مكاسب طائلة.. كيف استفادت الهند من حيادها تجاه الحرب في أوكرانيا؟

محمد النحاس

من خلال حيادها في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وعلاقاتها المتوزانة بين روسيا والغرب، استطاعت الهند تحقيق مكاسب مادية كبيرة.


وجد تحليل لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لبيانات الأقمار الصناعية الصادرة عن شركة SynMaX أن عشرات ناقلات النفط الروسية تصل للهند.

ومنذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا برزت الهند كمشترٍ رئيس لكميات هائلة من النفط الروسي الخام، وفي حين تدهورت العلاقات الغربية الروسية، تبنت الهند موقفًا متوازنًا مكنها من تحقيق مكاسب كبيرة.

منافذ جديدة

تعد الهند في هذه الفترة أحد أبرز مشتري النفط الروسي، بعد أن أوصدت الأسواق الأوروبية أبوابها بالكامل تقريبًا أمام النفط الروسي، غير أنه سرعان ما وجد طريقه للأسواق العالمية، عن طريق منافذ جديدة، بما فيها الهند.

05india russia oil 01 superJumbo

برزت الهند كمشترٍ رئيس للنفط الروسي

حسب وكالة الطاقة الدولية للطاقة، تشتري الهند ما يقرب من مليوني برميل نفط يوميًّا من روسيا، أي نحو 45% من إجمالي وارداتها النفطية. وكان الغرب قد فرض سقفًا لأسعار النفط الروسي، وفق ما نقل تقرير الصحيفة الأمريكية المنشور الخميس 22 يونيو 2023.

مكسب للهند

النفط الروسي الذي وجد طريقه للأسواق الهندية، أنعش الاقتصاد الهندي، وأجرت نيودلهي صفقات مربحة بعد تكريرها النفط، وإعادة بيعه في أسواق أخرى، المفارقة أن إحدى وجهات المنتجات المكررة -روسية الأصل- الأسواق الأوروبية، على الرغم من حظر الاتحاد شراء النفط مباشرةً من روسيا.

موقف محايد من الحرب

وفقًا للتقرير اجتمع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، الخميس الماضي، لمناقشة شراكات جديدة في مجالات الدفاع والطاقة النظيفة والفضاء، في محاولة لتعزيز ما وصفته إدارة بايدن بأنه “إحدى أكثر علاقاتنا أهمية”.

بايدن ومودي

بايدن ومودي

واتخذ مودي موقفًا محايدًا بشأن الصراع في أوكرانيا، وتتطرق المحادثات إلى تقليص علاقات الهند مع روسيا، التي تعد ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بالإضافة إلى مجالات الطاقة يجمع موسكو ونيودلهي شراكة في مجالات الدفاع.

انخفاض أسعار النفط الروسي

في مايو الماضي اشترت الصين والهند ما يقرب من 80% من صادرات النفط الخام الروسي المنقولة بحرًّا، وتعد الكميات التي يحصل عليه البلدان كبيرة، إذ إن روسيا تبيع من خامها معدلات أكبر من التي كانت تبيعها قبل الحرب التي اندلعت فبراير 2022 الماضي، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى تراجع أسعاره، ما دفع روسيا لزيادة معدلات تصديرها.

وفق التقرير، أسباب انخفاض أسعار النفط معقدة، ففي حين يذهب خبراء إلى الاعتقاد بأن سقف الأسعار في الغرب هو العامل الرئيس لتراجع أسعار النفط الروسي، يرى آخرون أن العامل الرئيس هو تباطؤ الطلب العالمي، ومهما يكون السبب، فقد وجدت الهند سبيلها نحو الاستفادة من الموقف.

مكاسب كبيرة

أظهر تحليل نيويورك تايمز أنه كانت 357 شحنة للهند في ما يقرب من تسعة أشهر من بداية الحرب حتى إقرار سقف الأسعار، وقد كان متوسط ​​سعر البرميل من روسيا 78 دولارًا آنذاك، لكن، بعد فرض سقف السعر عند 60 دولارًا، تسارعت وتيرة الشحن، وانخفض سعر البرميل، ليبلغ 51 دولارًا فقط للبرميل، ما مكّن المشترين من توفير مكاسب كبيرة.

2bf7d241 530a 41cd a694 2bc3bad1f4b5

تكرر الهند النفط الخام الروسي وتصدره بعد ذلك للأسواق العالمية محققةً مكاسب كبيرة

بعد تكريره، جرى توزيع بعض كميات النفط محليًّا، ووجهت الهند كميات كبيرة إلى الأسواق العالمية، بدءًا من جنوب شرق آسيا وإفريقيا حتى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتبيع الهند هذه المنتجات النفطية بأسعار السوق، لتحقق إيرادات متزايدة يومًا بعض آخر، ولتراكم احتياطاتها من العملات الأجنبية.

صفقة لصالح الشعب الهندي

في إبريل نشر مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، ومقره فنلندا، تقريرًا سلط الضوء فيه على دور بعض الدول التي تشتري النفط الروسي وتعيد تكريره، وتبيعه بعد ذلك للمشترين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ومناطق أخرى، ومن بين هذه الدول المذكورة في التقرير الهند، والصين وتركيا وسنغافورة.

وفي الفترة من ديسمبر الماضي إلى فبراير، صدّرت مصفاة جامناجار في ولاية غوجارات الهندية، منتجات نفطية مكررة بقيمة تزيد عن 3 مليارات دولار إلى البلدان المُلتزمة بسقف السعر، وفق تقرير مركز الأبحاث.

وفي شهر ديسمبر الماضي، دافع وزير الخارجية الهندي، سوبرامنيام جاي شانكار، عن شراء الهند النفط الروسي، وقال “إنها سياسة منطقية، ونحن نحل، حيثما وجدت أفضل صفقة لصالح الشعب الهندي”.

اقرأ أيضًا| الهند تعرض التعامل بالروبية في التجارة الدولية بديلًا للدولار

اقرأ أيضًا| الهند تعلن التأهب لإعصار شديد بالولايات الساحلية

ربما يعجبك أيضا