد الحوثييين، أو حتى تنفيذ ضرباتهم الخاصة.

وفي مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية، أعلن أحد قيادات الحوثيين، محمد علي الحوثي، أن إيطاليا “ستصبح هدفًا” حال شاركت في الهجمات على الجماعة اليمنية، سرعان ما رد، وزير الخارجية الإيطالي وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، مشددًا على ان بلاده “لن تخشى تهديدات الحوثيين”، إلا أنه ظلّ حريصًا على إيضاح الطبيعة الدفاعية للمهمة.

حرب غزة.. جوهر الانقسام الأوروبي

يشار إلى أن إيطاليا والاتحاد الأوروبي لم يحذو أي منهما حذو واشنطن في تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وإجمالاً يرى المقال عدم وجود إشارة حتى الآن تشي بأن الاتحاد الأوروبي يستعد للانضمام إلى الصراع الأمريكي مع “الجماعات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، سواء عسكريًا أو من خلال الدعم الدبلوماسي”.

أضف إلى ذلك أنه لو جرى تدمير الجماعات الموالية لإيران في سوريا والعراق، قد يهيئ ذلك الظروف المواتية لعودة تنظيم داعش الإرهابي، وكان مسؤولون أوروبيون قد أعربوا عن قلقهم من تداعيات اتساع حرب غزة على المنطقة برمتها.

ما يطرح مرة أخرى السبب الرئيس للانقسام الأوروبي، وهو حرب غزة نفسها، وفي حين تدعم بعض الدول الأوروبية ما تسميه “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، مثل النمسا وألمانيا والمجر والتشيك، فإن دولًا أخرى تبنت مواقف مغايرة. فكما هو الحال، لدى إسبانيا، وبلجيكا وأيرلندا وسلوفينيا، وفرنسا (نسبيًّا)، هذه الدول تؤمن بأن الحرب في غزة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني عمومًا، هي السبب الرئيس وراء التوترات المتفاقمة في الشرق الأوسط.

ربما يعجبك أيضا