لماذا أفسدت أمريكا تحالفها المحتمل مع الهند؟

تحليل: الهند هي الدولة الوحيدة القادرة على إحباط استراتيجية الصين

آية سيد
لماذا أفسدت أمريكا تحالفها المحتمل مع الهند؟

كان الخلاف مع الهند بسبب رفضها التخلي عن شراكتها القائمة منذ زمن طويل مع روسيا.


يمثل صعود الصين أزمة وجودية للولايات المتحدة، ولذلك تحتاج إلى إيجاد شركاء في منطقة الهندوباسيفيك.

ورغم أن الهند تبدو الخيار المثالي، كانت إدارة جو بايدن حذرة في تعاملاتها مع نيودلهي، ما دفع الأخيرة إلى اتخاذ إجراءات للتباعد عن واشنطن، حسب تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية لمحلل الأمن القومي، براندون ويتشرت، اليوم الخميس 28 مارس 2024.

الشريك المثالي

أشار التحليل إلى أن الهند أكبر ديمقراطية في العالم وتمتلك تركيبة ديموجرافية قوية، وهي أكبر خامس اقتصاد من ناحية الناتج المحلي الإجمالي. وتتشارك الهند حدودًا برية مع الصين، والعلاقة بين القوتين ليست إيجابية منذ الحرب الصينية الهندية في 1962.

ومؤخرًا، اندلع صراع بين الجانبين بسبب السيطرة على ولاية لداخ الهندية، القريبة بشدة من التبت التي تسيطر عليها الصين. ويبدو أن الصينيين استفادوا أكثر من هذه المواجهة، ومنذ حينها زادت بكين نفوذها على المنطقة الجبلية، ووسعت قوتها العسكرية هناك. وفي المقابل، اتجهت الهند للولايات المتحدة من أجل المساعدة العسكرية، وحصلت عليها.

موقف إدارة بايدن

بينما ركزت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على التعاون الوثيق مع الهند، كانت إدارة بايدن حذرة للغاية في تعاملاتها مع نيودلهي. وتسببت الأخطاء على مدار الـ4 سنوات الماضية في إبعاد الهند وأبطأت تلاحم الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند.

واتخذت الهند إجراءات للتباعد عن الولايات المتحدة ردًا على بعض أخطاء إدارة بايدن. وحسب التحليل، كان الخلاف مع الهند بسبب رفضها التخلي عن شراكتها القائمة منذ زمن طويل مع روسيا.

علاقات نيودلهي وموسكو

كان الاتحاد السوفيتي القديم ثقلًا موازنًا طبيعيًا للغرب. وفي عصر ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تمسكت موسكو باستراتيجية موازنة خاصة بها، التي يسميها يفجيني بريماكوف “مثلثات استراتيجية”.

كيف يؤثر غياب الرئيس الصيني في قمة مجموعة الـ20؟

الرئيس الصيني، شي جين بينج، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين

ووفق التحليل، شملت استراتيجية موسكو الكبرى موازنة القوى المنافسة المحتملة مع بعضها البعض إلى جانب منع إقامة تكتلات قوية في المناطق الحيوية استراتيجيًا مثل آسيا الوسطى وجنوب آسيا. وكانت الهند عنصرًا أساسيًا في هذه الرؤية.

وهكذا فإن توقعات إدارة بايدن بأن الهند ستتخلى عن استقلالها عبر الانفصال عن روسيا بسبب مسألة، مثل أوكرانيا، التي لا تشكل أهمية لنيودلهي، كانت سخيفة. فالشركاء لا يتخلصون من مصالحهم الوطنية لمجرد أن قوة أكبر تطلب منهم ذلك، التابعون فقط هم من يفعلون. وساعدت نيودلهي موسكو في التهرب من العقوبات الأمريكية والغربية المرهقة.

احتواء الصين

لفت التحليل إلى أنه لو لم يكن يوجد تركيزًا دينيًا على انتصار أوكرانيا، كانت الولايات المتحدة والهند ستواصلان المسار الإيجابي الذي كانتا عليه قبل 2022. لكن هذا لم يحدث. ومع الأسف، في ظل تراجع الهند عن قربها من الولايات المتحدة، لا يمكن تشكيل تحالف كبير مناهض للصين.

ودور الهند كأكبر جهة فاعلة في المحيط الهندي يجعلها أساسية لوقف مسيرة الصين الطويلة من بحر الصين الجنوبي إلى المحيط الهندي. وتسعى بكين لربط ممتلكاتها في بحر الصين الجنوبي بمصالحها المتنامية في شرق إفريقيا عبر المحيط الهندي.

والهند هي الدولة الوحيدة القادرة على إحباط استراتيجية الصين. لكن من المرجح أنها لا تستطيع فعل هذا وحدها. ولذلك يجب على واشنطن أن تدعم نيودلهي في هذا الصدد. لكن حتى الآن ظلت أمريكا مترددة في تعزيز علاقاتها مع الهند بسبب روسيا.

ربما يعجبك أيضا