«الخيار السلبي».. كيف شجعت الولايات المتحدة الحوثيين؟

تأخر الرد الأمريكي شجع الحوثيين على تحدي واشنطن دون الخوف من الانتقام

آية سيد
«الخيار السلبي».. كيف شجعت الولايات المتحدة الحوثيين؟

لجأ المسؤولون الأمريكيون إلى الخيار السلبي، الذي تمثل في تعزيز وجودهم، وحشد ائتلاف دولي، ومطالبة الحوثيين بالتوقف.


تواصل جماعة الحوثي في اليمن استهداف سفن الشحن في البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي.

ومنذ بدء الهجمات، سارعت الولايات المتحدة وشركاؤها للبحث عن طرق لاستعادة الهدوء في الممر الحيوي للتجارة العالمية، كان آخرها شن سلسلة من الضربات على أهداف الحوثيين في اليمن. لكن هذه الضربات لم تردع الجماعة أو توقف هجماتها.

ثمن الانتظار

في مقال بمجلة فورين أفيرز الأمريكية، اليوم الثلاثاء 6 فبراير 2024، أشار الباحثان بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، نعوم ريدان، وجرانت رملي، إلى أن الولايات المتحدة وشركاءها يواجهون الآن صراعًا مع الحوثيين، وهي الحقيقة التي أرادوا تجنبها.

بعد تحدي الإنذار الأخير.. هل اقتربت الضربة الأمريكية لمواقع الحوثيين؟

هجمات الحوثيين على السفن

ورأى الباحثان أنه عبر الانتظار طويلًا للرد، وإصدار تحذيرات متكررة، والحديث المسبق عن نيتهم توجيه ضربات، شجعت الولايات المتحدة وشركاؤها الحوثيين، وعلّموا الجماعة أنها تستطيع تحدي واشنطن دون مواجهة انتقام سريع، ومنحوها الوقت للاستعداد للهجمات المضادة.

خيارات واشنطن

عندما اندلعت أزمة البحر الأحمر، كان أمام واشنطن خياران، حسب الباحثين. الأول هو الرد على هجمات الحوثيين ليس فقط عن طريق صد الغارات والصواريخ، بل أيضًا عن طريق ضرب البنية التحتية العسكرية للجماعة سريعًا.

ولفعل هذا، كان من الممكن أن تسمح إدارة جو بايدن للسفن العسكرية الأمريكية الموجودة في البحر الأحمر باستهداف مستودعات الذخيرة، ومخزونات الأسلحة، ومنشآت التدريب، ومواقع إطلاق الصواريخ، ومراكز القيادة والسيطرة الحوثية.

لكن المسؤولين الأمريكيين لجـأوا إلى الخيار السلبي، الذي تمثل في تعزيز وجودهم، وحشد ائتلاف دولي، ومطالبة الحوثيين بالتوقف. إلا أن هذا المزيج من ضبط النفس وتوجيه الرسائل فشل، لأن الحوثيين زادوا هجماتهم. وفي 11 يناير، قررت بريطانيا والولايات المتحدة أنهما لا يملكان خيارًا سوى ضرب الأهداف العسكرية الحوثية.

الأسلحة التي استخدمت بالضربة الأمريكية البريطانية على الحوثيين_

الأسلحة التي استخدمت بالضربة الأمريكية البريطانية على الحوثيين_

أهمية الرد الحاسم

لفت الباحثان إلى أن استمرار هجمات الحوثيين يوضح أنه كان ينبغي على واشنطن التفكير بجدية أكبر في الخيار الأول. وإذا ردت الولايات المتحدة على هجمات الحوثيين في نوفمبر بملاحقة مخزونات أسلحتهم، وقاذفات صواريخهم، ومحطات راداراتهم على الفور، كانت ستُظهر العزم الأمريكي وتُضعف قدرة الحوثيين على مواصلة هجماتهم.

وبهذه الطريقة، كانت واشنطن ستمنح الجماعة المعركة التي تريدها، فالحوثيون يستمدون الشرعية من الوقوف في وجه الولايات المتحدة، وبالتبعية إسرائيل. لكن الضربة الأسرع والأكثر حسمًا على البنية التحتية العسكرية للجماعة كانت ستُصعّب عليها شن حملة مطولة وتمنحها سببًا للتوقف.

وكانت الولايات المتحدة ستختصر مدة هذا الصراع، وتقلل خسائر التجارة البحرية العالمية، وتطمئن شركاءها في المنطقة وخارجها، وفق الباحثين.

خطوات غير كافية

لفرض مزيد من الضغط على الحوثيين، استكملت الولايات المتحدة ضرباتها العسكرية بأدوات قسرية أخرى، مثل فرض عقوبات على عدة كيانات تسهل وصول الدعم الإيراني للجماعة، واعتراض الشحنات الإيرانية للحوثيين، وإعادة تصنيف الجماعة “كيانًا إرهابيًا عالميًا مصنفًا تصنيفًا خاصًا”.

وأشار الباحثان إلى أن الولايات المتحدة قد تفكر في خطوات إضافية، مثل إعادة تصنيف الجماعة “تنظيمًا إرهابيًا أجنبيًا”، وهو تصنيف سيُخضعها لقيود اقتصادية وسياسية أكثر صرامة من التصنيف الحالي. وقد ترسل واشنطن أيضًا مساعدات عسكرية جديدة لأعداء الحوثيين في اليمن.

وفي حين أن هذه الخطوات قد تردع الحوثيين عن الهجوم المستقبلي على البحر الأحمر، من المستبعد أن توقف القصف الحوثي الحالي. ولوضع حد لذلك، سيتعين على إدارة بايدن مواصلة ضرب البنية التحتية العسكرية للجماعة حتى تفقد القدرة أو الرغبة على مواصلة حملتها، وهي مهمة ليست سهلة.

ربما يعجبك أيضا